نصوص أدبية

الشتاء والحرب

جابر السودانيالفتيةُ القرويونْ.  

يلتحفونَ الغبشَ في مساءاتِ

الحروبِ الباردةْ. 

وينامونَ بانتظارِ حلمٍ لا يجيءْ.

لا حلمَ في عيونِ من تشردوا

ولا رؤىً ورديةَ المزاجِ

في غفوةِ الحروبِ القلقةْ.

كحيرةِ الترقبِ المملْ

تساقطتْ في بئرِ صمتِـكَ الهواجسُ

كحسرةِ الغريبِ ساعةَ الغروبْ. 

تستهلُّ ليلكَ المخيفَ بالظلامْ.

من أينَ لكَ أن تجيءَ بشمسٍ أخرى

تزجي بها كآبةَ الحراسةْ.

مملةٌ نوبةُ الحراسةْ.

وطويلٌ مدى الرصاصةِ الطائشةْ.

تجيءُ دونَ موعدٍ في الظلامْ .....

أرواحُ الجنودِ الميتين.

تأوي إلى أعرافِ المآذنِ والنخيلْ.

تشاطرُ العصافيرَ أحلامَها القلقةْ.

لكنها دائما لا تنامْ.

تحومُ فوقَ صحراءَ البلادِ الشاسعةْ. 

أسرابا من الأنينِ والوجعْ.

تجترُّ صدى الرصاصِ المباغتِ

يشقُّ صمتَ الظهيرةِ كل يومْ.

ويعتريها دبقُ النزيفِ

ساخنا رغم شتاءِ العـراقْ ..... 

 *

بين السماءِ وبينكَ

مجراتٌ من السديمِ المشتعلْ.

ما أفضتْ بخطوِ احدٍ قبلَ خطوِكَ

إلى بوابةِ العرشِ العظيمْ.

ونبرةُ التهجدِ، في دُعائكَ الحزينْ.

فريضةً عديمةَ الفائدةْ.

إنها ليست براقاً تمتطيهِ

إلى اللهِ لتنجو

اللهُ بعيدُ جدا

ومحاطٌ بحشدٍ من الفزعِ الجسيمْ.

لا قبلَ لكِ مطلقاً، بأوارِهِ المشتعلْ.

فاخسأ بما أنتَ فيهِ ميتاً

أو انتفضْ لعلكَ تنجو

لا خيارَ أمامكَ

سوى أن تموتَ قابضا

على زمامِ

وجهتِكَ المسافرةِ إلى السماء. 

***

جابر السوداني

 

في نصوص اليوم