قراءة في كتاب

صدمة التاريخ.. كتاب يصدم الوعي النمطي بالعراق وتاريخه وواقعه

الاكاديمي المصري الدكتور أحمد راسم النفيس، الكاتب التونسي نجيب الماجدي، الاكاديمي السعودي الدكتورعبدالله السلمان، الاكاديمي اللبناني الدكتور يحيى الشامي و الكاتب اللبناني علي سعد. وهو كتاب فريد في موضوعه ومعالجاته؛ إذ يكشف العمق التاريخي للإنقلاب الكبير الذي حدث عام 2003 في العراق، والذي أسقط السلطة التقليدية التي حكمت العراق مايقرب من 1350 عاما، وجاءت بالمعارضة التاريخية الى السلطة، وهو مايعبر عنه على المؤمن بـ "الصدمة التاريخية ". وهي ليست صدمة على مستوى الحدث، بل صدمة للوعي النمطي بالعراق وتاريخه وواقعه.

يقع الكتاب في 465 صفحة من الحجم الكبير، وتم تقسيمه الى ستة فصول ومجموعة من الملاحق. وقد تناول فيه الباحثون الوضع السياسي في العراق منذ الاحتلال الأموي حتى الاحتلال الأميركي. ومن خلال استعراض عناوين الفصول يتضح الجهد المميز الذي بذله معد الكتاب والباحثون من أجل إنجازه، حيث يعد رافداً مهماً للمكتبة العربية، ومرجعاً أساسياً لكل باحث في تاريخ العراق السياسي، حيث يلقي الضوء على مفاصل أساسية وتفاصيل كثيرة، كان لها الدور الأبرز في تحديد اتجاه بوصلة الحكم في العراق، في إطار جدلية الصراع المستمر بين السلطة والمعارضة.

تناول الفصل الأول وهو تحت عنوان: (تاريخ الصدمة: الإطار النظري) تاريخية البنية الطائفية العنصرية للسلطة، ثم مضمون الصدمة التاريخية ومقاومتها. ويمثل هذا الفصل المنهج الفكري الذي اتبعه الكتاب في فرضياته ومداخله العلمية، وخلاصة النظرية التي يستند اليها في معالجاته. بينما تناول الفصل الثاني (العراق: من الأمويين إلى العثمانيين) قانون السلطة الأموية والتأسيس السياسي للمذاهب، ثم استعرض بشكل تحليلي وتفصيلي، إلى حد ما، مجريات الواقع السياسي وأبرز الثورات،منذ ذلك التاريخ حتى وقوع العراق تحت سلطة العثمانيين. . 

2395-ali أما الفصلان: الثالث (التأسيس لدولة المركب الطائفي ـ القومي)، والرابع (التمكين لدولة المركب الطائفي القومي)، فقد تناولا جذور التمييز، ثم المقاومة المبكرة للاحتلال البريطاني؛ فرصدا المشهد العراقي على أعتاب ثورة العشرين وما أعقبها من تغييرات مست المجتمع العراقي وتغلغلت في كل شرائحه على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث بدأ عصر جديد من استلاب بنية المجتمع العراقي، ومن ثم محاولة إدخال تغييرات جذرية في تكوين العقل الجماعي العراقي، ما يعتبر العامل الأساس في ما تكلم عنه الفصل الخامس، وهو (حكم صدام وتعزيز البنية الطائفية ـ العنصرية للسلطة)، حيث مورست، وعلى نطاق شامل، سياسة التمييز الطائفي والعنصري، ما أوصل إلى ماعتبره الكتاب أخطر ديكتاتورية في العصر الحديث، وهي ديكتاتورية الفرد الذي يفكر عن الجميع ويقرر عنهم.

وتناول الفصل السادس (الاحتلال الأميركي وانقلاب الصورة) إرهاصات الحلم الأميركي، ومنها إلى الغزو الذريعة وذريعة الغزو، بدءاً من غزو صدام حسين للكويت، وانتهاء بالغزو الأميركي للعراق، وما جرى بينهما من أحداث لم تجر رياحها بما يشتهي ربابنة السفينة الأميركية، على تعددهم وتنوعهم. حيث استقرت سفينة الحكم في العراق على ميناء المعارضة الشيعية التقليدية التاريخية التي نخرت المشروع الامريكي من داخله وأحالته احتلالا عسكريا دون محتوى، عبر المقاومة السلمية الناعمة التي انتهجتها، وانتخاب الشعب العراقي لها ممثلا عنه في ادارة العملية السياسية، على رغم الجهود الكبيرة التي بذلها ويبذلها الأميركيون وحلفاؤهم الدوليون والإقليميون للحيلولة دون تمكين هذا التيار من الاستمرار في الامساك بالسلطة.

الكتاب غني بمادته، وهو بالتأكيد سوف يلقى تزاحماً متضاداً من الأقلام حوله، بين مؤيد له بشدة ومعارض له بشدة أيضاً.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1510 الاربعاء 08/09/2010)

 

في المثقف اليوم