قضايا

مراد غريبي: قبل الضياع.. ماذا أعددنا للخدع المقبلة؟!!

تتلاحق الاخبار وتتناسل الرسائل والتغريدات والفيديوهات عبر منصات التواصل الاجتماعي حول مخططات الخداع المقبلة نهاية هذه السنة، وعبر تصريحات رسمية لبعض الدول العظمى ضد شرطي العالم الفاسد، هناك جائحة جديدة بدأت تظهر ملامحها ضمن يوميات كندا والولايات المتحدة الأمريكية والاصابات الجديدة بأوروبا واحتمال عودة الاحترازات مع منتصف شهر ايلول القادم، هذه المعطيات والصور والقراءات والتحليلات التي تملأ الاعلام وصفحات الشبكة العنكبوتية ما محلها من الاعراب في راهن العرب والمسلمين؟

هل قدرنا ان نظل الصدى وفئران التجريب لمختبرات شيطانية لا تعرف سوى الاصفار بعد الارقام الربحية من الدولار واليورو؟ الجائحة الفائتة فاجأت العالم برمته لكن كما يعرف لا يلدغ المؤمن من جحره مرتين، هناك رهانات كبيرة بعد جائحة كورونا الفائتة اشتغلت عليها امم ودول من اجل تعزيز أمنها القومي العام من صحة واقتصاد وحياة اجتماعية، الى الان يمكن رفع منسوب الوعي والضبط لدى مجتمعاتنا حتى لا نكون أول المستغفلين عالميا، التحدي القادم هو تحدي ادارة ازمة، مركز الثقل فيها هو اعلام رصين وارشادي صادق، لان حرب الجيل الخامس سلاحها المحوري هو تحطيم القدرة الدفاعية الاعلامية القائمة على التوجيه والارشاد للإرادة البشرية، ومن جهة أخرى ترتيب حركة الاسواق المحلية لمدى سنة او سنتين كاستراتيجية احترازية ضد الاضطرابات القادمة في السوق العالمية من جراء الترهيب الاعلامي من سيناريو الجائحة الجديد، والعنصر الثالث والاهم في جغرافيتنا العربية والاسلامية هو برامج التكافل والتعاون الاجتماعي في مجتمعاتنا من جمعيات ومؤسسات خيرية ومجتمع مدني خاص وقوي بشبابه واجتهاداتهم، هذا العنصر موجود في غير المجتمعات العربية والاسلامية وقوي جدا بأنظمته وطاقاته لكن ببيئتنا الحاضنة له يكون فعال ومؤثر وذا قوة طويلة المدى اذا ما سارعنا في تفعيله من خلال مقاربة عملية لمقومات الوقف الاسلامي على طول السنة وفي جل الميادين بما يشكل جدار صد منيع ضد كل المحاولات الخبيثة لضرب أمن مجتمعاتنا..

في ظل هذه التحديات التي تواجه الانسانية جمعاء ونحن ضمنها كأمة لها كيانها ووزنها في معادلات الحضارة الانسانية، هناك تكتلات اقليمية واخرى شبه قارية وثالثة عالمية، قد تصمد امام الهزات والاضطرابات التي ستحدثها الجائحة الجديدة، لكننا سنكون رقما ثانويا في السيطرة والصمود اذا لم نتحرك بفكرة القوة الاستباقية وإنشاء الغيمة الاحترازية للعرب والمسلمين، غيمة تحمي على الاقل مجتمعاتنا من مجاعات وتجويع وتطهير ممنهج متوقع في العقود المقبلة!!

أمام العقل القيادي العربي والمسلم بضعة أيام حتى يتحرك استراتيجيا وبإرادة إنسانية راسخة كما تحددها قيمه الاسلامية الخالدة، لابد من حركة استراتبجية ذات تكتيكات سريعة لتخليص واقعنا من فوضى التبعيات والعنتريات والجاهليات، الرهان الاول قبل ان يقع الضياع الشامل هو استثمار المتوفر بأكبر قدر ممكن من الدقة والتركيز في تحقيق أكثر مصالح ممكنة على المدى القريب والمتوسط...

إدارة الأزمات أول ما تعنيه استغلال الواقع بعمق واتقان ووعي بماهية الأمن الاجتماعي العام أي الحفاظ على القيم وتفعيلها في حركة الدفاع الاستباقي، فبيولوجيا الازمات المفتعلة هي واقع تاريخي يراهن على مستويات العقل والواقعية والصبر والامل والصمود لدى الشعوب، فتفكيك الازمات عملية ثقافية بإمتياز، أي توفر ثقافة مواجهة ونصر ضد كل مخططات القهر والترويض والابادة والمليار الذهبي!!

و عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم.. فلسفة الحياة اسلاميا ذات قيمة عظمى لا تتوقف عند الماديات ومعادلاتها الربحية بل هي هندسة دقيقة وعميقة لكرامة الانسان في مشوار الحياة ومسؤولياتها.. لذلك وعينا للمنعطفات التاريخية لابد ان يكون منطلقا من صميم مسؤوليتنا الوجودية كمسلمين، حتى نضع الخطوة الاولى في طريق "كنتم خير أمة أخرجت للناس" نناضل من أجل الحياة الكريمة للانسانية وليس الاستغراق في سيناريوهات الموت المبرمج والخبيث..

لم يبق من الوقت البدل الضائع في لعبة الأمم التي خطفت القرارات الاممية وتاجرت بمصائر الشعوب وسرقت ثرواتها، الشيء الكثير، فالسودان سيضيع لو بقينا ننتظر واليمن.

سيضمحل اذا ما تكاسلنا عن جبر كسوره وسوريا لابد ان نوقف نزيفها ولا نظلمها زيادة وفلسطين المحتلة لن تنتظرنا لنقتلع السرطان الجاثم على ترابها الطاهر..

القفزة الاستباقية الضرورية هي ثقافية اجتماعية شبابية بإمتياز لحماية دولنا من التيه والضياع في ظل مسلسل خدع أبناء العم سام، وايضا ذات أبعاد اقتصادية طويلة المدى فيما يتعلق بخصائص العمل الأهلي الانساني والتنموي الاجتماعي مما يشكل سياجا مناعيا للمجتمعات ضد المشكلات والامراض والمخاطر بشتى اشكالها في الصحة والتعليم والبيئة والعلاقات العامة والسلم الاهلي العام..

وأهم حقل راهنا هو الإعلام بمختلف وسائله، خصوصا منصات الحوار والتواصل الاجتماعي التي لابد ان لا تستغرق في العناوين العريضة التي تسقط المعنويات وتدمر النفسيات وتفتن البلدان، لابد من خطاب رصين ومؤثر لنظم امور مجتمعاتنا سواء بلغة الثقافة الحية او القيم الدينية او الفن او الأدب حتى نؤسس لمرحلة استثنائية في مواجهة الخدع الغربية الامبريالية المقبلة..

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال : 30]

***

أ. مراد غريبي

في المثقف اليوم