قضايا

عَالَمِيَّةُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ تأصِيلاً وتَمْكِينًا

بليغ حمدي اسماعيلمَاذَا تُمَثِّلُ لَنَا اللُّغَةُ ؟: إنَّ لِلغةِ دَوراً مُهِمَّاً في حَيَاةِ الشُّعُوبِ الإنْسَانيَّةِ؛ فهِي أداةُ التَّفْكِيْرِ والتَّعبيرِعن حَاجَاتِ الإنسانِ وأحَاسِيسِه وعواطِفه مُنذ أقدمِ العُصُورِ حَيث لا يستطيع الإنسانُ أنْ يُفكرَ بدونِ اللُّغَةِ. وهِي أداةُ اتصالٍ بين الأفْرادِ، فعَن طَريْق الكَلامِ والاسْتِمَاعِ يَسْتَطِيع أفْراد الجَمَاعَةِ تَعَرُّفَ ما لَديهم من أفكارٍ ومعارف وآراء ومَشَاعِر.  وعَن طَرِيْقِ القِراءَةِ والكِتابَةِ يسْتطِيع الفَردُ أنْ يخرجَ عن حُدودِ الجمَاعةِ الصَّغِيرةِ ويتصل بالمجْتَمعِ الكَبيرِ ليحققَ مطالِبَه.

وتُعتَبر اللُّغةُ مِرآةً صَادقةً تَعكس صُورةً واضِحَةً لما عَلَيه الأفْرَاد فِى المجْتَمعِ، من ثَقافةٍ ونظم ٍوعاداتٍ وتقَاليد واتجاهات.  ومِن خِلالِها يَتَذوق جَمَالَ التَّعبيرِ، وهِي أداةُ التَّأثيرِ والإقناعِ ووسِيلة لتَحصيلِ الثَّقافاتِ والمعَارفِ . فاللغةُ هي الوعاءُ الذي يحفظ مِيْراثَ الأمةِ وتَاريخها الفِكريِّ والثَّقَافي والفلسفي والديني، وتعتبر عنصراً من العَناصرِ التي تَتحكم في سُلوكِ الفَردِ فهي جزءٌ مِن كيانه لا يستطيع الاستغناء عنها فهو يستخدمها كَما يَستخدم الماءَ والهواءَ وإن لم يُدرك مكنونها وأهميتها وتعقيداتها.

ولُغتُنا العَربيَّة لُغَةٌ عَرِيْقةٌ عَظيمةُ القَدرِ والمنزلة، يكفي شَرفاً أنها لغة القرآن الكريم وشرفها بأنْ جَعلَ اللُّغةَ العَربيَّةَ لِسان رسَالةِ الإسْلامِ، ولم تكن لتحْملَ مَشَقةَ هذه الرِّسَالة لولا المميزات التي منحها الله لها والتي امْتَازتْ بها عن سَائرِ اللُّغاتِ . كما أن الله تعالى أكرم اللغة العربية وبلغت بإكرامه ذروة المجْدِ والكَمَالِ والمنزلة العَظيمة لم تصلها أى لغة فى العَالم، لا فى مَاضِيها وحاضِرهَا ومستقبلها.وذلك لأنَّ الله سبحانه أنزل بها لغة القُرآنِ الكريمِ الذى جاء للبشرية كافة،مما أكسبها صِفة العالمية،  يقول تَعالى: (إنَّا أنْزَلْنَاه قُرْآناً عَربِيَّاً لَعَلكم تَعْقِلُون) (يوسف: 2) .

ويقول أبو الفَتح عُثمان بن جني (1960) عن اللُّغةِ العَربيَّةِ: " إنني تَأملت حَالَ هذه اللُّغة الشَّريفة الكَريمة اللَّطِيْفَة، فوجدت فيها من الحِكْمةِ والدِّقَّة والرِّقَة، ما يملك على جانب الفكر، حتى يكاد يطمح به أمام غلوة السحر، فعرفت بتتابعه وانقياده على بعد مراميه وآماده، صحة ما وفقوا لتقديمه منه، ولطف ما أسعدوا به، وفرق لهم عنه، وانضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند الله، فقوى في نفسي اعتقاد كونها من الله تعالى، وأنها وحي" .

ويُؤكِّد ابن فارس أنَّ لغةَ العربِ أفضل اللُّغاتِ وأوسعها، قَال تعالى  (بِلِسانٍ عَرَبيٍّ مُبِيْن) (الشعراء -195)، فوصفه بِأبلغ مَا يوصف به الكَلام وهو البَيَان، وقال تعالى: (خَلَق الإنسان . عَلَّمه البيان) (الرحمن – 3، 4) .

وقد تَأكد أنَّ القرآنَ الكَرِيم هو الكِتاب الوَحيد الذي احْتفظ بلغتِه الأصْليَّةِ وحفظها علَى قيدِ الحياةِ، وسيحفظها على مرِّ الدُّهورِ، وستموت اللُّغات الحية المنتشرة اليوم في العالم، كما ماتت لغات حيَّة كثيرة في سَالف العصورِ، إلا العَربية فستبقى بمنجاةٍ من الموتِ وستبقى حيةًّ في كلِّ زمانٍ مخالفة النواميس الطَّبِيعيَّة التي تَسري على سَائرِ لُغاتِ البَشرِ، ولا غرو فهي متصلة بالمعجزة القرآنية الأبدية، فالكتاب العربي المقدس هو الحصن الذي تحتمي به اللغة العربية وتقاوم أعاصير الزمن وعواصف السياسة المعادية ووسائلها الهدامة.

اللغة العربية وتحديات البقاء:

ووصلَ الحَالُ بلغتِنا العَربيَّةِ -لغةِ القُرآنِ الكَريمِ- أنَّها أمْسَتْ تُواجهُ تَحَدِّياتِ البَقاءِ، وأصبحتْ تُكافحُ شَبَحَ الفناءِ، وقدْ أحسنَ منطمو هذا المؤتمرِ العلميِّ بعقدِهِ في هذا الوَقتِ المأزومِ، تحتَ هذا العنوانِ الدالِّ بِذاته على خُطورةِ الحالِ التي هَوَتْ لُغةُ الضَّادِ إليه؛ بِتقصيرِ أصحابِها وغفلتِهم، وكيدِ أعدائها وتَربصِهم!! .

وقد شهد في الجَامعات، ضَعفاً مَلحُوظاً في أوساط الطلبة في اللغة العربية؛ ضعفاً علمياً ووظيفياً؛ في القراءة والكِتابة والتَّعْبير والاسْتيعاب والتواصل، وفي تحصيل علوم اللغة العربية، وفي الإقبال عليها. وقد زادت مشكلة ضَعفِ الطلبة في اللغة العَربيَّةِ وتَفشَّتْ حَتى أصْبحَت ظَاهرةً مُقلقةً من ظَواهر التَّردِي الثَّقافي والعِلمِي الذي يلف أمَّتنا العَربية مِن المحِيطِ إلى الخَليجِ.

وفي حقيقةِ الأمر، فإنَّ الشَّكوى من تدني مُستوى الأداءِ اللُّغَوي لَدى بعض المتحدثين بِاللغةِ العربية قَديمة ولَيسَتْ بالحديثة. فقد لاحَظَ ابْن الجوزي شيوعَ اللحنِ في عصره، مما دفعه إلى تأليفِ كِتابه "تقويم اللِّسان"، حيث قال في مقدمته: "إني رأيت كثيراً من المنتسبين إلى العلمِ يتكلمون بكلام العوام المرذول جرياً منهم على العادة، وبعداً عن علم العربية، فعزمت على تأليف كتابي هذا.

كما أن ما لاحظه ابن منظور من ذيوع اللحن في العربية كَان سبباً في تأليف كتابه العظيم "لسان العرب"، إذ يقول في مقدمته: "وذلك لما رأيته قد غلب في هذا الأوان من اختلاف الألسنة والألوان، حتى لقد أصبحَ اللَّحن في الكلام يعد لحناً مردوداً، وصار النطق بالعربية من المعايب معدوداً، وتنافس الناس في تصانيف الترجمانات في اللغة الأعجمية، وتفاصحوا في غير العربية فجمعت هذا الكتاب في زمن أهله بغير لغته يفتخرون".  .

مشكلات تعليم اللغة العربية:

من خلال الاطلاع المستمر على كتابات الأكاديميين اللغويين وجدت أن الطرح الثقافي المتسلل في السياق يدور بهوس شديد في فلك العلاقة التاريخية بين الهوية واللغة، الأمر الذي لا يحتاج إلى مراجعات أكاديمية مكرورة بفضل الشهود الحضاري للغة ذاتها، وتظل ظاهرة عولمة الثقافة والاقتصاد عالقة بأذهان هؤلاء وحدهم يبحثون عن سبل يقين لمواجهة تحديات العولمة في الوقت الذي ينبغي أن تتراهن الجهود بعد تكاتفها في البحث عن مساحات وظيفية حقيقية لممارسة اللغة بصورتها الصحيحة الفصيحة .

