قضايا

هل الإسلام السياسي فشل أم ما زال قادرا على الإصلاح المنشود في المجتمع الإسلامي؟

الإجابة عن هذا السؤال تتوقف،كما  قال المفكر الاسلامي طارق رمضان: التعريف بالإسلام السياسي، وذلك  هل المقصود به الخلايا الجهادية العالمية؟، أو النمط السعودي؟، أو الإخواني في مصر؟، أو التركي، أو الإيراني؟ أو حركة العدل والإحسان المغربي؟، أو حزب النهتة التونسي؟، أو غير ذلك من الأحزاب الأخرى في العالم الإسلامي؟ حيث يرى طارق رمضان أن الإسلام السياسي ينطبق على التيارات الإسلامية التي تسعى أنصارها إلى سلطة الدولة سواء كانت أصولية أم إصلاحية.[1]

والجدير بالذكر، أن الإسلام السياسي يصطلح على التيا رات الإسلامية التي تؤمن بأن الإسلام ليس دينا فحسب، بل هو نظام سياسي واجتماعي صالح لإصلاح العالم الإسلامي المعاصر، ويسعى لتطبيق ذلك في مجتمعه عن طريق الممارسات الديمقراطية، أو التي ترى أنها لا تتعارض مع مبادئ الإسلام، وعلى رأسهم الإخوان المسلمين، ومن تأثر بهم من الجماعات الإسلامية الأخرى، والتي تتمسك دوما بمبدأ عدم الفصل بين  الدين والسياسة، رغم أنهالم تستطع أن تحدد بقدر كاف،العلاقة الثنائية بين الدين والسياسة، بدليل قول الدكتور  سعد الدين العثماني، الأمين  العام لحزب العدالة والتنمية في المغرب: إن العلاقة الأوفق بين  الدين والسياسة في الإسلام ليس هو الفصل القاطع، وليس هو الوصل والدمج التامين، بل هو وصل مع تمييز وتمايز[2].

هذا، وقد تنبأ العديد من رجال الغرب مثل أوليفييه روي  Olivier Roy وجيل كيبيل  Kepel Gilles منذ أكثر من عشرين عاما على فشل الإسلام السياسي[3] ، كما أكد ذلك كثير من مفكري اليساريين  والليبراليين هذا الفشل، وخاصة بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي من طرف الجيش، إلا أن الإعلان بفشل الإسلام السياسي أو نهايته فيه نوع من التسرع في الحكم على التنيجة من حيث التحليل، فالفشل قد يكون عثرة مؤقة تخص التجربية السياسية ليس إلا، وهناك كثير من الحركات الإسلامية السياسية، قد فشلت فعلا من حيث التجربة السياسية، في تنفيذ مشروع الإسلام السياسي في العالم الإسلامي، كالمحاكم الإسلامية في الصومال، وحركة طالبان في أفغانستان، وقبلهم المجاهدون الأفغان الذين حاربوا الإتحاد السوفيتي  في أفغانستان، والقاعدة في المناطق التي خضعت لهم في العراق وسوريا ، ويمكن أن يصنف هذا الصنف في إطار: الإسلام الأصولي الجهادي ذات التوجه السلفيّ من ناحية الفكر،كما أن هناك بالمقابل من قدّم نموذجا حيا على أرض الواقع، كالنموذج التركي المتمثلة بحركة التنمية والعدالة و الثورة الاسلامية في إيران، هذا فعلا على أن حركة النهضة التونسية، تحاول أن تسير على نهج النموذج التركي، بخلاف تجرية الإخوان المسلمين السياسية في مصر، فإن تجربتها أخفقت، بحيث لم تستطع مجاراة التجربة التركية، سواء من ناحية عدم قبولهم التعددية السياسية أو الفكرية، أو عدم طرحهم لمشروع نهضوي إقتصادي وطني، وذلك يرجع، كما قال د.عمار علي حسن إلى عدم أمتلاكهم نظرية سياسية متكاملة وعدم انفتاحهم بالقدر الكافي على التجديد النظري الذي أنتجته قريحة الباحثين المهتمين بتطوير رؤية سياسية عصرية للفقه والفكر الإسلامي  [4].

من جهة أخرى، فرغم أن حزب النهضة التونسية يعيش حاليا أزمة سياسية واقتصادية داخلية، إلا أن منطلقاته الفكرية وتصوراته السياسية البراغمتية  السياسية تمكنه، إلى حد ما من تجاوز الأزمة الحالية في تونس، أما فيما يتعلق بالنظام السياسي الإيرني ، فرغم وجود أزمات إقتصادية داخلية، وإخفاقات عامة من جهة الحريات، إلا أن خصوصياتها الأيدلوجية أوأمنها القومي في المنطقة، يكسب لها الاسمرارية في الحكم والسلطة.

وخلاصة القول: فإن مستقبل الإسلام السياسي في العالم الإسلامي، مرهون بمدى تحقيق الإسلام السياسي عاملين  أساسيين يرتبطان بإشكاليات السلطة السياسية:

الأول: بمدى تقبل الإسلام السياسي الدولة المدنية التي جوهرها النظام الديموقراطي، ومن ثم، تركيزهم على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتطوير البنىية التحتية للمجتمع، كالتعليم ومناهجه والخدمات الصحية وتعزيز الرفاه الاجتماعي.

الثاني: قدرة حركات الإسلام السياسي، على الانتقال من شعارها الراهن الإسلام هو الحل، إلى تقديم حل إسلامي بديلا، يتطلب مستلزمات عملية التغيير والتنمية والتي تحقق الازدهار والاستقرار، وهذا  يتركز كما ذكر الكاتب السوري علي العبد الله، على خمسة مبادئ:

الأول: التحرر من المنهجية التقليدية التي سادت الفقه الإسلامي التقليدي، وبخاصة الاجتهاد الفردي والمنهج التوليدي، واعتماد منهج جماعي وتكاملي يشارك فيه علماء من كل الاختصاصات.

الثاني:التخلص من تبعات التخندق المذهي ، الذي حول الإسلام إلى أديان، بالانفتاح على الجميع وأخذ اجتهاداتهم بالاعتبار.

الثالث: اعطاء عمارة الكون وإقامة العدل والمساواة  بين البشر .

الرابع: تقديم حل عقلاني وعملي لقضايا الفرد والجماعة، المجتمع والدولة، قضايا الاقتصاد والاجتماع والثقافة، التعليم والصحة والخدمات والفن، مستوى معيشة المواطنين  ونمو وتفتح الشخصية الإنسانية.

الخامس: وضع أسس لمواجهة المشكلات السياسية، ووضع قواعد وآليات لإدارة مؤسسات الدولة والشأن العام واقتراح تكييف مؤسسي إجرائي لممارسة الشورى وأهل الحل والعقد، يأخذ الانقطاع الحضاري الذي أمتد لقرون بالاعتبار، يتسق مع روح العصر ومستدعيات الدولة الحديثة[5].

  

الدكتور بدر الدين شيخ رشيد

كاتب وباحث :في القضايا الاسلامية المعاصرة

...............

هوامش 

[1] Tǟriq, Ramadan, The Arab Awaking :Islam and the New Middle East, Allen Lane an imprint of Penguin Books, London, U.K. P,108

 [2]  (سعد الدين العثماني، الدين والسياسة تمييز لا فصل،) تاريخ النشر،  2008- 7- 11م (

http://www.algomhoriah.net/atach.php?id=15535

[3] -Tǟriq, Ramadan, The Arab Awaking :Islam and the New Middle East, Allen Lane an imprint of Penguin Books, London, U.K. P,108

[4]عمار علي حسن، دولة المرشد،) تاريخ النشر، 31-12-2011 م  (   انظر الرابط:

http://www.almasryalyoum.com/news/details/139062

[5]   - علي العبد الله، الاسلا السياسي: التكيف أو الفشل؟ ) تاريخ النشر،  7-9- 2013 م(

، أنظر الرابط: http://alhayat.com/OpinionsDetails/549174

 

في المثقف اليوم