صحيفة المثقف

محمد كريم إبراهيم: طبيعة الإنسان وتأثيرها على الحضارة

محمد كريم ابراهيممعرفة طبيعة الانسان يساعدنا في التنبؤ بمستقبل الحضارة والامور التي تخرج منها. كما قلت سابقاً كل شيء في الكون عبارة عن نظام وتنظيم الاشياء حوله على طريقة نظامه، فطبيعة الانسان عبارة عن محاولة تنظيم البيئة على هيئة انسان او لصالح خدمته ولضمان بقائه. غرائز البقاء على قيد الحياة هي في الحقيقة مجرد اداة لتبقية نظام الانسان على ذاته ومنع البيئة من تدميره، والتكاثر كذلك هو عبارة عن تكثير من نظام الانسان عن طريق تكوين انسان اخر من المواد الغير المنتظمة (الغذاء والماء)، النظام الاجتماعي كذلك عبارة عن هندسة الناس لنظام معين. التخلص من الطاقة الزائدة يعني التخلص من الانظمة الغير المرغوبة والسيئة على نظام الانسان أو على الانظمة التي تساعد الانسان، هذه الانظمة السيئة تكون عادة في بيئة الانسان تتربص به لتدمير نظامه وتحويله الى نظام خاص به، او قد تنخلق من رحم نظام الانسان عندما يحدث طفرة في جيناته (كنظام مرض السرطان) أو تأتي كتأثرات جانبية من عمل نظام الانسان (كإخفاق في نبضات القلب). هذه هي النظرة العامة لطبيعة الانسان، ولقد شرحت سابقاً بعض من حاجات الانسان ورغباته التي تنبع من طبيعة جيناته.

هنا نستطيع أن نلحق لتلك النظرات العامة بعض الجوانب المحددة لنتمكن من شرح تأثير طبيعة الانسان على حضارته. مثلاً يمكننا تقسيم طبيعة دماغ الانسان الى ثلاثة اقسام:

1- الطبيعة الجينية للدماغ: وهي التي تسيطر على اغلب فعاليات الدماغ ولا يمكن تغييرها بسهولة الا بالهندسة الوراثية والتعديل على الجينات البشرية والتي هي غير ممكنة حتى هذه اللحظة. المثال عليها هي رغبة الانسان في الاكل والسعي وراءه.

2- الطبيعة المتعلمة من البيئة: الذكريات والتجارب والحكم والتحليلات التي استنتجت من المواقف في الماضي تكون دليلاً لتدليل الدماغ على التصرف بما هو نافع للفرد ولنظامه. والمثال عليها هي عندما يتعلم الانسان بأن لا يثق بكل أحد أو بكل الكلمات التي تخرج من شخص معين. وهذه الطبيعة تعلم الانسان كيف يتصرف ويكون ردة فعله للمواقف الشبيهة بالمواقف السابقة. من الصعب لكن ليست مستحيلة ازالة تلك الطبيعة المكتسبة.

3- الطبيعة المتجاوبة للبيئة: تستجيب وتتغير للحالات الجديدة وكذلك بعض الاحيان القديمة، وتؤثر هذه الطبيعة ايضا على الطبيعة المتعلمة.

معظم معالم الحضارة البشرية وانتاجاتها آتية من طبيعة دماغها الجينية؛ مثلاً، المزارع والحقول تعكس مدى تأثير شهية الانسان لشكل الحضارة وكذلك الاسواق وتحرك الحضارة نحو الغذاء والماء تظهر لنا إن أغلب ما يتكون منها الحضارة هي قائمة من جينات اهل الحضارة وغريزتهم البشرية.

الطبيعة المتعلمة هي بطيئة في التأثير على الحضارة وعادة تموت مع موت بعض من الاعلام والشخصيات الذين تعلموا من تجاربهم الخاصة أو حتى المجتمعات التي اخذت دروساً وعبر من ماضيها تنساها مع انقلاب جيل جديد من اهل الحضارة قد نسوا ما اكتسبته اجدادهم من معلومات وافكار (ما دامت تلك المعلومات مدونة في ادمغتهم ولا يمكن تعليمها لشخص اخر الا بخوضه لنفس التجارب). بعض من التطورات تعتمد على هذه الطبيعة للدماغ منها التطورات العلمية والتقنية في الحضارة البشرية. الطبيعة المتعلمة في الطفولة تكون غاية في المرونة ويمكنها امتصاص المعلومات بسهولة كالصفائح البيضاء التي تحضن الحبر، وعندما يبدأ بعض الافراد وحتى المجتمعات بمعلومات خلفية خاطئة أو ايمان غير متزامن أو التشبث بمفاهيم خاطئة في هذا النوع من طبيعة الدماغ، فكل التحاليل التي تأتي من دماغ هذا الفرد الكاسب لهذه المعلومات الخاطئة تكون منطقية وصحيحة بالنسبة له. مهما كانت تلك النتائج والتحاليل غير منطقية بالنسبة للإنسان العادي، فهو منطقي جدا لهذا الرجل المتربي على المعلومات الخاطئة، لان تلك الاستنتاجات والتحاليل مشتقة من تلك المعلومات الخاطئة، وكل معلومة مستمدة من الطبيعة يجد الشخص مكان له ليضعه ليدعم ايمانه الخاطئ او فلسفته الخاطئة عن الحياة. افعال واقوال هذا الفرد او المجتمع يكون منطقي بالنسبة لهم (استنادا الى معلوماتهم الخاطئة). لهذا من المهم البدأ بترسيخ مبادئ صحيحة وحقيقية بدلا من الايمان الخاطئ والفلسفة الخاطئة، فالعقل بحاجة الى العلم الصحيح.

والطبيعة المستجابة للدماغ هي التي تحدد مدى مرونة اهل الحضارة للتغيرات التي تطرأ على الحضارة ومدى قدرتهم على التكيف في شتى الظروف.

 

والدستور الذي يتحكم في طبيعة الدماغ وفي قوانين الافكار هو المشاعر (وهي الابتعاد عن الالم والاقتراب من المتعة). المشاعر هي التي ترسل الدماغ الى الطريق الحسن والنافع، وهي تأتي مع الطبيعة الجينية وتشرف على الغايات من الافكار والتصرفات التي تخرج من الطبيعة المتعلمة (مثلاً لو كانت الافكار والتصرفات تؤدي الى المشاعر الممتعة والنشوية ام الى المشاعر السيئة والمؤلمة).

ممكن ان تقسم طبيعة البشر ايضاً الى ثلاثة اجزاء من حيث العمر: طبيعة صغار العمر، طبيعة البشر في اعمار متوسطة، وطبيعة كبار العمر. الغرض من ذلك التقسيم هو للتفرقة بين رغبات وحاجات الفئات العمرية. مثلاً، صغار العمر ليست لديهم حوافز جنسية والرغبة في التكاثر، مما يجعل النمو الحافز الرئيسي عندهم. وكذلك كبار العمر حيث يقل فيهم ذلك الحافز الجنسي، هذا ما يدفع الحضارة الى اخذ منحنى اخر في معالمها وتفاعلاتها.

نولد جميعاً بطبيعتنا الجينية فقط مع الكثير من الطبيعة المتجاوبة ولكن من دون الطبيعة المتعلمة، أي نولد جميعاً وحوش على معيار الحضارات المتقدمة والمجتمعات المتطورة، لا نعرف الثقافات ولا العادات ولا القوانين ولا المعلومات الضرورية للعيش داخل الحضارة المتطورة. لذلك نقول ان الانسان المولود الجديد يصعب عليه العيش في مجتمعه حالي لسببين: الاول انه يجب عليه اتباع غرائزه وطبيعته الجينية فوق المتعلمة. ثانياً: غالب دساتير وقوانين البشرية في اغلب الحضارات تتناقض مع الطبيعة الجينية للانسان، فمن الصعب عليه الاندماج داخل مجتمع يتبع تلك القوانين.

بعض الافراد تتأخر فيهم طبيعة المتجاوبة في البداية، فبتالي يكون تعلمهم صعباً، اما الاخرون فيكون بكيراً، مما يجعلهم يظهرون اذكياء، والآخرون العباقرة التي تستمر فيهم الطبيعة المتجاوبة طوال اعمارهم ثابتة.

