آراء

نهاد الحديثي: ثقافة النزاهة وحفظ المال العام

الشعب في غالبيته العظمى يعتاش بالمعنى الحرفي على ما تمنحة الدولة من مرتبات ومخصصات ومعونات، والدولة بدورها تدير أكبر رأسمال في البلد والمتمثل باستخراج النفط وبيعه وصرف ما تجنيه من أموال على ما يعرف بالميزانيات التشغيلية، من دون تفكير في مشاريع تطوير تنموية مستقبلية، أو إنعاش قطاعات الصناعة أو الزراعة، أو الخدمات التي من المفروض أن توفر دخلا للدولة عبر ما تجنيه من الضرائب، والنتيجة هي أن الحكومة في العراق ممسكة بمصدر الدخل الأكبر، الأمر الذي يرسخ غياب مفهوم المواطنة والمواطن (دافع الضرائب) الذي من حقه محاسبة الحكومة إذا قصرت في عملها، والمطالبة بكشف الفاسدين ومعاقبتهم. النتيجة أصبح المواطن يعيش نوعا من الفصام، إذ يطالب بأعلى صوته بالقضاء على الفساد والمحسوبية والمحاصصة، طالما كان الأمر مجرد شعارات يصرخ بها في ساحات التظاهر، لكن حالما تُمس مصالحه نراه يتحول إلى متواطئ مع الفساد، بل ممارس له وساعٍ للاستفادة من علاقاته بقريب سياسي، أو نسيب يشغل منصبا حكوميا، وربما كان المثال الاوضح الذي يمكننا الاشارة له هو السياق الجاري عندما يذهب شخص ما لإنجاز معاملة في دائرة خدمية، إذ نراه يبحث عن معارف في هذه الدائرة أو تلك، لينجزوا له ما يطلبه من خدمة حتى إن تجاوز في سلوكه على حق الآخرين. وهذه هي أولى خطوات ترسيخ الفساد, ويحق لكل موظف الإبلاغ عن مخاوفه من خلال استخدام مجموعة متنوعة من قنوات الإبلاغ المتوفرة في جميع أنحاء الشركة، مع تعهدنا بالحفاظ على السرية وحظر أي نوع من أنواع الانتقام تجاه أي شخص بسبب الإبلاغ عن مخاوف تتعلق بالنزاهة أو المساعدة في تداركها, نحن جميعًا مسؤولون عن الالتزام بقواعد (ميثاق أخلاقيات المهنة) وفهم مخاطر الامتثال التي تؤثر على وظائفنا، فجميع الموظفين يقرون سنوياً بفهمهم لقواعد (ميثاق أخلاقيات المهنة) ويكملون التدريب المخصص على السياسات الواردة فيه. ونتحمل جميعًا مسؤولية الإبلاغ على الفور عن المخاوف المتعلقة بالنزاهة أو الانتهاكات، وقد يؤدي عدم القيام بذلك إلى عواقب وخيمة على شركتنا وموظفينا والمجتمعات التي نعمل فيها,, عليه يتمثل أساس ثقافة النزاهة لدينا في قواعد (ميثاق أخلاقيات المهنة). وتتطلب هذه القواعد في  سلوكًا مسؤولًا في العمل كقيمة أساسية، مع إيلاء أولوية عالية للنزاهة، فالنزاهة لا تبني بيئة عمل وثقافة جيدة للشركة فحسب، بل تجذب الاستثمار أيضًا وبالتالي ترعى النمو الاقتصادي وتعزز التجارة الدولية

إن انتخاب الحكومات المحلية انتخابا ديمقراطيا حقيقيا من أبناء المحافظات أمر جيد، لكن فساد هذه الحلقة من حلقات الحكم في العراق مماثلة لما جرى ويجري في الحكومة المركزية، وإن الحل هو المعالجة الحقيقية التي ترسخ قيم النزاهة ومعالجة الفشل والفساد، وذلك عبر ترسيخ أنظمة فعالة وجدية لتقويم أداء المؤسسات الحكومية، من خلال مبدأ محاسبة تكاليف الفساد المادية وغير المادية، لكي لا تكون مبرراً لتجميد إلغاء خطط مكافحة الفساد لارتفاع تكاليفها عن تكاليف الفساد. كما يجب خلق طرق فعالة للحد من ظاهرة تسهيل غسيل الأموال التي تتبعها شبكات التخادم بين الطبقة السياسية ومافيات الفساد المنتشرة، وبضمنها مافيات السلاح والمخدرات والاتجار بالبشر، وتداخل ذلك مع بعض الانشطة السياسية والاجتماعية في العراق. والتأكيد على التحفيز على القيام بالواجب وعدم ارتكاب المخالفات عن طريق الترغيب والترهيب،انتهت الانتخابات، وبنى البعض عليها الدراسات والتحليلات، وبعضهم شغلوا أنفسهم بالاستنتاجات والتوقعات والتنبؤات المستقبلية،فيما عد البعض أنفسهم للافراح والليالي الملاح، لأنهم عرفوا كيف يختارون من يتولى جلدهم بسياط الفساد.,, لست متشاؤم، لكن هذا ماسمعته بأذني خارج احد المراكز الانتخابية، حيث شراء الذمم والأصوات والضمائر، بخفافيشية ومن تحت الطاولة, هؤلاء ( مرشحين ومروجين وناخبين ) بنظرهم الانتخابات مجرد لعبة قذرة، يفوز فيها من يتحايل فيها، ومن يتقن الالتفاف على القانون الذي يحكم هذة الانتخابات، وعملية تزوير لإرادة الناخبين، وتغيب وعيهم، وفرض الوصايه عليهم، ومن أهم شروطها ان لا تمارس بشرف ووطنية.- ولا تخص المرشحين أصحاب الشعبية الجيدة والمعتدلة، بل تخص تحديدا من لا شعبية لديهم،

إن الثقافة هي الركن األساسي لبناء النزاهة وتعزيزها في المجتمع، باعتبارها رافدا من روافد الثقافة المستقبلية، وبما أن النزاهة هي مجموعة من القيم والمبادئ المتعلقة بالصدق واألمانة واالخالص بالعمل مهمتها تعزيز ثقافة السلوك األخالقي للعاملين داخل العمل المؤسسي لتسهم في تحديد وتعزيز العمل باالتجاه الصحيح، فإن الوعي بأهمية النزاهة يجب أن ينعكس على أهداف النزاهة، فاألهداف التربوية الصحيحة هي التربية الصحيحة، لذا فإن األهداف البد أن تكون مشتقة من قيم المجتمع وأهدافه ومراعية إلمكانات الواقع وظروف كل عصر وأن تكون قابلة للتنفيذ وعلى مراحل. فالتعليم الفعال يوصلنا إلى الغاية واألمل المنشود, والقانون ليس هو الرادع الوحيد للفساد، بل يجب أن تكون هناك ثقافة النزاهة وحفظ المال العام، وهنا يجب إعطاء الدور الريادي لوزارات الثقافة والتربية والتعليم العالي لوضع مناهج دراسية لكل المراحل، للمساعدة في خلق ثقافة الحرص على المال العام والنزاهة في التعامل، وتقليص روح الأنانية الفردية والسمو بالروح الجماعية. والعمل على تثقيف المجتمع وتحويل ولائه الضيق بصورة تدريجية من العائلة والعشيرة إلى الوطن، عبر ترسيخ قيم المواطنة

وختاما نؤكد على أهمية تفعيل القانون ووضع مناهج تربوية وثقافية يتم ترسيخها عبر وسائل الإعلام المختلفة، لخلق ثقافة النزاهة وحفظ المال العام عبر استراتيجية طويلة المدى، لغرض ترسيخ سلوكيات الولاء والانتماء لدى الأفراد وتعزيز قيمنا الوطنية الخالدة,, ونجاحنا يعتمد على ترسيخ ثقافة النزاهة، التي تعزز بدورها الجودة والإبداع، وتحافظ على معايير عالية للبيئة والصحة والسلامة، وتوفر فرص العمل العادلة والاستدامة. ولذلك فالنزاهة تعد جوهر كل ما نقوم به, والتزامنا بمعايير الامتثال وثقافة النزاهة في المجتمع يمتد إلى ما هو أبعد من محاولة منع العواقب المرتبطة بالانتهاكات، مثل العقوبات والغرامات، حيث نؤمن أن أداء العمل بنزاهة، وترسيخ ثقافة نزاهة قوية على مستوى الشركة، عاملان أساسيان في تحقيق ألاهداف على الأمد البعيد.

***

نهاد الحديثي

في المثقف اليوم