شهادات ومذكرات

ادوارد سعيد (1935-2003)

ادوارد وديع سعيد: ولد في القدس عام 1935، حيث كان ابوه من رجال الاعمال، ويحمل الجنسية الامريكية، ويدين بالديانة المسيحية الارثودوكسية . أما امه، فهي من مواليد الناصرة، وتدين كذلك بالديانة المسيحية الارثودكسية، وهي نصف لبنانية.

دأبت عائلة ادوارد سعيد على التنقل ما بين القاهرة وفلسطين، وقد التحق بالمدرسة الانجيلية ومدرسة المطران في القدس عام 1947، ثم مع حلول هجرة 1948، توجهت الاسرة جميعها الى القاهرة .

التحق بكلية فكتوريا في الاسكندرية، ولكن طيش الطفولة، وصخبها، كان وراء طرده من هذا الصرح العلمي الرفيع أنذاك. وكتصرف اسعافي سريع، قرر الوالد الحاق الابن في مدرسة داخلية نخبوية في أمريكا – ماساتسوستس. كانت سنته الاولى في هذه المدرسة تعيسة جدا . شعر، ولأول مرة، أنه خارج المكان. لكنه بذل جهودا جبارة للتعامل مع الوضع الدراسي، ولم يخب ظنه، كما لم يخيب ظن والديه فيه. حصل على أعلى التقادير، ففتحت له الافاق الواسعة لمقابلة أناس، وشخصيات كثيرة من ثقافات عدة، ليتولد بشكل اكبر احساسه خارج المكان. فقد حاز على الاجازة في الاداب من جامعة برنستون عام 1957، ومن ثم الماجستير في الاداب من الجامعة نفسها في 1960.أما درجة الدكتوراه، فقد حصل عليها من جامعة هارفارد، حيث كانت في اللغة الانجليزية والادب المقارن عام 1964.

انضم ادوارد سعيد الى أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة كولومبيا منذ 1963 الى 2003، حيث اسلم الروح لباريها. خلال مسيرته التدريسية في جامعة كولومبيا، كان مثالا للمدرس المتمكن، والذي يربط الحياة النظرية بالعملية. كان بين الفينة والاخرى، يعرج على موضوع الاستشراق الذي اولاه الغرب اهمية كبرى. فمن وجهة نظر ادوارد سعيد، كان الاستشراق يضمر افكارا غير معلنة، يروم تحقيقها من خلال الدراسة الادبية للشرق. كثيرا ما كان يحتد الجدال بين ادوارد سعيد وطلبته من جانب، وزملائه في المهنة من جانب اخروذلك نتيجة لفكره الذي يؤمن به. خلال عمله، قام بالتدريس كاستاذ زائر في اكثر من مئة جامعة، ناهيك عن المحاضرات الاكاديمية، والحلقات التلفزيونية، مثال ذلك قناة ال بي بي سي التي صورت معه مجموعة من الحلقات القيمة . ففي عام 1992، منحته جامعته، كولومبيا، لقب "استاذ جامعي"، وهو أعلى درجة علمية أكاديمية على مستوى الجامعة. كان ادوارد سعيد رئيسا لجمعية اللغة الحديثة، وعضوا في الأكاديمية الامريكية للفنون والعلوم، وعضوا في نادي القلم الدولي والأكاديمية الأمريكية. كما أنه نشر مقالات، وبشكل دوري، في دوريات محكمة، وصحف يومية عالية المستوى .

فكما أبدعت حنجرة ادوارد سعيد في القاء المحاضرات القيمة، وكما ابدع قلمه النابض بالمعرفة والعلم، فقد ابدعت انامله . كان يعزف البيانو ببراعة واقتدار. كما كتب الكثير عن الموسيقى، بل وألف كتبا عن هذا الفن، حيث كان يراه انعكاسا لافكاره في الادب والتاريخ. ففي 1999 وقام وأحد اصدقائه بتأسيس اوركسترا الديوان الغربي الشرقي، حيث ضمت شبانا من دول عدة، هدفها نشر معزوفاتها على نطاق عالمي .

وفي عام 2003، أغمض ادوارد سعيد اغماضته الاخيرة، متاثرا بمرض اللوكيميا الذي لازمه كظله 12 عاما. خلف وراءه زوجته مريم، وابنه وديع، وابنته نجلاء، الممثلة والكاتبة المسرحية. أوصى ادوارد بان ينثر رماده في دولة عربية – لبنان. كرمته جامعة بيرزيت عام 2004، بعد وفاته بأن اطلقت اسم " معهد ادوارد سعيد" على مدرستها الموسيقية.

 

في المثقف اليوم