شهادات ومذكرات

صادق السامرائي: رموز رحّالة الأمة!!

أولا: أحمد بن فضلان

أول مرة سمعت بإسمه عندما سألني أحد الأساتذة الأجانب عنه، وهل شاهدت فلمه، ووجدتني أجيبه بإستحياء، وأظهرت له عدم قدرتي على تزويده بمعلومات، فهو يعرفه وأنا لا أعرفه، وشاهد فلما عنه، وأنا من الجاهلين به.

وحينها قررت أن أبحث عن أحمد بن فضلان، فوجدته من الرحالة المولودين في بغداد، وولادته غير واضحة التأريخ،  لكن المدوّنات تذكر أنه عاش في القرن العاشر الميلادي، وعاصر المقتدر بالله (283 - 319) هجرية، وهو الذي أرسله في بعثة لبلاد الصقالبة (البلغار)، بموجب طلب من ملكها للتعريف بالإسلام، فهو الذي أسلم وطلب من يفقهه في الدين، ويبني له مسجدا ومنبرا ويساعده على نشر الدين في بلاده، وحول ذلك نسجت قصص كثيرة.

وغادر بغداد في شهر صفر (309) هجرية، ووصل بلاد البلغار في محرم (310) هجرية، ودوّن رحلته بتفاصيلها، والتي إستمرت أحد عشر شهرا، فكتب عن أحوال البلاد التي مر بها، وما إلتقطته ملاحظاته الثاقبة عنها.

ثانيا: أبو الحسن المسعودي

أبو الحسن إبن علي المسعودي الهذلي (283 - 346) هجرية، عالم ومؤرخ ورحالة ورائد نظرية الإنحراف الوراثي.

يذكر في كتابه عن بحّار مسلم  أنه أول من قطع المحيط الأطلسي وأول من إكتشف أمريكا، وإسمه خشخاش بن سعيد بن أسود.

يعرف المسعودي بهيرودوتس العرب، كنيته أبو الحسن ولقبه قطب الدين، وهو من ذرية عبدالله بن مسعود، وإشتهر بكتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر"، بأربعة أجزاء.

ثالثا: إبن حوقل

أبو القاسم محمد بن حوقل، ويكنى بالحوقلي، الموصلي، أو البغدادي، كاتب وجغرافي ومؤرخ ورحالة وتاجر.

وكان من أشهر الجغرافيين والرحالة المسلمين الذين كتبوا عن بلاد المسلمين شرقا وغربا، ومن كتبه "المسالك والممالك" (صورة الأرض)، يصف فيه رحلاته التي إنطلقت سنة (331) هجرية.

وأهم ما يتميز به تتبعه الدقيق للأسواق والمدن والقرى وما فيها من معالم عمرانية، ويُقال أنه أمضى أكثر من ثلاثين عاما في ترحاله.

رابعا: محمد بن أحمد شمس الدين المقدسي

أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر المقدسي، رحالة مسلم ولد في القدس  سنة (336) هجرية  وتوفي سنة (380) هجرية، وله عدد من المؤلفات في المواضيع الدينية.

وكتابه في الرحلات عنوانه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم".

ويُذكر أنه هندس شوارع عكا وبنى ميناءها في زمن إبن طولون.

خامسا: أبو عبدالله الإدريسي

محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريسبن يحيى بن علي بن حمود الإدريسي (493 - 560) هجرية، ويكنى بأبي عبدالله، ويعرف بالشريف الإدريسي، ولد في سبتة في المغرب،  وإشتهر بكتابه "نزهة المشتاق في إختراق الآفاق".

إشتهر برسمه لخارطة العالم تلبية لدعوة  ملك صقلية ، فصنع نموذجا كرويا من الفضة للأرض وحفرت عليه الأقاليم السبعة، وقد رسم سبعين خريطة في حياته، وزار العديد من البلدان في بلاد الأندلس وأوربا وأفريقيا.

