صحيفة المثقف

عدنان الظاهر: كُحْلٌ وحنّاء

عدنان الظاهر3 ـ كُحْلٌ وحنّاء

هلْ قلبُكَ أرقى

من نارِ صريحِ الثلجِ المندوفِ صقيعا

قالتْ لولاكَ لكنتُ الأشقى في الدنيا

أرملةً ثكلى

تتعثرُ في الدربِ المرصوفِ تُرابا

تتكلّمُ والأحجارَ الأثمنَ في دُنيا الأحجارِ

تتسلى بالتينِ وزيتِ الزيتونِ

بصمةُ إبهامِ الشكوى اليسرى

أيسرُ ما فيها سَفَرٌ في نُتفٍ من طينِ

يحلمُ فيهِ رائيهِ معصوبَ الرأسِ المشجوجِ

ياجوجاً ماجوجا

زُبَرٌ وجدارُ حديدٍ منضودِ

طاويهِ يتفتتُ ياقوتا

شأنَ المُتحرِّقِ شوقا

لسماءٍ سقطتْ كِسفاً كِسفا ...

كيف أواري وجها

نكّسَ في عَرْضِ المِحنةِ أعلاما

شخصٌ خصَ ملامي

جَرَساً دقَّ فأيقظَ مَنْ في بابي

أهلي كانوا أيقاظا

شاءوا أنْ يسقطَ فوقي ظلّي

ويُسلّمَ للغارقِ ميزانَ حسابي

وجسوراً مُدّت فامتدّتْ

تاقتْ حَنَتْ أثوابي

سَلِمتْ عيناها كُحلا

سَلِمَ الدربُ يُطأطئُ رأسا

نبأٌ يأتي منها

يختصرُ الدُنيا قاعاً قاعا

أينَ منازلُ أهلي

أينَ الخيمةَ لا تحملُ أجراسا

ومُقامي لا يسندُ قاماتِ صعودي

لا يُطفئُ أحزانَ مدائنِ أنفاقي.

***

4 ـ ساعةُ ميلادي

أَحسنتم قالتْ

ما أَحسنّا ولِمنْ أَحسنّا يا مملكةً غابتْ شمسا

خلّتنا أقواساً أشباحا

جَرَشتنا بَعْدَكِ أعلامُ حِدادٍ سودُ

وأسنّةُ أرماحِ عبيرِ الفردوسِ المفقودِ

ما أبقتْ للصبيةِ في بيتِ الثكلى أقواتا

أبقتْ أعواماً عجفاءَ

ومتاعبَ تتبعُ أتعابا

شمسٌ تأتي أقسى مِنْ ضربةِ شمسِ

تخلو من جذوةِ نارِ عيونِ الذئبةِ في غابةِ ليلى

ما هذا الكونُ المترامي أطرافا

إنْ لمْ يضمُمْ أوصافكِ وصفاً وَصْفا

الوِزرُ الأكبرُ أخفى ما عندي من سرِّ البئرِ

ما أكثرُ دِفئا

من صدرِ الأمِّ تُداعبُ في مهدٍ طفلا

أحسنتِ وأنتِ الملآُ الأعلى

في الدُنيا والأُخرى

أنتِ الكاملُ في بحرِ خِضّمِ اليمِّ ...

صبّحتُ فألفيتُ النجمةَ في رأسِ الخيمةِ مِصباحا

ضوّى قبلي نوّرَ بعدي وأطالَ الإيضاحا

عَجّلَ في هذي الرؤيا

مَنْ سَجّلَ إعلانَ النصرِ صبيحةَ عيدِ

جازَ محطّاتِ الصبرِ الأولى قَفْزا

وتمهّلَ يطلبُ نِذرا

هلْ أبصرَ حينَ تولّى خلفَ سحابةِ صيفٍ مُرِّ

دربَ الهجرةِ في آثارِ قِطارِ الإبلِ

هل نادى أحياءَ البَرِّ مِراراً مثلي

الدُنيا مُدنٌ للموتى

ونواويسٌ جُرْدٌ غبراءُ

جرّبتُ الميزانَ فأهوى بي

وسقاني سُمّاً عَذْبا

يا ساقيَ أحزاني بَلّغْ أهلي أنّي

أتمارضُ كي لا أشقى

وبأنّي في جُبِّ البئرِ أخوضُ سرابَ الوهمِ

بُعدي عنها حوَّلني قَفَصاً من تبنِ

شَبَحاً لا يقرأُ ما في العينِ

وجنيناً يصرخُ في بطنِ الأمِّ

هيّا حانتْ ساعةُ ميلادي.

***

عدنان الظاهر

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم