صحيفة المثقف

صائب خليل: ما أجمل ما تطلب أيها الإمام وما أصعبه!

صائب خليلحين طلبتَ من المسلمين أن لا يسيروا وانت راكب، كنت احرص منهم على كرامتهم، وكان ذلك أجمل مما يحلمون. لكنه كان صعباً، خاصة عند شعب متعب تم طبخه بالألم عشرات السنين. أحفادك بلغت بهم المسكنة أنهم يهرولون، ليس خلف إمامهم، بل خلف محتل بلادهم، ومن ينصبه محتل بلادهم، ولست هنا لتمنعهم، ولا أحد مكانك يمنعهم! إنهم يركضون بمهانة وراء السفير، يرجونه العدل بينهم! من يدعي انه من شيعتك، واشد منهم من يدعي انه يتبع سنة الرسول، فيشير عليهم من يبايعون ومن يرفضون، فيولي عليهم أرذل من فيهم، نكاية واحتقاراً، فلا يغضبون!

حين قلتَ لهم ان يعرفوا الرجال بالحق، لا ان يعرفوا الحق بالرجال، كنت حكيماً وعميقاً، لكنك كنت تطلب الصعب العسير!

فإلصاق الحق بالرجال سهلة يستطيعها كل شخص، فيقول: هذا هو الرجل الحق، وسوف اسير وراءه، والسير وراء من يمشي امامك لا يتطلب عناء التفكير والقلق! اما معرفة الحق قبل الرجال، فتتطلب التفكير والمراجعة والقياس.. وتحمل الشك والمسؤولية والشجاعة في الحكم!

2422 لا يعرف الحق بالرجال

ذلك صعب على المتعبين المرهقين الباحثين عن الراحة. لذلك يفضلون اليوم حكمة مريحة، بل ويفخرون بها: أنت تفصل واحنا نلبس! كنت تريدهم بشراً مسؤولين عن افعالهم ومواقفهم، كما ارادهم الرسول الكريم، أن يكون كلهم راع، ليكون مسؤولاً عن رعيته، وهم يريدون إزاحة مسؤولية موقفهم عن كاهلهم، والقاءها على من يقودهم، فإن أشار لهم، تظاهروا ملايينا وإن أشار لهم سكتوا وخنعوا، فلا ينبس احدهم بسؤال!

يبدو ان ما تطلب أيها الإمام الجليل صعب علينا، فقد هبطنا كثيرا، ولو رأيت حال أمتك، لامتلأ قلبك قيحاً مما ترى!

 

صائب خليل

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم