تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا

لمى أبوالنجا: النصيب أم احتقار المرأة؟

احتقار المرأة في معظم الأحيان يكون من النساء أنفسهن ولكنني لا أبرأ الرجال من هذه الفعلة مطلقاً. فما زلنا وحتى هذه اللحظة نعاني من سيطرة الفكر الذكوري والأفضلية الخلقية وتشيء المرأة وتسليعها بتصرفات وعادات لاتتناسب مع التطور والإنفتاح الفكري والمعرفي الهائل والتي على رأسها "الزواج".

هذه المرحلة من الحياة التي قلما نجد من فهم مايريده منها، كل شيء فيه يحدث بمنتهى العشوائية والعبثية  ولا أحد يعلم ماذا له وماذا عليه وكيف ستكون الحياة ومع من أصلاً؟

هو "النصيب"!!

ذلك النصيب يشبه الموت كلاهما يجيئان فجأة كعاصفة تقلب حياتك رأساً على عقب ، تتوقف مشاريعك وخططك وأهدافك ومستقبلك الدراسي والمهني، تركض خلف ذلك النصيب وبدون أن تشعر تجد نفسك وبقوى "النصيب" كذلك في المحاكم لدعاوى الخلع والطلاق والتفريق والحضانة والنفقة ..

وطبعاً هذا النصيب يعصف بحياة المرأة بأعتى وأقسى من حياة الرجل بآلالاف المرات..

وتحت مظلة النصيب يتم تصنيف البنات إلى عدة أصناف:

الأول: من جاء نصيبها مبكراً وأخذها القطار، تتراوح أعمارهن من بعد سن البلوغ وحتى الخمسة وعشرين عاماً

الثاني: من سن الخامسة والعشرين الى الثلاثين وفي هذه المرحلة يدق ناقوس الخطر وعلى الجميع تكثيف الجهود في البحث والتقصي والإصطياد.

الثالث: اليائسات والعوانس.

أما عني شخصياً صنفت من ضمن اللواتي داس عليهن القطار في طريقه للمحطة التالية.

ما ان تتجاوز الفتاة سن الثلاثين حتى تنهال عليها الدعوات في كل مناسبة دينية "بفتح نصيبها" وإقصائها بالمناسبات الرسمية التي تقام للصنف الأول خوفاً من عينها وحسدها وإيقاف "نصيب" الأخريات..

ثم تدخل تباعاً للمستوى الآخر وهو ضرورة اصطحابها لراقي خوفاً من أن عيناً قد أصابتها أو جني عشقها.

تعرضت لموقف في إحدى المرات في مجلس نسائي ،سألتني إحداهن السؤال المشؤوم وعلى غير العادة أردت توضيح وجهة نظري الحقيقية بهذا الموضوع بمحاولة مني بخلق آفاق جديدة فقلت أنا أرى أن هذا الموضوع إختيار وبشكل كامل وليس علينا إرغام البنات على الإرتباط أو زرع وجوبه في رؤوسهن يجب ان تشعر البنت بقيمتها وانه لاينقص منها شيء في حالة عدم زواجها..

قاطعتني قائلة: تعرفي مشكلتك فين بالضبط؟

قلت: فين؟

فقالت: انتي معشوقة !!

قلت: من مين؟

قالت: يعني بسم الله جني اللهم احفظنا

أصابتني حالة ذهول وضحك هستيري وأدركت حينها أني أضعت وقتي بالشرح

فتابعت: فعلاً لاتستهزئي أعرف قريبة لي مثل حالتك بالضبط وحتى نفس الكلام والافكار "سبحان الله كأني أشوفها الان"

أصريت عليها وأخذتها عند شيخ والان هي متزوجة وعندها ولدين هو الشيطان يزين لك الحرام بهذه الأفكار تعالي معي ليقرأ عليك ومن الممكن بعدها أن توافقي على الخاطب الذي رفضتيه

قلت: عني شخصياً أفضل الجني..

كل ما سبق هو نوع من أنواع الإهانه وإنعدام تقدير الذات الذي تمارسه البعض على بنات جنسهن فلا يوجد أسوأ من هذا التحجيم وإعتبار"العانس" هذه أنها عباره عن نصف مهما تقدمت بالعلم وبالثقافه وبالانجاز وبالجمال

دائما ماينظر لها بعين الشفقه والتهميش بل ان هناك أشخاص يمنعونها حرفياً من حضور حفل خطوبه أو زواج لبناتهن لأن رغباتها المدفونة تتحول إلى طاقة شريرة تحطم كل ماهو جميل والتي وان حضرت سوف تتحمل مسؤولية انهيار هذا الزواج "بسبب عينها" ويبدأ البحث عن أثرها وقطع من ملابسها ، شعرها ، لعابها في عصير شربته لفك هذه العين والنحس..

قناعات غريبة ومؤذية ومدمرة للعلاقات الإنسانية الجميلة والنفوس النقية والظنون الحسنة

عدا عن التدمير النفسي الذي يلاحق تلك الفتيات حتى يتحول الزواج من "اختيار" الى "هاجس"

***

لمى أبوالنجا

في المثقف اليوم