شهادات ومذكرات

ثلاثون عاما في الهباء (3)

emad aliكما قلت من قبل، لقد وهبت عمرا كبيرا في تنظيم لم اكن اؤمن به منذ البداية بانه  سيتمكن من تحقيق اهدافه المعلنة وشعاراته الكبيرة، بعدده وقدراته  لمتواضعة ماديا ومعنويا وامكانياته القليلة، اي ضمن حزب كادحي كوردستان الذي اتحد به راية الثورة بعدما انشق عن الاتحاد الوطني الكوردستاني، ليس ايمانا بالاتحاد به بقدر انقاذ نفسه من الضائقات التي وقع فيها بعد عمليات الانفال ومتابعة الاتحاد الوطني الكوردستاني له ومضايقته من اجل عدم تنميته على حسابه، لانه كان يعتبره هو من قطع حوالي نصف من عدد كوادره بشكل عام او اكثر . الا ان قيادته البائسةاي قيادة راية الثورة، وعدم تحمله وانعدام حزمه، وبرائته من ما اقدم عليه وتسليمه للامر الواقع دون ان يمتلك اي حزم او قوة ارادة او صبر، او قوة شخصية قياديية او ما تفرض نفسه من مثابرة المطلوبة للقيادة الناجحة السليمة، وتمرير ما تطلبته نواياهم غير النقسة وبدوافع شتى سواء كانت كاذبة او مبررة لما كانوا فيه من ضعف وعدم الايمان بالذات مع عدم الثقة بالامكانية الذاتية وتخبطهم الكبير في امور القيادة وما عملوا، والذي وقع على حساب الاعضاء والكوادر من ابناء الطبقة الكادحة واكثرهم كانوا من الاصدقاء او الرفاق القريبين من القيادة العليا، ولكن هذه القيادة لم تؤد الامانة التي كان من المنتظر منهم ان يؤدوها على الاقل وفاءا لدماء الشهداء التي سالت بسببهم وهم كانوا اثرب الاصدقاء لهم على الاقل، وليس الشعارات والتقولات الفضفاضة التي ادعوها كذبا وتضليلا .

هكذا بقيت انا ورفيق اخر صاحب ثقافة متواضعة في حزب كادحي كوردستان، دون ان اؤمن بهذا الحزب اصلا  من النخاع كما يُقال، بل كان هدفيمن  البقاء اساسا هو عدم ترك ما اقدم عليه الشهداء ومهما كان ايمانهم بما حدث من انشقاق في صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني في حينه .

كانت الكوادر الوسطية في حزب كادحي كوردستان مخلصين مؤمنين بما يعملون وما يهدفون ويعتقدون في قرارة انفسهم بانهم سوف ينجحون في تحقيق الاهداف الكبيرة التي حملها الحزب من الاستقلال والديموقراطية والحرية وغير ذلك من الشعارات التي تحتاج لقدرات وامكانيات وكوادر وعقليات تقدمية لتحقيقها، لم تكن موجودة لدى حزب صغير اكثرية قيادته متواضعة الثقافة والمعرفة من جميع النواحي السياسية والادارية ولهم قدرات متواضعة من الناحية الفكرية الفلسفية العامة ايضا وان كانوا مخلصين مؤمنين بقضية شعبهم .

كنا وبقينا ضمن صفوفه لمدة اكثر من عشرين عاما بعد توحيد راية الثورة وحزب كادحي كوردستان، واصبحنا في موقع وموقف ننتظر التغييرات التي يمكن ان تحدث في مسيرة الحزب وكيفية ادارته ومدى نجاحه ولو نسبيا، الا ان تاثر قياداته بما هو موجود في كوردستان من العقلية القيادية وسلوك قياداته وتصرفات شخصه الاول واستاثاره بما كان لدى الحزب من حتى الامكانيات الصغيرة، لم يكن يفرق عن غيره من القيادات للقوى الكوردستانية الكبرى، ولم يكن الا خاضعا في امور قيادته الى نرجسيته وطموحه الشخصي اكثر من الحزب ومن فيه كما هو حال اكثرية قيادات كوردستان التقليديين .

عندما عاد هؤلاء المخذولون من تنظيم راية الثورة الى صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني تسنموا مناصب ومواقع حزبية وحكومية كان من الاساس جل تفكيراكثريتهم مشغولا فيه، وهم وان كانوا عتقاء في صفوف الثورة الجديدة وساعدت ظروف العراق غير الملائمة على بقائهم ضمنها وعدم تسليم نفسهم للبعث، الا ان خوضهم لغمار الحركة التحررية الكوردستانية لم يكن نابعا بالايمان الكامل بما يحدث واكثرهم من وقع ميؤسا في ايام الصعاب وتشدق بما كان عليه في ايام السلام وسهولة المعيشة، وارتهنوا ما في جعبتهم من التفهم لما كانوا فيه وتلهفهم على اهداف خاصة وما امتلكوا من العقلية على الربح والخسارة في حساباتهم .

بعدما قررت البقاء رغم تيقني بان التنظيم او الحزب الذي انتمي ليس بامكانه تحقيق اي شيء ضمن الظروف التي وجد فيها، الا ان بقائي وانتظاري كثيرا لما يمكن ان يتغير كان دون حساب دقيق . وما اصبحت فيه فرض علي  ان اكون محايدا في جميع الامور على الرغم من ارائي ومواقفي التي ازعجت الكثيرين ومن ضمنهم الشخص الاول . هذا عدا النفاق والعداءات التي واجهتها من قبل الرفاق المتواضعين في العقلية والثقافة وتعرضت للكثير من المعوقات وتصديت للكثير من الحاسدين من غير المؤهلين فكريا وعقليا وحزبيا ومعرفيا ايضا، وبكل صراحة وبصريح العبارة اقول ان ما دفعني اكثر على اتخاذ الموقف الحاسم في طلاق الحزب والاستقالة، بعد كل الغمار في الصعاب ضمنه وبقائي متحديا لما تعرضت له، هو ما اصبح عليه العمل الحزبي وهو ضمان المعيشة العائلية ومستقبل الاولاد من خلاله .الى ان تضايقت من حالي اكثر من الحزب بعدما حدثت فيه من الانشقاقات التي لا تحصى ولا تعد، وطالما انتعش قليلا ونمى كميا وكيفيا ومن ثم انفصلت عنه مجموعة، وعاد الى ما كان عليه دون ان يتقدم بخطوة، وهكذا . وكان للمؤامرات التي حيكت وحصلت ضده من قبل الحزبين الكبيرين له دور رئيسي في بقاءه على حاله وتخلفه . الى  ان حدث الاشسقاق الاكبر فيه بتخطيط وتدخل وتآمر الحزب الديموقراطي الكوردستاني بشكل مباشر وشرائهم لعدد من قياداته ومن ضمنهم القادة الثلاث الذين يسيطرون اليوم على زمام الامور فيه . وللحديث بقية .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم