صحيفة المثقف

عقيل العبود: نزع آجل

عقيل العبودذاتَ يومٍ أدركت أنَّ للصبح أجنحة، وأن جمالًا مع الصمت يسري، ينبت فوق الضفاف عند السواقي، حينها رحت أتابع وجه الموت في قشرة الأرض، وسيقان الأشجار الذابلة، ومن تلك الأبجديات، صرت استنطق معنى الحياة.

تحدثت لأبواب الليل عند الفجر عن أغنية مَسّها الخوف، ليموت صاحبها حزنًا، وبذلك تداعت وريقات زهرة كانت بحاجة إلى ضفاف شاطئ مستريح. تدلت خطوط الشمس مع الطيور، تقرأ في عيون الأمهات شيئًا لم أكن أعرفه، حتى أدركت بعد حين أن الطهر سقف تنحني له النجوم، وان السماء به ترتدي ثوب عفتها.

أمسيت بشغف أنصت لأوجاع شجرة تهشمت أغصانها، رحت أبحث في دمع المنكوبين عن كسرة خبز ثكلى بالفقر، و بالجوع، أسطر عسر الأرض، أرسم سنبلة ساقتها الأقدار إلى مقصلة مذبوحة.

تحدثت لذاكرتي عن أنقاض الأشلاء المدفونة تحت الأرض، ومع صيحاتها رحت أنصت؛ أقرأ قرع كؤوس الجلادين، وقصور الطغاة، والسلاطين. أمسكت بلافتة البؤس المعصوبة بالعينين، وأصبحت أحدِّث روحي عن قافلة أنهكها الصبر، وحر الصيف..أحاطني الوَصَبُ، راح يجرجر أقدامي، يأخذها بعيدًا، يلف بها عند دَهاليزِ كوابيسه المخيفة.

تذكرت حكاية فاقةٍ عاش حاضرها، ومات ماضيها، ليتني استرجع قصة أرملة استوطن في أحشائها الألم، فراحت تستغيث، تطلب النجدة دون جدوى، ومات جنينها، وصار الناس في حضرتها يتحدثون، يبكون، ويتباكون، حتى غدا الصراخ حاضرًا بيننا، واستوطن السلطان في كوكبنا.

***

عقيل العبود

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم