تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

آراء

كريم المظفر: روسيا تطعن في الظهر

أبلغ تعبير قدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال خطابه للشعب الروسي ومناشدته المواطنين، وأفراد القوات المسلحة، ووكالات إنفاذ القانون والخدمات الخاصة، والجنود الذين يصدون اليوم هجمات العدو، الى الوحدة والتكاتف والوقوف صفا واحدا تجاه أي خطوة، تهدف الى زعزعة الامن والاستقرار في البلاد، ووصف ما قام به قائد ميليشيا " فاغنر " يفغيني بريغوزين، ولمصالح شخصية قام بالخيانة والتمرد المسلح، والسيطرة على مدينة رستوف (جنوب موسكو 1000 كلم )، بأنها " طعنة في الظهر "، وقارن الوضع الحالي بعام 1917 - عندما شاركت روسيا في الحرب العالمية الأولى، ثم "سرق" النصر من البلاد، وتحولت المؤامرات والمشاجرات "وراء ظهور الجيش والشعب إلى أكبر صدمة"، وتدمير الجيش وانهيار الدولة، وخسارة مساحات شاسعة، و نتيجة لذلك - الحرب الأهلية،، وشدد بوتين دعوته بالقول " لن ندع هذا يحدث مرة أخرى " .

الرئيس الروسي أكد في خطابه أن بلاده تخوض اليوم معركة شرسة من أجل مستقبلها، وصد عدوان النازيين الجدد وأسيادهم، عملياً، يتم توجيه الآلة العسكرية والاقتصادية والمعلوماتية بأكملها في الغرب ضدها، وقال " نحن نناضل من أجل حياة وسلامة شعبنا، من أجل سيادتنا واستقلالنا. من أجل الحق في أن تكون روسيا وأن تظل دولة لها تاريخ يمتد إلى ألف عام"، مشددا في الوقت نفسه عل إن هذه المعركة التي يتقرر فيها مصير الشعب الروسي تتطلب توحيد جميع القوى والوحدة والتماسك والمسؤولية، وضرورة التخلص من كل ما يضعفه، فإن أي صراع يمكن أن يستخدمه الأعداء الخارجيون لتقويض الشعب من الداخل.

وتلقت القوات المسلحة والوكالات الحكومية الأخرى الأوامر اللازمة، ويجري الآن اتخاذ تدابير إضافية لمكافحة الإرهاب في موسكو ومنطقة موسكو وعدد من المناطق الأخرى، كما سيتم اتخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق الاستقرار في روستوف-نا-دونو، " حيث لا يزال الوضع، بحسب رئيس الدولة، صعبًا، وعمل السلطات المدنية والعسكرية معطل في المدينة، " وبصفتي رئيسًا لروسيا والقائد الأعلى للقوات المسلحة، كمواطن روسي، سأفعل كل شيء للدفاع عن البلاد وحماية النظام الدستوري وحياة المواطنين وأمنهم وحريتهم" بحسب تعبير الرئيس بوتين .

اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب (NAC)، أكدت بدورها أن مكتب الأمن الفيدرالي (FSB) فتح قضية جنائية ضد بريغوزين، وفق المادة 279 من القانون الجنائي للاتحاد الروسي ("التمرد المسلح")، ووفقًا لمكتب المدعي العام، يمكن أن يواجه من 12 إلى 20 عامًا، ودعا جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، من جانبه في بيان نشره، مقاتلي شركة فاغنر العسكرية الخاصة إلى عدم ارتكاب خطأ لا يمكن إصلاحه، ووقف أي أعمال عنيفة ضد الشعب الروسي، وعدم تنفيذ أوامر بريغوزين الإجرامية والغادرة، واتخاذ إجراءات لاعتقاله، ووصف الجهاز تصريحات وأفعال بريغوجين بأنها تدعو إلى بدء نزاع أهلي مسلح و "طعنة في ظهر الجيش الروسي".

وفي القانون الجنائي للاتحاد الروسي وفي المادة 279 "تمرد مسلح"، تنص على العقوبة من 12 إلى 20 سنة في السجن، ويمكن اتهام مثل هذه المادة بتنظيم تمرد مسلح، أو المشاركة النشطة فيه من أجل الإطاحة بالنظام الدستوري للاتحاد الروسي، أو تغييره بالقوة أو انتهاك السلامة الإقليمية لروسيا، وفي تاريخ روسيا الحديثة، أدين بهذه المادة فقط العقيد المتقاعد من المخابرات العسكرية الروسية فلاديمير كفاتشكوف في 2005.

ونفت وزارة الدفاع الروسية صحة الادعاءات المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي، والمنسوبة لمؤسس شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، وأشارت الى ان جميع الرسائل ولقطات الفيديو التي انتشرت على الشبكات الاجتماعية والمنسوبة ليفغيني بريغوجين حول "ضربة شنتها وزارة الدفاع الروسية" على المعسكرات الخلفية للشركة العسكرية الخاصة "فاغنر" لا تتوافق مع الواقع وهي استفزاز إعلامي"، و أكدت وزارة الدفاع، أن القوات الروسية تواصل القيام بمهام قتالية على خط التماس مع الجيش الأوكراني في منطقة العملية الخاصة.

وأهابت الدفاع الروسية بمقاتلي مجموعة "فاغنر"، عدم الانخراط في مغامرة مؤسس "فاغنر" الإجرامية والاتصال بالأجهزة الأمنية فورا، متعهدة بضمان سلامتهم، وتعهدت الوزارة بضمان أمن وسلامة كل من يتصل بها من مقاتلي المجموعة ويرفض الانخراط في هذه المغامرة الإجرامية، وقالت انها قدمت المساعدة لعدد من عناصر المجموعة لضمان عودتهم إلى نقاط تمركزهم بسلام، وكشفت وزارة الدفاع الروسية عن استغلال نظام كييف لاستفزاز مؤسس شركة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، وتركيز نشاط وحداته الهجومية التكتيكية على أطراف مدينة باخموت.

في غضون ذلك، أعلنت حكومات مناطق ليبيتسك وروستوف وتولا في فورونيج تعزيز الإجراءات الأمنية، وأعلن عمدة موسكو سيرغي سوبيانين وحاكم منطقة موسكو أندريه فوروبيوف عن إدخال نظام عمليات مكافحة الإرهاب في منطقتهما، بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا لوكالة ريا نوفوستي، طوقت قوات الأمن مبنى مركز واغنر PMC في شارع زولوتايا في سانت بطرسبرغ، ودعا رئيس أوسيتيا الشمالية، سيرجي مينيايلو، مقاتلي الجمهورية الذين يخدمون في Wagner PMC إلى عدم الانصياع لأوامر بريغوزين الجنائية، ووصف رئيس الشيشان رمضان قاديروف تصرفات بريغوجين بأنها خيانة وتمرد وقال إن مقاتلي وزارة الدفاع والحرس الروسي في جمهورية الشيشان قد غادروا بالفعل إلى مناطق التوتر، وأكد ضرورة قمع التمرد المسلح، وأعلن عن جاهزيته لاتخاذ إجراءت صارمة إذا تطلب الأمر ذلك.

وفي موسكو أعلن عمدتها سيرغي سوبيانين عبر قناته على Telegram، أنه تم تعزيز الإجراءات الأمنية في المدينة، وقال إنه أدخل سيطرة إضافية على طرق المدينة. قال سوبيانين: "من الممكن الحد من تنظيم التظاهرات الجماهيرية"، ومن أجل منع الهجمات الإرهابية المحتملة على أراضي موسكو ومنطقة موسكو، تم إدخال نظام عمليات مكافحة الإرهاب .

وحث قادة عسكريون بارزون في الجيش الروسي، مجموعة "فاغنر" على الكف عن الإساءة لسمعة روسيا وجيشها، والامتثال لإرادة الرئيس فلاديمير بوتين، ودعوا الى إيقاف القوافل، وأعادتها إلى نقاط انتشارها الدائمة ومناطق تركيزها، وحل جميع المشاكل "سلميا فقط، تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة لروسيا الاتحادية .

وقال قائد قوات العملية العسكرية الخاصة الجنرال سيرغي سوروفكين في تسجيل فيديو نشره المراسل العسكري أندري رودينكو على "تلغرام": "أناشد قيادة وقياديي ومقاتلي شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة. لقد عبرنا طريقا صعبا ومعقدا معا. قاتلنا معا، وخاطرنا، وعانينا من الخسائر، وانتصرنا، نحن من نفس الدم، نحن محاربون. أنا أحثكم على التوقف، فالعدو ينتظر فقط تفاقم الوضع السياسي الداخلي في بلدنا. لا يمكنكم أن تخدموا مصالح العدو في هذا الوقت الصعب على البلاد" .

ومن جانبه حذر نائب رئيس هيئة الأركان الروسية، الفريق فلاديمير أليكسييف، مجموعة "فاغنر"، من توجيه ضربة لسمعة روسيا والقوات المسلحة الروسية، وقال أليكسييف في تسجيل فيديو نشره على تطبيق تلغرام، "مهما كانت نواياكم، فهذه طعنة في ظهر البلاد والرئيس"، مؤكدا أن الرئيس وحده له الحق في تعيين أعلى أركان قيادة القوات المسلحة وأنتم تحاولون التعدي على سلطته، وهذا انقلاب، أطلب منكم التعقل".

وأعلن رؤساء مناطق روسيا دعمهم الوطني للرئيس فلاديمير بوتين، واكدوا في رسائلهم التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي و " تلغرام"، ان أفضل شيء يمكن القيام به لبلده الآن هو الحفاظ على هدوء العقل، وعدم الاستسلام للاستفزازات، وذكروا قوات البلاد بالوحدة، فقد كانت لوحدة الشعب الروسي وبطولاته التي لا مثيل لها هي التي جعلت من الممكن كسب الحرب الوطنية العظمى، وما يواجهونه اليوم من تحديات لا تقل خطورة، لذلك يجب تذكر وحدة ومسؤولية كل واحد منهم عن مصير روسيا.

***

بقلم الدكتور كريم المظفر

في المثقف اليوم