قضايا

النقد النفسي!!

صادق السامرائيهو القراءة الموضوعية المحايدة للحالة بمنظار نفسي سلوكي بحت، ولا يعنيه الخطأ أو الصواب، وإنما تسليط الأضواء النفسية والسلوكية، وتأكيد الرؤية التي تظهرها الأسئلة التي يطرحها، وهو مساهمة في التنقية والتطهير من الأضاليل الملوثة للحالة أيا كانت.

فلا يعبّر عن رأي كاتبه، بل يمثل معطيات الظاهرة التي يتناولها، فالنقد النفسي ناصع مجرد من الميول العاطفية والمواقف المُسبقة والتصورات المؤدلجة.

إنه ينظر بعيون السؤال ويبحث عن الجواب، ويغوص في حيثيات الحالة وفقا لمعطيات مكانها وزمانها، ولا يفرض عليها ما يعيشه في عصره الذي قد يبعد عنها قرونا عديدة.

ومنهجه علمي برهاني، لا يهدف إلى الإقناع والدفاع والتبرير، بل إلى التنوير وحسب.

ويحتاج إلى جرأة في إعمال العقل، مما يترتب على ذلك نتائج ذات تداعيات قاسية.

وعندما يتناول بعض أحداث التأريخ، فأنه سيكشف عن موضوعات ربما ستُحدثُ صدمة وزعزعة في الوعي، لأن التأريخ يكاد يخلو من القراءات النقدية النفسية الفاحصة.

ويبدو أن ما ينقص الواقع الفاعل فينا، أن الإقترابات النفسية غائبة، وتسوده القراءات الإنحيازية المتطرفة الغارقة بالتبريرية والتسويقية، والهادفة لإستعباد الأجيال وتضليلها، لأغراض معادية لروح الأمة وجوهر دينها، ومانعة لتطلعات أجيالها وقدرتهم على الحياة الأفضل.

وقد يرى البعض فيه غير ما يذهب إليه، وربما يحسبه عدوانا عليه، وهذه مشكلته لأنه متسلح بعواطفه، ومتخندق في ترسانة إنفعالاته، التي تمنعه من إعمال العقل وتوظيف طاقاته، لما يحقق طموحاته ويزيل الغشاوة عن بصيرته، ويريه الحقيقة ويجرده من الدجل المعفّر بالقدسية والإمتهان.

وربما يبدو النقد النفسي خطيرا وخارجا عن النهج العام ويتجاوز الخطوط الحمراء، وقد يُتّهَمُ أصحابه بالكفر والزندقة والإلحاد ويتحقق الإعتداء عليهم.

وهذا سلوك المعادين للصراط المستقيم، الذي ما أن تلد الأمة مَن يأخذها إليه، حتى تثور ثائرة الوحوش الكامنة فيها، فتكشر عن أنيابها ومخالبها، وتنقض على أصحاب الرأي من المصلحين والمفكرين والمنورين.

وكم عانت الأمة وأعطت من الشهداء على هذا الطريق الذي لا بد لها أن تسلكه، لأن ما ينفعها سيبقى وسيذهب الجفاء، وسيموت الضلال والتضليل، وستدرك الأمة جوهرها وحقيقة دورها، ومعنى ذاتها الإنسانية.

فهل من نقدٍ بصير؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم