صحيفة المثقف

يسري عبد الغني: أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي

يسري عبد الغنيعالم لا يعرف الخرافة--!!!

النصف الأوَّل من القرن الرابع الهجري والنصف الأوَّل من القرن العاشر الميلادي يمثِّله أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (ت 346هـ / 957م)، فقد كان ملمًّا بكثير من العلوم والثقافات، وقد اشتهر أكثر ما اشتهر في علم الجغرافيا، ويُعَدُّ كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" من أفضل المصنفات العربية الجغرافية التي تناول فيها الكثير من فروع علم الجيولوجيا في ثنايا المعلومات الجغرافية؛ فقد تناول فيه استدارة الأرض وإحاطتها بغلاف جوي، وطبيعة العواصف التي تهُبُّ على الخليج العربي والمناطق المحيطة به، ووصف الأرض والبحار، ومبادئ الأنهار والجبال، ومساحة الأرض، ووصف الزلازل التي حدثت سنة (334هـ/ 945م)، وتحدَّث عن كُرويَّة البحار، وأورد الشواهد على ذلك، ودرس ظاهرة المدِّ والجزر وعَلاقة القمر بذلك، وتحدَّث عن دورة الماء في الطبيعة وتراكم الأملاح في البحر ووصف البراكين الكبريتية في قمم بعض الجبال، كما أورد العلامات التي يُستدَلُّ بها على وجود الماء في باطن الأرض.

كما تناول في كتابه "التنبيه والإشراف" كثيرًا من الجوانب في الجغرافيا البشرية، وذكر أحوال العمران، وهو العلم الذي أسَّسه ورتب قواعده ابن خلدون (ت 808هـ / 1406م).

وبصفة عامَّة فقد أبدع المسلمون في رسم الخرائط والمصوَّرات الجغرافية، وعرفوا كُرويَّة الأرض، وقاسوا أبعادها بدقَّة، خصوصًا أيام المأمون، وحدَّدوا خطوط الطول ودوائر العرض، مُتَّخذِين جزر البليار مبدأ خطوط الطول، وقد ظهرت أبحاث حديثة تقول: إنهم وصلوا عبر بحر الظلمات (الأطلسي) إلى أمريكا قبل كولومبوس بمدة 300 أو 400 سنة!

وقد نشرت صحف البرازيل في سنة 1952م تصريحًا للدكتور جغرز أستاذ العلوم الأثرية الاجتماعية في جامعة "ويتواترستراند" في جمهورية أفريقيا الجنوبية، جاء فيه:

إن كتب التاريخ تُخطئ عندما تنسب اكتشاف أمريكا إلى كريستوف كولومبس؛ ذلك لأن العرب في الواقع هم الذين اكتشفوها قبله بمئات السنين!

وفي عصر المسعودي اشتهر أيضًا الهَمْداني (ت 334 هـ / 945م)، والذي كان له دور لا يخفى في اكتشاف قانون الجاذبية؛ فهو الذي ربط ظاهرة الجاذبية بالأرض التي تجذب الأجسام الصغيرة في كل جهاتها، وأخبر بأن هذا الجذب إنما هو قوَّة طبيعية مركَّزة في الأرض؛ وبهذا المفهوم العلمي يكون الهَمْداني - كما يقول الدكتور أحمد فؤاد باشا - قد أرسى أوَّل حقيقة جزئية في فيزياء ظاهرة الجاذبية، وإن كان لم يقُلْ في النصِّ صراحة أن الأجسام تجذب بعضها بعضًا، وهو المعنى الأساسي الشامل لقانون الجذب العام لنيوتن.

 

بقلم: د. يسري عبد الغني  

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم