آراء

عبد الناصر + السيسي = استقرار ليبيا

محمود محمد عليلم تعد تركيا تتردد فى التصرف كقوة احتلال غاشم ومرفوض لغرب ليبيا وعاصمتها، ولا كناهبة لثروته ومغتصب لأرضه، خاصة عندما حشدت في الأيام الماضية عدداً من المرتزقة السوريين والميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق في مدينة "مصراته" استعدادا للهجوم على مدينتي "سرت" و"الجفرة" للسيطرة عليهم، بالإضافة إلى تهريب عدد كبير من الأسلحة والذخائر التي يتم تخزينها في مصراته منذ أسابيع.

فى المقابل كان مجلس النواب الليبي "وهو المؤسسة الشرعية المنتخبة من شعب ليبيا كله" كان قد تقدم بطلب من مصر التدخل لمواجهة التهديدات للأمن على حدودها، ودعم كفاح شعب ليبيا وجيشها فى مواجهة الغزو التركى وعصابات الإرهاب والمرتزقة.

وكان رئيس مجلس النواب "عقيلة صالح" يواصل جهده فتح أبواب حل الأزمة مؤكدا أن إعلان القاهرة يمثل نقطة الانطلاق للحل السياسي، وأنه يحظى بتأييد دول الجوار والمجتمع الدولى.

وكانت مصر منذ البداية حاسمة فى رفض التدخل الأجنبي فى الأزمة الليبية، وكانت – ومازالت – تؤكد أن الحل السياسي هو الهدف، وأنه لابد أن يكون حلاً ليبيا ولا يستبعد أحدا من الفصائل الوطنية الليبية، لكنه لا يسمح بالاحتلال والغزو، ولا يمكن أن يتحقق إلا بتفكيك الميليشيات والقضاء على الإرهاب والتخلص من المرتزقة.

طريق الحل السياسي واضح وإعلان القاهرة وضع خريطة طريق يمكن للأطراف الليبية الإنطلاق منها والبناء عليها.. الخطر الحقيقي هو الهوس التركى الذى أدمن إشعال الحرائق وتدمير الأوطان، متوهما أنه لن يواجه الردع الحاسم ولن يدفع ثمن الحماقات والجرائم التى يواصل ارتكابها!!

وهنا وجدنا نشطاء ليبيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتداولون مقطع فيديو للرئيس السابق جمال عبد الناصر يتحدث فيه عن ليبيا وشعبها وأنهم حماة للظهير المصري، مضيفا "ثروة الشعب الليبي للشعب الليبي ...ليبيا ومصر شعب واحد ومصير مشترك."

وأكد عبد الناصر في الفيديو المتداول على أن مصر ستعمل بكل الطرق للتضامن والتكاتف مع ليبيا من أجل التنمية والتطور، موضحا أن من يقول أن الشعب المصري يطمع في ثروات الشعب الليبي ليسوا أصدقاء للشعبين بل يريدون العزلة لليبيا حتى يتأمروا عليها.

وأشار الرئيس عبد الناصر إلى أنه يجب على كل فرد من أبناء الأمة العربية مواجهة الحرب النفسية التي تسعى للتفرقة بين أبناء الشعبين، مضيفا " نقول للشعب الليبى نحن معكم في السراء والضراء وإذا قاتلتم فإن الشعب المصرى سيقاتل معكم".

ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، وذلك عندما التقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الخميس الماضي (الموفق 16 يوليو 2020) بمشايخ واعيان القبائل الليبية الممثلة لأطياف الشعب الليبي، وأكد الرئيس السيسي خلال اللقاء الذي عقد تحت شعار “مصر وليبيا .. شعب واحد … مصير واحد”،  أن “الهدف الأساسي للجهود المصرية علي كافة المستويات تجاه ليبيا هو تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي من أجل مستقبل أفضل لبلاده وللأجيال القادمة من أبنائه”.

وقال السيسي، إن “الخطوط الحمراء سرت والجفرة، هي بالأساس دعوة للسلام، وإنهاء الصراع في ليبيا، إلا أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أية تحركات تشكل تهديداً مباشراً قوياً للأمن القومي ليس المصري والليبي فقط، وإنما العربي والإقليمي والدولي"..

وأكد السيسي أن القاهرة لن تسمح بتجاوز خط "سرت-الجفرة"، مشدداً على ضرورة بقاء ليبيا بعيداً عن سيطرة الميليشيات والإرهاب .وأضاف أن الهدف الأساسي للجهود المصرية علي كافة المستويات تجاه ليبيا، هو تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي من أجل مستقبل أفضل لبلاده وللأجيال القادمة من أبنائه.

من جانبهم، أعرب مشايخ واعيان القبائل الليبية عن كامل تفويضهم للرئيس "السيسي" والقوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية، واتخاذ كافة الإجراءات لتأمين مصالح الأمن القومي لليبيا ومصر ومواجهة التحديات المشتركة، وذلك ترسيخا لدعوة مجلس النواب الليبي لمصر، للتدخل لحماية الشعب الليبي والحفاظ علي وحدة وسلامة أراضي بلاده.

وكان البرلمان الليبي قد أصدر بيان ترحيباً للتدخل العسكري للجيش المصري في الأراضي الليبي لمواجهة أطماع العدوان التركي.

وفي يوم الأثنين الماضي (الموافق 20 يوليو 2020) وافق البرلمان المصري بالإجماع، على إرسال عناصر من الجيش في مهام قتالية خارج حدود الدولة، لأجل الدفاع عن الأمن القومي للبلاد، ضد أعمال الميليشيات وعناصر الإرهاب الأجنبية.

وأكد قرار البرلمان المصري أن القوات المسلحة لديها الرخصة الدستورية والقانونية لتحديد زمان ومكان الرد على الأخطار والتهديدات.

وجرت الموافقة على إرسال عناصر من الجيش إلى خارج البلاد، في جلسة سرية حضرها 510 من أعضاء المجلس، كما شهدت حضور وزير شؤون المجالس النيابية، المستشار علاء فؤاد، واللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع.

واستعرضت الجلسة مخرجات اجتماع مجلس الدفاع الوطني الذي انعقد، صباح الأحد (الموافق 19 يوليو 2020)، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتهديدات التي تتعرض لها الدولة من الناحية الغربية، وما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي المصري.

لذلك أكد السيسي، أن استقرار ليبيا يعد من محددات الأمن القومي المصري، وأن مصر لم ولن تتهاون مع الجماعات الإرهابية ومن يدعمها. وشدد السيسي على أهمية إيلاء مكافحة الإرهاب في ليبيا أولوية خاصة، لما يمثله من تهديد لاستقرار وأمن دول الجوار الليبي والقارة الأفريقية ككل، مؤكدا في هذا الصدد أن مصر لم ولن تتهاون مع الجماعات الإرهابية أو الأطراف التي تدعمها مهما كانت الظروف.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو  مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط

 

 

 

في المثقف اليوم