نصوص أدبية

قِنديلُ بَحرٍ..

اسماء شلاشوحكاياتُ العبورِ إلى دَمَي..

أدمتْني تلكَ الحكايةُ..

والليلُ أغلقَ بابَهُ..

وعلى جسدي يمشي الوطنُ الجريحِ كظلهِ..

وبينَ الفصولِ ضاعتْ صرخَتي..

أكفِّن الآهاتِ بالغيمِ الرَّخيمِ...

وعابرٌ بردائِه يرسمُ نشوتي..

الحريَّة على كلِّ بابٍ..

تقولُ ساعاتُ الصَّباحِ بعدَ الصّفرِ تماماً..

فافتحْ ذراعيكَ لروحي...

فالوطنُ حقلُ أحلامٍ يفجِّرُها الثائرونَ على حصةِ البحرِ..

ولونُ الفجرِ أضغاثٌ على الدَّم...

لم يهترِئْ  نعاسُنا,

لكنْ مللْنا القداسةَ في حضورٍ معتمٍ..

لي ظلُ غيمٍ عابثٍ,

وسحابةٌ للريحِ والأوهام..

خذْني إلى وطني..

أريدُ شوقَهُ..

لقدْ صار انتظاري عالماً..

يقولون: "صغيرةٌ أنتِ على الحزنِ..."

لا..لا..لاتظنوا ذلكَ,

فالحزنُ وسادَتِي..

وسكونٌ في ليلِ الجائعينَ يوقدُ صبرَهُ..

أحبُّهُ..

هذا الوطنُ أحبُّهُ...!

ولم يبقَ مِنْ عهدِ اللجوءِ إلا دمي فاعبروا فوقَهُ

وصفحةٌ من معالمِ الانشاءِ في زمنِ الهشاشة..

آهٍ..جميلةٌ تغريدةُ البلابلِ على حُطامُ الحكاية..!

ملأتُ اناءَكَ غاراً فابتعدْ..

هيا ابتعدْ..!

 كي يحيا مِنْ بعدِ غيابِكَ هذا الوطنُ المتعبُ

    2--

قنديل بحر وثورة..

أطفأَ البحرُ قنديلَهُ..

لكنَّ السفينةَ عبرَتْ..

وموانئُ الدَّمِ مالحةٌ هنا..

والسكاكين أمطرتْ " وطناً "...

والثائرونَ تفاقموا..والحزنُ يكحِّل ليلنا

ملحُ الدم...يزلزلُ " زلزالَ الطغاةِ "..

والليل يتدحرجُ على شعشعةِ المصابيح..

وحولَ " الحرية " سياجٌ من دمٍ

أطفالٌ كالوردِ.. بريئةٌ عيونُهُم كالندى...

أجسادُهُم وطنٌ من ضحى الأبجدية..

لم أعرفْهُم..لأنَّهم ذبحوا اللحاظَ على صمتي...!!..

على رقابِهم ذبحةٌ يسري منها طيبُ النهاياتِ..

تؤجِّجُ شوقَ الحريّة,

وينطقُ الجرحُ كفمِ الصُّبحِ..

بأيِّ ذنبٍ هم يُذبَحونَ..؟

السفينة أبحرتْ..ولم يهدأ الشراع..

ولونُ الدمِ على المرساة فاقعٌ..

"ماذا"..؟

سكاكينُ من مطرٍ أسير...

حِرابٌ على الرقابِ ياوطني الذبيح..

وغزوةُ الأوغادِ والأحقادِ طاغية

نيرانا لم تكتملْ

نيرانُهم أوجاعُنا

هيا ارحلوا..!

لم يبقَ لكم إلا الجحيمُ..

هيا..

كلُّ الدّروبِ تعطَّلتْ أمامَكمْ..

هيا ارحلوا

    -3-

ذاتَ مساءٍ..

كانَ ايقاعُ المطرِ هامساً كلحظةِ اشتياقٍ ..

برقٌ ورعدٌ..

وتلكَ الريحُ ما برحتْ تهزُّ زنزانةَ الزهر..

كانَ للغيمِ لونُ الثَّورةِ..

وكانتْ الثورةُ مع الريحِ تكنِّسُ الطرقاتِ...

أمعنُ في أصابعي..

ربَّما رسمْتُهُ طيفاً عابراً تبخَّرَ على أفقِ القصيدةِ الجريحةِ...

تغيِّمُ الروحُ في ثورةٍ أو لوعةٍ..

كنا هنا......!

وكنتُ أوزِّعُ ملحَ دمي على جرحِ الأديمِ..

كأنِّي كنتُ هنا قبلَ ميلادِ اللاجئينَ على جراحي..

وكفِّي تمسكُ آخرَ خيطِهِ...

لاتبتعدْ..!

لاتبتعدْ كثيراً عن مكان يحرِّك التاريخَ بذيل قنديلٍ..

فهذا الوطنُ بين قلبين ووردتين....

جراحُنا مالحةٌ,

والزيزفون يزفُّ فوحَه..

تمرُّ الساعاتُ عقوداً من كواكبَ, فيتضاءلُ البحرُ على  جُرحِكَ..

لي وطنٌ...خبَّأتُهُ في كريَّاتِ دمي الحمراء...

يغتالُني بزهرةٍ كأنَّها الياسمين..

فتصرخُ شمعةُ الليل الأخيرِ:

قفْ أنتَ..!

أيُّها العابر على جسدِ الليل..

الآثمونَ قبلكَ خلعوا رداءَ الشيطنةِ,

وتبخَّروا في ثورةِ الحبرِ

قفْ حيثُ تمتدُ أسيراً في ضبابِ الخيبةِ..!

وهذا غدرُكَ الموحلُ تاريخٌ من أوجاعِ خيامِ الهاربين من النزيفِ..

أنتَ أنتَ...أيها النازفُ عشقاً..

لن تموتَ بطيفِ رصاصةٍ,

فأصابعُ الاتهامِ لليل تكلَّلتْ بغارِ نصرِكَ...

لوِّحْ  لي من خلفِ غيمة.. اني أفهمُ لغةَ الثائرينَ, فهمْ من ضلع أنوثتي

صبِّرْ أقدامك على أديمك...

لا رجوعَ الى جسدٍ فيه سكيّنُكَ...

نحتَتْني الريحُ جرحاً..

وأنتَ تبخَّرتَ في مدى قصيدتي الجاهلية..

***

أسماء شلاش

كتبتها للثورة عام 2012

 

في نصوص اليوم