نصوص أدبية

الصوم جُنـَّة

نور الدين صمود

شهرُ الصيام يَــزيدُ القلبَ إيمانـَا*ويغمر الروحً إشفاقــًا وإحسانـَا

ويزرع الخير في كل القلوب، ومَنْ*يحصدْهُ يزددْ من الرحمن قربانا

والصــومُ في كل ديـــن كان تـَنـْـقِـية ً*لـكل قــلب حبــاه الله إيـــمانـَا

وكـُنـْـهـُـهُ تــَرْكُ ما تهْوى النفوسُ، ومَنْ*يَصُمْـه فرضًا يزدْه اللهُ إحسانـَا

والصومُ تركٌ كما (العذراءُ) قد نذرتْ* لله صومًا وزادت فيه كتمانـَا1)

يا رَبِّ وَجِّــهْ قلوب الناس قاطبة ً*إلى المَــحَـبَّـةِ، كي تزداد تـحْـنـانا

واسْـلـُكْ ذوي الخير في درب الهُدَى، فلقدْ*ساروا عليه، زرافاتٍ ووحْدانا

يجوع فيه غنيُّ القوم محتسبا**لكيْ يُحِسَّ بمــنْ قد بات غـَـرثانا2)

ويصْرف الشهْـرَ يتلو الآيَ مُتـَّبـِعًا*لِلـُبِّ ما أنـــزل الرحمــن تِـبْـيانـَا3)

فيه التـَّطـَهُّرُ من كـُلِّ الذنوب، ومَنْ*يَـفـُـزْ بذا، نال يوم الحشر غـُـفـْرانا

وكلُّ مَنْ رَضِيَ الرحمنُ سِيرتَهُ*يلقى على الحوض في الفردوس رضوانا

يسقيه من مائه كأسا مشعشــعـــة ً*بهــا يظــــل، بدار الخلد، رَيـّانا

يا مُنـْشِئَ الـخـَوْخِ والتفاح من زهَـرٍ ٍ*وكــاسِيًا ببديع الــزهْــر ِأغصـانا

ومبدعًــا لعناقيدِ الكرومِ بـَدَتْ*مــثـل الثـــريات أشـــكــالا وألــوانــــا

في  شكل (قارتنا السمراء) ناضجة ً*تـَظـَلُّ تلـمَـع بـِيــضانا وســودانا4)

فبعضُه عِـقـْدُ فـَيْروز ٍ لـزُرْقــَـته*والبعض شابه في الألوان مَــرْجانا

الرازقيُّ به الرزاق يرزقـــنا*والأصفــرُ الذهبـِيُّ اللــون قـــد بــانــا

كأنه عِقـْدُ تِـــبْــر ٍلاح منتظِمًا*مثل الهـِلال لذات النحــرِ قــد زانـــا

أوْ ذوْبُ وردٍ له في الأفـق شعشعة ٌ*أظلُّ منه، مدى الأيامِ، نشوانـَا

كـُلُّ الثـمار تنــادينا وتغمِــزنا*لكنْ نـَغـُضُّ، عن الــلذات، أعـــيانَـا5)

ونرتجي لِـذوي الإحسان مغفرة*جزاءَ صــوم ٍ عن اللـــذات ألوانا

فارْزُقْ إلهي الذي قد صام محتسبًا*في جنة الخلد، تفاحا ورمّانا

وامْـنَحْهُ ما لم تكن عينُ الورى بَصُرَتْ*أمثالـَه طول عيش ٍ كان ما كانا

شـَـهْــرٌ  بـِهِ ليلةُ القـَدْر التي فـَضُلـُت*في ظلها أنزل الرحمنُ فـُرقانـا6)

بين الظلام وبين النور يكشفه*ويجعل العقل في الضدَّيْــنِ سلطانـَا

يا ليلة القـَدْر ِ في شهر الصيام لقــد*جـــاوزتِ ألفـًا بها نزداد إيمانا

ومَنْ يقمْ ناسكا فيها ســيمـنحهُ*رَبُّ السماء وربُّ الأرض غفــرانـَا

(صوموا تصِحُّوا) كما قال النبي لمن*أتوه يبغون في الإيمان إيقانـَا

(وسافروا تغـْـنموا) فالأرض واسعة ٌ*والله يكلِــؤكمْ سَيْرًا ورُكبانـَا7)

فالصوم ليس بجوع، بل عبادةُ مَنْ*قد أشبع القلبَ والوجدانَ إيمانـَا

 

أ‌. د: نورالدين صمود

...............................

هوامش وتعليقات:

1) العذراء: مريم أم يسوع .

2) غرثان: جوعان.

4) شكل القارة الإفريقية يشبه شكل عنقود العنب، ومنه الأصفر كثريات الذهب، والرازقي الأسود.

5) العيْن: جمعها أعيُن وعُيون وعِيون وأعيان. وغـَضُّ العيون عن الثمار وعدم تناولها للصوم عبادة.

6) أشار تعالى إلى بداية نزول القرآن في أول سورة القدْر: (إنا أنزلناه في ليلة  القدْر ليلة القدر خير من ألـْفِ شهر  ...)

7) (سافروا تغنموا وصوموا تصحوا) حيث نبوي

 

 

في نصوص اليوم