ومسألة الريادة الحضارية من المباحث اللغوية التي أرهقت أباطرة التنظير اللغوي بعيدي الصلة عن تطبيقاتها الفعلية، وهؤلاء المُرْهَقُون أزهقوا روح اللغة بالبحث عن ضرورة للحاجة اللغوية وتوصيف مهاراتها مقارنة بلغات أخرى غير مرتبطة لا في الطبيعة الصوتية أو الصرفية فقط من باب الدراسات اللغوية المقارنة الباهتة عديمة النفع، وكان ينبغي على هؤلاء المهمومين بتنظير اللغة وتعقيدها بعد تقعيد قوانينها الحاكمة الاهتمام بالمنتج اللغوي الذي يظهر في الكتابة أو التحدث، وعلينا ألا ندفن رؤوسنا في رمال الصحراء الغربية الشاسعة ونحن نستقرئ ملامح الإنتاج الكتابي لدى بعضنا البعض لاسيما في مؤسساتنا التعليمية، كذلك علينا ألا نذهب صوب البحر طلبا للغرق ونحن نستمع إلى حديث الشباب ببعض الفضائيات الفراغية نسبة إلى الفراغ .

ولطالما اجتهد المخلصون والقائمون على أمر العربية في تعضيد الفكرة القائلة بأن النهوض بالممارسة اللغوية  ـ لا اللغة ـ يحتاج إلى تدخل رسمي مباشر من حكومات الدول العربية، لكن تظل مشكلة ممارسة اللغة احتفالية أو يتم استخدامها بصور رسمية تخضع لبروتوكولات مقيدة في الاجتماعات أو المؤتمرات أو المحافل ذات الصبغة الأكاديمية رغم أن ممارسة اللغة بصورتها التداولية أمر بسيط ويسير ولا يتطلب جهدا أو مشقة .

ولاتزال جهود الحكومات واللغويين منحصرة وقاصرة على كيفية مواجهة حملات التغريب الاجتماعية التي تجتاح مجتمعاتنا العربية بفضل استلابها للتيارات الوافدة، وأصبحت القضية الأكثر حضورا وشهودا هي كيف يمكن للغة العربية بأنظمتها التوافق مع إحداثيات العولمة ثقافيا واجتماعيا ؟ . هذا الصراع أدى بالقطع إلى نشوب حرب باردة بين اللغة وأهلها من ناحية، وبين اللغة والنظريات الثقافية الأجنبية من ناحية أخرى، وصار الصراع ليس من أجل ريادة اللغة وشهودها الحضاري كما كانت عليه منذ قرون، بل من أجل البقاء .

مَشَاهِدُ مُعَاصِرَةٌ:

هذا البقاء هو الذي دفع مجمع اللغة العربية في أبريل 2015 أن تعقد مؤتمرا لغويا دوليا تحت عنوان " اللغة العربية وتحديات البقاء "، ولقد شرفت بالمشاركة في فعاليات هذا المؤتمر المنعقد بمجمع الخالدين ليس دفاعا عن اللغة، ولا عن البحث عن آلية لمواجهة النظريات الثقافية المؤدلجة والتي تحاصر اللغة العربية منذ سنوات ليست ببعيدة، بل من أجل اكتشاف لحظة راهنة وسريعة لتوظيف اللغة ومهاراتها بصورة تداولية تمكن المواطن العربي من التحكم بها قراءة وكتابة واستماعا وتحدثا، هذا الدافع الذي ينبغي أن يجد صدى ورواجا لدى المؤسسات اللغوية الأكاديمية التي بحاجة إلى ثمة سلطات واسعة لتطبيق اللغة في كافة الأوساط المجتمعية ولا تعد قاصرة الاستخدام في قاعات للبحث والتدارس .

وإذا كانت العولمة تتفاخر وتتباهى بأنها سمحت للإنسانية الثقافية فرصة التعدد والاختلاف الثقافي، فإن اللغة العربية ـ وحدها ـ كلغة إنسانية انفردت بقرون بعيدة زمنيا بعدم الإكراه الثقافي لها وسط شعوب وأمم لا تتحدث العربية، بل إن انفراد اللغة وريادتها الحضارية وصلت إلى ذروة الشهود بدخول ملايين البشر إلى الإسلام دون كونهم يتحدثون العربية أو يجيدونها . فالمستشرق جرونباوم  يقول فى مقدمته لكتاب "تراث الإسلام: "إن اللغة العربية هى محور التراث العربى الزاهر، وهى لغة عبقرية لا تدانيها لغة فى مرونتها واشتقاقاتها، وهذه العبقرية فى المرونة والاشتقاق -اللذين ينبعان من ذات اللغة- جعلتها تتسع لجميع مصطلحات الحضارة القديمة؛ بما فيها من: علوم، وفنون، وآداب، وأتاحتْ لها القدرةَ على وضع المصطلحات الحديثة لجميع فروع المعرفة" .

نهايات التربية اللغوية العربية:

نقطة الصفر الغالبة على سياساتنا التربوية تجعلنا نؤكد على ملمح رئيس للتربية العربية التي تشارف على النهاية ؛ أحادية الرؤية التربوية، فمشكلة التخطيط لا تزال تقف عند عائق الأحادية وجنوحها بغير اكتراث أو اقتناع للأخذ بفكرة المشروع الجماعي للتخطيط، حتى ورش العمل والندوات الجمعية التي تعقد ليل نهار بمؤسساتنا التربوية العربية نجدها تدور حول فكرة محددة سابقا وهو أمر محمود، لكن غير المحمود أن هناك ثمة محاور ثابتة لا يمكن الخروج عنها رغم كوننا نردد صباح مساء بضرورة إمطار الأدمغة وتكريس ثقافة العصف الذهني للرؤى والطروحات النقدية البناءة .

ولا يمكن اقتناص أزمة المؤسسة التربوية العربية في المنتفع الأول بها، ألا وهو الطالب نفسه، الذي يظل المصطلح حائرا على تسميته ؛ فمرة يدعى طالبا، ومرة أخرى تلميذا، ومرة ثالثة متعلما بحجة الالتزام بتطبيق استراتيجيات التعلم النشط . وهو في الحقيقة رغم شغبه واستمرائه الفوضى مسكين يستحق الشفقة ؛ لأنه ضحية بعض الإدارات التعليمية الفاشلة التي قد تعاني من فقر الإعداد التربوي المهني، ومعلم خائب لم يكترث بالحصول على درجات علمية تتخطى حاجز الشهادة الجامعية الأولى، ومناهج بائسة انتهت صلاحيتها التعليمة في ظل عالم تربوي متسارع ومتصارع معرفيا ومهاريا.

وإذا كنا نتحدث عن نهاية وشيكة للتربية اللغوية إذا ما لم نتحرك بصورة سريعة لجعل اللغة أكثر وظيفية،  فإن هذا يدفعنا إلى تحديد أبرز عوامل النهاية، وهو التغيرات التربوية المفاجئة والمتسارعة، فإذا كنا نعتقد بأننا على اتصال مستدام بالفكر التربوي الغربي فإن هذا الاتصال حقيقي فعلا لكنه بات اتصالا متأخرا زمنيا، فالترجمة التربوية عادة تقتصر على أطروحات أكاديمية مقرها ومقامها الرسائل العلمية التي لا توظف في ميدانها الحقيقي، وحركة الترجمة تتجه غالبا في هذه الأحايين إلى مجالات الطب والهندسة والفيزياء وكثيرا ما يكون الاتجاه صوب ترجمة إنسانيات النظريات النقدية أو تحليل النفس الإنسانية إلى مكوناتها التي لو فكر المترجمون قليلا لوجدوا علاج النفس وأصول تفسيره في القرآن الكريم .فالترجمة بالفعل قائمة لكنها باهتة وتتناول ما أنتجه العقل الغربي منذ سنوات بعيدة، رغم علم القائمين على القرار التربوي بأن التربية اليوم متسارعة وتصعب متابعة كل جديد بها .

ووجود حركة بطيئة للترجمة، مع تزامن عقدة التخطيط الصفري التي أشرنا إليها منذ قليل، يجلعنا نقف أمام ظاهرة تربوية عربية وهي تقليدية الإدارة، فإذا كان القرار التربوي الفوقي في بعض الأنظمة التعليمية العربية لا يهتم بفكرة التخطيط للمستقبل أو جماعية اتخاذ القرار، فإن الإدارة التنفيذية التي تدير المشهد التعليمي على مستوى المدرسة تتسم بالتقليدية وغياب الحضور عن الاستخدام الإلكتروني، والاستخدام الإلكتروني لا يعني أن المدرسة بها معمل يشتمل على كثير من أجهزة الحاسوب المتطورة فالأمر لا يتعد حد الاستخدام والاستهلاك لا الإنتاج أو تطوير التقنية ذاتها . لكن الإدارات التربوية المعاصرة تطبق اليوم فكر الإدارة إليكترونيا وتسعى لربط المؤسسة التعليمية بالطلاب والمجتمع والمؤسسات ذات العلاقة بالتربوية عن طريق شبكة معلوماتية متخصصة تسهم في رفع الوعي المعلوماتي والمهاري لدى العاملين بالمدرسة وبالتلاميذ وتجعل شركاء المجتمع على علاقة وطيدة بإحدى المؤسسات الوطنية ألا وهي المدرسة .

حسنا، هذا هو العرض في الإدارة، فماذا عن العلاج ؟ العلاج يبدو بسيطا عن طريق تفعيل الإدارة الإلكترونية من ناحية، ومن ناحية أخرى يكمن العلاج في سؤال فعن طريق الأسئلة يعمل العقل ويتفجر بالإبداع، والسؤال هو: ماذا يحدث لو جعلت المدرسة طلابها يشاركون في إدارة المدرسة ولو لمدة يوم واحد كل أسبوع ؟ ليس الأمر بكارثة لأننا في الأصل نجرب ونطور ونعدل ونحذف هذا ونعيد تجديد هذا، وشراكة الطلاب في الإدارة سيجدد شبابها ويحيي شرايينها المتصلبة .

التربية اللغوية ورهانات المستقبل:

وإذا كانت المؤسسات السياسية العربية تسعى منذ وقت إلى التأكيد على قيم الوطنية والعمل الجاد وتوافر الهمم لدى المواطنين الأمر الذي نجم عنه تدشين مشروعات عربية خالصة التخطيط والتنفيذ وتحقيق النجاح أيضا مثل قناة السويس الجديدة على سبيل المثال وغير ذلك من ملامح تستدعي الالتفات وتسترعى الانتباه، فإن المؤسسات التعليمية والثقافية العربية  بات من أولوياتها الآن بعد شهود استقرار أوضاعها السياسية والاجتماعية الأخذ بمبادرة تعليمية عربية تطبق ولو لمدة بسيطة تعقبها مسابقة بين المؤسسات التي تستخدم اللغة الفصيحة بصورة وظيفية .

الأجمل والأرقى والأروع والأدهش حقا حينما أخبرني طلابي بمأساة اللغة الوظيفية، تلك المأساة التي يمكن رصدها واقتناصها في مسابقات غنائية تضرب بالوطن العربي من المحيط القارس إلى الخليج الأكثر دفئا، وهذا الهوس العجيب في اهتمام والتفات الشباب حول تلك المسابقات التي لا تخرج لنا بالفعل صوتا غنائيا حقيقيا، وكان العلاج السحري والحصري لمشكلة تآكل استخدام اللغة الفصيحة وظيفيا هو إطلاق مسابقة وطنية لغوية في المفردات اللغوية ذات الشجرة أو العائلة اللغوية المتماثلة أو المشتركة، وكذلك مسابقة أخرى في المتضادات اللغوية والاشتقاق اللغوي للمفردات .. جميل حقا أن نرى بعضا من أحلامنا المشروعة تتحق وتجري على أرض خضراء، أقصد لغة سائغة تنطلق من ألسنة عصماء .

 

الدكتور بليغ حمدي إسماعيل

كلية التربية ـ جامعة المنيا

.........................

المراجع

- بليغ حمدي إسماعيل (2015): مِنْ مُشْكِلاتِ تَدْرِيْسِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ وطُرُقِ عِلاجِهَا عَلى المُسْتَوَى الجَامِعِيِّ دِرَاسَةٌ تَطْبِيْقِيَّةٌ عَلَى عَيِّنَةٍ مُخْتَارَةٍ مِن طُلابِ كُلِّيَّتَيّ التَّرْبِيَةِ ودَارِ العُلُوْمِ بِجَامِعَةِ المِنْيَا. (مُؤتَمَر اللُّغة العَربية وتحَديات البَقاءِ ـ مجمع اللغة العربية بالقاهرة ـ المَعْهَدُ العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن ـ أبريل 2015 م).

- تشومسكي (1996):  اللغة والعقل، ترجمة بيداء العلكاوي، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد- العراق.

-  جودث جرين (1990): التفكير واللغة . ترجمة: عبد الرحمن بن عبد العزيز.الرياض

- ابن خلدون (1981): مقدمة ابن خلدون. القاهرة. دار نهضة مصر. الطبعة الثالثة.

- داود عبده  (1979): نحو تعليم اللغة العربية وظيفياً . مؤسسة دار العلوم ـ الكويت. ط1

-  ربيكا أكسفورد (1996): استراتيجيات تعلم اللغة. ترجمة السيد محمد دعدور. مكتبة الأنجلو    المصرية . القاهرة.

- مجمع اللغة العربية (1972): المعجم الوسيط .بيروت. دار إحياء التراث العربي.

- مجمع اللغة العربية (1990): المعجم الوجيز. القاهرة. الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية.

- محمد بن أبي بكر الرازي (1993): مختار الصحاح. بيروت. مكتبة لبنان.

 

في المثقف اليوم