صحيفة المثقف

صلاح حزام: عودة الى موضوع الفقر في العراق

صلاح حزامتصاعد الحديث في الايام الماضية عن موضوع تفشي الفقر في العراق وتصاعدت الارقام والنِسَب المعطاة عن مدى شيوعه في المجتمع.

لا ادري ان كان ذلك التصاعد نتيجةً لصحوة ضمير لدى البعض، او انه تسقيط انتخابي مبكر تمهيداً للانتخابات القادمة !!

ربما يحاول البعض الظهور بمظهر حامي الشعب والمدافع الأمين عن مصالح الفقراء،وبالتالي يجب على الشعب انتخابه او اعادة انتخابه!!

البعض قال ان نسبة الفقراء بلغت ٢٥٪؜ والآخر قال ٣٥٪؜ ولكن جهة أخرى زايدت على الجميع وقالت ان النسبة هي ٤٠٪؜، هكذا !!!

أنا لاأمتلك الاحصائيات المتعلقة بالفقراء حتى أحكم على سلامة وموضوعية اي من تلك الأرقام، ولكني اتسائل عن مصدر تلك الارقام والأسس والمعايير التي تم اعتمادها في الاحتساب.

وزارة التخطيط تُعلن رقماً ولكن عضو برلماني يكذّب الرقم !! بدون ان يقدّم طلباً لاستجواب مسؤول جهاز الاحصاء

بسبب عدم صحة بياناته !! مع ان البيانات الخاطئة مقدمة لكل سوء.

وعلى ايقاع حفلة الحديث عن الفقر والفقراء، استضافت احدى القنوات

الفضائية "خبيراً اقتصادياً" للحديث عن الموضوع وشرح مضامينه للجمهور، لكن الرجل ارتكب أخطاءً جسيمة ولم يكن يعرف مايقول لكنه انتقد بقسوة النظام السياسي ومؤسساته وكأنها مناسبة للشتم.

وتجنباً للأطالة، سوف أذهب الى تقديم فكرة عن خطوط الفقر المختلفة وكيفية احتسابها ودلالاتها، وبالتالي تحديد نسبة الفقر في البلد.

انواع خطوط الفقر :

-خط الفقر المدقع abject poverty line:

وبموجبه يتم تقدير عدد الاشخاص الذين لايحصلون على العدد الكافي من السعرات الحرارية (لا يحصلون على الغذاء الكافي). ويقاس بالمقارنة بين عدد السعرات الذي تحدده الجهات الصحية كحدٍّ ادنى في ذلك البلد ولذلك العُمر، وعدد السعرات الذي يحصل عليه الشخص فعلاً..

-خط الفقر المطلق absolute poverty line:

وهو يستند على تحديد سلة من السلع والخدمات التي يحتاجها الفرد لكي يحيا حياة لائقة، ومن ثَمَّ احتساب كلفتها (على اساس أخذ اسعار السلع من النوعية المتوسطة في السوق).

وبعد ذلك تقارن كلفة تلك السلة مع دخل ذلك الفرد، واذا كان الدخل لايكفي للحصول على كل مفردات تلك السلّة، يعتبر الفرد فقيراً فقراً مطلقاً.

السؤال الذي يرد في ذهن الجميع هو:

من يُحدد مكوّنات تلك السلًة ؟

في النظم الديمقراطية والتي تحترم البشر، يتم التقدير على اساس بيانات مسوحات دخل وإنفاق الأسرة التي توضّح ماهي السلع والخدمات التي تستحوذ على انفاق الأسرة ( اي انها سلع ضرورية من وجهة نظر الاسرة)ويتم احتساب مروناتها للتأكد من درجة اهميتها . اضافة الى سلع وخدمات تعتقد السلطات المعنية انها من الضروري ان تدخل في قائمة الاستهلاك.

في النظم الاستبدادية او التي لاتكترث كثيراً بمشاعر ورغبات الناس، غالباً ماتتدخل السلطات في تقدير ماهو مهم وماهو غير مهم من السلع والخدمات حتى في حالة وجود احصائيات عن الدخل والإنفاق ..

او انها تحذف بعض المفردات من السلة لتخفيض كلفتها وبالتالي تخفيض عدد الفقراء بطريقة مفتعلة وملفّقة ...

-خط الفقر النسبي relative poverty line :

وهو يُحتسب باعتباره نسبة من حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في البلد per capita income, وهو يُستَخدم في الدول المتقدمة عادة وتحدد النسبة حسب ظروف كل بلد (بعضها يستخدم نسبة ٣٠٪؜ وبعضها يحتسب نسبة ٤٠٪؜) بحيث ان اي فرد يقلُّ دخله عن تلك النسبة يعتبر فقير.

(مثال؛ اذا كان متوسط نصيب الفرد من الناتج عشرة آلاف دولار سنوياً وقررت السلطات اعتماد نسبة ٤٠٪؜ كحد فاصل لاحتساب الفقر النسبي، فأن كل فرد يقل دخله عن اربعة آلاف دولار سنوياً يعتبر فقير نسبياً).. وهكذا تحدد مستويات الاعفاء الضريبي او تقديم المساعدات الخ..

ولكن بعض الجهلة يصرخ ويقول ان الدولة الفلانية دولةعظمى وفيها فقراء، دون ان يعرف ان تلك الدولة تقصد الفقراء بموجب خط الفقر النسبي،

-ظهر في السنوات الاخيرة مفهوم جديد للفقر يسمى الفقر متعدد الابعاد .

وهو يتضمن عشرة ابعاد تغطّي الصحة والبيئة والتعليم ومستوى المعيشة والسكن والكهرباء والمياه النظيفة والصرف الصحي،للحكم على كون الفرد فقيراً او غنياً. ومن كان كان يعاني الحرمان في عدد منها يعتبر فقيراً وفق هذا المعيار..وكلما زاد عدد اوجه الحرمان أشتدَّ التصنيف قسوةً..

الآن، وفق اي معيار تم احتساب الفقر في العراق؟؟

لم اسمع ابداً حديثاً ذو معنى عن الفقر!!

يأتون بأشخاص متلعثمون ولايفقهون مايقولون ... فيساهموا في تضليل الناس .

 

د. صلاح حزام

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم