شهادات ومذكرات

رحل عنا جليل السنيد ليبقى هكذا حيا في قلوبنا

akeel alabodابن الناصرية وسوق الشيوخ البار، والاستاذ، والمربي، والمشرف التربوي، الخال جليل السنيد، بعد صراع مع المرض، سافر بلا حقيبة، غادرنا دون ان يقول وداعا، إذن لا امل بعد اليوم بالحديث معه، الا عبر هذا الرثاء.

كان الفقيد نموذجا متميزا للأسرة التعليمية في المحافظة؛مسيرته ابتدأت في الباب المذكور، مع خمسينيات القرن المنصرم، بصفة مدرس للغة العربية، وتلك حقبة تختزل في أرشيفها تجربة من الزمان.

نجاحا باهرا في المجال التربوي حققه الراحل، ليبقى شاهدا هكذا، يختصر قصصا وحكايات، حيث للسياسة فيها حتما نصيب.

 اختير كمدير لاعدادية سوق الشيوخ في نهاية الستينيات، والسبعينيات، ثم تم تعيينه كمشرف تربوي في الثمانينات، وكمميز عام للأسرة التعليمية في محافظة ذي قار، ابان فترة من الزمان انقضت أوزارها. وكمسؤول للجان الخاصة للامتحانات الوزارية أنداك.

احيل على التقاعد في اول التسعينات، لتبقى هكذا حافلة بالعطاء مسيرته.

قبل ان يرحل، جليل السنيد، ذاكرة حاضرة، وشاهد على عصر حافل بالخبرة، والعمل المثابر.

كان، ليبقى كما عرفناه،  هكذا، نموذجا متميزا، ومؤثرا، ليس في باب العلم، والتعليم فحسب، بل بشخصيته المؤثرة، والقوية؛ وتلك صفة منحته امتيازا اخرا، وشهادة فخرية، لمهنة عشقها ونذر حياته قربانا لأجلها.

لم يكن يتساهل، او يتوان في تأدية عمله كمرب ومعلم، واستاذ، حتى مع ابنائه، عرفانا، وتفانيا لشرف الوظيفة التي احبها.

اليوم مدينتنا السرمرية، بجميع اقضيتها، ونواحيها، تفقد واحدا من مرجعياتها المهمة في هذا الباب.

إعدادية سوق الشيوخ، ومديرية تربية ذي قار، بشطرتها، ورفاعيها، وقلعتها، وجميع ما فيها من أقضية، ونواح، ترتدي السواد حزنا، وألما، وهي تودع واحدا من ابنائها، ورموزها، وإعلامها المتميزين.

وداعا ايها المعلم، والاستاذ، والمربي، والبار لمحافظته.. لقد فقدناك أيها الغالي عزيزا، وابا، وأستاذا، وقريبا، ومربيا.

كان بودنا ان نقول وداعا، كان بودنا ان نرفع نعشك، ونحن على مقربة منك؛ ان نقيم مراسيم العزاء مع اهلينا، وذوينا، لكنك كما قبلك، ودعتنا على حين غرة، طويت صفحة من صفحات عصر لم تزل صوره تؤرقنا، نشتاق اليها، كما شوقنا الى مدينتنا السمراء، بمدارسها، وبيوتاتها، وشوارعها، ونخلها، ونهرها وأبنائها.

فارقناك ونحن لا زلنا، تعتصرنا لوعة الرحيل؛ فارقناك مع اخر دعوة منك الينا، لحضور الإفطار معا على مائدة من موائد رمضان، ودعتنا بعد ان اتعبك المرض، وأعياك الالم.

ولكن نم قرير العين ايها العزيز، فصورتك ستبقى حية، نحملها قلائدا في قلوبنا، وشموعا نحتفي بها في أعياد ميلادنا، نحتفي بها هكذا، نتباهى برموز مدينتنا التي علمتنا لغة الحروف،

نبقى هكذا، تعتصرنا المسافات، يسكن الصبر كما الالم في جوانحنا، ونحن نخوض تجربة محطة نحتاج فيها الى الأنقياء، والأتقياء، والأقوياء. 

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم