صحيفة المثقف

عبثية حربٍ ضروسٍ على رُفات امرأة!

حميد طولستالمرأة المقصودة في العنوان أعلاه هي الطبيبةُ والروائية والمفكرة والحقوقيةُ المصريةُ النابهة، التي رحلت إلى بارئها الرحيم بعد أن كرّمتها العديد من جامعات دول العالم بأعلى درجات الأستاذية الفخرية لقاء ما قدمت للإنسانية من علم وتنوير وارتقاء بقيمة الإنسان بوجه عام، وقابلتها عشيرتها والأمة التي تنتمي إليها بردود أفعال عبثية طائشة تنم عن ذهنية متشفّية ناتجة عن تفكير مهزوم النابع من عجز وفشل، مترتب على غياب النظرة المستقبلية الاستشرافية المندمجة في الحاضر والمنفتحة على المستقبل، لا يمكن أن تكون  تولد إلا في حقول الجهل والخرافة، ولا تنمو إلا في حقول الجبن والتخلف، ولا تنشط إلا في أعتاب السفاهة والضحالة وكل ما يبيح نهش لحم الآخر المختلف حيا كان أو ميتا باسم العقيدة أو الهوية ودفاعا عن الله، حتى لو لم يكن سفّاحا ولا قاتلا ولا لصا ولا مُهربا ولا ينتمي لأي تيار ديني إرهبية متطرف طالباني، أو اخواني، أو سلفي، أو بوكوحرامي، أو داعشي، يزعم الكثير من شيوخه الدفاع عن الإسلام وهم كاذبون منافقون مزايدون كارهون للفكر والعقل والاختيار والتسامح والمحبة، وغير ذلك من السلوكيات الحقيرة التي ليست مجرّد شطحات ولا تصورات متخيّلة، بقدر ما هي واقع مأسوي هدام أفرزته قوى ظلامية، وغذته النفعية الجشعة التي نعايشها يوميًا، ومن لا يصدّق ذلك، فليستخبر"جوجل" عن سيرة غالبية الشامتين في الدكتورة نوال السعداوي، ليعرف أن تسعة أعشار الذين قذفوها بالشتائم في حياتها ورفضوا الترحم عليها في مماتها -كما فعلوا قبل سنوات مع وفاة "مارادونا" النجم الدولي لكرة القدم، وقبله مع رحيل العالم الكبير "ستيفن هوكينغ" - هم من الأميّين، والجهلة، والمُخدَّرين، والمتطرفين، والمتشدّدين، الذين لم يقرؤوا سطرا واحد مما  كتبته من أجل تعلــيم أمهاتهم وبناتهم وباقي نساء المسلمين، بأنَّ المرأةَ ليستْ جارية ولا ضعيفة ولا ناقصة عقل ودين، وليستخلص أن شتائمَهم القبيحة، ولعناتهم النتنة، وشماتتهم العفنةً، وغضبهم المفتعل، لم يكن قط ضد الكُفــْــر بالله ورفضا للنــَـيـّـل من الأديان والسِباب في الرسل وتكذيب الأنبياء، كما يدعي الشامتون، وإنما كان حنقهم وكرههم وحقدهم وغضبهم تعبيرا صريحا عن مقدار التوتر الذي يعتمل في نفوسهم حراس العقيدة بسبب عجزهم على اضعاف أنتى قوية وصريحة وجريئة تحدّت عنجهية ذكوريتهم، وسفهت أحلامهم الجنسية وفندت عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم التسلطية الاستبدادية الطبقية المعادية لحرية الانسان عامة والمرأة خاصة،الذي وقفت ضد جبروت شرائعه المتخلفة المتحجّرة المُتزمّته التي يُرفض فيها استعمال القياس العقلي، ويُفضّل تناولها من الجانب الغيبي والأسطوري الذي يوجه التفكير فيه النقل لا العقل.

 وفي الختام لا يسعني إلا أن أتساءل مع المتسائلين: "ماذا ينتظر من أمة التكفير أقربُ إلى أهلها من التفكير، واللعنُ أقربُ إلى قلوبهم من الرحمة، والنقلُ الأعمى أقربُ إلى عقولهم من التعقُّل والتدبّر".

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم