قضايا
التباعد الاجتماعي: مفهومه، اجراءاته وفعاليته
في الحد من انتشار فيروس كورونا: دراسة سوسيو تقافية.
ملخص: تهدف هذه الدراسة إلى مقاربة مفهوم التباعد الاجتماعي وآلياته وفعاليته في الحد من انتشار الأوبئة،فيروس كورونا نموذجا، وقد ثم الاعتماد على العمل الميداني من اجل الإحاطة بالموضوع ودراسة مختلف الوثائق والإحصائيات المرتبطة بنتائج الحظر الصحي ومراقبة تطبيق التباعد الاجتماعي وقد خلصت الدراسة إلى أهمية التباعد الاجتماعي كآلية غير طبية لكنها أداة فعالة للحماية من انتشار الأوبئة،و هو ما يفرض ضرورة مراجعة المنظومات الصحية باستدماج الوعي الصحي في آليات العلاج والوقاية،مع إبراز نتائج الدراسة وشروط فعالية التباعد الاجتماعي لاسيما لدى النساء.
مقدمة:
منظمة الصحة العالمية أعلنت أن فيروس كورونا أصبح (وباءا عالميا)، بعد أن اجتاح أكثر من مئة بلد مخلفا (مليوني والنصف إصابة ووفاة أكثر من مئتي ألف، ومسلسل الإصابات مزال مستمرا. مادامت السيطرة على الفيروس المسبب للجائحة غبر ممكنة بشكل نهائي،رغم المجهوذات المبذولة من طرف المختبرات لإيجاد لقاح،و التي يبدو انه مازال صعب التحقق على الأقل قبل أكتوبر المقبل2020 بحسب الكثير من التصريحات الطبية. مواجهة انتشار الوباء في غياب التلقيح يكون عبر آليات الوقاية منه،و منع انتشاره عبر اعتماد مجموعة من الإجراءات الوقائية وخدمات صحية مصحوبة بتعاون مجتمعي شامل. من أهم الإجراءات المعمول بها لمواجهة انتشار الوباء الحضر الصحي المؤسس على فكرة التباعد الاجتماعي.
الدراسة تروم إلى مقاربة مفهوم التباعد الاجتماعي وإجراءاته ومدى فعاليته من زاوية سوسيوتقافية، للوقوف على الشروط الاجتماعية والبنى الثقافية المؤثرة في صيرورة الوقاية من الوباء بناء على آليات التباعد الاجتماعية، وكذا الوقوف على فعاليته من خلال دراسة ميدانية بوسط المغرب.
المحور الأول: الإطار المنهجي للدراسة
1: إشكالية البحث.
يهتم علم الوبائيات إلى جانب دراسة توزيع الأمراض المعدية بين السكان دراسة بيئة المرض وأسبابه،والعوامل المجتمعية والثقافية التي تساهم في زيادة انتشار الأمراض الوبائية في المجتمع الإنساني والحد منها،ونظرا لغياب بعض اللقاحات أصبح الاهتمام متزايدا بعوامل الغير الطبية من اجل الحد من الوباء واتساع انتشاره،أو حتى العلاج منه.حيت أصبح من اللازم الاهتمام بالعوامل الغير الطبية،مثل التاريخ المرضي والعادات الشخصية والعلاقات الأسرية، ونمط السكن كلها عوامل تؤثر في نتيجة العلاج أيضاً.
باستحضار طبيعة الفيروس المسبب للجائحة، وعدم وجود أي لقاح له الأمر الذي يجعل الوقاية منه تتحقق عبر أشكال غير طبية،و هو ما يستدعي توظيف القيم والعادات الاجتماعية والثقافية في كآليات لمنع الانتشار مثل التباعد الاجتماعي والتقليل من التفاعلات الاجتماعية.
فالدراسة تحاول الإجابة عن إشكالية مدى فعالية الإجراءات الغير الطبية، وذات الطابع الثقافي والاجتماعي في مواجهة انتشار وباء كوفيد 19.
2: الأهداف من الدراسة.
يعتبر بول باسكون أن السوسيولوجيا لا تستحق ساعة من الوقت، إلا إذا لم تكن لها نتائج وظيفية وتدرس الوقائع الاجتماعي، لذا يسجل غياب دراسات كثيرة حول الصحة والمرض والأوبئة.
ان الدراسة الأساسية هي التي أنجزها بارسونز سنة 1951 انطلاقا من نظريته الوظيفية، سيعمل على تناول ظاهرتي الصحة والمرض من خلال الإطار الوظيفي، التي يعتبر أن قيمة العنصر في وظيفته داخل المجتمع،حيت يعتبر أن لكل من الطبيب والمريض دور اجتماعي يؤديه. الإنسان المعافى في جسده هو من يملك لقدرة على الفعل والإنتاج وأداء مهام وظيفية داخل مجتمعية.
انسجاما مع التصور الوظيفي الذي يعتبر المريض يكون منحرفا اجتماعيا، أي إن المرض يضع المريض على الهامش الاجتماعي، لأنه لا يستطيع القيام بوظائفه العادية، ولا يستجيب لما ينتظره منه المجتمع" (الوحيشي أحمد بيري وعبد السلام بشير الدويبي 1989 ص65).
الصحة والمرض كظاهرة اجتماعية ولم تهتم بذلك الا خلال السبعينيات من القرن الماضي،فان الاهتمام بالصحة والمرض نجد له حضورا وازنا في علم الانثربولوجيا،الذي اهتم بدراسة الأبعاد الثقافية والرمزية وينظر إلى الصحة والمرض كظاهرة اجتماعية ذات أبعاد رمزية وثقافية،عن طريق إرجاعها إلى نسق من المعايير والقيم الثقافية لكل مجتمع،حيث أن لكل مجتمع قيم سائدة سواء كانت دينية أو سحرية أو معتقدات أو مقدسات. كلها أبعاد يحددها نسق المجتمع وتمثلاث الأفراد للمرض مما يعيد ذلك تراتبيا هرميا للسلطة والهيمنة وتوزيعها داخل المجتمع.
فان أهداف هذه الدراسة تروم مايلي:
أولا: معرفة فعالية التباعد الاجتماعي كآلية من آليات الوقاية من الفيروس
ثانيا: معرفة حجم القبول او المقاومة لتطبيق آلية التباعد الاجتماعي
ثالثا: معرفة آليات المقاومة وآليات القبول بفكرة التباعد
رابعا: معرفة دور القيم الثقافية والاجتماعية في تفعيل آلية التباعد الاجتماعي
3: اهمية الدراسة
قيمة وأهمية الدراسة تكمن في البعد الوظيفي للدراسة، من خلال دور آلية التباعد الاجتماعي في الوقاية من انتشار الفيروس .
ومما يسمح باستثمار نتائجها في الأزمات القادمة في حالة عودة الفيروس .
4: اجراءات الدراسة الميدانية.
سيتم انجاز الدراسة الميدانية وفق الخطوات الآتية:
4-1: الإطار الزمني:
يتعلق الأمر بمرحلة انتشار وباء كورونا بالمغرب واتخاذ السلطات العمومية قرارا بحالة الطوارئ الصحية، والطي يقضي بتطبيق العزل الصحي والتباعد الاجتماعي كآلية من آليات منع انتشار الوباء، فالوعاء الزمني المخصص للدراسة كان خلال شهري فبراير ومارس 2020.
4-2: الإطار المكاني:
مكان الدراسة بوسط المغرب وتحديدا بمنطقة قلعة السراغنة وهي مدينة متوسطة السكان ويبلغ عدد سكانها حسب أخر إحصاء رسمي لسنة 2014 حوالي نصف مليون نسمة . وتمتاز اجتماعيا بطابعها المحافظ نسبيا مع نزعة التحرر لدى الشباب وأفراد الجالية بالخارج،و اغلب ساكنتها من العالم القروي والتي تتجاوز 360 ألف نسمة.
5-3: أدوات الدراسة .
5-3-1: المنهج المعتمد في الدراسة.
المنهج المعتمد في الدراسة يشمل مايلي:
أولا: المعاينة المباشرة وحضور فعاليات السلطات العمومية في كيفية تدبير وتنفيذ قرار الحظر الصحي والتباعد الاجتماعي.
ثانيا: تحليل الوثائق والمعطيات والأرقام المتوصل بها من طرف لجنة اليقظة الإقليمية
ثالثا: دراسة كافة المنشورات على فضاءات التواصل الاجتماعي ووسائل الأعلى
المحور الثاني: الإطار المفاهيمي للدراسة
2-1: التباعد الاجتماعي
ما لا يوجد كمفهوم،لا يوجد بالمرة،لذا فان أية دراسة لا يمكن ان تتحقق إلا عبر مجموعة مفاهيم ناظمة تعكس التصورات التي بها يتم مقاربة الموضوع ودراسته.
هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات الغير الطبية لإيقاف انتشار المرض المعدي أو لإبطائه،من خلال مجموعة من التغييرات التي تشمل الحد من التواصل الاجتماعي لخفض احتمال الاتصال بين المصابين بالعدوى وغير مصابين . حيت يتم عزل المصابين في أماكن خاصة والذين تظهر عليهم أعراض الوباء كالسعال والحمى، لذا يتم عزلهم لمدة 15 يوما وهي مدة احتضان الفيروس في الجسد.
التباعد الاجتماعي هو طريقة وقائية من العدوى وانتشار الوباء بشكل جماعي،و يتحقق التباعد عبر جملة من الإجراءات منها منع او التقليل من التواصل الاجتماعي لاسيما في الفضاءات الاجتماعية المكتظة والمغلقة هو ما دفع السلطات العمومية إلى إغلاق كل المرافق والأنشطة العامة.
في حالة تفشّي وباءٍ ما، فإنّ تطبيق تباعد اجتماعي يصبح إجراءا ضروريا لمنع انتشار الوباء، وهو من التوجيهات التي نص عليها الدين الإسلامي عبر وصية الخليفة عمر بن الخطاب في حالة وجود وباء بمنطقة ما فان الخروج منها ممنوع والذهاب إليها ممنوع.
يتضمن مفهوم التباعد الاجتماعي الابتعاد عن التجمعات البشرية بشكلٍ عام، والحد من التواصل الاجتماعي بكافة أشكاله قدر الإمكان،كالعمل من المنزل، التواصل عن البعد، الدراسة عن بعد، والاستشارة الطبية عن بعد،ممارسة الرياضة بشكل فردي والابتعاد عن أماكن الاكتظاظ والازدحام وأماكن الخدمات العامة،وهو الأمر الذي يقود إلى إغلاق كل المرافق العامة مثل المواصلات العامة والمقاهي والمطاعم والمتاجر والمدارس.
التباعد الاجتماعي يساعد على التأقلم والتكاتف معاً من أجل إبطاء انتشار الفيروسات، خاصة إذا تمكّنا من تطبيقه وإدارته بشكل جيد. هو ما عبر عنه وزير الصحة المغربي أن إجراءات الحضر الصحي والتباعد الاجتماعي قد منعت حوالي 40 ألف شخص من الإصابة.
قد حدد ريتشارد ديفيدسون، أستاذ علم النفس والطب النفسي في جامعة ويسكونسن ماديسون أهمية التباعد الاجتماعي باعتباره عملا تطوعيا من اجل الذات ومن اجل الآخرين، حين اعتبر أن التباعد هو عمل سخي نقدم من خلاله الخير لأنفسنا ولمجتمعنا، لذلك، في كل مرة نمارس فيها التباعد الاجتماعي، نشارك في عمل مفيد للآخرين.
2.2 مفهوم القيم الاجتماعية.
يرى علماء الاجتماع أن عملية التقييم تقوم على أساس وجود مقياس ومضاهاة في ضوء مصالح الشخص من جانب، وفي ضوء ما يتيحه له المجتمع من وسائل وإمكانات لتحقيق هذه المصالح من جانب آخر، ففي القيم عملية انتقاء مشروط بالظروف المجتمعية المتاحة. فالقيم هي مستوى أو معيار للانتقاء من بين بدائل أو ممكنات اجتماعية متاحة أمام الشخص الاجتماعي في الموقف الاجتماعي (عبد اللطيف محمد خليفة1992،ص 3).
القيم هي دوافع للسلوك تتأثر بالثقافة السائدة في المجتمع على أن مفهوم العادة يشير إلى مجرد سلوك بطريقة تلقائية في مواقف معينة، بينما القيم تنظيمات أكثر تعقيدا من السلوك المتكرر وأكثر تجريدا، كما تحتوي على أحكام معيارية للتمييز بين الخطأ والصواب والشر والخير وهذا أمر لا يمكن توافره في العادة (عبد الرحمان الشعوان: 1997،ص 1)
3-3: التمثلات الاجتماعية
يعرف أبن منظور التمثل ب: " التمثل من مثل الشيء أي صوره حتى كأنه ينظر إليه، وأمثله أي تصوره، ومثلث له تمثيلا إذا صورت له مثاله بكتابة أو غيرها، وتمثيل شيء بشيء يعني التشبيه " (.بن منظور ص 614.(
التحديد الاشتقاقي لكلمة Représentation باعتبارها أصل وجذر المفهوم وتعني الفعل الذي يتم به تقديم موضوع او شيء أمام العين أو الذهن:
غير أن المقاربة اللغوية رغم أهميتها تبقى غير كافية للإحاطة بمفهوم أصبح مركزيا في كل الدراسات الإنسانية والاجتماعية،مما يستدعي تنويع قنوات البحث لإضاءة وتحديد المفهوم بشكل ملائم،حسب سيرج موسكو فيسي Serge Moscovici فالتمثلات تحيل على المجال التفاعلي بين ماهو فردي وماهو اجتماعي، هو الأمر الذي يفسر الاهتمام المتزايد بالمفهوم من داخل تخصصات معرفية متعددة بغض النظر عن نوعية المقاربات المستخدمة في البحوث.
حسب جودلي JODELET فان التمثلات تعتبر أداة توجيه للفعل،ونمط لتفسير الوقائع،فالتمثل الاجتماعي هو مفهوم مشترك بين المفاهيم النفسية والمفاهيم الاجتماعية،و هو ما يقود إلى اعتبار أن التمثلات هي شكل البنايات والتصورات التي تقود الى فهم المحيط الاجتماعي والثقافي العام (MOSCOVICI،1973،p: 40) .
فاختلافات ثقافات الأفراد من خلال اختلاف شبكة الرموز والقيم والأفكار توثر في اختلاف رؤية الأفراد إلى الأشياء، ان اختلاف تمثلات الأفراد مرتبطة باختلاف السياقات الثقافية التي ينتمون إليها.
كما أن التمثلات الاجتماعية تتجاوز ما هو فردي لأنها مرتبطة بشبكة وبنية جماعية تستمد قوتها من تاريخ المجتمع، وان مهمة التمثلات الاجتماعية ترتبط بوظيفة حيوية تتمثل في الحفاظ على الجماعة وتناسقها،وهو مايفسر تغير التمثلات الفردية ونسبيتها لأنها مرتبطة بتجربة الإفراد الخاصة والشخصية، عكس التمثلات الجماعية فهي متناسقة وتتميز بالثبات لأنها مرتبطة بالوعي الجمعي بحسب إميل دوركايم .
عموما يمكن الاطمئنان إلى أن التمثلات الاجتماعية هي طريقة تفسير وتأويل الواقع المعاش بناء على معطيات نفسية واجتماعية،و هي بذلك تعتبر شكلا من أشكال المعرفة الاجتماعية من اجل قراءة الواقع الاجتماعي والتعامل معه بناء على أنشطة هادفة.
ولقد ساهم العديد من علماء الاجتماع والانتربولوجيا وعلم النفس الاجتماعي في دراسة ظاهرة "التمثل". ويمكن القول أن لكل تخصص من تخصصات العلوم الإنسانية تعريفه لخاص لمفهوم "التمثل الاجتماعي، القراءة المتقاطعة لمفهوم التمثلات تقودنا الى استنتاج أهم الخصائص المميزة لتمثلات وبشكل تقريبي من خلال:
اولا: أن التمثل هو معرفة عملية مستمدة من تجارب الفرد .
ثانيا: انها معرفة نتيجة تفاعل عملي بين الفرد وبموضوع( Ladrière 1996، p. 823 )فهو عبارة عن عملية بناء - لصورة من طرف الذات عن موضوع ما.
ثالثا: إن كل تمثل هو نقطة تقاطع بين الفردي والجماعي، أي أنها تعني الفرد كما تعني - الجماعة والمجتمع في نفس الوقت.
رابعا: التمثل ليس فقط هو بناء لصورة عن شيء ما، أو المعرفة التي ننتج، ول كنه أيضا - الحكم أو التقييم الذي نحمله أو نكونه عن ذلك الشيء.
رابعا: خامسا: إن تمثلا ما لا ينحصر في معرفة موضوع معين، وليس مجرد خطاب عن واقع ما، إنه وسيلة للفعل بالنسبة للأفراد.
خامسا: إن كل تمثل فردي هو بالضرورة تمثل اجتماعي وتقافي.
سادسا: ان كل تمثل يعكس الإطار التفافي وألقيمي للشخص الذي يحمل هذا التمثل.
سابعا: ان كل تمثل له طبيعة معرفية تختص بكيفية معالجة المعلومة المتقاة، وتأويل موضوع معين.
ثامنا: يتضمن كل تمثل جانبا من الحس العاطفي والقيمي للفرد، إي انه يحمل شحنات عاطفية لذات المتمثلة وهوما يجعل التمثلات في غالبية الأحيان تحمل جزءا من الجوانب اللاعقلانية. إن دراسة التمثلات الاجتماعية السائدة عن الصحة والمرض في المجتمع تهدف في نظر كلودين هرزليش إلى " البرهنة من خلالها على وجود نسق فكري منسجم، مكون من مفاهيم مستقلة سائدة عن الصحة والمرض. مستقلة عن مقولات المعرفة الطبية. إن دراسة التمثلات الاجتماعية تظهر بوضوح أن اللغة التي يعبر فيها عن الصحة والمرض، ليست لغة جسم الكائن العضوي: ولكنها لغة العلاقة بين الفرد الخاضع للتنشئة الاجتماعية الخارجيةبين الفرد والمجتمع، ( 1976،p 23 Herzlich ).
المحور الثالث: مقتضيات قانون الطوارئ الصحية: مفهومه واجراءاته.
3-1: تطبيق حالة الطوارئ الصحية المؤسسة على قاعدة التباعد الاجتماعي
هذا الإجراء الاستثنائي يندرج فى إطار التدابير الوقائية الاستعجالية التى تتخذها السلطات العمومية،من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا، حيت كان الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطنى ابتداء من 20 مارس 2020 على الساعة السادسة مساء إلى غاية 20 أبريل فى السادسة مساء ."
حدد قانون الطوارئ من الاجراءات الرادعة في حالة مخالفة القانون،كما حدد مجموعة من العقوبات والتي تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر وغرامة تتراوح ما بين 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.
الإجراءات الخاصة بقانون حالة الطوارئ الصحية تهدف إلى تمكين السلطات من اتخاذ التدابير اللازمة من أجل التزام الناس بيوتهم، وعدم مغادرتها إلا فى حالة الضرورة القصوى ومنع أى تجمع. واتخذ المغرب إجراءات للحد من انتشار الفيروس إلى جانب حالة الطوارئ الصحية حيث أغلق مجاله الجوى أمام الرحلات الخارجية والداخلية وعطل المدارس وعلق جميع الأنشطة.
بتاريخ 10 مارس أقر المجلس الحكومي الاستثنائي ليومه السبت، تمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا “كوفيد-19” إلى غاية 20 ماي المقبل.
الحكومة تصادق على تمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية حيث تقدم كل من وزير الداخلية ووزير الصحة بتقرير أمني وصحي حول الوضع العام بالبلاد.
وقال بلاغ مشترك، أن جميع الإجراءات الوقائية والزجرية المعمول بها في إطار المرحلة الأولى “لحالة الطوارئ الصحية” ستظل سارية المفعول طيلة هذه المدة الإضافية، مع تكييفها كلما اقتضى الأمر ذلك حمايةً للصحة العامة للمواطنات والمواطنين.
الفرع الثاني: كرونولوجيا تطبييق حالة الطوارئ الصحية.
بعد إعلان المغرب عن حالة الطوارئ الصحية يوم 19 مارس 2020، اتخذت سلطات المملكة مجموعة من الإجراءات والتدابير لضمان تطبيق حالة الطوارئ الصحية للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وحماية المواطنين من هذا الوباء وبحسب المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة ان إجراءات الحضر الصحي جنبت المغرب حوالي 40 ألف إصابة وهو ما يعكس قيمة وأهمية الإجراءات الوقائية المؤسسة على القيم الثقافية والاجتماعية كإجراءات غير طبية.
وفي ما يلي الشريط الكرونولوجي لتطبيق حالة الطوارئ الصحية في المغرب
19 مارس2020
- إعلان حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد ابتداء من يوم الجمعة 20 مارس على الساعة السادسة مساء، لأجل غير مسمى كوسيلة.
20 مارس2020:
دخلت حالة الطوارئ الصحية في المملكة حيز التطبيق على الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة 20 مارس، تنفيذا للقرار الصادر يوم الخميس 19 مارس2020.
- تم تحديد لائحة الأنشطة التجارية والخدماتية الضرورية التي يجب أن تستمر في تقديم خدماتها ومنتوجاتها للمواطنين خلال فترة الطوارئ الصحية.
21 مارس2020:
-إطلاع البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدة بالمغرب على التدابير المتخذة من قبل المملكة لاحتواء فيروس كورونا. - منع استعمال وسائل التنقل الخاصة والعمومية بين المدن.
- الخطوط الملكية المغربية تعلق رحلاتها المحلية.
-الإعلان عن توقيف جميع قطارات الخطوط وتأمين الحد الأدنى من قطارات القرب ابتداء من يوم الاثنين 23 مارس على الساعة 11:59 ليلا.
22 مارس2020:
-وزارة الثقافة والشباب والرياضة تدعو إلى تعليق إصدار الطبعات الورقية للصحف حتى إشعار آخر. -مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.
-شركات الاتصالات الثلاث العاملة بالمغرب قررت أن يصبح الولوج مجانيا بصفة مؤقتة عبر الشبكات الثابتة والمتنقلة، إلى جميع المواقع والمنصات المتعلقة بـ "التعليم أو التكوين عن بعد" الموضوعة من طرف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.
23 مارس2020:
-لجنة الداخلية والجماعات الترابية بمجلس النواب تصادق على مشروع مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية.
24 مارس2020:
- رئاسة النيابة العامة تدعو إلى التطبيق الصارم للمرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.
- توقف احتساب الآجال القانونية للتصريح بوقائع الحالة المدنية إلى غاية الإعلان الرسمي عن رفع حالة الطوارئ الصحية.
-صدور مرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها بالجريدة الرسمية.
-المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يضع مجموعة من الإجراءات من أجل الحد ما أمكن من تنقلات زبنائه إلى وكالات المكتب.
26 مارس2020:
-إطلاق بوابة إلكترونية خاصة بالتعويضات الجزافية الشهرية (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
-منح تعويض شهري جزافي قدره 2000 درهم لفائدة الأجراء والمستخدمين المتوقفين مؤقتا عن العمل المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
29 مارس2020:
- أطلقت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي برنامجا لدعم استثمارات المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي تستثمر في مجال تصنيع المنتجات والمعدات المستعملة في مواجهة جائحة كورونا.
- وزارة التربية الوطنية تقرر مواصلة التعليم عن بعد وتأجيل العطلة الربيعية.
- بنك المغرب يعتمد مجموعة من التدابير الجديدة لدعم الاقتصاد والنظام البنكي.
30 مارس2020:
- الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يصدر نسخة جديدة للبوابة الإلكترونية "covid19.cnss.ma".
- المركز السينمائي المغربي يقدم مجموعة من الأفلام المغربية الطويلة عبر الانترنت.
- عملية الدعم المؤقت: إيداع الطلبات عبر إرسال رقم التغطية الصحية لرب الأسرة عبر هاتفه المحمول إلى الرقم الأخضر 1212 وعدم التردد على مقرات العمالات والملحقات الإدارية والقيادات.
31 مارس2020:
- أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة اتخاذ مجموعة من إجراءات المواكبة، بشكل مؤقت واستثنائي، لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية.
- تمديد سريان تدبير إرجاء العمل بمراكز تسجيل المعطيات التعريفية ومصالح مراقبة الأجانب حتى إشعار آخر.
01 أبريل2020:
- وزارة الصحة تدعو المواطنين إلى التحلي بالصبر والتقيد الصارم بتدابير الحجر الصحي.
- شركة (ريضال) تعتمد أنشطة وحلولا بديلة تجاه الزبناء بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية.
-مصرف المغرب يضع آلية لتأجيل سداد أقساط القروض العقارية وقروض الاستهلاك.
02 أبريل2020:
- متابعة 4835 شخصا قاموا بخرق حالة الطوارئ الصحية من بينهم 334 أحيلوا على المحكمة في حالة اعتقال رئاسة النيابة العامة.
- اتخاذ مجموعة من التدابير لدعم الإدارات العمومية في تبني الحلول الرقمية .
أعلنت الحكومة المغربية، مساء الأحد 21 مارس 2020،أن حالة الطوارئ الصحية، للحد من انتشار فيروس كورونا أو كوفيد 19 ستمتد حتى 20 أبريل المقبل.
الفرع الثالث: الإجراءات المتخدة على صعيد مجال الدراسة لتطبيق الحظر الصحي بإقليم قلعة السراغنة.
بمجرد إعلان تطبيق مقتضيات حالة الطوارئ الصحية في المغرب، إذ تغيرت الصورة بشكل كبير في إقليم قلعة السراغنة والبالغ عدد سكانه حسب أخر إحصاء رسمي لسنة 2014 حوالي نصف مليون نسمة ويضم 39 جماعة قروية وأربع بلديات ،ذات الكثافة السكانية الكبيرة في مركز الإقليم والمتوسطة في الجماعات القروية والتي يبلغ عددها 39 جماعة، فقد تضاءل بشكل كبير عدد المارة والسيارات في شوارع، فيما اختفت أيضا مظاهر التجمهر أمام المحلات التجارية في الكثير من أحيائها. كما يلاحظ احترام أكبر لمسافة الأمان بين من اضطروا للتواجد في مكان واحد سواء لتبضع او لاقتناء دواء من الصيدليات. كما ثم توقيف كافة الخدمات الإدارية والصناعية والرياضية والترفيهية والاجتماعية والتفافية.
و تقوم إستراتيجية تنفيذ حالة الطوارئ الصحية على مبدأ التقسيم الحالي،حيت يتم تشكيل لجنة للمراقبة واليقظة تتكلف بتنفيذ مقتضيات الحظر الصحي على صعيد كل دائرة ترابية والتي تتشكل من ثلاثة الى أربعة جماعات ترابية ويشرف عليها ممثل السلطة المحلية وعناصر من الدرك الملكي وعناصر من الحرس الترابي ومن الوقاية المدنية اظافة إلى أعوان السلطة وممثلين عن مندوبية الصحة.
وتقوم اللجنة بمجموعة من الإجراءات ومنها:
7-1: حملات التوعية: حيت يتم تنظيم حملات للتوعية عبر مكبرات الصوت من اجل ابراز خطورة الوضع، وطبيعةالوباء واهمية البقاء في المنازل تطبييقا لالية التباعد الاجتماعي. وضرورة الابتعاد عن الاختلاط والازدحام في الاماكن العامة .
مع ابراز انه لا يوجد علاج "فردي" لوباء كورونا لحد الآن، فإن العلاج الوحيد المتوفر،
هو "علاج جماعي" تمثل في الالتزام بالبقاء في المنازل وكسر سلسلة انتقال العدوى أو التقليص من سرعتها ومداها الجغرافي . على الأقل، وكل تجاوز لقواعد تناول هذا "الدواء" من أي شخص قد يهدد بروتوكول العلاج برمته ويفتح الباب أمام كارثة جماعية تكون كلفتها اكبر بأضعاف مضاعفة من مجرد الاستغناء عن جولة في الشارع أو الحارة أو الحي أو الدوار أو القرية .
7-2: إصدار تراخيص استثنائية للتنقل.
حيت قررت السلطات الاقليمية والمحلية منح رخص للتقل بمعدل رخصة واحدة.
لكل شخص للمنزل تمنح للشخص المكلف بتلبية حاجيات الاسرة . اظافة الى منح رخص
للاشخاص الذين يعانون امراضا مزمنة او يتابعون علاجات تستدعي متابعة طبية كما تمنح رخص للاشخاص الذين يعملون في المرافق الحيوية والمنشات العامة الغير المشمولة بالتوقيف
لسائقي الشاحنات الكبيرة والتي تقوم بمهمات النقل التجاري لمواد التموينية.
7-3: تنظيم حملات للتعقيم:
حيت يتم التنسييق بين لجنة اليقظة ومصالح الجماعات الترابية بتعقيم الشوارع العامة والازقة والمرافق.
7-4: فرض استعمال الكمامات الطبية.
أصبح لزاما على المواطنين الذين يتوفرون على رخص الخروج الاستثنائية من اجل التسوق او العلاج استعمال الكمامات الطبية تحت طائلة التوقيف والمتابعة بخرق القانون .
7-5: تنظيم حملات لمراقبة الحظر والتباعد الاجتماعي .
حيت تقوم لجنة اليقظة بمراقبة كافة المجالات الترابية لاسيما الإمكان العامة والأسواق وأماكن التجمعات تنظيم دوريات مشتركة وإقامة سدود على الطرقات العامة من اجل نطبييق مقتضيات الحظر الصحي .
7-6: متابعة المخالفين واحالتهم الى العدالة.
تقوم اللجنة بمجرد ضبط مخالف لمقتضيات لقانون بربط الاتصال بممثل النيابة العامة ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية الى حين عرضه على المحكمة .
7-7: إصدار التراخيص الاستثنائية لأصحاب النقل التجاري.
ضمانا لتزويد السوق الداخلية بالمؤن لاسيما ذات الطابع الاستهلاكي يتم إصدار تراخيص استثنائية
7-8: حملات التوعية على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
يتم تنظيم حملات للتوعية عبر مكبرات الصوت وبشكل يومي عبر مختلف الأزقة والشوارع ودواوير الجماعات الترابية،من خلال إبراز خطورة الوباء وعدم وجود اي علاج له سوى الوقاية منه عن طريق الابتعاد عدم الاختلاط.رافق عملية تطبيق مقتضيات قانون الحظر الصحي حملة إعلامية موسعة لشرح طبيعة الفيروس وأشكال مواجهته ومنع انتشار الوباء،اظافة الى حملات كثيفة وموسعة على شبكات التواصل الاجتماعي والتي كشفت الانخراط الاجتماعي في مواجهة. .
فحفاظ الإقليم على النسبة يعكس نجاح وفعالية الإجراءات الغير الطبية المعتمدة والتي تجدد أساسها في العوامل التفافية والقيمية للمواطن ومدى تجاوبه مع خطابات وقرارات السلطات العمومية .
7-9: متابعة حالات المخالطين للمصابين بالعدوى عبر فحص يومي من طرف طبيب المركز.
7-10: مراقبة المخالطين وحراسة منازلهم لمنعهم من الخروج .
7-11: متابعة حالات المرضى.
7-12: مباشرة عمليات الدفن والحرص على عدم إقامة الجنائز وإلغاء العزاء.
من أهم التغييرات الحادة تلك المتعلقة بمراسيم الدفن،حيت أصبح منوعا إقامة الجنائز ومراسم العزاء حيت يتم دفن الميت بحضور شخصين فقط من عائلته. حيت لا تتمكن أفراد عائلة الفقيد من حضور مراسم الدفن بسبب إلاجراءات ألامنية والصحية الصارمة،حيت يتم تجهيز القبر في مكان معزول عن باقي المقابر كإجراء احتياطي لاستقبال جثث أخرى من المتوفين بفيروس كورونا. ويتم استبدال الكفن الأبيض والبخور والعطور التي يلف بها جثمان الفقيد بأكياس سوداء عازلة وصناديق خشبية .
المحور الرابع: التمثلات الاجتماعية حول الوباء وحول التباعد الاجتماعي.
بعد الوقوف على نوع المخالفات المرتبطة بخرق إجراءات التباعد الاجتماعي ثم اجراء البحث حول تمثلات المواطنيين،حول الوباء وطبيعته من خلال عينة عشوائية مكونة من 100 مفردة وقد تم اعتماد تقنية المقابلة.
الجدول (1): جدول يبين طبيعة التمتلات الاجتماعية حول الفيروس
التمثل الاجتماعي النسبة
فيروس خطير لا علاج له 71
مجرد مرض 17
عقاب الهي 9
عدم الاجابة او جهلها 3
يتضح من خلال نتائج البحث الميداني من خلال توظيف تقنيتي الاستمارة والمقابلة ان 71 في المئة من المستجوبين يعتبرون ان الفيروس كوفيد 19 هو فيروس خطير ولا علاج له، وهو تمثل صحيح ينسجم مع المعطيات الصحية التي يتم نشرها عبر مختلف وسائل الاعلام الرسمية ومن خلال البرامج الطبية والتوعوية .و ان نسبة قليلة مازلت تعتبر ان الفيروس هو عقاب الهي في حق المخالفين لشرع الله .
النتائج المتوصل بها تكشف الاستنتاجات الآتية:
أهمية وسائل الإعلام الرسمية والشعبية في التحسيس، وفي رفع منسوب الوعي الصحي وإدراك مخاطر الفيروس وهو ماكشفته نتائج البحث حيت ان 71 في لمئة يملكون تصورات مطابقة لحقيقة الفيروس،كما كشفت النتائج ان هناك من المستجوبين مازال يملك تصورات دينية حول طبيعة الفيروس كعقاب الهي.
4-1: تمثلات المواطنيين حول طرق انتقال الفيروس .
بعد إجراء بحث استقصائي لمعرفة تمتلات المواطنين حول وباء كورونا، سيتم البحث والاستقصاء حول تمثلاتهم بخصوص كيفيات انتقال العدوى، وقد تم إجراء مقابلة مع 100 شخص بتوظيف عينة البحث العشوائية . فكانت النتائج كمايلي:
الجدول (2) تمتلات المواطنين حول طرق انتقال لعدوى
كيفية الانتقال النسبة
عن طريق اللمس والعطس 25
عن طريق الهواء 20
عن طريق نقل الدم 18
الجلوس قرب المريض 32
الابتعاد عن شرع الله 05
نتائج البحث كشفت أن اغلب تمثلات وتصورات المستجوبين حول طرق العدوى منسجة مع المعطيات والتقارير والاخبار التي يتم اذاعهتا ونشرها عبر القنوات وووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي . كما يسجل كذلك حضور البعد العقابي والديني والمتمثل في كون الوباء هو عقاب الهي للبشر نتيجة مخالفة الشرع.
4-2: تمثلات الاجتماعية حول طرق العلاج.
من اجل معرفة تمتلات الاجتماعية ثم اجراء مقابلة عبر توظيف عينة بحث عشوائية ل 100 مفردة حول طرق العلاج من الوباء فكانت النتائج كالتالي:
الجدول (3) التمثلات الاجتماعية حول طرق العلاج.
طرق العلاج النسبة
عن طريق الادوية. 35
عن طريق الوقاية . 52
ارتداء الكمامات والنظافة . 13
بخصوص المعطيات المحصل عليها حول تمثلات المستجوبين بخصوص أساليب العلاج
فيتضح ان الجميع ركز على معطيات طبية،و لم يتم التطرق الى العنصر الديني وهي ملاحظة تستدعي التوقف والتفسير، كيف ان بعض التمثلات الاجتماعية حول أسباب الفيروس تركز على البعد الديني باعتباره عقابا الهيا وهو مايفرض ان العلاج يكون بضرورة انتفاء الأسباب النتيجة لهذا الفيروس من خلال الرجوع الى الله وعن طريق فعل العبادة،لكن يبدو ان هؤلاء الذين يفسرون أسباب الوباء وسرعة انتشاره بأسباب دينية وعقابية يفتقدون الى الانسجام في تصوراتهم،لانه حين تعلق الأمر بطرق العلاج فقد ركزوا على الجانب الطبي والواقعي.
4-3: تمتلات المستجوبين حول مفهوم التباعد الاجتماعي.
بعد إجراء بحث استقصائي لمعرفة تمتلات المواطنين حول وباء كورونا، سيتم البحث والاستقصاء حول تمتلاتهم حول مفهوم التباعد الاجتماعي وآلياته، حيت ثم إجراء مقابلة مع 100 شخص بتوظيف عينة البحث العشوائية .
الجدول )4التمثلات الاجتماعية حول مفهوم التباعد الاجتماعي(.
مفهوم التباعد الاجتماعي النسبة
عدم الاختلاط 22
عدم الخروج من المنزل 18
عدم الذهاب الى العمل 10
الابتعاد عن اماكن العدوى 24
الابتعاد عن الاماكن العامة 22
ارتداء الكمامات 4
النتائج المحصل عليها يتضح ان غالية المستجوبين يعرفون دلالات وإجراءات العزل الصحي
و المتمثلة في عدم الاختلاط والالتزام بالمنزل والابتعاد عن الأماكن العامة والموبوءة.
4-4: خرق مقتضيات التباعد الاجتماعي حسب معيار الجن .
من اجل معرفة طبيعة المخالفين لمقتضيات التباعد الاجتماعي ثم الرجوع الى سجلات اللجنة الإقليمية للتتبع حيت تم الوقوف على المعطيات والنتائج الآتية:
المخالفين والمخالفات لمقتضيات التباعد الاجتماعي 2020.
الجدول (5): المخالفين للحظر الصحي حسب الجنس
المخالفين من الذكور 1696
المخالفات من النساء 120
الاستنتاجات: يتضح من خلال النتائج المحصل عليها من إحصائيات اللجنة الاقليمة لليقظة والتتبع ان النسبة الكبيرة من المخالفين تعوذ للذكور عكس نسبة قليلة من النساء، وهو ما يدعو الى تفسير النتائج وابحث عن الخلفيات الاجتماعية لهذه لنتيجة، ولماذا تحترم النساء التباعد ومقتضيات الحظر الصحي على عكس الذكور.
المحور الخامس: فعالية التباعد الاجتماعي: النتائج والأسباب.
بالرجوع الى النتائج المحققة بإقليم قلعة السراغنة والذي يسجل انه من الأقاليم القليلة بالمغرب والذي عرف أربعة إصابات، واحدة لسيدة جاءت من خارج الإقليم وقد تم شفاؤها وشخص من مدينة ازيلال وأخ وأخته بمنطقة قروية تسمى الجماعة الترابية سيدي عيسى بن سليمان.
رغم ان الإقليم يقع بين ثلاث بؤر وبائية وهي الدار البيضاء 586 حالة ومراكش 490 والرحامنة 250 حالة،فان الإقليم مازال لم يعرف ظهور بؤر وبائية وهي نتيجة فعالية الإجراءات الاستباقية التي تم اتخذها وتنفيذها ويتعلق الأمر بالتباعد الاجتماعي .
من الملاحظات التي يمكن تسجيلها خلال فترة الحجر الصحي /التباعد الاجتماعي الذي فرضه “الوباء” ما أدى إلى تعليق التفاعل الاجتماعي المباشر وتعليق عدد من أشكال النشاط والحياة الاجتماعية اليومية بكافة أبعادها: اقتصادية/اجتماعية /ثقافية /سياسية /فنية/رياضية، هو ما اثر كثيرا على الحياة اليومية للمواطنين لاسيما الفئات المعوزة وذات الدخل المحدود في ظل التوقف عن العمل وغياب سلوك الادخار.
تطبيق آليات التباعد الاجتماعي حملت شعار “بقى في دارك ” تجسيدا لمقولة الوصفة طبية للتباعد الاجتماعي،بدءا بالاعتماد على مبادئ التباعد الاجتماعي والابتعاد عن التفاعلات الاجتماعية كآلية لمواجهة الوباء، حيت ثم تعويض التفاعلات الاجتماعية والنقاش العمومية ونقلها من العالم الواقعي الىى العلم الافتراضي،و النتيجة نشطت دائرة النقاش الافتراضي لاسيما النقاشات والندوات عبر تقنية المباشر اللايف والمنظم من طرف المؤسسات والأحزاب والجمعيات والشخصيات العامة، اظافة إلى تغير نمط الحياة للمواطنين والذين اعتادوا على السلوك الجماعي في كل مفاصل الحياة الاجتماعية من أماكن العمل والترفيه والمساجد والأسواق والأماكن العامة وحتى في الجنائز،فالسلوك الاجتماعي للمواطن بقلعة السراغنة كمجال للدراسة هو انه سلوك جمعي،ان الانعزال والوحدة يعتبر مؤشرا على حالة غير طبيعية.
من التحولات الاجتماعية المصاحبة للحظر الصحي وتطبيق آليات التباعد الاجتماعي هو انه حول جهل من الاستثنائي / الانعزال،جعله قاعدة.
حيت تم رصد حركية كبيرة في الانتقال من التفاعل المباشر الى التفاعل والتواصل الافتراضي او التواصل عن بعد،حيت أصبح التواصل مرئيا وصامتا في ذات الوقت، لأنه تواصل يشترط غياب الذات وتعويضه بصورة واستبدال اللغة برموز وإيقونات،و هو ما يكشف ان الصورة التي التهمت الذات، وحولتها الى مجرد صورة قابلة للتداول والتقييم والإعجاب في فضاء مفتوح. في الأمر الذي يقود الى استنتاج ان التواصل عن بعد هو تواصل غير اجتماعي لانه مؤسس على صور وليس على تفاعل حي يفترض ذوات متحاورة وسياق ولغة حوار اظافة الى كثلة من الانفعالات المرتبطة بطبيعة التواصل ومضمونه.
التباعد الاجتماعي المؤسس على فكرة الابتعاد وتعليق التفاعل الاجتماعي المؤسس على الحضور المادي استفاد من التحولات المرتبطة بشبكات وقيم التواصل الاجتماعي الافتراضي الذي أصبح سائدا في كل زوايا المجتمع في البيت وفي المقهى في الشارع، وأصبح التفاعل الافتراضي جزءا من الواقع الاجتماعي.
يمكن الاطمئنان الى استنتاج ان فكرة التباعد الاجتماعي كانت واقعا قبل ازمة وباء كوفيد 19،حيت ان الضرورة الطبية اعتبرت التباعد كوصفة طبية في حين التطور التقني وهيمنة الفضاءات السبيرانية جعل من التباعد واقعا اجتماعيا قبل أزمة كورونا فيروس، من خلال بناء هويات افتراضية للكائن الاجتماعي بالاظافة الى هويته الاجتماعية الواقعية.
و يمكن رصد أهم أنماط التفاعل عن بعد ومنها:
اولا: ا لتعليم عن بعد.
رغم أن اعتماد عمليات التعليم والتكوين عن بعد، انطلق منذ سنوات خلال العقدين الماضيين، إلا أن “التباعد الاجتماعي”، قد كثف الاعتماد على التعليم عن بعد، بعد إعلان عدد من الدول والمجتمعات إعلان الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، واستكمال البرامج الدراسية من خلال منصات رقمية.
وقد واكب ذلك، إعلانات متزايدة ومتنوعة حول التسجيل في برامج التعلم والتكوين عن بعد من طرف الجامعات والمعاهد الخاصة، التي تعرض مادة تعليمية متنوعة.
ثانيا: خدمات إدارية عن بعد:
مسارعة عدد من المؤسسات الإدارية، الى إعلان خدماتها خصوصا التراسل واستخلاص الوثائق الإدارية، على مستوى منصات رقمية على الانترنت .
ثالثا: الأنشطة اليومية عن بعد
إضافة الى تمارين رياضية عن بعد، مكتبات رقمية، جرائد ومجلات رقمية، ندوات عن بعد، تجارة الكترونية،استشارات صحية رقمية.
رابعا: تنظيم الندوات التفاعلية .
خامسا: الاستشارات الطبية عن بعد .
سادسا: خدمات التسوق عن بعد.
سابعا: تشجيع الدكاكين والمتاجر المتنقلة .
ثامنا: تقريب الخدمات الإدارية واستفادة المواطنيين من الدعم بمراكزهم وبالقرب من مقر سكناهم.
التباعد الاجتماعي التجمعات والحشود من انتشار له وحصد للأرواح، مع العلم أن كل ما هو مشترك من وسائل نقل وفضاءات عامة مثل المقاهي والمطاعم والعروض الثقافية والمقابلات الرياضية. كل هذا أصبح مصدر خطر وإصابة بفيروس كورونا، ومن ثم كأن كورونا يريد إلغاء وظيفة بعض منجزات الحداثة، ويترك فقط ما يتماشى وفكرة العزلة والانعزال القسري من خلال الحجر الصحي وإجراء حظر المناطق.
الفرع الاول: التفاعل الافتراضي وتسهيل آليات تطبيق مقتضيات التباعد الاجتماعي .
من خلال نتائج التي رصدتها لجن متابعة تطبيق الحظر الصحي، منذ بداية سريان مقتضيات الحظر الصحي إلى نهاية المرحلة الأولى منه والمحددة بتاريخ 20 ابريل 2020، ان عدد المخالفين من الذكور بلغ حوالي 2532 في حين المخالفات من النساء بلغ 122 وهو رقم قليل يستدعي تحليلا من اجل الوقوف على طبيعة الظاهرة وأسبابها. من العوامل التي ساهمت في نجاح آليات التباعد الاجتماعي كإلية للحد من انتشار الوباء بشكل كثيف رغم طبيعة العلاقات والقيم والعادات الاجتماعية المؤسسة على التفاعل والحميمية والتزاور والطابع الجماعي لأشكال الفرح أو الحزن، كل معطيات تجعل من انتشار العدوى امرأ سهلا وبشكل كثيف، غير ان التحولات التي شهدها الواقع الاجتماعي بسبب التطور الكبير والاختراق الواسع لشبكات الاتصال والتواصل الاجتماعي وعوالم الانترنيت وانتشار المنصات الرقمية وفر لظروف والبنيات التحتية لتطبيق التباعد.
انتقال نسيج التفاعل الاجتماعي من مجمل أوجه الحياة الاجتماعية إلى المنصات الرقمية،المرهونة فعاليتها بمقولة وإجراء التباعد الاجتماعي. إلا أن وتيرة هذه السيرورة شهدت قفزة فائقة السرعة خلال فترة الحجر الصحي/التباعد الاجتماعي الذي فرضه “الوباء”. ويمكن كذلك العودة إلى تأمل الآثار التي أحدثها الانتشار والاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والتحولات التي حملتها (التمثلات/أنماط السلوك/هوية افتراضية.
فمحاصرة الوباء وكسر سلسلة انتشاره متوقفة على تعليق التفاعل الاجتماعي المباشر أو التباعد الاجتماعي.
ختاما، تظل المؤشرات المرصودة الى حدود فترة الوباء، التي تعكس فعالية التباعد الاجتماعي وتفكيك عناصر نمط المجتمع القائم على التفاعل الاجتماعي المباشر مع تكثيف بنية وشبكة المجتمع الرقمي (دارن بارني، 2015 ص 63 ).
يمكن القول إن “الوباء” والتباعد الاجتماعي قد سرعا بشكل كبير صيرورة هذا المسار التاريخي في حياة المجتمع المعاصر، وبالتالي وجدت المجتمعات سواء التي شرعت خلال عقود سابقة في تهيئ الانتقال نحوه أو التي فرض عليها التباعد الاجتماعي والوباء ووجدت نفسها مرغمة على السير في اتجاه الرقمنة، حيث وجد المجتمع، بناء على ذلك، نفسه على أعتاب المجتمع الرقمي ( زيغمانت باومان،2016 ص 133) .
الفرع الثاني ّ: النساء اكثر تطبيقا لمقتضيات التباعد الاجتماعي من الذكور .
أن تحترم المرأة مقتضيات الحظر الصحي فالأمر مقبول ومتوقع، بالمقابل ارتفاع منسوب التحدي وعدم احترام القانون من طرف الذكور، يعيد نظرية بيير بورديو حول الهيمنة الذكورية الى دائرة النقاش حول ظاهرة العنف والعنف المضاد وأشكال الهيمنة لذكورية وأبعادها الثقافية والسلوكية .
لذا ومن داخل هذه النظرية يمكن فهم وتفسير احترام النساء لمقتضيات الحظر الصحي والتزام البيت، وهو مؤشر على الانضباط واحترام النظام العام. على اعتبار ان دور إعادة الإنتاج البيولوجي والثقافي أي الإنجاب بما يضمن الحفاظ على السلالة واستمرارية العائلة، وما يؤكد هذا الطرح ان المرأة العاقر سرعان ما يتم تطليقها لأنها لا تستطيع تحقيق المهمة الأساسية بالأوساط الاجتماعية المحافظة، ولاسيما بالعالم القروي،فالمرأة العاقر هي كائن بلا قيمة وبلا فائدة . حيت يؤكد المثل الشعبي:
* لمرا بلا اولاد بحال الخيمة بلا اوثاد* : المراة العاقر مثل الخيمة بلا أوتاد سريعة السقوط .
و فق نظرية بيير بوريو، فان المجال المخصص للمرأة هو الفضاءات الخاصة داخل الأسرة لا خارجها، وهو ما يفسر ان المرأة ورغم موجة الانفتاح والدفع بها إلى خارج فضائها الخاص والمغلق إلى الفضاء العام، كان لأسباب رسمية ومؤسساتية، لاسيما ارتفاع منسوب تعلم الفتاة والولوج الى الوظائف العامة وحتى الخاصة .
ورغم ان خروج المرأة من عالمها الخاص الى الفضاء العام، فأنها لم تكتسب بعد صلابة الحضور في فضاء عنيف ( موجة التحرش والعنف ضدها )، لذا يفهم سر حرص النساء على احترام القانون والبقاء في فضاءها الخاص بناء على قناعاتها المتوارثة ان الفضاء العام هو فضاء العنيف، ومازلت لم تكتب بعد آليات التوافق معه او ما يسميه بورديو بالابيتوس الاجتماعي .
ان يكون صدام السلطات العمومية مع الذكور من المخالفين لمقتضيات، هو انعكاس مباشر لنتائج تربية ووعي ذكوري مؤسس على قيم التفوق والسيطرة والتحدي
- أنت مالك خايف بحال لمرا ) لماذا انت خائف مثل المراة .
– أنت اشنو غادي يديروا ) ماذا سيفعلون ؟
وغيرها من العبارات الدالة على تقافة ذكورية .
وفق التمثلات الاجتماعية،فالفضاء الخاص محجوز للمرأة وهو مجالها لحيوي،في حين الفضاء العام هو فضاء مخصص للذكور وسلطة الذكور وهيمنتهم، مما يمنحهم الاعتقاد انه ملك لهم، يصعب إقناعهم بالعودة إلى الفضاء الخاص المخصص للنساء .
بحسب هذه التمثلات الذكورية للفضاءات العامة والخاصة، فان مطالبة بعض الذكور بالرجوع الى المنزل كفضاء خاص، هو انتقاص منهم ومن فحولتهم، مما يقود بلا شك الى الرفض المصحوب بالعنف. والنتيجة فعل صدامي بين رجال السلطة العمومية والتي تعمل على إخلاء الفضاءات العامة كشرط للسلامة، وبين من يتمثلون الفضاء العمومي كفضاء ذكوري مخصص لهم لاستعراض فحولتهم وذواتهم،وان اي دعوة الى الخروج من الفضاء العام إلى الفضاء الخاص، هو تنقيص منهم واساءة لا يمكن تقبلها،و لعل حجم وكثافة التعبيرات الصادرة عن الشباب في مقابل الدعوة بالبقاء بالمنزل كفضاء خاص،تكشف حجم المشكل وطبيعته كمشكل تقافي اولا،حيت نجد الكثير من العبارات مثل
-مالي امراة حتى نجلس في الدار: لست امراة حتى اجلس بالمنزل.
– راه غ لعيلات لي كظلوا في الدار: النساء هن من يجلسن بالمنازل.
