قضايا

الزوج بصفته الراعي في الاسرة الاسلامية وليس شريكا للمرأة

الزوج  في الاسرة الاسلامية يجوز له تأديب الزوجة عبر الضرب. وهو راع للاطفال وهم الرعية بالنسبة له، فيجوز تأديبهم بالضرب، كما انه مولى الخادم (العبد) يجوز له تاديبه عبر الضرب كذلك . فقد فسرت الاية عند البعض  (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34]." يقوم عليها بالتأديب والحفظ والصيانة، وتولي أمرها، وإصلاح حالها آمراً ناهياً لها، كما يقوم الولاة على الرعايا، فهو -أي الزوج- رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجّت"1، كما ان الاب اعطي حق التأديب بضوابط: "حد الضرب الجائز: خمس ضربات أو ست (الكلبكاني، السيدالخوئي)، أو سبع ضربات إذا اقتضت الضرورة الزيادة للردع المفيد (السيدالخوئي)" .2

رب الاسرة (الزوج والاب والمولى) يملك حق تقرير مصير هولاء بان يبعد الأم عن اطفالها، بعد تطليقها،  كما له ان يبيع الخادم او يهبه ،الذي اشرف ربما على تربية بعض الابناء، وان يجلب لهم مربية اخرى، او مرب اخر هو يختاره، فبما انه الاب،فهو كلي القدرة والمعرفة في تشخيص مصلحة رعيته، وهذا الامر من امتيازاته، كما ان كل ما يحصل من ممتلكات داخل الاسرة يسجل باسمه . ويعد هو المالك للمال وللبيت مادام هو اشتراه بماله، ولايحسب حساب عمل المرأة داخل البيت.

الاسرة المعاصرة تقوم على اساس فكري اخر وهو مفهوم الشراكة بين الزوج والزوجة، وهما شريكان متساويان داخل الاسرة وعليهما تنظيم شؤون الاسرة بالتشاور والتحاور، كما عليهما تقسيم العمل داخل البيت وخارجه، كما يفترض تنظيم شؤون الملكية للاموال بينهما، فعمل الزوج خارج البيت لم يكن ليكون ممكنا اذا لم تقم المرأة بعمل اخر داخل البيت قد يفوق في قيمته المادية عمل الرجل لاستغراقه لساعات اطول وعمل مضن وروتيني مزعج بلا اي محفز ابداعي ليمكن تحمله على مدار الايام والسنوات، من هنا يمكن تقسيم ملكية البيت مثلا بين الزوجين، فاذا ما تطلقت الزوجة فعليهما تقاسم نتائج اعمالهما . فعمل الرجل المأجور خارج البيت وعمل المرأة داخل البيت غير الماجور لابد ان يجعلهما يتقاسمان المال، لان هذا العمل المأجور ماكان ليتم لولا تكفل المرأة بالعمل المنزلي ورعاية الابناء الذي يفترض ان يكلف به الزوج لكونه يحصل على امتياز النسب دونها .

الشابات الان يتزوجن  وببالهن هذه الفكرة الحديثة عن الزواج والاسرة، من خلال بعض الكتابات التمجيدية للاسرة الاسلامية التي تحاول ان تغطي هذا المفهوم القديم لعقد الزواج، لان هدف هولاء الكتاب هو الدفاع لاجل الدفاع عن اجتهادات فقهية معينة، لكنهن ينصدمن مع اولى المشاكل،  لتجد البنت  نفسها  لاتملك شيئا في هذه المؤسسة التي قامت على ارادتين . النساء في اغلبهن يدخلن عقد الزواج بلا معرفة حقيقية  بمتعلقات هذا العقد، وان هذا العقد لايحميها، بينما هو اهم عقد يمكن ان تجريه في حياتها، وسوف يحوّل حياتها الى امر اخر  يختلف كليا عما كانت علية قبل الدخول به، ولا تملك اي شيء لتغييره، او الخروج منه مطلقا كما في بعض الاجتهادات الفقهية للمذاهب الاسلامية . كما ان الخروج منه سيكون باهض الثمن ايضا، فسوف تخسر حضانة اولادها اذا مابلغوا عمرا معينا او اذا تزوجت برجل اخر بعد طلاقها، مما يجعل المرأة تدور في دوامة الخسارات النفسية والجسدية والواقعية، بلا ادنى سبب منها، بل يتعلق الامر برغبة الزوج بالاستمرار بهذه العلاقة ام لا .

ان عدم توعية النساء بهذا الامر يجعل العلاقات قائمة على الخداع والتدليس الاجتماعي، هناك عشرات الكتب والمقالات التي تصدر من بعض الموسسات الفقهية او الدينية او من رجال دين يكتبون عن تكريم الاسلام (الفقهي) للمرأة  من خلال توصيفات مغرقة في المثالية، من مثل ان  عدم خروجها من المنزل للعمل هو لحمايتها وتدليلها وهي غير مسؤولة عن اي شيء في المنزل، كما لو كانت ملكة او اميرة، دون ان يقدموا تصويرا واقعيا لما تقوم به المرأة في الواقع الفعلي من اعباء تكاد تكون مسؤولية الرجل منعدمة امام مسؤولياتها الضخمة في البيت وتربية وتعليم الابناء، التي هي مهمة معاصرة صارت تقع على الأم عادة . هم يكررون مقولات كانت تناسب عصر العبودية عندما كان هناك خدم من العبيد والاماء، ومرب ومؤدب للصبيان يقومون بادوار العمل البيتي، ولذلك يستصحبون هذا الحكم مع ان الواقع القديم قد تغير تماما، فما كان يقوم به الخدم من العبيد من اعمال انيطت كلها بالزوجة داخل الاسرة، بينما ظلت امتيازات الزوج والأب كما هي، وظلت مكانة الزوجة كما هي دون اضافة اي امتياز اخر داخل الاسرة بعد تصديها لاعمال الحرة والأمة نتيجة القسر الواقعي، فمازال العمل المنزلي برمته يقع عليها، كما انها قد تعمل خارج البيت كمافي المزارع في الريفمثلا، وجلب الماء احيانا،وهي بحجابها الذي اسقط على الامة في تلك العصور . ان استصحاب الاحكام الفقهية ذاتها مع تغيّر الوضع المعيشي للبشرية، والظروف التي تعيشها المرأة يدعونا ان ننبّه الى ضرورة تغيير هذه الاحكام التي تغيرت بعض موضوعاتها، لتتلائم مع المعطيات الواقعية الجديدة .

إن اغلب مشاكل المجتمع المسلم هي مشاكل فقهية، وليست دينية ناتجة عن تبني مفاهيم الالوهية والعبودية لله تعالى او لنظرة قرآنية للمرأة  في الاسرة، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) الروم :٢١. والفقه هو المعني بفروع الدين الخاضعة  في جانب- كما في المعاملات والاحوال الشخصية-  للعرف والواقع الحياتي السائد .

 

بتول فاروق

.........................

1-  محمد صالح المنجد

https://almunajjid.com/courses/lessons/173)

2- رباب النعيمي:

https://almanhal.net/?p=227

 

 

في المثقف اليوم