قضايا

زعيم الخير الله: هل هناك وجودٌ للصُدفَةِ في حياتنا؟

هل كوننا الذي نعيش فيه تَكَوَّنَ وتَشّكَلَ عن طريقِ الصُدفَةِ ؟ الذين ينفون وجود الخالق الحكيم، يلجؤون الى هذا التفسيرِ البائسِ. وهذا التفسير لَجَأَتْ اليهِ نظريةُ التطور الداروينيّةِ واتباعها. يقول ريتشارد دوكيز "عالم الاحياء التطورية البريطاني": (انَّ الصُدْفَةَ والحَظَّ معَ الانتخابِ الطبيعيِّ وخلال مراحل لاتُحصى ولاتُعَد، وخلال عُصُورٍ مُتّمادِيَةٍ، قد حصلت على القُدْرَةِ التي أَوجَدَتْ مُعْجِزاتٍ مثل الديناصُوراتِ والانسان). ويقول هكسلي: (لَوْ جَلَسَتْ ستةُ قُرودٍ على آلاتٍ كاتبَةٍ وظَلَّتْ تضربُ على حُروفِها ملايينَ السنينَ فلا نستبعدُ أَنْ نَجِدَ في بعض الاوراقِ قصيدةً من قصائدِ شكسبير؛ فكذلكَ كان الكونُ الموجودُ الآنَ نتيجةً لعمليّات ظلت تُدَوّرُ المادةَ لبلايين السنين).

أَلْصُدفَةُ العَرَضِيَّةُ

لاوجودَ لِلصُدفَةِ في هذا الكون الفسيح؛ اذ كلُّ شيءٍ فيهِ خاضعٌ لنظامٍ دقيقٍ، نظام يقوم على اساس صدور المعلولِ عن عِلَتِهِ، نعم هناكَ " الصُدْفَةُ العَرَضِيَّةُ " وهذا التعبير استعرتُهُ من السيد الطباطبائي رحمهُ اللهُ تعالى. ويقصد السيد الطباطبائي بالصدفةِ العرضية، هي انك قد تلتقي بصديقٍ لك لم ترهُ منذُ سنين تلتقيان في مكانٍ واحدٍ وزمانٍ واحد من دون ترتيب هذا اللقاء وغالباً مانسمي هذا اللقاءَ صُدْفَةً، ولكن هذا لايعني انّ هذا الحدث حدثَ بلامقدماتٍ، فصديقك جاء الى المكان بارادته وبتخطيطه وقصده وانت كذلك اتيت الى المكان بارادة وتخطيطٍ وقصد، ولكن أن تلتقي بصديقك فهذا امرٌ غير مخطط له ولكن لايعني ان العملية جرت من غير تخطيط وقصد وارادة.

عالمُ النفس السويسري " كارل يونغ " اطلق على هذا النوع من الصدف "التزامن"، ويقصد به ان وجودك في المكان تزامن مع وجود صديقك، فهي حالة تزامن ولايسميها صدفةً.

وأَنا اضيف الى مصطلح التزامن الذي قالَ بهَ " كارل يونغ" مصطلحاً آخرَ هو "التماكن"، فهي ليست حالةً تزامنيَّةً فقط وانما هي حالة " تزامنيّة- تماكنيّة" لان الزمان ملازمٌ للمكان كما اثبت ذلكَ نسبيّةُ اينشتين؛ لان الزمان بعدٌ رابعٌ من ابعادِ المكان؛ اذ لايمكننا تصورَ زمانٍ بلامكانٍ. فانا اطلق على عملية هذا اللقاء العفوي بالصديق " التزامن-التماكن"، لاعملية التزامن وحدها التي قال بها كارل يونغ.

وخلاصة القول: لا وجود للصدفةِ في حياتنا وفي تشكل الكون، وانما هناك حالة " التزامنيّة- التماكنيّة " وهي لها اسبابُها وشروطُها وعللها ولم تاتِ مصادفةً محضةً.

 

زعيم الخيرالله

 

 

في المثقف اليوم