صحيفة المثقف

عادل خلف: فلسفة أرسطوطاليس الأخلاقية وانعكاساتها علي واقعنا المعاصر

عادل خلف عبدالعزيزالمعلم الأول أرسطو، فيلسوف أسطوري حوت فلسفته كل ما يتعلق بالإنسان، فكتب عن النفس الإنسانية. كتب عن السياسة، كتب عن الطبيعة (العالم الطبيعي)، كتب الميتافيزيقا، عن الشعر، عن الموسيقي. كتب عن الأخلاق (الغاية منها- مفهوم الفضائل والرذائل- مفهوم السعادة- الفضائل النظرية والعملية - وضع منظومة للفضائل لاقتناءها، ومنظومة الرذائل لاجتنابها - الوسط العدل المحمود). جمع بين جنبات فلسفته فكر اساتذته السابقين عليه (سقراط وأفلاطون).

أنزل الفلسفة من السماء إلي الأرض، جعل الفلسفة عقلا ديناميكا ينظم حياة الناس، عن طريق التفكير العقلي المنظم- وهذا ما يصبو إليه كل مستنير. من أجل النهوض من كبوتنا ومحاولة إيجاد حلول لواقعنا المأزوم بكل مشكلاته وقضاياه، التي يظن البعض أنها عصية الحلول.

قدم أرسطوطاليس بناء أخلاقيا لا يختلف كثيرا عما قدمته الكتب المقدسة، التي في اعتقادي أنها تخاطب العقل والوجدان.

ألف كتبا كثيرة عن الأخلاق منها، الأخلاق النيقوماخية، الاخلاق الأوديمية . رسائل في الفضائل والرزائل،  وغيرها من المؤلفات.

الغاية من دراسة الأخلاق عنده إصابة الخير الأسمي، الوصول إلي كنه السعادة التي تكمن في الوصول إلي الحقيقة. شبه هذا الهدف بإنسان يتعلم التصويب علي هدف، أو مرمي.

يحاول أن يصيب الهدف ويصل، لكن لصراعات بين حانبيه المادي والروحي مرة يكاد يقترب،. وتارة أخري يبتعد، ويظل هكذا بين ذانيك إلي أن يتحقق مراده.

لكن كيف؟!!!

الإنسان بما هو كذلك يصارع جانبين، أحدهما مادي إشباع حاجاته ومتطلباته من ، مأكل ومشرب وملبس وتكاثر. وهذه الأمور لامندوحة عنها.

والجانب الثاني الجانب الروحي الجانب الراقي في الإنسان الذي من خلاله يحاول الوصول بروحه الي عالم أفضل، عالم الفضيلة.

يري أرسطو أن الإنسان ميزه الإله بميزتين هما:العقل والإرادة،وهنا يظهر الفيلسوف العقلاني، بناء صرح الأخلاق علي العقل- وان كنت أختلف معه في ذلك، فليس ثمة عقلانية صارمة،وليس ثمة روحانية مفرطة-  وهذا ما تخفف منه أرسطو بعد ذلك .

إذ قسم الفضائل الي نوعين: فضائل عقلية، وفضائل أخلاقية، تأتي بالتدريب والتعود. وكذلك فضائل أولية، وأخري ثانوية، فالإنسان إذا ماخير بين الغني والفقر أيهما سيختار، بالجبلة الانسية سيختار الغني، إذا ما خير بين الصحة والمرض، سيختار الصحة. وهذه هي فكرة أرسطو عن الوسط الأخلاقي المحمود.

فالفضيلة تقع في مرتبة وسطي بين طرفين كلاهما رزيلة، كالعفة مثلا تقع بين طرفين هما التبادل، والشره.

الكرم بين البخل والإسراف.

الشجاعة بين التهور والجبن.

لكن هذا الوسط لابعد وسطا حسابيا، وانم هو وسط اعتباري. وتلك قضية يطول شرحها، لكن اختصارها أن ثم فضائل ليس لها طرفين رذيل، ومن ثم تعرضت نظرية الوسط الذهبي الارسطية للعديد من الانتقادات.

أرسطو فيلسوف العقل الذي أقتفي أثره جل فلاسفة الإسلام دونما تقليد أعمي،  قدم مفهوما رائعا للسعادة.

أنها ليست في الجاه والسلطان،  ولا في جمع الأموال والثروات، ولا في جمال مادي يزول بزوال المؤثر.

وانما السعادة الحقيقية تكمن في الجمع بين الجانبين المادي والروحي والذي من خلاله يصيب الإنسان الخير وتتحقق له سعادة لاتزول.

إذ ما طبقنا هذه الفلسفة علي واقعنا سوف تتحقق المعادلة وستتحقق السعادة المرجوة، إذا ما وفقنا بين المادة والروح، إذا ما طبقنا الوسطية والاعتدال في كل شيئ في مأكلنا ومشربنا وامورنا الحياتية.

إذا ما اعتدلنا في جانبنا الروحي فالإنسان بما هو إنسان لايستطيع أن يقضي كل عمره مثلا صائما، أو راهبا،  أو ساجدا قائما

فنحن بشر ولسنا ملائكة ولنا متطلباتنا واحتياجاتنا لكن لانميل الي هؤلاء ولا إلي هؤلاء.

وانما نحاول قدر استطاعتنا التوفيق بينهما، ليس شرطا أن تكون قارئا جيدا لفلسفة س أو ص من الفلاسفة .

ولكن أعرض ذلك علي عقلك واستفتي قلبك ستجد حلولا ناجعة لما نحن فيه من مشكلات.

هذا قليل من كثير عن فلسفة أرسطو الأخلاقية .

هذا هو فيلسوف اليونان فيلسوف العقلانية.

 

بقلم: الأستاذ الدكتور عادل خلف عبدالعزيز

أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم