آراء

احمد عزيز الدين: نظرة تحليلية لما بعد حرب السابع من أكتوبر

لقد خاضت الفصائل الفلسطينية حرب العزة والمنعة ودفاعاً عن أرض العروبة ومقدسات الاسلام منفردة ضاربة اسمي معاني التضحية والفداء لتحرير الأرض والذود عن عرض الأمة مضحية في ذلك بكل غالي ونفيس على الرغم من إمكانياتها المحدودة في العدة والعتاد وقلة الدعم والحصار، وقد شهدنا نضالها المستميت وتمسكها بالأرض على مدار الأربعين يوماً الماضية والتي حققت الكثير والكثير على الأرض من انتصارات وكسر شوكة الصهاينة واظهار معدن المقاتل العربي  في الحروب الحديثة،  ومدي استيعابه لطبيعة المهام المكلف بها، ولكن ماذا حققت تلك العمليات على المدي البعيد؟.

تعالوا بنا في نظرة تحليلية ثاقبة للكشف عن أثار تلك العمليات وأثارها المستقبلية على الشعوب العربية وهل يمكن استهداف أية بقعة من بقاع الأرض العربية بعد ذلك؟

فعلي مستوي العمليات شاهدنا أهم عنصر في تحقيق النصر وهو عنصر المفاجئة واسبقية الضرب والتخطيط الجيد ومداهمة أوكار العدو الصهيون ونقل الحرب إلي مواقعه لتدور رحي الحرب كما خططت لها الفصائل الفلسطينية في سرية تامة وعلى الرغم من الوهم الصهيوني على مدار العقود الماضية بأنه جيش لا يقهر وترويج أعلامه الكاذب بقوة جيشه ومعداته القتالية إلا إنها انهارت تحت وطئ رجال المقاومة وبأقل الامكانيات المتاحة لديهم ويوم بعد يوم تكشفت الحقائق أمام العالم كله وكبدت الفصائل الفلسطينية الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة لم تشهدها أية حروب سابقة ولا تلك التي خاضتها الجيوش النظامية فماذا فعلت الفصائل الفلسطينية وماذا تعلمت قبل تلك الحرب التي بدئها يوم السابع من أكتوبر!!

دروس من التاريخ..!

لقد تعلمت الفصائل خلال فترة الهدنه من التاريخ الإسلامي حرب الخنادق فقد أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق للأحزاب لأول مرة في التاريخ ضارباً المثل والقدوة بأن الجندي العربي المسلم يفكر خارج الصندوق في كل مرة يخوض فيها الحروب ويتأقلم حسب المهام المعطاة له ويخلق ظروف حربه بنفسه، ولكن هل أعدت الفصائل الخنادق كما اعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم للأحزاب، والجواب هو نعم لقد أعدت خنادق مغطاه،  ومحصنة تحصيناً تاماً وربطتها بكل جزء من أجزاء الأرض حتي تلك الأرض المجاورة لفلسطين بل لم تكتفي بذلك بل جهزت لتلك الحرب من السلاح والعتاد والمستلزمات الطبية والطعام ما يكفي لاستمرار الحرب لشهور عدة ودرست طبيعة الأرض وإمكانيات العدو الصهيوني بل لم تكتفي بذلك بل اختارت التوقيت المناسب لبدء العمليات حتي إنها حققت عنصر المفاجئة بالإضافة إلي ذلك درست الحرب الإلكترونية وتعلمتها للسيطرة والتغلب على اكتشافات الأقمار الاصطناعية،  واستطاعت في كل ذلك خداع العدو، بل لم تكتفي بذلك فقد رصدت تحركات العدو اثناء العمليات القتالية واستطاعت أن تكبده خسائر فادحة في المعدات والأفراد، وعلى الرغم من تضليل العدو لطبيعة تلك العمليات ومدي خسائرها إلا إنها استطاعت كشف زيف الأعلام الصهيوني وتضليل كل من وقف إلي جانبه في تلك الحرب الفاشية ومحاولة إسرائيل إبادة القطاع بضربها للمدنيين العزل ضاربة بكل أعراف الحروب والقوانين الدولية عرض الحائط.

حائط الصد...!

لقد استطاع رجال المقاومة الفلسطينية خلق حائط صد معنوي علي المدي البعيد من خلال نوعية المقاتل العربي وصلابته في الحروب مما يجعل من عمليات يوم السابع من أكتوبر 2023 م عمليات تدرس في المعاهد والكليات العسكرية على مدي السنوات القادمة، وبعد نهاية تلك الحرب، بل أنهم جعلوا كل من تسول له نفسه خوض غمار حرب في الشرق الأوسط يفكر ألف مرة قبل الشروع في حرب المقاتل العربي كما أستطاع المقاتل الفلسطيني أن يهدم كيان دولة الاحتلال من خلال هرب الصهاينة إلي خارج ذلك الكيان المزعوم وترك المستوطنات والتي ظلت إسرائيل الترويج لها على مدار العقود الماضية بانها جنة على الأرض واعداد كل ما يتمناه المهاجر من توفير اجواء امنة ومستقرة داخل ذلك الكيان، وما هي أن بدأت الحرب حتي انهارت تلك الدعاية وهجر الصهاينة المستوطنات الأمر الذي ضرب هذا الكيان في مقتل وأنقلب السحر على الساحر، فبعد إن كانت تريد تهجير الفلسطينيين من أرضهم هرب معظم اليهود الأرض نجاة بأرواحهم من القتل والتدمير على يد الفصائل وكتائب القسام الفلسطينية.

هذا جزء من كل قد فعلته المقاومة الفلسطينية الأمر الذي يجعل من قوي دولية تريد كسر المقاومة بأي شكل من الأشكال حتي لا تحقق نصراً معنوياً فوق النصر العسكري الذي تحقق بالفعل على الأرض الأن حتي إنهم يتساءلون كيف لقوة 45 ألف مقاتل هم حصيلة قوي المقاومة تفعل كل تلك الافاعيل بجيش نظامي مدرب ولديه أحدث الأسلحة في العالم وفوق ذلك يمد من قوي عظمة بالعتاد والسلاح والرجال والمرتزقة أن تنتصر عليه المقاومة فماذا لو اتحدت الجيوش العربية أو تدخلت جيوش نظامية مسلحة لدول الجوار العربي لها ثقلها القتالي في الحرب إذاً لمسحت إسرائيل من على خريطة العالم في سويعات قليلة.

درس نتعلمه..!!

هل نتعلم الدرس، وتتحقق النبوءة ويتحد العرب ونبعد قوي الشر والظلام من بين ظهرينا، أننا نعول على المستقبل القريب ونامل في توحيد الجيوش العربية على الرغم مما رأيناه مخيب للآمال في هذه الحقبة الزمنية لحكام العرب قاطبة، في مد يد العون والتطبيع مع الكيان المزعوم، ولم نسمع أو نري إلا الشجب والادانة طوال عقود من المكر والخداع ودعاوي السلام القائمة على الكيل بمكيالي فرض سياسة الأمر الواقع وضعف العرب وحكامها، أنني أدعو من خلال مقالي هذا إلي الثبات والمناصرة والدعم التام لرجال المقاومة فالنصر أتي لا محالة حينها لن يكون هناك مكان للخونة والمتخاذلين عن نصر الرجال في ساحات القتال، فقد تغير الوضع على الأرض ولن يكون إلا الحق والعدل، وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

***

بقلم: احمد عزيز الدين احمد

كاتب وروائي وشاعر

 

في المثقف اليوم