قضايا

البيدوفيليا: اغتصاب الاطفال بين المرض والجريمة

"الشقاء ندبة في الروح، ان بدات في الطفولة فهي تستمر العمر كله"

تعرف البيدوفيليا على انها الميول والانحرافات السلوكية والانجذاب المتمثل باستخدام الطفل  ماديا ومعنويا لاشباع الرغبات الجنسية لبالغ او مراهق.

ويعود تاريخ البيدوفيليا او الغلمانية الى زمن بعيد، حيث وجدت العديد من الرسوم والنقوش في الاثار الاغريقية والفرعونية والرومانية والفارسية والصينية القديمة تدل دلالة قاطعة على قدم هذه الممارسات!

وتحدث هذه الممارسات غالبا بين الذكور الاكبر منهم والاصغر، وتحدث بين كل شرائح المجتمع تقريبا، داخل الاسرة الواحدة او في المدرسة، اوفي ورش العمل، وقد رصدت كاميرا المراقبة الكثير من الخروقات حتى بين المعلم والتلميذ!

ومن الملاحظ ان البيدوفيليا باتت ظاهرة تدق ناقوس الخطر في مجتمعاتنا لابشع الجرائم الانسانية ضد الاطفال.

ان اقدام البيدوفيلي على اغتصاب الطفل عن سابق اصرار وترصد انما يتاتى من اختلال سلوكي سافر يقوده الى سلوك اجرامي يذهب ضحيته الطفل الذي طالما يفقد حياته نتيجة الفعل المشين او ان الجاني يقتله عمدا خوفا من ان يشي به!

وقد يجتمع عدة جناة على طفل واحد !!

ان اغلب المغتصبين للاطفال يعانون من اضطرابات نفسية سلوكية تنم عن امراض و دونية في المشاعر وانحطا ط في الاخلاق وان من اسباب اقدام البيدوفيلي على فعله الشنيع مايلي:

- قد يكون البيدوفيلي قد عانى من استغلاله جنسيا في طفولته، فيعمد الى عكس الفعل كنوع من الثار للذات!

- قد يعاني الجاني من كبت وقمع من قبل اهله فيقوم بهذا العمل انتقاما من اقرب الناس اليه من اخيه الصغير او ابن الاخ او ابن الاخت او ابن الجيران وهكذا.

- شعور الجاني بالدونية واحتقار الذات لسبب اولاخر وانحطاطها فلا يلجا لاقامة علاقة سوية مع الجنس الاخر، بل يستغل اقرب طفل اليه.

- في المجتمعات المغلقة، تبرز هذه الانحرافات كنوع من التكتم واستخدام الطفل في الخفاء للتنفيس عن دونية المشاعر.

- الاباحية والاستهتار بالقيم الاخلاقية في ظل الانفلات الكبير الذي يوفره الوجه الاخر للنت بما يحوي من مواقع اباحية مصحوبا بتناول المسكرات او المخدرات.

- الانتقام من الاخر لاي سبب كالعداوة والبغضاء او الغيرة، فيلجا المنتقم الى الانتقام من الطفل الصغير لارضاء احقاده وبلا رحمة.

- غياب الوازع الديني والاخلاقي يترك الحبل على الغارب للقيام بكل فعل شنيع،  لان راس الحكمة مخافة الله

- غياب الرقابة الاسرية على الاطفال وتركهم فريسة سهلة لكل من تسول له نفسه العبث بمقدسات الله.

- قد يلجا البيدوفيلي الى استدراج ضحيته مستغلا فقره او برائته باغداق الهدايا عليه او النقود ثم سحبه بعيدا عن اعين الناس.

ومع كل ماتقدم فاننا نخلص الى القول بان البيدوفيلية مرض نفسي خطير تطور الى جريمة، لانه لم يكبح في حينه، والحقيقة ان بدايات هذا السلوك المنحرف تبدا مبكرا اي في المراحل المبكرة للمراهقة والتي تعتبر من اخطر المراحل العمرية واعنفها على الاطلاق!

خصوصا اذا لم يقوّم المراهق التقويم الصحيح ولم يوجه التوجيه السليم في ظل الثورة الجسمانية العارمة التي تعتريه بكل ماتحمل من تشويش واثارة ومغالطة للحقائق وتمرد سافر على كل ماهو ممنوع وصولا الى ارضاء الذات التي لاتفتئ ان تشرعن  كل ما هو محرم وممنوع !

هذا المراهق الذي يفعل افعاله الشنيعة مستغلا صمت الاطفال وخوفهم من البوح لانه يقوم بتهديدهم و الذين قد يكونون اخوته او اقاربه او جيرانه، ثم ينجو بفعلته هذه لتكبر معه هذه الرغبة المحرمة وتاخذ طريقها معه حتى البلوغ، والشواهد اكثر ممانتخيل، بل انها باتت ظاهرة مخيفة في مجتمعاتنا التي باتت جريمة اغتصاب الاطفال فيها بارقام مخيفة وبطرق مرعبة يتفنن الجاني بها الذي تعدى مرحلة المراهقة العمرية لكنه لم يتعدى المراهقة النفسية وهو رجل بالغ وله اسرة وزوجة واطفال!

وفي حقيقة الامر ان الموضوع يتطلب مكافحة ومراقبة من قبل كل منظومة اجتماعية ابتداءا بالاسرة وهي الاساس وانتهاءا باعلى سلطة وهي القضاء و للقضاء على هذه الظاهرة يجب القيام بالاتي

- الاهتمام الكبير والمراقبة الشديدة للطفل وعدم الاغفال عنه اوتركه وحيدا مع الاخرين دون مراقبة مهما كان هذا الاخر!

- تقويم وتوجيه وتوعية المراهق عن طريق التركيز على اعتماد الاخلاق اساسا لقيام الانسان السليم، والانتباه الى سلوكه ومحاولة تقويمه حتى لو اقتضى الامر اللجوء الى الطبيب النفسي.

- تقوية الوازع الديني باعتباره دستور الحياة وان مثل هذا الفعل الشنيع محرم وترفضه كل الاديان السماوية.

- عدم ترك الاولاد ينامون  او يستحمون سوية لكي لا ندع لهم مجالا لذلك.

- اللجوء الى تنمية ثقافة دفاعية للطفل وتعليمه على كيفية المحافظة على نفسه من خلال توعيته بعدم الاختلاط بمن هم اكبر منه سنا وعدم السير منفردا في اي مكان.

- التقرب من الطفل واستجوابه برفق ومصادقته ليستطيع ان يبوح بكل مايحدث له في المدرسة اوخارجها جيدا كان ام سيئا، وهذا الدور يقوم به الوالدان وخصوصا الام، التي يجب ان تكون اقرب مايكون من طفلها تعرف عنه كل شئ.

- الانتباه جيدا من قبل الام فيما اذا كانت هناك علامات  او كدمات او ماشابه على جسم الطفل ومتابعة ملابسه اولا باول.

- دور المدرسة الكبير بالتوجيه ووضع الامور في اماكنها الصحيحة من خلال اقامة الندوات التثفقيفية التي تحث على احترام النفس والاخر مهما كان هذا الاخر، والحرص على نصب كاميرات المراقبة في كل مكان.

- تشجيع واقناع البيدو فيلي او الذي تظهر عليه هذه الاعراض اوالسمات للجوء الى الطبيب النفسي الذي لابد ان يجد الحل  الناجع عنده .

- ردع الجناة من المغتصبين عن طريق تشريع القوانين التي تجرم هذا الفعل باقسى العقوبة، لان هذا الفعل يؤدي الى الاغتيال والهدر المادي والمعنوي لشريحة من الاطفال يدفعون حياتهم ثمنا لهذه الافعال الشنيعة.

- اقناع البيدوفيلي بادميته، من خلال الوعظ والارشاد وانه يجب ان يترفع عن القيام بافعال تحط من قدره، وتذكيره بانه كان في يوم من الايام بنفس العمر.

وعليه نصل الى حقيقة ان الاختلال النفسي والذي غالبا مايكون مرتبطا باختلالا في الدماغ حسب علماء النفس ادى الى انحرافا سلوكيا ثم اجراميا،  اذا ماعولج بحكمة فانه يؤدي الى سلوك اجرامي يدفع ثمنه الطفل اولا والاسرة ثانيا والمجتمع ثالثا، وقد دفع الكثير من الاطفال حياتهم ثمنا لذلك، خطف واغتصاب وتعذيب وقتل مع سبق الاصرار والترصد.

واخيرا يجب الانتباه الى اطفالنا ومراعاتهم ومراقبتهم والتعرف على اصدقائهم من قريب اوبعيد وفتح حوار ودي بين الطفل واسرته يشعره بالاطمئنان ليتسنى له البوح لهم بكل شئ دون تردد بدلا من الخوف وقبول الامر المشين الذي سيصطحبه معه الى الكبر،  وكذلك مراقبة ابناءنا المراهقين واستيعابهم وتقويم تصرفاتهم بالحسنى، وبذلك نكون قد جنبنا اطفالنا وابناءنا امراضا وسلوكيات منحرفة هم في غنى عنها.

"لايجب ان نثق بانسان لاتوجد في عينيه طفولة"

 

مريم لطفي..

 

 

في المثقف اليوم