ولا ننسى أن لديه إهتمامات طبية ونباتية وأدبية.

سادسا: إبن جبير الأندلسي

أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني المعروف بإبن جبير الأندلسي، ولد في بلسية سنة (540) هجرية، وهو جغرافي ورحالة وكاتب وشاعر أندلسي.

وسجل رحلته التي إستغرقت سنتان وثلاثة أشهر في كتابه "رحلة إبن جبير"، وله ديوان شعر "نظم الجمان في التشكي من إخوان الزمان"، ويوصف بأنه "كان أديبا بارعا، شاعرا مجيدا، سري النفس كريم الأخلاق"

وتوفي في الإسكندرية سنة (614) هجرية.

سابعا: إبن بطوطة

أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد الطنجي، المعروف بإبن بطوطة، ولد في طنجة (703 - 779) هجرية، رحالة ومؤرخ وقاضي و خصوصا في جزر الملديف التي سكنها وتزوج فيها عددا من النساء، وقد زار أربعين بلدا، وقطع (117000) كم.

وكتابه المشهور "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، وهو من أشهر الرحالة في تأريخ المسلمين، وطغت شهرته على غيره، حتى صارت تضرب به الأمثال.

زار المسجد الأقصى وقال عنه : "وهو من المساجد العجيبة الرائقة الفائقة الحسن، يُقال أنه ليس على وجه الأرض مسجدا أكبر منه"

وزار البصرة وبغداد بعد دمارها ووقف على ما تبقى من آثارها.

ويمكن القول أنه كان مغامرا في جولاته ومتحديا ومقداما، ويتمتع بذكاء متميز وبشاعرية عالية.

ثامنا: أحمد محي الدين بيري

جغرافي ورحالة ومستكسف ومحارب وأديب عثماني\ تركي، عاش بين القرنين السادس والسابع عشر، ولد في مدينة جاليبولي جنوب إسطنبول، ومات غرقا في إحدى الحملات البحرية التي كان يقودها.

رسم خريطة العالم وأشار إلى إكتشاف أمريكا، ويبدو أنه كان موهوبا ولديه قدرة معرفية فائقة في علوم الجغرافية والبحار، وأكتشفت خرائطه العجيبة في سنة 1929.

تاسعا: إبن ماجد

أحمد بن ماجد بن محمد  النجدي (821 - 903) هجرية، ملاح وجغرافي عربي من رأس الخيمة، برع في الفلك الملاحة والجغرافية، وهو من أشهر الملاحين في المحيط الهندي والخليج العربي والبحر الأحمر، وأسهم بتطوير البوصلة، وبإضافة قياسات فلكية دقيقة، وهو "أسد البحار بلا منازع".

ومن مؤلفاته : "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد، موسوعة شعرية عن نمط الرياح الموسمية، خريطة النجوم، سواحل المحيط الهندي، الشعاب المرجانية، التيارات البحرية، وغيرها.

ويذكر أنه أرشد فاسكو دي كاما إلى رأس الرجاء الصالح وربما ساعده في إكتساف أمريكا.

عاشرا: سليمان المهري

سليمان بن أحمد بن سليمان المهري (1480 - 1550) ميلادي، ربان بحري وعالم فلكي عربي، من مدينة الشحّر على الساحل الجنوبي لحضرموت، يلقب بمعلم البحر، عاصر أسد البحار (إبن ماجد)، وهو تلميذه، وأخذ العلم من مؤلفاته.

ومن مؤلفاته: المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر، قلادة الشموس وإستخراج قواعد الأسوس، تحفة الفحول في تمهيد الأصول، شرح تحفة الفحول في تمهيد الأصول، العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية، الأرجوزة السبعية وغيرها.

وددت في هذا المقال المختصر المكثف أن أشير إلى أنوار الأمة الساطعة في البحار والترحال، وكيف إستطاعوا المساهمة في صناعة الدنيا ووضعها على جادة الإنطلاق العلمي المطلق.

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم