قراءة في كتاب

سبعة أعوام من رحلة تعزيز الموروث الثقافي

asmaa mohamadmustafaمع إطلالة كل عام جديد، تطل مجلة الموروث على عيد من أعيادها السنوية، ومع كل عيد نجدها في نمو مستمر وأشجارها تينع إثماراً، وهي تواصل مسيرتها وسط توهج شعلة ضوئها في سماء وطن هو بأمس الحاجة الى مثل هذه المشاريع الثقافية، التي تحتفي وتفتخر بموروثها الإبداعي في مختلف المجالات .

قدمت مجلة "الموروث"، المتخصصة في الموروث الثقافي المادي وغير المادي للعراق، منذ ولادتها في دار الكتب والوثائق الوطنية يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني 2008، وعبر رحلتها القصيرة في حسابات الزمن، مايجعلنا نعتز بها ونزداد ارتباطا بها وحبا لاستمرار العمل فيها، وهي بما أنطوت عليه أعدادها من جهد عبّر خلاله العاملون فيها عن إمكانيات وتصورات، غدت مجلة لها مكانتها في مجال الصحافة الألكترونية، بعد أن حرصنا على أن تكون موضوعاتها بحجم أهمية إرث البلد وواجب المسؤولية الثقافية .

إن توقفنا عند ماحققته المجلة عبر سنواتها السبع الفائتة وهي تقطع أشواطاً من الجهد والمثابرة والحرص على تنفيذ رسالتها الثقافية والأخلاقية التي تتضح من عنوانها وأهمية تخصصها لاسيما في هذه المرحلة المليئة بالتحديات والتي تتعرض فيه موروثات البلد الى أعمال تخريبية تهدف الى طمسها وتغييب صفحات من تأريخ العراق فضلا عما تعرضت له موروثاته من سلب ونهب أبان الإحتلال الأمريكي للعراق في نيسان 2003، نقول إن توقفنا عند ماحققته المجلة يجدد فينا العزم على مواصلة مشوار إبراز حضارة البلد وثقافته وموروثه وعبر صفحات وزوايا تتجدد على مستوى الموضوع والرؤية الفنية والجمالية لاسيما وهي تصدر عن الدائرة الثقافية الأكثر تميزاً، دار الكتب والوثائق الوطنية، خزينة العراق العلمية والثقافية، وأحد أهم الروافد الثقافية في البلاد اليوم من خلال فعالياتها المتعددة، ومنها الموروث بالتأكيد .

ويتزامن توقفنا وتأملنا لمسيرة المجلة مع الذكرى السابعة لتأسيسها، مع افتخارنا بأنها استطاعت خلال سنواتها السبع أن تؤسس قاعدة قراء نوعيين، يعانق وجودها الألكتروني بين مواقع ألكترونية كثيرة حقيقة تفردها بهويتها ونهجها في إبراز الموروث الثقافي العراقي المادي وغير المادي بهدف الحفاظ عليه من الضياع، وهو الهدف الأساس من تأسيسها في العام 2008 .

هذا الهدف هو الذي جعل المجلة تعرض موضوعاتها بأسلوب مهني سلس يصل الى النخبة وغير النخبة، ذلك أن هدف المجلة هو الوصول الى الجميع .. المثقف والانسان العادي، المختص وغير المختص، في رحلة التوعية بأهمية موروث البلد والحفاظ عليه كونه الذاكرة التي ينبغي لنا حمايتها من الانقطاع .

نعود قليلاً الى البداية، كان عدد العاملين في المجلة أربعة : المشرف العام ـ المدير العام لدار الكتب والوثائق الوطنية ـ ومديرة التحرير، ومصممتين من قسم تكنولوجيا المعلومات، شكلوا جميعا فريق عمل متعاضد ومتفاعل، فتبادلوا الأفكار ووجهات النظر حول اسم المجلة وتصميمها، ومن أعماق روح الفريق الواحد المتكاتف خرجت المجلة الى الضوء بتخصص فريد ومهم في عالم الصحافة الألكترونية، لتجد استقبالا مشجعا من القراء لهذه الولادة المؤمَل لها بالكثير، وشيئا فشيئا أخذ الوليد ينمو ويكبر، وتزداد مهامه مع إتساع أبوابه وصفحاته، فإنضم الى فريقها محررون ومحررات من قسم الإعلام والعلاقات في الدار، ومن بعض الأقسام الأخرى، واستكتبت أكاديميين وكتابا وصحافيين مازالوا يتواصلون معها ويتابعونها، وسط حرصها على استبيان آراء متابعيها وأفكارهم ومقترحاتهم بين حين وآخر، ذلك أنها حرصت ومنذ البداية على مواصلة التقدم بخطى ثابتة وصولا الى هدفها الأسمى في تعزيز أهمية الموروث العراقي .

 

وخلال رحلتها كُتب عنها أنها مجلة تخوض غمار الإعلام الجاد والرصين في استلهام التراث الرافديني، وتتسم بالتنوع والطرح المغاير الجديد والحرفية والمهنية والذوق الإبداعي .

وكُتب عنها أيضا أنها مجلة تمثل خطوات لحماية التراث، ودائما ما يجد فيها قراؤها ما يثري هدفها المتميز في الحفاظ على موروثنا في المجالات كافة وتعزيزه وتطويره، وتقديمه عبر طرائق متنوعة متجددة، تمنحه الكثير من الألق وتحافظ على أصالته وتظهرها بصور وأشكال ومضامين تلامس ذائقة القارئ والمتابع بكثير من الذوق والجمال.

وكتب عنها أن متابعيها لم يجدوا في أبوابها ما يجعلها نسخة مكررة لغيرها من المجلات التي تعنى بالتراث او الموروث، كذلك لا تلتقي في التصميم والإخراج وطريقة العرض، وتنوع المضامين، مع غيرها من الدوريات او المجلات الورقية والألكترونية، هذا يمنحها بطبيعة الحالة شخصية مستقلة مهمة تنم عن أصالتها وقدرة ملاكها الإعلامي والعملي الفني على تقديمها بما يتسق مع الموروث ويعززه ويحميه، ويظهره بطريقة تليق به .

وقيل فيها أنها تسلط الضوء على تراث العراق وثقافته بعيدا عن الأهداف التجارية والدعائية . وأشار متابعون الى تميزها ودقتها في اختياراتها للموضوعات، وملاحظتهم تصميمها الفني المريح للبصر وكذلك يقال عن ألوانها، بحيث أنها لاتشبه إلا نفسها . وقيل أيضا إنها تتسم بالدقة في التبويب والإخراج واختيار المواضيع المتوافقة مع المضمون .

ولعل المطلب الأكثر ورودا الى المجلة هو أن تطبع ورقيا أيضا، لكي تكون في متناول من يفضل المطبوع الورقي، في الوقت الذي تسعى الدار الى تحقيق هذا المطلب او الهدف، وهو أحد أبرز خططها خلال هذا العام .

ومع هذا الطموح تواصل المجلة حرصها على تبني وطرح أفكار جديدة كي تبقى نابضة بالحياة والقيم والأهداف الثقافية والفكرية التي تعنون بها رسالتها الوطنية والإنسانية . وقد كان تجددها واضحا خلال سنواتها السبع حيث نزلت الى الميدان عبر باب جمعة المتنبي الذي يتولى تحريره فريق من الشباب مهمتهم تغطية النشاطات الثقافية كل يوم جمعة، فضلا عن زوايا حيوية أخرى، يرتبط بعضها بمايدور في ذهن القارئ من آراء وأفكار بشكل مباشر، الى جانب طرقها باب الإعلام المرئي من خلال تنفيذ تقارير إخبارية مصورة من المؤمل عرضها في قناة "الموروث" في يوتيوب، مستفيدة من الفضاء الألكتروني ومميزاته بأقصى ماتستطيع .

وختاما، ونحن نتأمل بيتنا الصحافي الثقافي الألكتروني الذي كبر بأبنائه المخلصين من مختلف الأعمار والخبرات والتخصصات الإعلامية والتاريخية والمكتبية والفنية، يسعدنا أن نرى " الموروث" تواصل رفع شعلتها في هذا الفضاء الواسع، لتعانق النور دائما .

في المثقف اليوم