شهادات ومذكرات

خيرالدين التونسي من الأسر إلى القصر

ali almirhigولد خير الدين باشا التونسي في قرية من قرى القوقاز عام 1820م، وبعد وفاة والده بيع في سوق العبيد، وإنتهى به المطاف إلى قصر باي تونس أحمد شا الذي قربه  وكرمه ودفع به للتعليم.

في عام 1849م عين أميراً للواء الخيالة لجدارته العسكرية.

في عام 1861م عين رئيساً لمجلس الشورى، فسعى لمحاربة الفساد وتقليل الظلم ولكنه لم يستطع الاستمرار بسبب كثرة الفساد المستشري بين المسؤولين.

في عام 1867م ألف كتابه الذي سجل فيه رؤيته النهضوية والإصلاحية.

في عام 1871م كلفه الباي بمهمة توثيق الصلة بين تونس والدولة العثمانية.

في العام 1873م كلفه الباي بمنصب الوزير الأكبر (رئيس الوزراء) ودامت مدة وزارته أربع سنوات.

في عام 1878م هاجر إلى أستنبول بسبب الوشاة، فمنحه السلطان عبد الحميد منصب (الصدر الأعظم) لكنه لم يستمر به سوى سنة واحدة بسبب اخفاقه في إقناع السلطان عبد الحميد بالإصلاحات الإدارية والتنظيمية. ومن ثم أصبح عضواً في مجلس الأعيان إلى أن وافته المنية في تركيا عام 1890م.

عبر رحلاته المتعددة إلى البلدان الأوربية وبدعم من "ولي النعم" الباي محمد الصادق  (ت 1882 ) سجل لنا خير الدين التونسي هذه الرحلات وإنطباعاته عن حضارة الشعوب الأوربية في كتابه (أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك) الذي نشره في عام 1867 وكان هذا الكتاب صورة من صور التثاقف التي دعا إليها الإصلاحيون في بلاد العرب والإسلام كان أولهم الطهطاوي في كتابه (تخليص الأبريز في تلخيص باريز) ، لذلك حاولنا أن نُظهر طبيعة هذا التثاقف الذي يدعو له التونسي عبر إختيار مجموعة من النصوص التي نعتقد بأنها جديرة بأن تقرأ اليوم والتي تبين لنا كيف نظر الشرق للغرب لاسيما في بدايات ما يسمى بعصر النهضة الحديث في الفكر العربي .

خير الدين التونسي وحوار الحضارات

يقول التونسي: "التجأت إلى الجزم بما لا أظن عاقلاً من رجال الإسلام يُناقضه أو ينهض له دليل يعارضه من أننا إذا اعتبرنا تسابق الأمم في ميادين التمدن وتحزب عزائمهم هو أعود نفعا واعون، لا  يتهيأ  لنا ما يليق بنا على قاعدة محكمة البناء إلَا بمعرفة أحوال من ليس من حزبنا"

وعلينا "أن نتصور الدنيا بصورة بلدة متحدة تسكنها أمم متعددة حاجة بعضهم لبعض متأكدة، وكل منهم وإن كان في مساعيه الخصوصية فهو بالنظر إلى ما ينجز بها من الفوائد العمومية مطلوب لسائر بني جنسه"

ذلك علينا أن ننظر الى "الوسائل التي أوصلت الممالك الأورباويه الى ما هي عليه من المنعة والسلطة الدنيوية ، وأن نتخير منها ما يكون بحالنا لائقا ولنصوص شريعتنا مساعداً وموافقا ، عسى أن نسترجع منه ما أخذ من أيدينا"

ـ سبل التثاقف

يطرح التونسي سبيلين لتحقيق التثاقف ومعرفة علوم الآخر:

الأول : أغراء ذوي الغيرة والحزم من رجال السياسة والعلم بإلتماس ما يمكنهم من الوسائل الموصلة الى حسن حال الأمة الإسلامية وتنمية اسباب تمدنها بمثل توسع دوائر العلوم والعرفان، وتمهيد طرق الثروة من الزراعة و التجارة، وترويج سائر الصناعات ، ونفي اسباب البطالة. وأساس جميع ذلك حسن الأمارة المتولد منه الامن، المتولد منه الأمل، المتولد منه إتقان العمل المُشاهد في الممالك الأورباوية بالعيان، وليس بعده بيان.

