نصوص أدبية

مرْثيةٌ.. يا ابنَ أبي

فاتن عبد السلام بلانأخي الحبيب أيمن، عامٌ مضى،

نمْ قريرَ العينِ والقلب،

 فروحكَ النقيةُ تحفّني بالسلام ..

***

في العاشرِ من كانونِ الثَّاني

 السَّماءُ تشاركنُي الحُزن

وفاةُ أيمن

**

عَـامٌ مَضَـى كَيْـفَ تَعـرَّى بَيْتُنَـا

مـَنْ رَمـَّدَ الْمَوَاقـدَ الْتشْتَعِــــلُ؟

 

إنِّي وَرُوحِي في اشْتِياقٍ مُحْرِقٍ

في أَيْسَري خَفْقٌ مَعِـــــي يَقْتَتِلُ

 

مَـا عَـادَ مِـزْمَـارُ غِنَـا يطـْربُنِـي

بِـابْـنِ أَبِـي وَجُرْحِـهِ أنْـشَغِـــــلُ

 

يـَرنُّ هَـاتِـفـي أَفــزُّ فَـرَحَـــــًا

أَهُـوَ أَيـْمَـنْـي الَّـذي يتَّـصـِلُ؟

 

 

نـَوْرَسـُهُ عـُمْـرٌ عَلـى شـَاهِـدةٍ

دَفَّـتُـهُ عَـنْ سَـفَـــرٍ تـَعْـتَـــزِلُ

 

ضَـبَـابُ ظِـلِّــهِ زَفِـيـرُ صُـورَةٍ

شَهِيـقُ أَحْدَاقـي بِهَـا يغْتَسِــــلُ

 

الرِّيحُ تعْوي في جُيِوبِ ثَوْبِهِ

وَبيْنَ كُـمْـيِّـهِ غَـدَتْ تنْتَـقِــلُ

 

أَشْجَـارُهـمْ تَـزيَّنَـتْ أَضْـوَيَـةً

والـنَّـاسُ مُبْتـهِـجــــةً تحْتَـفـِلُ

 

شَجَرَتـي تَسرْطَنتْ أَعْيادُهَــــــا

والنْبضُ في جَمْرِ النَّوى مُشْتَعِلُ

 

وَيَـتَشظَّـى طِينُـنَـــــــا مُنْكَـسـِرًا

"صبْرًا جَميلًا" أَتُـرَى نحْتَمِـلُ؟

 

بـِلا زَغـارِيــدٍ نَــزُفُّ أيـْمَـنــي

أَينَ الْعَريسُ أَيْنَـهُ المُحْتَفِـــــلُ؟

 

 

زَهَـا القُـرنْـفـلُ عَلَى أبْـيَـضِـهِ

وَوجْـهُــهُ مُبْـتَـسِـمٌ والْمُـقَــــلُ

 

بَدْرٌ مَضَى بيْنَ الثَّكالى غَافيًا

الْـخـدُّ وَرْدٌ والـشِّـفَـاهُ قُـبَــلُ

 

يَا لُـبَّ قَلْبِـي قَدْ كَسرْتَ قَلْبَـهُ

والْقلْـبُ فـي تُـرَابـهِ مُرْتَحـِلُ

 

يَا رمْشَ عَيْنِي أَيْمَني يَا بُؤْبـؤِي

وَالْعيْنُ نَامتْ في الثَّرَى والْأمَلُ

 

أَحْـرقْتَنِـي نَـارًا فَهَـذي غُـصَّـةٌ

أَقـْعـدْتَـنِـي بـَـــرْدًا وَذاكَ شـَلَـلُ

 

عِشْتَ الْكَريمَ بيْنَنا يا ابْنَ أبِــي

والْمـوْتُ كُـلَّ لـوْعَـةٍ يَخْـتَـزِلُ

 

مَا زلْتُ في تَواصُلٍ مَعْ رُوْحِهِ

فَطيْفُـهُ خَمْـرٌ وقَـلْبِـي ثَـمِـــــلُ

 

 

نَحْـنُ رُعَــاةٌ ، لِلتُـرابِ حِكْـمَــةٌ

مـِنْــهُ إلـيْــهِ .. دَوْرَةٌ تَـكْـتَـمِـــلُ

*

*

*

بخطوَاتِ أرَقٍ

 أحْرثُ ظَهْرَ غُرْفتي

فزَّاعةٌ تَكشُّ بُشْرى بُلْبلٍ

عنْ سلَّتي

هلْ أحْزمُ الذّكْرى

ويبْسٌ مفْسدٌ في حَقْلتي؟

قدْ دهْلزَ الشِّتاءُ كُحْلَ عتْمتي

شوارعًا موْجوعَةً

 أَرْصفةً مفْجوعَةً

وخطْوةً معْطوبةً

تأوَّهتْ على سما مِظلَّتي

ومزَّقَ الْفقْدُ سِتَارَ وحْدتي

رسائلاً بكَّاءَةً

زواجلاً عوَّاءَةً

وغُرْبةً مذَّاءَةً

فَفي هَزيعِ وحْشِها

تفضُّ سِتْرَ قوَّتي

يا وجَعي ونَزْفَ خاطري

ويُتْمَ وَتَرٍ بكى على ربَابتي

يا لوْعتي وابنُ أَبي

يُدشْدشُ الْبرْقَ طيوفًا

في هَزيمِ شتْوتي

في عامهِ كُلُّ الَّلظى

غَيْباتُهُ كَثيفةٌ ، رجْعاتُهُ حَليقةٌ

اِسْتأسَدتْ حمائمي

تأَرْنبتْ أَظافري

توطْوَطتْ دفاتري

تخشَّبتْ محابري

والشِّعْرُ فيهِ أَطْرشٌ

وأَحْدبٌ وأَلْثغٌ وأَكْتعٌ

ما نفعها وغبْرةٌ

قدْ عنْكبتْ قصائدي؟

يابُعْديَّ الرُّوحي ووِرْدَ خلْوتي

ومَددًا يَحجُّ ضوْءًا

في تُخومِ وَحْشَتي

وا أَيْمني اسْتذْأَبتْ أَشْياؤهُ

نظّارةٌ قدْ حَلَفتْ بعيْنهِ

وسَاعةٌ تشْتاقُ قمْحَ زنْدِهِ

سِتارةٌ، وِسادةٌ، وشرْشَفٌ

هلْ بُحَّ صوْتُ ليْلِهمْ

فوْقَ أَزيزِ تخْتِهِ ؟

ربَّاهُ ذي هَشَاشَةٌ

أَحْنتْ عِظامَ أَيْسري

وَمنْجلتْ حُقولَ عُمْرٍ أخْضرِ

وعصْفرتْ وَرْدَ عروقٍ

بشحوبٍ أصْفرِ

يا أَيْمني يا أَسْمري

يا حنْطتي وبيْدري

وقهْوتي وسُكَّري

يامِلْحةً وخُبْزةً تقرْمشتْ

بكمْشةٍ مِنْ زَعْترِ

يا ضحْكةً خلخالُها

يُراوغُ الرِّيحَ برقْصٍ برْبَري

وا أَيْمني رحيلُهُ

فَحيحُ ثلْجٍ في نُخاعِ مجْمري

وصعْقةٌ قدْ كهْربتْ

دمْعًا تعرَّى فوقَ سِلْكِ عُزْلتي

يا أَيْمني يا عْزْوَتي وخيْمتي

عليكَ أَنَّتْ غنْوتي ..

 

 

" يا أيمن بَعد عيني يا أيمن

لو دَريتْ بعمري كِنتْ فِديتو

الشاهد الله بروحي مغْتربه

شريان العيلة بكفّك گصيتو

يالعضيد شَعري أبَدْ ما حنّيه

وميل الكُحله بعْدك زتيتو

يالغالي مشْطك بَكى تِحسّف

وش أگول لغصن بيدك ربّيتو

يا أَيمن أَحلف وبربِّ السِّما

باب الدار بوجه الناس ردّيتو

يَسَّند موتك كِسرلي ظهري

حتى البيت بَعدك أني سدّيتو"

***

فاتن عبدالسلام بلان

 

 

في نصوص اليوم