يمكننا الاستعانة بتصورات بيير بورديو الخاصة بمفهوم الهيمنة الذكورية والتي من خلالها تنكشف آليات القوة الرمزية تمارس على النساء داخل مجتمعات ذكورية،و هي ثقافة تتم عن طريق استدماج مفاعيل الخضوع والاستسلام كفعل سحري غير مرئي، وربما يكون بقبول النساء انفسهن، ففعل الهيمنة هو عمل تحويلي يزداد قوة بقدر ما يمارس بأسلوب لامرئي.( بيير بورديوترجمة سلمان قعفراني 2009 ص 18،) إنّها قوة متحجبة ومتقنعة، وما يجعلها كذلك هو تواطؤ البنيات الثقافية ممثلة في التصورات والقيم إضافة إلى الجهل، كما تعززها هيئات قائمة كوسائل الإعلام والمعرفة والاتصال. يكون عنفاً ناعماً لا محسوساً، مادام غير مرئي ولا ينتبه له حتى من قبل ضحاياه( بيير بورديو ترجمة سلمان قعفراني 2009 ص 08).
العنف المفروض على الناس يجد أساسه في بنيات لا واعية، يمتد عملها إلى تقسيم الأشياء والأشكال، محمّلة بعلاقات الهيمنة والاستغلال، مفردة للمذكر ما لا تفرده للمؤنث؛ من هنا يجد فيها هذا العنف كلّ الشروط الكافية والضرورية لاستدامته ( بيير بورديو ترجمة سلمان قعفراني 2009 ص 08،) .
فالسلوك النسائي خارج الفضاءات الخاصة يتحدد بقيم وقوانين الهيمنة الذكورية باعتبارها عنفا رمزيا يمارس على النساء وبتواطئ منهن،حيت ان خروج الى الفضاء العام يكون مؤطرا بمجمعة قيم منها الحشمة والوقار والخضوع والاستسلام وعدم القدرة على المواجهة،وهو ما يشير اليه بيير بورديو بالأخلاق النسوية حيت نجد مجموعة من السلوكات مثل: الطأطأة والانحناء والانحدار والتذلل والامتثال وكافة الأعمال التي تكرّس وضع التقوس؛ هكذا أيضاً يشير التأنيث في اللغة القبايلية إلى كل ما هو صغير، "كما لو أنّ الأنوثة تقاس بفن أن تجعل من نفسها صغيرة( الهيمنة الذكورية،2009 ص 53) مقابل صلابة الذكور وامتلاك نزعة السيطرة والتحدي والمواجهة .
وفقا لنظرية الهيمنة الذكورية فان المراة تصبح كائنا خاضعا ومستسلما،حيت تنحاز دائما الى قرار الانسحاب والاستسلام وهو ما يفسر ارتفاع نسبة الامتثال لمقتضيات التباعد الاجتماعي . عكس الذكور الميالين الى تقافة المواجهة والتحدي .
بحسب الأطر النظرية لنظرية بيير بورديو فان المرأة تلعب دوراً أساسياً وحاسماً في إعادة إنتاج القوانين والأعراف المنظمة، فهي تساهم في اعادة الانتاج البيولوجي اظافة الى إعادة الإنتاج الثقافي وألقيمي للمجتمع، ولمجموع سلطه، وهو ما يمنح الذكور هيمنة مطلقة على النساء (يير بورديو،، ترجمة سلمان قعفراني، بيروت، 2009 ص 36 ) .
خاتمة الدراسة:
تاريخ الأوبئة متعدد ويختزن الكثير من صور المعاناة الاجتماعية،أوبئة كثيرة اجتاحت العالم وغيرت الكثير من المعطيات،لعل الطاعون الأسود هو الوباء الأكثر شهرة والأكثر حضورا في الكتابات التاريخية والادبية والفقهية .
أهم ما يمكن تسجيله حول الإرث المعرفي الخاص بالاوبئة هو الصراع الفقهي والعلمي حول تفسير الظاهرة،كل طرف يحاول مقاربتها من زوايته،ربما نفس الاستنتاج مازال قائما وحاضرا بخصوص ازمة فيروس كرونا .
الهدف من الدراسة هو رصد مدى فعالية التباعد الاجتماعي كآلية اجتماعية ثقافية للحد من انتشار وباء فيروس كورنا،و منع انتشاره .
الدراسة استحضرت المقاربة السوسيوتقافية على اعتبار ان التباعد الاجتماعي هي فعل اجتماعي ثقافي،فهمه يستدعي الاحاطه بأصله ومكوناته الاجتماعية وثقافية وإبعاده .
الدراسة الميدانية المنجزة بإقليم قلعة وهو إقليم بوسط المغرب كشفت فعالية التباعد الاجتماعي لمنه انتشار الوباء لاسيما النسبة المرتفعة من جانب النساء الأكثر تطبيقا واحتراما لقوانين السلطات العمومية . فالدراسة كشفت النتائج الاثية:
اولا: وجود صدمة نفسية واجتماعية بعد الإعلان على حالة الطوارئ الصحية المؤسسة على العزل الاجتماعي والتباعد الاجتماعي .
ثانيا: وجود توثرات اجتماعية لاسيما من قبل الشباب في احترام مقتضيات التباعد الاجتماعي
ثالثا: إحداث تغيير في عقلية الناس لتقبل فكرة لتباعد استغرقت مدة 15 يوما تقريبا .
رابعا: أهمية وسائل التواصل والإعلام الرسمية في بناء ثقافة جديدة
خامسا: أهمية الوسائط الاجتماعية والمنصات الافتراضية في عالم الانترنيت لبناء وعي
سادسا: أهمية التنسيق بين السلطات العمومية وفعاليات المجتمع المدني والسلطات المنتخبة من اجل التوعية والتحسيس بمخاطر الوباء .
سابعا: ان النساء أكثر احتراما لمقتضيات التباعد الاجتماعي .
ثامنا: ان الشباب من الذكور هم الأكثر تمردا.
تاسعا: انخفاض الكبير لنسبة الجرائم والتي تقلصت بنسبة 60 في المئة . وهو مؤشر ايجابي يجب أخذه بعين الاعتبار في إعادة لنظر في المنظومة الأمنية ومنظومة العدالة .
عاشرا: إدراك حجم التغييرات في النسق القيمي والاجتماعي بسبب الجائحة .
احدى عشر: ادراك قيمة التماسك الاجتماعي والتضامن لتدبير الأزمة .
د الفرفار العياشي
جامعة القاضي عياض
.........................
المراجع
1/ الوحيشي أحمد بيري وعبد السلام بشير الدويبي: "1989 مقدمة في علم الإجتماع الطبي"، دار الجماهيرية - للنشر، بنغازي، ليبييا،
2- عبد اللطيف محمد خليفة: 1997 ارتقاء القيم (دراسة نفسية)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت،
3- عبد الرحمان الشعوان 1997: القيم وطرق تدريسها في الدراسات الاجتماعية، مجلة جامعة الملك سعود للعلوم التربوية والدراسات 3 الإسلامية، كلية التربية،
4- بن منظور: لسان العرب م 11 دار بيروت لبنان .
5- بيير بورديو، الهيمنة الذكورية،2009 ترجمة سلمان قعفراني، المنظمة العربية للترجمة، بيروت،
6- دارن بارني، المجتمع الشبكي، ترجمة أنور الجمعاوي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قطر، 2015.
7- زيغمانت باومان، الحداثة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر.ط1،2016
8 MOSCOVICI 1973: Introduction à la -psychologie sociale. Paris، Larousse،،T: 2 T،p: 40
9 - Herzlich (C) 1976،Santé et maladie،analyse d’une représentation sociale،paris،
10 - Ladrière1996 « Le concept de représentation sociale »، Encyclopédie Universalis
11 - هبريس 2020: هذه كرونولوجيا سريان "الطوارئ الصحية" في مدن وقرى المملكة
//www.hespress.com/societe/468005.html