قراءة في كتاب
الترجمة حقل واسع خصب لنمو التجارب الانسانية
الترجمة عالم جميل من السحر والبراعة، لا يمكن لاحد ان يخوض غماره، الا من امتلك قدرة ادبية، وكان شاعرا كبيرا ذا ارث عميق في عالم الشعر، بل كان متذوقا بارعا في معاني الكلمات، ويمتلك احساسا بالكلمة ومعناها، وكيفية نقلها الى المتلقي، لتكون قريبة من اصل الكلمة، وخاصة عندما تكون الترجمة لقصائد شعرية لشعراء من بلدان مختلفة، كل واحد منهم له طابعه واسلوبه في الكتابة وطريقته في التعبير ورموزه الخاصة لا يصال ما يريد قوله، وقد استطاع الاستاذ (عبد الرزاق عوده الغالبي) من خلال ارثه الثقافي ومن خلال ما كتب في عالم الادب والقصة والشعر، ان يتقن هذه المهمة الصعبة، وان يبحر بشجاعة في عوالم تلك الباقة من الشعراء، لينقل بعض قصائدهم وما تحتويه من ارث كبير ومورث جميل لبيئتهم ومجتمعهم، فالمتلقي عندما يطلع على هذه القصائد المترجمة يشعر انه يقرا قصائد قريبة من نبض كلماتها الاصلية، ويمكن ان يجد من خلال قرأتها لذة الشعر، وطراوة الكلمة، ونكهة التعبير بين سطور الكلمات الشعرية المترجمة، ويجد الصورة الشعرية المرسومة بدقة في التعبير بشفافية عما تحتوي القصيدة، لتشعر انك في عالم القصيدة الفعلي، كما ظهر في قصيدة (الشحرور ازرق العينين) و(سليا) و(الذوق) و(الحمم المتوهجة) و(كيمياء الربيع) و(الزهرة البرية)
استطاع (الغالبي) في تلك القصائد ان ينقل الاحساس الشفاف بالكلمة وبجمالية القصيدة، اذ حافظت كل قصيدة على الرمز وقوة المعنى، وعلى اسلوب الشاعر في التعبير الجمالي الاصلي واظهار الصورة الشعرية الحقيقية، ليصور لوحة فنية بالوان جميلة وزاهية، واظهار الارهاصات والتناقضات التي تتبناها تلك النصوص الرصينة كما تمكن المترجم من ان ينقل للمتلقي صورة رائعة بأمانة ادبية، ومن هنا اشد على يد (الغالبي) في تجربته الترجمية تلك التي استطاع من خلالها نقل انساق مختلفة من القصائد الشعرية، لانساق ثقافية مختلفة ليظهر قدرة ادبية متميزة يمكن ان تكون نواة مثمرة لترجمات اخرى .
د. اسماعيل هاشم الياسري
دكتوراه في النقد الادبي
للاطلاع على الكتاب كاملا في مكتبة المثقف