الثاني : تحذير ذوي الغفلات من عوام المسلمين عن تماديهم في الإعراض عما يُحمد من سيرة الغير الموافقة لشرعنا...

فإن الأمر إذا كان صادراً من غيرنا وكان صواباً موافقا للأدلة لا سيما إذا كُنَا عليه وأُخذ من أيدينا فلا وجه لإنكاره و إهماله، بل الواجب الحرص على إسترجاعه وإستعماله وكل مُتمسك بديانة وإن كان يرى غيره ضالاً في ديانته، فذلك لا يمنعه من الإقتداء به فيما يستحسن في نفسه من أعماله المُتعلقة بالمصالح الدنيوية كما تفعله الأمة الإفرنجية، فإنهم ما زالوا يقتدون بغيرهم في كل ما يرونه حسناً من أعماله، حتى بلغوا في إستقامة نظام دنياهم ما هو مُشاهد. وشأن الناقد البصير تمييز الحق بمسبار النظر في الشيء المعروض عليه، قولاً كان أو فعلا، فإن وجده صواباً قبله وإتبعه، سواء كان صاحبه من أهل الحق أو من غيرهم. فليس بالرجال يُعرف الحق، بل بالحق تعرف الرجال و"الحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها". فهو هنا يُذكرنا بسنة نبينا الأكرم وبقول الإمام علي (ع) وبنهج الفلاسفة أمثال الكندي وإبن رشد اللذين حرصا على النهل من علوم الأمم المُتقدة علينا وإن كانت مُختلفة عنا في الملة، لأن الشريعة حق والفلسفة حق، طوالحق لا يُضاد الحق، بل يُوافقه ويشهد له" بعبارة إبن رشد.

وما الإنكار أو التنكر لما وصل اليه الغرب إلَا نوع من أنواع المُعاندة لأننا نجد أغلب المسلمين لا يمتنعون عما يضرهم في الأخذ من الغرب بقدر إمتناعهم عما ينفعهم، وخلل العمران كما يرى التونسي هو "بعدم إنتفاع صُنَاع البلاد في إصطناع نتائجها الذي هو أصل مهم من أصول المكاسب ومصداق ذلك ما نشاهده من أن صاحب الغنم منا ومستولد الحرير وزارع القطن مثلا يتحمل تعب ذلك سنة كاملة ويبيع ما ينتجه عمله للأفرنجي بثمن يسير ثم يشتريه منه بعد إصطناعه في مدة يسيرة بأضعاف ما باعه به".

خلل العمران هذا يؤدي الى الخلل السياسي "فان إحتياج المملكة لغيرها مانع لإستقلالها وموهن لقوتها لاسيما لو كان مُتعلق الإحتياج الضروريات الحربية التي لو تيسر شراؤها زمن الصلح لا يتيسر ذلك وقت الحرب ولو بأضعاف القيمة ولا سبب لما ذكرنا الَا تقدم الإفرنج في المعارف الناتجة عن التنظيمات المؤسسة  على العدل والحرية، فكيف يسوغ للعاقل حرمان نفسه مما هو مستحسن في ذاته فيستسهل إمتناع عنا ما به قوام نفعه لمجرد أوهام خيالية وإحتياط في غير محله.

ما تجدر الإشارة إليه إن مصطلح التنظيمات يحمل معنيين أساسيين عند خير الدين التونسي الأول: يقصد به التنظيمات العثمانية وهو مجموعة القوانين والإصلاحات التي قامت بها الدولة العثمانية لتحسين أدائها .

الثاني: هو إصلاح الدولة وفق التجربة الأوربية في محاولة لنقل ما ينفع منها ويتوافق مع طبيعة البلدان الإسلامية ، وبذلك تكون هناك إمكانية لتحقيق التقدم الذي يتمناه التونسي.

هذا التقدم يتحقق عبر "إجراء تنظيمات سياسية تناسب التنظيمات التي نشاهدها عند غيرنا في التأسيس عل دعامتي العدل والحرية الذين هما أصلان في شريعتنا".

ـ موقفه من الإستبداد والظلم في نظام الحُكم

يرى التونسي أن "الظلم مؤذن بخراب العمران كيفما كان، وبما جُبلت عليه النفوس البشرية كان إطلاق أيدي الملوك مجلبة للظلم على إختلاف أنواعه "ومن مشاكل الحكام المسلمين أنهم لا يأخذون بنصائح الساسة والمثقفين ولا يعلمون "أن ولي الأمر يحتاج الى ألف خطة وكلها مجموعة في خصلتين إذا عمل بهما كان عادلاً وهما عمران البلاد وأمن العباد" وهذا لا يتحقق إلَا بالمشورة لأن" المشاورة أصل في الدين وسنة الله في العالمين وهي حق على عامة الخليقة من الرسول الى اقل الخلق ومن كلام علي (رض) لا صواب مع ترك المشاورة".

المستبد عند خير الدين التونسي متأثراً بـ (مونتيسيكيو) هو "من يتوصل لإجتناء الثمرة بقطع الشجرة من أصلها".

والإستبداد  يكون ضرورياً عند الأوربيين (برأي التونسي) في حالة واحدة هي أن تُعطى فيها إدارة المملكة لشخص واحد "إذا إشتد الخطر عليها (أي المملكة)، إما بكثرة الإفساد الداخلي، أو بظهور مخاتل التغلب من الخارج وصعب حسم مواد ذلك بالأعمال القانونية، لإمكان تعدد الأنظار المتساوية (أي لوجود أراء متساوية يصعب الترجيح فيما بينها) وما عسى ما يقتضي الترجيح بينها من طول المفاوضة المفضي الى عدم قمع المفسدين ومدافعة المتسلط الأجنبي أو الى تأخير ذلك عن وقت الحاجة، فعند ذلك يطلب مجلس السيناتور (البرلمان) من أحد رأيسي الدولة الجمهورية أن يختار من أعيان رجال المملكة من يسميه بإسم  دكتتور أي مطلق التصرف، تُفوض إليه إدارة المملكة بما يظهر له بمقتضى اجتهاده، كعمل الحرب والصلح ونفي أو قتل من يراه من أهل الفساد والخيانة أو عقابه لأخذ المال أو غير ذلك مما يقتضيه الحال".

لفظ الدكتاتور صار فيما بعد يطلق على كل حاكم مطلق التصرف سواء كان محدودا بمدة أم لا .

يطرح لنا التونسي مفهوم الإحتساب على الدولة لتكون سيرتها مُستقيمة وهذا الإحتساب يتحقق إما بـ " شرع سماواي  أو سياسة معقولة "والمشاورة في الإسلام هي نوع من أنواع إشراك الأمة في بناء قرارات الدولة، وقد وضع الأوربيون المجالس النيابية وحرروا المطابع، التي بدورها تُقوي آراء العامة وهذه ضرورية لصلاح الأمة ومُهمة للتخلص من الإستبداد الذي من عواقبه العمل بالرأي الواحد فـ"العمل بالرأي الواحد مذموم ولو بلغ صاحبه ما بلغ من الكمالات والمعارف ... (و) لا يُسوغ أبداً أن يُسَلم أمر المملكة لإنسان واحد، بحيث تكون سعادتها وشقاوتها ولو كان أكمل الناس وأرجهم عقلاً".

وأجمل وصف للدولة والحكم كما يرى التونسي مستعيناً بأرسطو هو حينما يكون "العالم بستان سياجه الدولة والدولة سلطان تحيا به السنة (القانون) والسنة سياسة يسوسها الملك والملك نظام يعضده الجند والجند أعوان يكنفهم المال والمال رزق تجمعه الرعية والرعية عبيد يكنفهم العدل والعدل مألوف و به قوام العالم"

أما الحقوق الإنسانية فيقسمها التونسي الى ثلاثة أقسام متأثراً بـ(مونتيسيكيو) في كتابه القوانين، القسم الأول: "الحقوق المُعتبرة بين الأمم في خلطتها السياسية والمتجرية (أي التجارية)، وثانيها حقوق الدول على رعاياها وبالعكس، أي حقوق الرعايا على الدولة، وثالثها حقوق الأهالي فيما بينهم".

موقفه من الحرية

ان موقف التونسي من مفهوم الحرية ومن الحرية نفسها مبنيُ على أساس آرائه السابقة االمتأثرة بالتجربة الغربية، فيقسم الحرية الى ثلاثة أقسام:

الأول: الحرية الشخصية وتعني "إطلاق تصرف الإنسان في ذاته وكسبه مع أمنه على نفسه وعرضه وماله ومساواته لأبناء جنسه  لدى الحكم ، بحيث أن الإنسان لا يخشى هضمية في ذاته ولا في سائر حقوقه، ولا يحكم عليه بشيء لا تقتضيه قوانين البلاد المُتقررة لدى المجالس. وبالجملة فالقوانين تُقيد الرعاة كما تقيد الرعية، والحرية بهذا المعنى موجودة في جميع الدول الأورباوية إلَا في الدولة الباباوية والدولة المسكونية لأنهما مُستبدتان، وهما وإن كانتا ذوات أحكام مقررة إلَا أنها غير كافية لحفظ حقوق الأمة لأن نفوذها موقوف على أرادة الملك".

والمعنى الثاني للحرية فهو الحرية السياسية "وهي تطلّب الرعايا التداخل في السياسات الملكية والمباحثة فيما هو الأصلح للملكة" بمعنى مشاركة الأمة في سياسة الدولة وإدارتها" كون الأهالي ينتخبون طائفة من أهل المعرفة والمرؤة تُسمى عند الأورباويين بمجلس النواب، وعندنا بأهل الحل والعقد، وان لم يكونوا مُنتخبين من الأهالي. وذلك أن أي تغير مُنكر في شريعتنا من فروض الكفاية وفرض الكفاية إذا قام به البعض سقط الطلب به عن الباقين وإذا تعينت للقيام به جماعة صار فرض عين عليهم بالخصوص.

أما المعنى الثالث فيسميه  التونسي  حرية المطبعة" وهو ألَا يُمنع أحد منهم (الأوربيون) أن يكتب ما يظهر له من المصالح في الكتب و(الجرنالات) أي الجرائد التي تطلع عليها العامة أو يعرض ذلك على الدولة والمجالس ولو تضمن على سيرتها. وفي هذا المقدار إفترقت الممالك الأورباوية، فمنهم من ناله مع الأول، فتمت له الحُرية المُطَلقة، ومنهم من ناله بشروط مُعتبرة عند الملوك التي لم تُرخص لرعاياها ما تيسر لغيرها إعطائه من الحقوق".

أما أهم ما جناه الأوربيين من الحرية، فهو كما يقول التونسي "تسهيل المواصلة بالطرق الحديدية وتعاضد الجمعيات المتجرية ( المؤسسات الإقتصادية) والإقبال على تعلم الحرف والصنائع، فيقول: "أن البلدان التي أرتقت الى اعلى درجات العمران هي الت تأسست بها عروق الحرية والكونيستيتوسيون المُرادف للتنظيمات  السياسية فاجتنى أهلها  ثمارها بصرف الهمم الى مصالح دنياهم المُشار الى بعضها. ومن ثمرات الحرية تمام القدرة على الإدارة المتجرية، فأن الناس أذا فقدوا الأمان على اموالهم يضطرون الى أخفائها فيتعذر عليهم تحريكها. وبالجملة، فالحرية إذا فُقدت من المملكة تنعدم منها الراحة والغنى ويستولي على أهلها الفقر والغلاء ويضعف إدراكهم كما يشهد بذلك العقل والتجربة".

المثقف والسلطة السياسية

يرى التونسي أن الأمة التي تُريد التقدم لا يمكن لها أن تُحققه في حال وجود عزلة بين المثقف والسياسي، وكلمة المثقف هنا تحمل كل تمظهراتها وتنوعاتها، أما السياسي فهو من يمتلك القرار في إدارة الدولة، والدولة تُدار بانتظام بـ"طائفة من الأمة مُلتئمة من حملة الشريعة ورجال عارفين بالسياسات ومصالح الأمة  ... (و) ومخالطة العلماء لرجال السياسة  بقصد التعاضد من أهم الواجبات شرعاً لعموم المصلحة وشدة مدخلية الخلطة المذكورة في إطلاع العلماء على الحوادث التي تتوقف إدارة الشريعة على معرفتها ومعلوم أن ما لا يتم الواجب إلَا به فهو واجب... فالعالم إذا إختار العُزلة والبعد عن أرباب السياسة فقد سد عن نفسه أبواب معرفة الأحوال المُشار إليها وفتح أبواب الجور للولاة لأنهم إذا إستعانوا به فإمتنع صاروا يتصرفون بلا قيد".

ومن الضروريات في بناء الدولة عند التونسي هو أن يمتلك رجل الدولة الخبرة والدراية والإستعداد والمعرفة والتدرب على الأمور السياسية، يستدعي هذا الأمر منه "معرفة أهل الخبرة والنجدة من رجال المملكة لينتخبهم للخطط المعتبرة ... فإن سعادة الممالك وشقاوتها بقدر ما تيسر لملوكها من ذلك وبقدر ما لها من التنظيمات السياسية المؤسسة على العدل ومعرفتها واحترامها من رجالها المباشرين لها "

فضل العرب والمسلمين على الغرب

يرى التونسي أن فضل العرب والمسلمين بين على باقي أمم العالم وهم كانوا أهل التمدن والتحضر لأن تمدنهم كان الأسبق زمنياً من تمدن أوربا اليوم  وهذا بشهادتهم (الأوربيون) أنفسهم وليس بشهادة العرب، والتمدن العربي كان سبباً في القضاء على تخلف الأوربيين في القرون الوسطى، فقد مهد العرب لتنمية الوعي الغربي بقيمة العلم النظري اليوناني والتجريبي العربي في الطب وعلوم الكيمياء والطبيعيات، فصاروا سبباً من أسباب انقشاع سُحب البربرية في أوربا حينما "إختل نظامها بفتوحات المتوحشين ورجعوا الى الفحص عن ينابيع الحكمة القديمة... (و) العرب خلقهم الله ليكونوا واسطة بين الأُمم المُنتشرة من شواطئ نهر الفرات إلى الوادي الكبير في إسبانيا وبين العلوم وأسباب التمدن فتناولتها الأمم على أيديهم لأن لهم بمقتضى طبيعتهم حركة تخصهم أثرت في الدنيا تأثيرا لا يشتبه بغيره " " ومخالطة الأورباويين للأمة الإسلامية المتقدمة عليهم في التمدن والحضارة، كان إبتداء التمدن عندهم".

ولكن الدولة العربية الإسلامية أخذت بالتراجع حينما "إنقسمت الى دول ثلاث الدولة العباسية ببغداد والمشرق ودولة الفاطميين في مصر وأفريقيا ودولة الأمويين في الاندلس  ثم تكاثر الحروب الداخلية وانقسمت تلك الدول "

موقفه من الدين

يحاول التونسي أن يبني موقفاً متوازناً من الدين، وهو في طيات كتابه " أقوم المسالك" يُريد أن يُبين موافقة الشريعة للعلم، وأين ما كان العلم فالواجب الإطلاع عليه ومعرفته وأخذ ما يُستحسن منه، ولكنه في موضوعة الربط بين السياسة والدين نجده أكثر ميلا للقول بفصل الدين عن السياسية، ويضرب لنا مثلا يستحسن به هذا الموقف من الديانه المسيحية إذ يقول: "الديانة النصرانية ولو كانت تحث على إجراء العدل والمساواة لدى الحكم لكنها لا تتداخل في التصرفات السياسية ... والخلل الواقع في ممالك البابا كبير الديانة النصرانية لإمتناعهم من الإقتداء بالتراتيب السياسية المعتبرة في بقية الممالك الأورباوية ... وإنما بلغوا تلك الغايات (أي الأوربيين) والتقدم في العلوم والصناعات في التنظيمات المؤسسة على العدل السياسي".

 

د. علي المرهج

..............

المصادر

خير الدين التونسي : أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق معن زيادة ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط 2، 1985 من ص 145 الى   ص 263  ، وهذه الصفحات هي أصل كتاب أقوم المسالك ،أما الصفحات التي قبلها فهي دراسة وتحقيق عن الكتاب للدكتور معن زيادة.

 

في المثقف اليوم