آراء

صيف المنطقة.. بارد أم ساخن؟!

سامي ناصر خليفةأحسب أن هناك محفظة من المؤشرات الإيجابية التي تنتظر المنطقة في القادم من الأسابيع، قد تساهم في تعزيز حالة من الأمن والاستقرار نوعا ما، ومن شأنها تقليل نسبة التوتر والاضطراب والهرج والمرج والفوضى التي عانت منها عقد من الزمن مع بداية ما يسمى بالربيع العربي... منها:

١- توجه إيراني-سعودي إلى رفع سقف التمثيل الدبلوماسي في الحوار القائم بينهما في بغداد تمهيدا لإعلان عودة العلاقات بينهما إلى سابق عهدها.

٢- إبعاد الحوار حول الاتفاق النووي عن تأثير الاتحاد الأوربي وزج مصالحه ومبتغياته، ونقله إلى قطر ليقتصر على طرفين فقط هما طهران وواشنطن.

٣- لن تكتفي قطر باحتضان الحوار فقط كجهة محايدة، بل ستلعب دور الوساطة لإنهاء نقطتي الخلاف بين أميركا وايران، والتي من شأنه تسجيل نجاحا آخر للدوحة بعد النجاح الأول الذي سجلته في الملف الأفغاني.

٤- رفض بعض دول المنطقة -المشاركة في منتدى الرياض- تغيير الهدف من اصطفاف يؤدي إلى تعاون الاقتصادي، إلى حلف عسكري يساند العدو الصهيوني.

٥- عدم وجود توافق سياسي في تحديد وتعريف هوية الأعداء والأصدقاء، خاصة وأن لإيران علاقات جيدة مع بعض دول المنطقة كالعراق وسوريا ولبنان والكويت وقطر وعمان (ونوعا ما الامارات) إضافة إلى اليمن وتركيا، ما يجعل أي مشروع يستهدف أمن المنطقة لن يكتب له النجاح بدون توافق الجميع.

٦- تضخم اقتصاديات دول ومجتمعات العالم الأبيض وارتفاع أسعار الطاقة ونتائج حرب أوكرانيا قد ساهمت في خلط الأوراق، ودفعت أميركا إلى تغيير سياستها في المنطقة العربية من مخططات تهدف إلى الفوضى الخلاقة، إلى محور اقتصادي يساهم بسد النقص في المخزون الاستراتيجي الذي تسبب به الحصار الروسي على أوربا والعكس.

٧- الطريق المسدود لحرب اليمن والذي أحرج دعاة استمرارها وقلب الموازين وجعل خيار السلام هو الأرجح، خاصة بعد نجاح المرحلة الثانية من اتفاقية وقف إطلاق النار تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة، وفتح مطار صنعاء وإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة.

٨- الانفتاح التجاري المالي المحدود الذي شهدته دول ضفتي الخليج مؤخرا فيما بينهما، سيمهد بالتأكيد إلى حالة من التلاقي في الملفات الأخرى الحساسة والعالقة، خاصة وأن الخليج مقبل خلال أشهر على محفل عالمي رياضي كروي ضخم سيعقد في قطر، ويتطلب توفير بيئة هادئة ومناخ توافقي بين دوله.

لذا.. أحسب أن هذه المؤشرات الثمانية وغيرها، باتت تدل على أن المنطقة مقبلة على أجواء صيف بارد.. نعم، قد يعكره الصهاينة بخلط الأوراق لسبب واضح وجلي، وهو أن الخاسر الأكبر في توفر بيئة هادئة مريحة من التعاون بين دول المنطقة هو هذا الكيان الشاذ المؤقت الغاصب لفلسطين المحتلة.

***

د. سامي ناصر خليفة

كاتب و أكاديمي كويتي

 

في المثقف اليوم