نصوص أدبية

مصطفى علي: جوابي الصَعْبُ على سؤالِها الأصْعبْ

من وحْي حوارٍ عابرٍ بيني وبين ناقدةٍ حول

قصيدة الشطرين والقصيدة الحديثة بكلّ أشكالها.

***

يامُريداً

هلْ بَلَغْتَ الآن شأوًا

مِنْ تَرانيمِ القُدامى

وَفُتوحاتِ جيوشِ المُحْدِثينْ .

يَوْمَ صاروا سادَةَ الفَتْحِ وَ صِيدَهْ ؟

*

قِيلَ قد كانوا نَدامى

نادَموا أنْخابَ شيْخِ البصرةِ الوَزّانِ

والمزّاءَ ليلًا

بينما قد أنكَروا صُبْحاً وَقيدَهْ

*

رَتّلوا آياتِ أرْبابِ الرَوِيِّ المُنْتَقى

فَرْطَ إنْتِشاءٍ فالْقوافي كالغواني

نَصَبتْ من حَوْلِهمٍ أحلى مَكيدهْ

 *

ثمّ عادوا مَطْلعَ الصَحْوِ ولكنْ

دُونَ أجراسِ الخليلْ .

أَتُراهُمْ

أحْجَموا عن كَفّةِ الميزانِ

أم خانوا عَميدَهْ

*

قُلْتُ عُذْراً أيُّها الشيخُ الوَقورْ

شِرْعَةُ الأزمانِ ناموسُ العُصورْ

بعدها صلّى بصمتٍ دون آيات الوصايا

وَ نَعى الشيخُ مُريدَه ؟

*

هذهِ قارورةُ الوجدانِ

فإحذَرْ كَسْرَها

إن شِئتَ وإحذَرْ من نتوءات الشضايا

وَقُلاماتِ الخَريدهْ

*

قَلْعةُ الأسلافِ ذابتْ

في مرايا الروحِ عِطراً ،

كعْبةً جذلى وأطلالاً وطيدَهْ

*

إنْجَزتْ غاياتِها

وإستودعتْ آلائَها روحَ الزَمانْ

وَمُلوكُ الأمْسِ زَهواً

غَلّقوا أبوابَها

والمحاريبَ العَتيدَهْ

*

فَلِماذا

لَمْ يَزَلْ يُغْريكَ تَرْتيلُ

الحُداةِ الضاعنينَ العُمْرَ شَرْقاً

عَبْرَ بابِ الغيهبِ المجهولِ

في النفسِ العَنيدَهْ

*

أَبَلَغْتَ اليوْمَ مَرْسىً

من وراءِ العَوْمِ دَهْراً

في بُحورِ الشيخِ إلاّ

بينَ شَطْرَيِّ القصيدة ؟

*

أيْنَ أنتَ الآن قُلْ لي

هل لَدَيْكَ اليوْمَ ما يُغْني قليلًا

عن دِنانِ الأمْسِ خمْراً

أيْقظ الرُكْبانَ لمّا

أسْكَرَ الحادي وَ بِيدَهْ

*

لَسْتَ إلّا سارِقاً كأسًا قديمًا

من كُرومِ الموكبِ الأبهى

وقد أمضى دُهوراً

يعزفُ الأوتارَ حتى

أسمعَ النُدْمانَ في الدُنْيا نَشيدَه

*

لم تَكُنْ صوتًا جديدًا

بل صدى صوتِ الحُداةِ الغابِرينْ .

لم تكنْ يومًا سِوى

ظِلٍّ لآثارٍ تَليدَهْ.

*

فأهْجُرِ المألوفَ عَزْفاً

أو فَغادرْ

خيْبَةَ الغاوينَ وَهْماً

خلْفَ مَنْ هاموا سُكارى

بينَ ودْيانٍ خَديدَهْ

*

حارَ لا يَدْري جوابًا

وَتَقَلّى بأراجيحِ اللظى

ثمّ تمَنّى والمُنى حَرّى شديدهْ

*

فالقُدامى.

أوْرَثونا فيضَ آلاءِ الحَنايا دوحَةً

حيثُ فراديسُ القوافي

تحتَ أفياءِ اليَتيماتِ الفَريدهْ

*

والأُلى ساحوا طويلًا

رِفْقَةَ الضِلّيلِ تَوْقاً

لِفتوحاتٍ جديدهْ

*

غادرونا

إنّما هل غادَروا

من عصافيرِ البَراري

طائراً حتى نَصيدَهْ

*

وَذَواتِ الأعْيُنِ النَجْلاءِ

في وادي المَها

هل تركوها سارِحاتٍ

خلفَ جِسْرٍ في فؤادي

ساقَهُ الطوفانُ ليلًا

للنِهاياتِ البعيدهْ

*

فالخَيالاتُ الحُبالى

بِشُجيراتِ المَجازْ

وَفيوضاتُ الهوى العُذْرِيِّ

كلّا لنْ تُعيدَهْ

*

والسَماواتِ اللواتي أمْطَرتْ

دُرّاقَها الصَيْفِيَّ في البيداءِ

تأبى أن تزيدهْ

*

حَلّقوا فيها نُسوراً

حيثُ أسرابُ القوافي كالحَبارى

دونهم حيرى طريدهْ

*

أَمْ تُراهُمْ خَلّفوا

إِذْ خَلّفوا

في فضاءِ الروحِ والمنفى

غزالاتٍ شريدهْ

*

فإعتلى الصيّادُ فجرًا

صَهْوةَ الحَرْفِ المُقَفّى

عَلّهُ يصطادُ غيدَهْ

*

ليْتَ أشجارَ المَجازِ الطَلْقِ

في روضِ الرُؤى

ولّادةٌ في غابَةٍ لاتنتهي

فاللانهائيّاتُ آمادٌ مديدَه

*

والكَمَنْجاتِ حضورٌ ساطِعٌ في ليلتي

أوتارُها حُبلى بأنغامٍ وليدَهْ

*

ياسُراةَ الأمْسِ في وادي الغضى

مَنْ كانَ يومًا غاوياً

أمْسى يُغنّي نَخْبَ قافيةٍ وحيدَهْ

*

رُبَّما أدْماهُ صَمْتاً

خِنْجَرُ الفِقْدانِ حتى

عاهدَ البُستانَ هَمْساً

أن يُحيلَ الحُزْنَ كافوراً به

يرثي فقيدَهْ

*

إنّ وعدَ الشِعْرِ بَرْقٌ

يَتَرائى بينَ قوْسِ الغيْبِ والرمضاءِ غيْثاً

وَبِهِ نُطْفي وَعيدَه

*

هكذا النجوى إذنْ فَلْتَحْدِسي.

في نغمةِ العَزّافِ سِرّاً

يَتَوارى في تلابيبِ القصيدَه.

***

د. مصطفى علي

في نصوص اليوم