آراء

علجية عيش: "الكريف" وحملاته العنصرية ضد الجالية الجزائرية في الخارج

القانون الفرنسي الجديد للهجرة هل هو تقنين للعنصرية؟

(لهذه الأسباب فشلت منظمة "سوس راسيزم" S.O.S racisme المناهضة للعنصرية)

رغم تمريره على البرلمان الفرنسي لا تزال الشكوك تراود الجزائريين في القانون الفرنسي الجديد المتعلق بالجالية الجزائرية في المهجر، والتدابير التي ينص عليها القانون الفرنسي، من حيث التنقل والإقامة والعمل في فرنسا، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن القانون لا يخص الجزائريين وحدهم، حيث اعتبره البعض تقنين للعنصرية، يبقى السؤال هل سيعاد النظر في ملف القانون الفرنسي الجديد؟ أم أنه مؤجل؟ خاصة وأن الرئيس إيمانويل ماكرون قلبه وعقله مع المسيحيين الكاثوليك في غزة، وقد أعلن عن قلقه العميق إزاء الوضع المأساوي لرعية اللاتين في غزة.

فقد أحدث قانون الهجرة الفرنسي الجديد جدلا على كل المستويات والأصعدة خاصة ما تعلق بالشروط التي وضعها المشرّع الفرنسي ومنها، عدم ازدواجية الجنسية، أي التمسك بالجنسية الفرنسية، ومن يرفض يعيدون إلى بلده، احترام شعار الجمهورية ورموزها، وهذا يعني الانضباط وعدم المساس بالرموز الفرنسية،حتى لو كانوا يرفضون أن تقام الشعائر الدينية (الإسلامية) فوق أراضيهم، كما شمل القانون المهاجرين الغير نظاميين وترحيل مرتكبي الجرائم إلى بلدانهم الأصلية، وهذا الشرط كما يرى ملاحظون مبهم وغير دقيق، فهل يمس النشطاء السياسيين أم لا؟، خاصة وحسب التقارير هناك هاجس انتخابات 2027 والفوز المحتمل لمارين لوبين زعيمة حزب "التجمع الوطني" أقصى اليمين التي فشلت في الوصول إلى قصر الإليزيه في الانتخابات الرئاسية السابقة التي عادت فيها اغلب الأصوات لإيمانويل ماكرون.

ويأتي صدور القانون الجديد من باب التخوف من الجاليات المغاربية التي وسعت وجودها عن طريق الجمعيات وبنائها المساجد، حيث تمكنت من فرض عقيدتها فوق التراب الفرنسي، الذي يكن عداءه للإسلام، كما تتدخل عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية، هذه الأخيرة شكلت في الفترة بين 1968 و1971 أزمة "بترولية" أثرت على الهجرة المغاربية، فقد كانت الهجرة مسموح بها وخاصة بالنسبة للجزائريين في إطار اتفاقيات أبرمت، حسب التقارير، يعود أول اتفاق حول الهجرة أبرم بين الجزائر وفرنسا إلى أفريل 1964 وهو ينص على أن عدد المهاجرين إلى فرنسا يتحدد في ضوء اليد الجزائرية العاملة المتوفرة من جهة ومن جهة أخرى إمكانيات سوق العمل الفرنسية، وتواصلت الاتفاقيات حول هجرة الجزائريين إلى فرنسا إلى غاية 1973، السنة التي أعلنت فيها الجزائر وقف الهجرة الجزائرية إلى فرنسا.

ولعل السبب الرئيسي في القرار الجزائري بتوقيف الهجرة الجزائرية إلى فرنسا إلى الوضع الموجود آنذاك في فرنسا والذي تميز بصراعات ومشاكل واجهتها الجالية في فرنسا بسبب استفحال البطالة، قبل أن تظهر قضية الحجاب التي هزت الرأي العام الدولي، كون هذه القضية أبرزت مدى عنصرية فرنسا تجاه الجاليات المغاربية، حتى أن منظمة "سوس راسيزم" S.O.S racisme المناهضة للعنصرية فشلت بل عجزت عن حل مشاكل المهاجرين، بعد فقدان هيبتها خاصة في الفترة التي أعيد فيها ترشح فرانسوا ميتران لولاية جديدة في سنة 1988، وراهن أبناء المغرب العربي على إعادة انتخابه بعدما ساندوه في انتخابات ماي 1981 وما إن وصل إلى الرئاسة حتى تجاهلهم، بعد أن ظهرت مفاهيم ومصطلحات جديدة، فعلى سبيل المثال كان البعض يقول أن أرض فرنسا لم تعد "دار عهد" بالنسبة للمسلمين، بل تحولت إلى دار للتبشير بالإسلام، ومن هنا أصبحت الجالية المغاربية تطالب بحقوقها القانونية كمواطنين فرنسيين، مثلهم مثل البروتستانت واليهود، الذين كانوا يتمتعون بحقوق لا يتمتع بها المسلمون.

في ظل الفشل الذي عرفته الفدرالية الوطنية للجزائريين بفرنسا وتقاعسها في التكفل بملف الجالية الجزائرية في المهجر، بات السؤال يطرح وبحدة حول الوضع البائس للجالية الجزائرية في فرنسا وما مصير المبادرة التي قامت بها مجموعة تمثل النخبة الجزائرية في فرنسا بإنشاء حركة سياسية تمثل صوت الجالية الجزائرية في فرنسا التي كما يقول أحد المهاجرين تعيش غربتين غربة الذات وغربة المكان، من هنا ارتفعت أصوات الحاملين للجنسية الفرنسية من الجزائريين، وكذلك أبناءهم الذين ولدوا داخل التراب الفرنسي وحصلوا على الجنسية الفرنسية للمطالبة بحق المواطنة، ويكون ذلك في إطار التسامح وثقافة السلام، باعتبارها من بين المبادئ الهامة التي اهتمت به اليونيسكو.

وكانت المنظمات اليهودية ومندوبيها (الكريف) ولا تزال تقر بأن الإسلام والمسلمين هما العدو المشترك، وفي هذا فالجالية الجزائرية في فرنسا والتي تحمل الجنسية الفرنسية باتت مخيرة بين إسقاط جنسيتها الأصلية (الجزائرية) أو العودة إلى بلدها وهذا يشكل تضييقا على الحكومة الجزائرية في ظل الوضع التي تمر به البلاد، للعلم وحسب التقارير فإن معظم المنخرطين بهذه الحركات الصهيونية الفرنسية هم يهود مزدوجي الجنسية (جنسية فرنسية وجنسية إسرائيلية)، وبالتالي فولاءهم الأول لإسرائيل، ويحاول" الكريف " منذ سنوات استخدام الدعاية (البروباغاندا) Propagande لإبعاد الشبهة عن يهود فرنسا مزدوجي الجنسيات) بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك من خلال التأثير على الرأي العام الفرنسي والأوربي، لانشغالهم بالجالية المسلمة، في وقت يستمر فيه الصهاينة العمل في الظل وسنّ القوانين من أجل التحكم في الأحزاب ويوجهونها في السياسة الخارجية، وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها فرنسا تروج المنظمات اليهودية ومندوبيها لأشكالٍ من المغريات الخاصة باليهود الفرنسيين، غير أن النخبة الفرنسية الأصيلة وهي الطبقة الممثلة في الفرنسيين البسطاء (فنانون ومثقفون وسياسيون) تفطنوا للمخطط الصهيوني، بطرح هذه النقاط وانتقاد المنظمات الصهيونية وكشف حقيقتها واللعبة القذرة التي يمارسونها في حق المسلمين.

***

ورقة علجية عيش الجزائر

في المثقف اليوم