اما بالنسبة لطبيعة النساء، فهناك ملاحظة يجب ذكرها غفل وما زال يجهلها الكثير من الحضارات والمجتمعات: الاناث البشر لا يشعرون برغبة جنسية، وحتى لو شعروا بذلك، فهي ضئيلة جدا لا تؤدي الى اي تصرفات او افعال وافكار كمثل الذكور، وهذه الطبيعة ربما عائدة إلى عدم المنفعة من ذلك الشعور لدى المرأة (ما عند الرجل من رغبات جنسية تكفي للتكاثر البشري)، وهي لا تحتاجها لتنجب اطفالاً. التفسير الثاني يعود الى كون المرأة حافظة للجينات الجيدة ومانعة للسيئة، فهي تعمل كصمام أمان تمنع الجينات السيئة من الظهور في المجتمع، فالذكور يختارون المرأة الجميلة والذكية على حسب جيناتها، اما المرأة التي فيها عيوب وراثية وخلقية والتي هي قبيحة لا تتكاثر بسهولة، لهذا السبب تكون المرأة حافظة للجينات وهي ليست عليها ان تبحث عن الجينات الجيدة والجديدة (اي لا تهمها كثيراً الرجل الجميل وذات جينات جيدة، بل هذه ضغوطات اجتماعية على دماغها لتختارها أي انها ليست اتية من رغباتها الغريزية، وهي إن كانت تبحث عن رجل، فهي تبحث عن رجل غريب ومميز ونادر الجينات).

اما الرجل فيكون جيناته باحث للتغيير والتميز والتجدد; أي إن جينات الذكر مهما كانت متغيرة ومختلفة عن جينات المجتمع فما دامت تفعل الوظائف البشرية والجسدية بصورة جيدة أو بصورة أحسن وبطريقة أفضل، فلن يكون هناك تأثير سلبي على تكاثر المجتمع.

وبهذا يمكن للمجتمع ككل التقدم للأمام عن طريق الرجال ومنع الرجوع للوراء عن طريق النساء، وربما هذا هو السبب من كون جنس البشر مكون من ذكر وانثى (أو حتى جميع الكائنات التي فيها ذكور واناث). هذه الطبيعة الجنسية لدى رجال لها تأثير عظيم للحضارة، فيها ايجابيات وسلبيات: من الايجابيات هي التقدم الفكري والابداع، زيادة اعداد اهل الحضارة، ومن سلبياتها هي الفوضى في الحضارة من الجرائم الجنسية.

يجدر الذكر أن التميز الذي يظهر في الرجال والذي اتحدث عنه اعني به طفرات جينية و وراثية وليست التميز عن الاخرين التي هي في افكار جميع اعضاء المجتمع والتي هي حيلة للسعي وراء الرتبة الاجتماعية، وهو التميز الحسن الذي يطمع إليه الإنسان لتغير عن الآخرين، والعناد هو جزء من هذا التميز. فرع من جذور هذا التميز هو الصراع الجنسي، والفرع الثاني هو صراع للسيطرة والسلطة او القيادة.

يعتبر هذا التميز أحد أسباب وجود العنف داخل مجتمع حضاري الذي يؤدي الى انقسامه وتشتته نتيجة رغبة الأول بالتميز عن الثاني. فإذا كان احدنُا أفضل من عندنا حسدناه على هذا التميز، وإن كان الآخر بمستوانا بغضناه وجحدنا حقوقه للتميز عنه أو انحطاطه إلى أدني من مستوانا، وإن كان أحد اقل من مستوانا شفعنا وشفقنا عليه. هذا الصراع للتميز عن الآخرين يؤذي صاحبه أيضاً، فيقدم على عمل أشياء خطيرة خارجة عن طبيعة الإنسان فقط ليثبت للمجتمع ولنفسه بأنه مختلف ونادر (في الحقيقة هو جزء منهم والفروقات طفيفة جداً). وعادة تظهر تلك الرغبة منذ الطفولة، ويظهر معه الحسد للأقران والأصدقاء.

الروابط التي تربط افراد اهل الحضارة البشرية يمكننا أن نقسمها إلى خمس:

1- الروابط الحاجاتية: وهي تلك الروابط التي تربط الأشخاص الذي يحتاجون لبعضهم البعض ولا يمكنهم حرفياً العيش من دون الآخر. يمكننا التفكير في الرابط الذي يربط بين المزارع والطبيب كرابط حاجاتي، لأن أحداهما لا يمكنه العيش من دون الآخر. بشكل عام، يتجمع البشر ليكون مجموعات من اجل الاعتماد على بعضهم البعض من اجل الزيادة من فرصة البقاء، وهذا يندرج تحت رابط حاجاتي، فالفرد يحتاج إلى المجتمع لكي يعيش والعزلة تزيد من احتمالية الموت. وينكسر الرابط في حالة واحدة عندما ينتهي الحاجة إلى الآخر ويكون المصادر كافية واحتمالية الموت بعزلة ضئيلة. يعتبر الرابط الحاجاتي من اقوى الروابط التي تربط اهل الحضارة معًا.

2- الروابط الرغباتية: الجنس، الرغبة في مصاحبة الأصدقاء، الرغبة في الحُكم والسيطرة على الناس، جميع تلك الأمثلة تعد من الروابط الرغباتية وهي ثاني اقوى رابط بعد الحاجاتية، لأنها التي تربط العائلة والأصدقاء والاقرباء. لكن من الصعب تكسير هذا الرابط لأنها مبني على أساس المشاعر والاحاسيس التي لا تنفذ مع زيادة المصادر أو الأصدقاء أو المزيد من الجنس، وقد تستمر لسنين طويلة.

3- الرابط المولود: بعدما يولد الإنسان، يبرز في باطنه رابط يجذبه إلى أمه وأبيه وكذلك العكس. هذا الرابط قصير نسبياً حيث يستمر على الغالب إلى فترة المراهقة ويذبل منها تدريجياً.

4- روابط للأهداف المشتركة: رابط قصير أيضاً، فيه يجتمع الناس لتحقيق هدف معين مثل الزملاء في العمل.

5- الروابط الوهمية: روابط مليئة بالمشاعر الفارغة يعملها أشخاص مخادعين من أجل مكاسب لهم.

الحاجة والرغبة هما أمران مهمان يجب أخذهما دائماً بنظر الاعتبار. نحن في عصرنا الحالي قد اجتاز الكثير منا حاجاته الأساسية من الغذاء والشراب والأمان والحرارة المعتدلة، نحو رغباتنا الثانوية من المسكرات والمخدرات والفنون المختلفة والاشياء التي نمتلكها لكي يتعجب بنا الاخرين ويرفع من مستوانا الاجتماعي. بمجرد أن ضمنا حاجاتنا، بدأ وعينا بالتفكير في المشاعر الصغيرة التي صعدت نحو السطح بعد اشباع المشاعر الكبيرة من الجوع والخوف والبرد. بدأنا بالنظر بداخلنا وتأمل ماضينا والتخطيط لمستقبلنا، كلها فقط لتسلية دوائرنا العصبية. لا أعلم إن كانت هذه العملية أيضاً جارية في الكائنات الأخرى، أعني عندما يشبعون حاجاتهم، هل يبدأون بالتفكير برغباتهم ومشاعرهم المتنوعة، أم إن هذه الميزة الإدراكية مميزة للإنسان فقط. من المرجح إن الأمر نفسه يحدث لهم.

وليس فقط لهم، بل في طبيعة أي نظام حينما يتخلص من فوضاه الكبيرة ويحولها إلى نظامه وانتظامه، يبدأ بالنظر إلى الفوضويات الضئيلة وتحويل ذلك إلى انتظامه المعين. وهذا يعني إن الحضارات البشرية بين حضارة لم تشبع حاجاتها وحضارة لم تشبع رغباتها.

يمكننا التحدث عن الطبيعة الفضولية عند البشر أيضاً وتأثيرها على مسار الحضارة في المستقبل. حيث تنقسم إلى قسمين:

1- الفضولية الاحترازية: وفيها يستكشف الإنسان أشياء مجهولة ويرغب في معرفتها للوقاية من شرها. وهي تشكل غالبية فضوليتنا التي يجبرنا على أن نعرف معلومات أكثر عن الشيء الغامض لإخماد الشك في مضرتها علينا.

2- الفضولية التميُزية: يحاول الفرد المستكشف الباحث عن المجهول أن يتميز عن أقرانه ومجتمعه بالذهاب إلى ما وراء الحدود الذي هم فيه.

3- الفضولية التعلُمية: وهي الفضول لمعرفة ما يفعله الاخرون من اجل التقليد.

يأتي الخوف من الموت عند الإنسان من طبيعة دماغه الجينية. حيث يخاف الشخص من الموت لأنه:

1- خائف من الألم (المشاعر السلبية): غالباً يصاحب الموت ألم ما في منطقة ما من الجسد.

2- خائف من فقدان المتعة (خسارة المشاعر الإيجابية): يمر لحظات حياته الممتعة أمامه ويدرك فعلاً إنه لن يتمكن من الإحساس بتلك المشاعر مرةً ثانية.

فقط من هو مريض نفسي لا يخاف من الموت في الحالات الطبيعية. لكن إن تخلصنا من الألم ومن الذاكرة، لأصبحنا قادرين على تجرع الموت بشكل أسهل. وهو هدف يصله فقط الحضارات المتقدمة للعناية بأهلها اثناء مفارقة الحياة.

طبيعة الكائن في اغلبية الكائنات التي نعرفها تحتفظ بمعلومات الكائن (وبمعلومات المجتمع ايضاً) عن طريق توارثها من جيل إلى آخر. وهذا ما يحدث عند الإنسان، بالإضافة الى كون ذاكرتنا تحتفظ وتنقل المعلومات ايضاً كجيناتنا، لكي يتم تداول التصرف الصحيح من الاب الى الابن، وهذه الميزة رفعت من قيمتنا بالمقارنة مع الكثير من الكائنات الأخرى. حيث تمكنا من صناعة الأدوات وتطويرها عن طريق الاعتماد على ذاكرتنا ومشاركتها مع الأجيال المستقبلية. إلا إنها كانت قصيرة أيضاً في نقل المعلومات.

مع مرور جيلين او أكثر على المعلومة المتعلمة من قبل الأجداد، ينسى الاحفاد ما تعلمه اباءهم واجدادهم، وينسون ماضي البشرية بأكملها الا قليل منهم، وليس هناك أي عقل بشري عظيم يمكنه تحليل وحفظ كل تلك المعلومات الماضية بالسرعة المطلوبة. لذلك اضطر الأجيال الجديدة التي نست معلومات ضرورية اُكتشفت من قبل اجدادهم إلى اكتشاف المعلومات من جديد، إلى إعادة اختراع العجلة واكتشاف قوانين الرياضيات. مما يعيد من تكرار الأخطاء، ويؤخر من عملية انتظام الصحيح للنظام وخروجه من فوضى البيئة المحيطة به سالماً.

الكتابة، التي هي واحدة من احدى طرق حفظ المعلومات ونقلها الى المستقبل، كانت خطوة ثورية بالنسبة لنا، حيث جعلنا نحتفظ بأكبر قدر من المعلومات عن الماضي ولفترة طويلة لغرض العيش بشكل أفضل في المستقبل. نستطيع في الحقيقة الرجوع الى شرارة هذه الثورة والتي كانت هي اللغة والمفردات التي تعلمها الانسان وتمكن من تسمية الأشياء الواقعية والتجريدية والحيوية والجامدة من أجل مشاركة معلومات جديدة ومستكشفة حديثاً عن تلك الأشياء مع الاخرين، إلا إنها كانت ثورة صغيرة جداً لا يعتبر قفزة عظيمة لفصل الانسان عن عالم الحيوانات. من خلال الكتابة، استطعنا ان نطور ما اكتسبناه من معلومات سابقة في أوقات اجدادنا، وبالتالي بُنيت حضارتنا على غرارها، وأصبحت تصب في مصلحتنا ولغاية نظامنا وكل هذه بفضل المعلومات التي اكتسبناها سابقاً والتي سيكتسبها الأجيال القادمة لاحقاً.

قوانين الحضارات التي نحن فيها بعيدة كل البعد عن طبيعة الإنسان، يجب علينا ان نربطهم معاً لبناء حضارة اقوى، وان نفصل تلك السياسات التي تتصل بزمن محدد او بمكان معين او بشريحة معينة من المجتمع. مثل دستور الذي يشرح كيف يمكن حكم وتنظيم مصادر غذاء، مصادر اقامة، مصادر الطبيعة.

 

محمد كريم إبراهيم – محلل وكاتب عراقي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم