صحيفة المثقف

مصطفى علي: الشعراء

مصطفى عليعَنْ سِرَّهِمْ قلبي يُسائلُني

مُتَقلِّباً

مابينَ شَكٍّ وإعْتِلاجٍ وإرْتِجافْ

**

هُمْ ثُلّةٌ كانَ إصْطَفاها بعدَما

قدْ جَرّبَ الفقدانَ نيراناً على

حَطَبِ الشِغافْ

**

ظنَّ القصائدَ كالْمَرايا

أو ثُريّاتٍ بِدَمْعِ اللهِ قد صُقِلَتْ فلا

غَبَشٌ هنالِكَ

لا نشازَ ولا زحافْ

**

إذ راحَ يتلو

سورةً جذلى

يُرَتّلُها لَهُ

مَطَرُ القرائِحِ كعبةً

قد تُبْرِئُ المكلومَ لو عَزِمَ الطَوافْ

**

فَلَكمْ تَمَرْأى سادِراً

وَرَمى قَوارِبَهُ على أمواجِها

فجراً ومأخوذاً

بزورقِهِ كما المجذوبِ

حَدَّ الإنْخِطافْ

**

أن يبلُغَ النهرينِ

مابعدَ النَوى

وَيُخضّبَ القدمينِ في

دمعِ المودّةِ ثُمّ في

طينِ الضِفافْ

**

وَلَطالما رَقَصتْ جوارحُهُ

على أنغامها

حتى

بزوغ الوعي بَعْدَ الإنْكِسافْ

**

هل صدّقَ الدرويشُ ما شَطَحَتْ

به أرواحُهمْ

في الليلِ لَمّا أن سَجى

وإصطفّتِ الأحلامُ خيطاً من

قناديلِ الرؤى

تزهو

كما الأقمارُ إبّانَ الزَفافْ ؟

**.

فَتَصوّرَتْها بُرْهةً أوْهامُهُ

كالْشاشَةِ البيضاء في مُدُنِ الخيالِ

مضيئةً

إِذْ ترتقي الأرواحُ طهراً

في دموعِ الإعْترافْ

**

فَتَلأْلأتْ حَدَقاتُهُ

إِذْ لاحَ

بُسْتانٌ بِلا سْورٍ

ولا ناطورُه السكرانُ قد

مَنَعَ القِطافْ

**

سَرَعانَ ما

فَزَّ الفتى هَلَعاً وَقَدْ

نَفَدَتْ ضُحىً بِفُؤادِهِ كَلِماتُهم

وَدُموعُهُ أمستْ بكاساتِ الهوى

ذكرى سُلافْ

**

ياأيّها الشعراءُ لَسْتُ بِناصِحٍ

يومًا ولا

مُفْتي الديارِ يسومُكم

بضراوةِ الأحكامِ إن شَهِدَ

التباغضَ والخلافْ

**

عُذْراً إذا صارَحْتُكُم مُتَهجِّياً

لُبَّ المُتونِ وتاركًا دَغَلَ الحواشي

والهَوامِشِ

خلفَ زخرفةِ الغِلافْ

**

لَسْنا ملائكةً ،رِفاقي، مثْلَما

قدْ نَدّعي

كلاّ وما كُنّا شياطيناً بعالَمِنا

وحاشا لم نَكنْ طيشًا شَرَعْنا ننفُثُ الأوهامَ في

جوْفِ الورى سُمّاً زُعافْ

**

بَلْ نحنُ ياأصحابُ مَنْزِلَةٌ

إذَنْ مابينَ بَيْنْ

نادى بِها ( الغزّالُ) شيخُ الإعْتِزالْ

هَتَفتْ بها يوْماً قريحتُهُ شذىً

فإهتزَّ قلبُ البصرةِ الفيحاءِ

توقاً للتسامُحِ في هُتافْ

**

يامعشرَ الشعراءِ لسْتُ غريمكم

فَلَكَمْ تقاسمْنا معاً ما قد سَجرْنا

في تنانيرِ الخيالِ قصائداً حَرّى

كأرْغِفةٍ وكم

كُنّا إغْتَرَفْنا من بحارِ الوجْدِ أنْبِذَةً

مُعَتّقةً بِها النُدَماءُ بَعْدَ الغَرْفَةِ

الأولى أباحوا الإغْتِرافْ

**

ماكُنتُ إلّا هاويًا

حتى أتاني ذاتَ رَوْضٍ هُدْهُدٌ

في تاجِهِ الميمونِ بُشرى من سَبَأ

مُستنطِقاً في خافقي قارورةَ الأسرارِ في قلبِ النَبَأ

صلّى أمامي ركعتينِ وقالَ لي:

رِفْقاً بأطفالِ الحياةِ إذا هَفَوْا

فَذُنوبُهم مرهونةٌ بِتَصدّعِ

الوجدانِ في مَوَرانِهِ

أمّا خَطاياهم فَقُلْ مغفورةً

وَنفوسُهم رغم الدُخانِ بَريئةٌ

تُمْحى الخطايا والذُنوبُ إذا كشفنا

عن دواعي الإقْتِرافْ

**

للسادةِ الشعراءِ كالأطفالِ

أذواقٌ وأمزجةٌ عسيرٌ طبعُها

حيناً وأحيانًا طبائعها لِطافْ

**

هَبْها مُكاشَفةً إذنْ

ياشاعراً خَبِرَ الحياةً تجارِباً قُصوى

عُبوراً أو رَحيلاً للمجاهيلِ البعيدةِ

في ثنايا النفسِ والآفاقِ

حُبّاً في كنوزِ الإكْتشافْ

**

هَبْها مكاشفةً وذَرْني

أحْصدِ الآلاءَ نورٌاً

في محاريبِ التجلّي

أو فيوضِ الإنكِشافْ

**

لا تلعنوا الأقمارَ إن طالَ الدُّجَى

فَلَرُبَّ بدرٍ جادَ نوراً للورى

من بعدِ حَجْبِ بصيرةٍ

ثمّ إنطفاءِ سريرةٍ لِهُنيْهَةٍ

فيما وراءِ الإنْخسافْ.

***

مصطفى علي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم