شهادات ومذكرات

وفاة المُفكر السوري "طيب تيزيني" في مدينته الأم

909 الطيب تيزينيتوفي المفكر السوري طيب تيزيني بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 85 عامًا، في مسقط رأسه ومدينته حمص وسط سوريا.
ونعت عائلته إلى جانب مجموعة من المثقفين السوريين تيزيني، الذي يعتبر واحدًا من كبار المفكرين في العصر الحالي، في وقت متأخر من ليلة الجمعة 17 من أيار.
ولد طيب تيزيني في مدينة حمص سنة 1934، وحصل على درجة الدكتوراه في ألمانيا سنة 1967، ودرس الدكتوراه في العلوم الفلسفية سنة 1973.
ويعود مؤلفه الأول لعام 1971، وهو “مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط”، الذي نشره باللغة العربية.
وله مؤلفات كثيرة على رأسها “من التراث إلى الثورة- حول نظرية مقترحة في التراث العربي” 1976، و”الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى، مشروع رؤية جديدة للفكر” والذي نشره عام 1982

الكثير من المؤلفات الخاصة بطيب تيزيني هي مشاريع فكرية صادرة ضمن سلاسل.
نشر التيزيني خلال حياته مئات الدراسات حول قضايا الفكر العربي والعالمي، وشارك في المؤتمرات العربية والإقليمية والدولية والعالمية.
انتخب عام 2001 عضوًا في لجنة الدفاع عن الحريات في الوطن العربي بالعاصمة المصرية القاهرة، وأسهم في نهاية عام 2004 بتأسيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية).
اختير تيزيني واحدًا من أهم مئة فيلسيوف في العالم، سنة 1998، وفق تصنيف مؤسسة كونكورديا الفلسفية الألمانية الفرنسية.
والدكتور طيب تيزيني (1934- مايو 2019[1]) هو مفكر سوري، من أنصار الفكر القومي الماركسي، الذي يعتمد على الجدلية التاريخية في مشروعه الفلسفي لإعادة قراءة الفكر العربي منذ ما قبل الإسلام حتى الآن.
و مشروعه الهام من التراث الى الثورة يقدم برقت مبكر اعادة جرد لحساب الخط الجدلي و صراعه مع الخط المحافظ و الجامد في شروط تكوين العقل و التعبير الاجتماعي عند العرب.
يجمل المرحوم البنود الأساسية لمشروعه الجديد بالنقاط التالية:
١- انه غير مطلق و لم يبدأ من نقطة الصفر.
٢- الحدود التاريخية للمشروع توجه حركته و منطلقاته على المستوى النظري و المنهجي.
٣- الفكر العربي حقل بكر جاهز للتنقيب بسبب تراكمات المعتقدات السلفية و دورها في اخفاء الحقيقة.
و يضيف: ان الطبقة المهيمنة من الكومبرادور التجاري و العسكري هي التي حولت تراثنا لمراحل صامتة. و علينا ان نحفر في هذا المجال واضعين بعين الاعتبار تمييز المجتمعات الطبقية عن المجتمع اللاطبقي الاشتراكي.
ويخصص الدكتور تيزيني مؤلفا كاملا لنقد التصورات البنيوية للعقل العربي، عموما، ولتصورات الدكتور محمد عابد الجابري خصوصا، هو(من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي – بحث في القراءة الجابرية للفكر العربي وفي آفاقها التاريخية). وذلك لأنه يعتبر أن هذه التصورات، نظرا لشيوعها وانتشارها، تمثل أحد العوائق الأساسية لفكر النهضة العربية. وهو ينقض أساسها الفكري والمتمثل في التصورات البنيوية غير التاريخية للعقلية العربية المبنية على تصورات صورية منطقية منقطعة عن الواقع. كما ينقض تحليلاتها المتعددة.
القضية الثانية التي واجهها الدكتور تيزيني هي كيفية قراءة الفكر الديني عموما، والقرآن خصوصا. في حوار بعنوان "الإسلام والعصر – تحديات وآفاق" بالاشتراك مع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، يطرح تيزيني موقفه من هذه القضية. فيطرح أولا، تصوره وتحليلاته للتعددية في قراءة القرآن وفهمه.
ولعلنا نلاحظ أن تحديد (الوجه الحسن) للقرآن الكريم ليس مهمة نصية ذاتية يتفق عليها الفقهاء أو يختلفون، دونما أخذ الجديد الفتي والعتيق الهرم من التطور التاريخي البشري بعين الاعتبار.
ومن شأن ذلك ألا يسمح بالقول: إنه "حين يكون الواقع مناقضا للإسلام فإنه لا يجوز تأويل الإسلام حتى يتفق مع الواقع لأن ذلك تحريف للإسلام".
وإذا وضعنا في اعتبارنا أن في القرآن الكريم حوالي ستة آلاف آية "ليس منها مما يتعلق بالأحكام إلا نحو مائتين (وأن) بعض ما عده الفقهاء، آيات أحكام لا يظهر أنها كذلك"، اتضح لنا أن هذا الكتاب (أي القرآن) هو – في أساس الأمر – "كتاب هدى ورحمة وبشرى وموعظة واطمئنان للمسلمين"...إنه كتاب مودة وأخلاق، يقول كل شيء ولا يقول شيئا، ولكنه يترك للبشر أن يضبطوا مفهومي المودة والأخلاق ويجعلوا منهما حالة تحفل بالحياة البشرية المشخصة؛ وإنه كتاب معاملات وأحكام وعقائد، ولكنه لا يملي على البشر كيف يفهمون – بالمعنى الدلالي – ذلك ويدرجونه في منظوماتهم الأيديولوجية والقيمية إدراجا وظيفيا، وبحدود العلاقات الاجتماعية السائدة، وتحت مفعول الإرث السوسيوثقافي والاعتقادي والجمالي والنفسي، إضافة إلى الشرط الإثني (الأقوامي) والحضاري الفاعل في حينه؛ وإنه كتاب عدالة ومساواة، ولكنه يترك للناس أن يحددوا ذلك ويضبطوه وفق شروطهم الاجتماعية التاريخية والمعرفية؛ وهو كتاب يحث على التقدم الاجتماعي والعلمي، ولكنه يقر – في ضوء قراءة محددة له – بآليات وقانونيات هذه العملية الخاصة ويدع العلماء والمختصين أسيادا في مجالهم هنا..ألخ.
أما القضية الثالثة التي يعالجها الدكتور تيزيني فهي الشروط اللازم تحققها لتحقيق النهضة. ولأن أحد هذه الشروط، من وجهة نظره، ظهور إنتاج فلسفي عربي جديد، يطرح الدكتور تيزيني في "أفاق فلسفية عربية معاصرة" بالاشتراك مع الدكتور أبو يعرب المرزوقي تصوراته بخصوص احتمالات مثل هذا الإنتاج الفلسفي العربي.
ولد الدكتور طيب تيزيني في حمص عام 1934، تلقى علومه في حمص ثم غادر إلى تركيا بعد أن أنهى دراسته الأولية ومنها إلى بريطانيا ثم إلى ألمانيا لينهي دراسته للفلسـفة فيها ويحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة عام 1967 أولاً، والدكتوراه في العلوم الفلسفية ثانياً عام 1973، عمل في التدريس في جامعة دمشق وشغل وظيفة أستاذ في الفلسفة حتى وفاته.
وقد شارك في العمل السياسي قبل سفره خارج سوريا للتعليم، يوجز هذه المشاركة في حوار له بجريدة الراية كما يلي: "في الحقيقة هنالك بعض الجذور التي تشدني إلي السياسة فكراً وممارسة، فلقد أسهمت في بعض الأحزاب اليسارية التي نشأت في سوريا لفترة زمنية كنت بعدها أعود إلي العمل الفكري خصوصاً بصيغة الفكر السياسي، لذلك فالتجارب التي عشتها في أحزاب سياسية معينة كانت تقدم لي تجربة عميقة، سعيت وأسعى إلي التنظير لها في إطار الفكر السياسي العربي، وقد تعمق هذا الاتجاه لدي حين لاحظت ضرورة العودة إلي الفكر السياسي العربي في التاريخ العربي علي نحو العموم، فكتبت مثلاً بعض كتاباتي التي امتزجت باهتمام عميق بالسياسة وبالفكر السياسي" (حوار - الراية).
حصل الدكتور طيب تيزيني على درجة الدكتوراه من ألمانيا عام 1967 في أطروحة معنونة "تمهيد في الفلسفة العربية الوسيطة" والتي نشرت بالألمانية عام 1972. ثم حصل على الدكتوراه في العلوم الفلسفية عام 1973. وقد تبلورت أطروحته باعتبارها نواة لمشروع فلسفي عند نشر كتابه الأول باللغة العربية وهو "مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط" عام 1971 الذي طبع بعد ذلك خمس طبعات. حول الدكتور تيزيني بعد ذلك أطروحته إلى مشروع متعدد المراحل مكون من 12 جزءا، في هذه المرحلة أنجز أعمالا منها "الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى" (1982)، و"من يهوه إلى الله" (1985)، و"مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر" (1994). وقد أنجز الدكتور تيزيني ستة أجزاء من هذا المشروع قبل أن يتحول إلى التركيز على قضية النهضة. وتركزت المرحلة الثانية في فكر الدكتور تيزيني، والتي بدأت تقريبا عام 1997، على معالجة عوائق النهضة العربية سواء في فكر الذات أو تلك الناتجة عن الحضارة الغربية. وفي هذه المرحلة أنجز أعمالا منها "من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي" (1996)، و"النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة" (1997)، و"من ثلاثية الفساد إلى قضايا المجتمع المدني" (2001). ويمكن القول بوجود سمتين هامتين أساسيتين للتحول الفكري في مسار الدكتور تيزيني، على الرغم من احتفاظه بالفكر الماركسي كمرجعية فلسفية. الأولى هي التخلي عن الطرح الماركسي التقليدي القائل بأن عملية التحول المجتمعي تقوم على صراع الطبقات، واستبدالها بالاعتماد على الطيف الواسع للمجتمع ككل. والثانية هي استبدال استبعاد الفكر الديني الإسلامي من عملية التحول المجتمعي، الذي هو جزء طبيعي من الفكر الماركسي، بأهمية فهم التجربة الدينية الإيمانية من الداخل وتأثيرها في إنجاز التحول المجتمعي.
صدر أول كتاب له باللغة الألمانية عام 1972 بعنوان” تمهيد في الفلسفة العربية الوسيطة” وقد جرى اختياره واحداً من مئة فيلسوف في العالم للقرن العشرين عام 1998، من قبل مؤسسة Concordia الفلسفية الألمانية الفرنسية.
ثم توالت اصداراته ومن أهمها:
-مشروع رؤية جديدة للفكرالعربي في العصر الوسيط
-روجيه غارودي بعد الصمت
-من التراث إلى الثورة
-حول نظرية مقترحة في قضية التراث العربي
-الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى
-من يهوه إلى الله (جزأين)
-مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر
-النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة
-من اللاهوت إلى الفلسفة العربية الوسيطة (جزأين)
-في السجال الفكري الراهن
-فصول في الفكر السياسي العربي
-من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي
-بحث في القراءة الجابرية للفكر العربي
-الإسلام والعصر (مشترك)
-نحو فلسفة عربية معاصرة
-على طريق الوضوح المنهجي
-من ثلاثية الفساد إلى قضايا المجتمع المدني
-بيان في النهضة والتنوير العربي
-حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث.

 

في المثقف اليوم