صحيفة المثقف

سليم الحسني: مراجعة مباشرة أمام مقتدى الصدر

سليم الحسنيمن بين جميع القادة السياسيين كان السيد مقتدى الصدر متفرداً في الحفاظ على معظم أنصاره واتباعه حتى وقت قريب. وقد بدأت مظاهر التراخي تتسرب الى قواعده بعد الاحداث المفجعة التي وقعت في المستشفيات، وبعد تكشّف الفشل الكبير في وزارتي الصحة والكهرباء التابعتين له. كما ان قواعده بدأت تلحظ الثراء الفاحش الذي وصل اليه قادة التيار الصدري في مقابل الفقر المدقع الذي تعيشه مناطق الجمهور الصدري.

كان السيد مقتدى الصدر ناجحاً في قيادة تياره، فقد حصل منهم على طاعة مطلقة لم يحصل عليها غيره من قادة الكتل السياسية. وهذا ما جعله يتمسك بنفس المنهج في قيادتهم من دون تعديل أو تطوير، وهنا كانت نقطة الخلل التي فاجأته بنتائجها في الفترة الأخيرة. وحين أراد معالجتها فانه استخدم اسلوبه الروتيني وهو اعلان الانسحاب السياسي ومغادرة العراق.

حاول مقتدى الصدر أن يكسب القوة السياسية من خلال العلاقات الإقليمية، لكن هذه المحاولة في أجواء المنطقة لا يمكن ان تسفر عن قوة طويلة الأمد، إنما يحصل صاحبها على مظاهر مؤقتة من القوة ثم تزول بعد حين. ولم يحدث في منطقة الشرق الأوسط أن حصل طرف سياسي محلي على قوة دائمة. وفي الساحة العراقية تحديداً فان الاعتماد على الدعم الإقليمي للحصول على القوة المستمرة مسألة شبه مستحيلة. ومن يفكر بذلك فانه يخدع نفسه بأكبر الأوهام. لأن العلاقات الإقليمية متشابكة ومتغيرة فيما بينها من جهة، ومتغيرة في توازنات القوى الدولية من جهة أخرى.

إن القوة المضمونة هي القائمة على الاستقلال الواضح في العلاقة والقرار، ونموذجها الشاخص في اليمن، فحركة أنصار الله المحاصرة إقليمياً استطاعت ان تُنهك جبهة هادي المدعومة من أغنى التشكيلات الدولية مالياً وعسكرياً. وهذه تجربة في غاية الأهمية أمام القادة السياسيين لو أنهم آمنوا والتزموا فعلاً بضرورة الاستقلال الحقيقي في الموقف والقرار والعلاقة.

لقد بدأ التيار الصدري بهذا التوجه، لكنه راح يبتعد عنه مع مرور الوقت، فانتهى الى ما انتهت اليه القوى العراقية الأخرى، وبذلك فقد أخرج نفسه من مساحة الأمة ودخل حلبة التنافس الصغيرة مع الآخرين. وكانت النتيجة أنه بدل أن يتوسع جماهيرياً فأنه قيّد نفسه باتباعه فقط. ودائرة الاتباع محكومة عادة بالمتغيرات، فاخفاق واحد يمكن أن يُحدث ثلمة كبيرة بينهم. فكيف وقد حدثت عدة إخفاقات؟

بحسابات الساحة العراقية الموزعة طائفياً، فان التيار الصدري ـ بصرف النظر عن الملاحظات الشخصية عليه ـ فانه يمثل كياناً مركزياً في الساحة الشيعية. وان من مصلحة الشيعة ان يبقى متماسكاً وقوياً وأن يكون طليعياً في السعي لتحقيق وحدة الموقف الشيعي.

أكرر ما ذكرته في مقال سابق، أن مقتدى الصدر يستطيع معالجة الخلل، بأن يترك مهمة رجل الدور، الى موقع رجل القضية. والخطوة الأولى ترك التنافس مع الآخرين في الدائرة الشيعية والعمل على توحيد أطرافها.

 

سليم الحسني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم