قراءة في كتاب

حزب الدعوة وإشكالية حكم العراق بعد عام 2003 (29)

ali almomenمشكلة خصوم حزب الدعوة: تكمن مشكلة الفرقاء السياسيين المنافسين لحزب الدعوة في أنهم لا يرون في الدعاة وأجنحة الدعوة إلّا المظاهر والظاهر، ولا يعرفون بعمق حقائق حزب الدعوة ومنهجه وسلوكياته، وطريقة تفكير الدعاة. وبالتالي؛ يتعاملون مع حزب الدعوة من منطلق التحدي والمواجهة العشوائية والعناد، فضلاً  عن الرهان على إسقاطه وتشقيقه وتفتيته، والحال أن الدخول مع حزب الدعوة في خصومة وتنافس خاضع لأساليب التحدي والتهديد بالعدة والعدد، أو الاحتراب الإعلامي والسياسي والمسلح، أو الاتهام العقيدي والايديولوجي؛ لا ينفع الخصم مطلقاً؛ بل أنه يضر بالخصم وبالساحة المشتركة التي تجمعهما وبالمجتمع الواحد الذي ينتميان اليه، صحيح أن التنافس مع حزب الدعوة أمر مشروع وطبيعي من قبل الفرقاء السياسيين أو الأضداد النوعيين؛ ولكن لهذا التنافس شروطا موضوعية؛ تراعي سمعة حزب الدعوة التاريخية في الوعي الشعبي الشيعي، وسمعة مؤسسيه ورواده، ومستوياتهم ومواقعهم العلمية والدينية والفكرية، ومسيرته الطويلة المتخمة بالصراعات والتحديات والتضحيات والكفاح، وخبرته التراكمية الممتدة، وقدراته التوالدية الذاتية، ومنهجه الايديولوجي المتقن الشامل، وامتداداته التنظيمية والمنهجية في البلدان الأخرى، و”لوبيات” التأثير المعمِرة التي تدعمه في الوسط السياسي الشيعي خارج العراق.

هذه الحقائق؛ تجعل حزب الدعوة يرى في نفسه أنه الأحق موضوعياً في تصدر المشهد السياسي الشيعي بشكل خاص والعراقي بشكل عام، وفي الحصول على المساحة الأوسع من مواقع القرار، وأنه الأقدر ذاتياً على الوصول اليها؛ إذ يرى أن بينه وبين الآخرين فوارق كبيرة في المسيرة التاريخية، وفي حجم الهيمنة التقليدية على الساحة الشيعية، وسنين طويلة من الخبرة التراكمية الشاملة.

 

الحركة الأم

ولا نتحدث هنا بمنهجية معيارية؛ لكي لا نذهب بالبحث نحو إيجابيات حزب الدعوة وإنجازاته، أو سلبياته وأخطائه؛ فهذه ليست مهمة الباحث ومنهجه الوصفي التحليلي، بل ما نريد قوله هو أن حزب الدعوة؛ سواء أحبه الحلفاء أو كرهه الخصوم؛ فإنه قَدَر موجود وراسخ وكبير في الساحة العراقية والشيعية العالمية، وهو الحركة الأم في الساحة السياسية الشيعية العراقية والعربية؛ ولا يمكن التعامل معه إلّا بمقدار حجمه ونوعه وقدراته وتاريخه؛ حاله حال كل التيارات والوجودات الأخرى الراسخة في الساحة العراقية؛ كالحزب الديمقراطي الكردستاني؛ الحركة الأم للساحة السياسية والاجتماعية الكردية في العراق وخارجه، والحزب الشيوعي العراقي؛ الحزب الأم للحركة الماركسية العراقية؛ وصولاً الى المجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري وغيرهما. هذه التيارات هي أيضا قدَرٌ لا يمكن تجاوزه؛ لأنها ليست تيارات سياسية وحسب؛ وإنما وجودات ايديولوجية واجتماعية كبيرة. و ينجم عن الصراعات السياسية فيما بينها؛ صراعات مجتمعية خطيرة. وقد تسبب عدم التعامل الموضوعي الواقعي الذي ينسجم مع حقائق كل منها؛ تسبب خلال سنوات ما بعد تأسيس العراق الجديد الى نتائج سلبية تعود على الطرف الذي يجهل أو يتجاهل قدرة خصمه وحجمه المعنوي وغير المحسوس.

 

نظرة خاسرة

ولذلك يبدو أن معظم الفرقاء السياسيين لا يدركون حقيقة القدرة المعنوية وغير المحسوسة التي يمتلكلها حزب الدعوة والدعاة، ولهذا أخذ هؤلاء الفرقاء يستخدمون منذ عام 2003 أساليب الخصومة التي لا تراعي المعايير المذكورة؛ مما جعلهم يخسرون دائماً جولات التنافس مع “الدعوة”، وبلغ الأمر ببعضهم الاستخفاف بعدد الدعاة وعدّتهم؛ وبأنهم لا يمتلكون من العدد ما يوازي أصغر جماعة شيعية في العراق. وهذه النظرة الى حزب الدعوة هي نظرة خاسرة؛ فليس المعيار في اختبار قدرة “الدعوة” هو العدد؛ بل النوع والقدرة غير المحسوسة؛ إذ أن لدى الدعاة خبرة تراكمية هائلة تستطيع تغيير كل الموازين خلال فترة قصيرة؛ فيما لو تحركوا تحركاً جماعياً. مثلاً؛ كان معظم المنافسين والخصوم السياسيين خلال سنوات السقوط الأولى؛ يقول: (( لم يعد لحزب الدعوة وجود؛ بل هناك دعاة أفراد وتنظيمات صغيرة متناحرة تنتسب الى “الدعوة”، وهي لا حول لها ولا قوة ))، كما كان بعضهم يراهن على اضمحلال “الدعوة” في غضون سنوات قليلة. وهذا المنهج غير الواقعي في النظرة الى خصم ومنافس مثل حزب الدعوة؛ مكًن الأخير من الإمساك برئاسة الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة منذ عام 2006 وحتى كتابة هذه السطور؛ دون أن يستخدم العنف والسلاح؛ بل من خلال الممكن السياسي وفن بناء المعادلات واستثمار العلاقات والفهم الحقيقي لقدرة الفرقاء السياسيين، وصولاً الى استثمار أخطاء الخصوم بحقه وانفعالاتهم معه.

 

المالكي والبديل المشابه

إن أكثر ما أدهش المراقبين هو شعور الفرقاء السياسيين المناوئين لنوري المالكي بالنصر بعد تكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة؛ بل تصور خصوم العملية السياسية في العراق والواقع الشيعي تحديداً؛ بأن وصولهم الى بغداد بات وشيكاً؛ فأخذت عصابة “داعش” الإرهابية توزع الحلوى في الموصل، وأخذ أقطاب حزب البعث وقادة الجماعات المسلحة المقيمين في أربيل وعمان يتبادلون التهاني. وأكثر ما كان يشد المراقبين هو ظهور متكرر على الفضائيات لمسؤولين في بعض الجماعات الشيعية العراقية؛ وهم يتحدثون بنشوة وزهو عن نصر مبين، ويضعون أمام نوري المالكي خيارات ملزمة، ويحددون مستقبله السياسي في ضوئها؛ وكأنهم هم الذين اكتشفوا حيدر العبادي وصنعوا قدره الجديد. والحقيقة أن الخصوم لم يحققوا انتصاراً على الأرض؛ إلا في حدود النجاح في إزاحة شخص نوري المالكي عن رئاسة الحكومة، وهو شعور مؤقت زال مفعوله بعد انقشاع غبار المعركة، وهو ما ينطبق على أنظمة دول معادية للعراق؛ كالسعودية وتركيا وقطر والأردن وغيرها. والسبب هو أن حيدر العبادي قيادي في حزب الدعوة الذي يحتل نوري المالكي أمانته العامة، وعضو في ائتلاف دولة القانون الذي يترأسه المالكي، وأن منهجه الفكري السياسي هو منهج المالكي نفسه؛ لاسيما ان العبادي كان مقرباً من المالكي، وكان من منفذي سياسات حكومته، ودخل الانتخابات البرلمانية الأخيرة تحت شعار (حكومة الأغلبية السياسية) التي كان متحمساً لها، وتحت البرنامج الحزبي والسياسي والانتخابي نفسه الذي يتبناه نوري المالكي، وكان يقول بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية في نهاية نيسان عام 2014؛ رداّ على خصوم حزب الدعوة: (إن المالكي خيارنا الوحيد في تشكيل الحكومة الجديدة، ولا بديل للمالكي إلّا المالكي نفسه) .

 

صانع القرار

والأهم؛ أن نوري المالكي احتفظ بتأثيره المباشر في صناعة قرار الدولة والحكومة؛ لأربع دلالات:

1- المالكي هو أمين عام حزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء ووزراء ومسؤولون آخرون.

2- المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي اليها رئيس الوزراء، وهي التي رشحته للمنصب، إضافة الى وزراء ومسؤولين ينتمون الى كتلة “الدعوة” والى الائتلاف؛ الذي يضم جماعات سياسية كبيرة نافدة ومؤثرة الى جانب حزب الدعوة الإسلامية؛ كحزب الدعوة ـ تنظيم العراق، ومنظمة بدر، وكتلة مستقلون.

3- يمتلك المالكي علاقات وتحالفات مع الفصائل الرئيسة في الحشد الشعبي؛ وهي الفصائل القريبة من الوجدان الشعبي العراقي، وصاحبة التأثير في سير مخطط مكافحة الإرهاب.

4- إنه يسهم في اختيار كبار مسؤولي الدولة؛ ولاسيما من كتلة “الدعوة “ وائتلاف دولة القانون والقريبين منهما.

5- إن أعضاء مجلس النواب من "كتلة الدعوة" وائتلاف دولة القانون يرتبطون به مباشرة، وكذا الحال مع المحافظين والمسؤولين المحليين المنتمين الى حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون.

لقد أسس الفرقاء السياسيون؛ في خضم الصراع مع المالكي؛ أسسوا لموضوعة التغيير على كونها تغييراً لشخص رئيس الوزراء وأسلوبه في الإدارة؛ وليس التغيير على أساس معالجة الخلل في مضمون الدولة ودستورها وإدارتها، وشكل النظام السياسي ومضمون العملية السياسية، وسلوكيات الأحزاب والفرقاء السياسيين، وطريقة تشكيل الحكومة واختيار الوزراء وأسلوب إدارتهم لوزراتهم، وما نقصده هنا؛ مضمون التغيير الجذري بفلسفته الشاملة التي تتحدث عنها المرجعية النجفية العليا؛ منذ منعت جميع السياسيين العراقيين من زيارتها دون استثناء، وكانت تشير بذلك الى أن مضمون التغيير هو مسؤولية جميع التيارات السياسية المشاركة في العملية السياسية، وليس رئيس الوزراء وحسب.

 

حكومة العبادي

ولم يخف كثير من المواطنين تفاؤلهم بمشهد رئيس الوزراء حيدر العبادي في جلسة مجلس النواب مساء 9 أيلول/ سبتمبر 2014، وهو يعلن عن تشكيلته الحكومية، التي جمع فيها الفرقاء السياسيين العراقيين في مساحة مشتركة من التوافقات التي أدت الى دخولهم التشكيلة الوزارية؛ بالرغم من صعوبة العملية؛ بالنظر للشروط التعجيزية ـ أحيانا ـ التي أراد بعض الفرقاء فرضها على متبنيات الحكومة الجديدة وطبيعة تكوينها وعملها؛ وفي مقدمة ذلك حجم تمثيل “اتحاد القوى الوطنية”؛ الذين يطرح نفسه ممثلاً للمكون العربي السني، وإلغاء القوانين المبدئية التي قامت عليها الدولة العراقية بعد العام 2003، إضافة بعض شروط “التحالف الكردستاني” ومطالباته الجغرافية والمالية والسياسية، وهذا يعني إن تفاؤل المواطن العراقي تقابله شكوك السياسيين والمراقبين في قدرة الفرقاء السياسيين على الاستمرار في حالة التوافق المرحلية؛ لأن أزمات العراق السياسية والتاريخية لا علاقة لها بالنجاح في تشكيل حكومة جديدة، فستبقى قوى الاتحاد السني تنظر الى رئيس الوزراء الجديد على أنه قيادي شيعي إسلامي ينتمي الى حزب الدعوة الذي كان يعمل على إسقاط نظام البعث الطائفي العنصري؛ وبالتالي إسقاط السلطة الطائفية التي تمتد الى مئات السنين، كما سيبقى حضور نوري المالكي ماثلاً أمامها؛ لانتماء حيدر العبادي الى الحزب الذي يقوده نوري المالكي؛ الذي يتحمل وزر ما أسموه بتهميش السنة؛ وهو ما يعني لديهم غياب الشكل وبقاء جميع المضامين الايديولوجية؛ وهي نقطة خلافهم الجوهرية الحقيقية مع عراق ما بعد 2003.

أما “التحالف الكردستاني” الذي يمثل المكون الكردي السني؛ فعلى الرغم من سقف مطالبه العالية؛ إلا أن نقطة الخلاف الجوهري المذكورة مع السنة العرب لا تعنيهم بشيء؛ بل على العكس؛ فقد كانوا ولايزالون يعانون من النظرية الشوفينية التي قامت عليها الدولة العراقية بعد عام 1921؛ وهي نقطة التقاء أساسية بحزب الدعوة والمكون الشيعي برمته؛ إذ ان خلافاتهم مع الحكومة المركزية ظلت خلافات مطلبية ولا تتعلق بالصدمة التاريخية التي حدثت عام 2003، وإذا ما أخضعنا الخلافات بين الفرقاء السياسيين الشيعة الأعضاء في “التحالف الوطني” الى مقياس الخلافات الجوهرية مع اتحاد القوى السنية والخلافات المطلبية مع التحالف الكردي، فإن خلافات الكتل الشيعية مع بعضها تصل الى حدودها الدنيا؛ باعتبارها خلافات ترتبط بجانب الصلاحيات والممارسات.

 

الفوضى الشاملة

وقد طفت مظاهر هذه الإشكاليات على سطح الواقع السياسي العراقي خلال السنتين اللتين اعقبتا تشكيل حكومة العبادي، وعادت خصومات الجماعات السنية والكردية والشيعية مع حكومة العبادي كما كانت عليه خلال حكومة المالكي؛ وبالخطاب والقضايا الإشكالية نفسها. وتجلت هذه الخصومات في أوضح صورها في فوضى الشعارات والتصريحات والتجاذبات السياسية والمظاهر المجتمعية التي شهدها العراق منذ مطلع عام 2016؛ تزامناً مع دعوات الإصلاح؛ والتي كان كل فريق ينظر إليها من زاويته المتعارضة مع وجهات نظر الفرقاء الآخرين. لأن كل فريق ينظر الى الوطن والدولة والحكومة؛ كما يريدها هو وكما تنسجم مع بنيته الفكرية وقراءته التاريخية ومصالحه السياسية. فمثلا يكون الإصلاح الذي يدعو اليه بعض الجماعات السنية؛ تخريباً من وجهة نظر جماعات شيعية مقابلة. وحتى داخل المكون الواحد؛ يكون الإصلاح الذي تدعو له حركة التغيير الكردية؛ تخريباً لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكذا الإصلاح الذي يدعو له التيار الصدري؛ تخريباً لدى جماعات شيعية أخرى. ولذلك كادت أحداث الشارع البغدادي خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2016 أن تؤدي الى حرب أهلية شيعية ـ شيعية؛ ولاسيما بعد اقتحام أنصار السيد مقتدى الصدر المنطقة الخضراء، ثم مبنى البرلمان العراقي ورئاسة الوزراء خلال ايار/ مايو. وقد تخللت مرحلة الفوضى الشاملة؛ إجراءات عاجلة لتغيير الواقع الحكومي؛ بادر اليها حيدر العبادي؛ أهمها: استبدال معظم الوزراء وكثير من وكلاء الوزراء والمدراء العامين ورؤوساء الهيئات المستقلة؛ فضلاً عن تغييرات في بعض السياقات الإدارية؛ تحت عنوان القضاء على المحاصصة الطائفية والحزبية، وعلى الفساد الإداري والمالي.

ولم تقف الفوضى الشاملة عند هذا الحد؛ بل أدت الى إنهيار التحالف الوطني الشيعي عملياً، والى تصدع العلاقات بين الجماعات الشيعية نفسها، ولا سيما بين التيار الصدري والجماعات الشيعية الأخرى عموماً، وبين التيار والدعوة خصوصاً. كما أبرزت ضعف الأداء الحكومي في مواجهة التهديدات اليومية لبعض الجماعات المتظاهرة. أما المظهر الأهم؛ فقد تمثل في تزعزع بنية الكتل السياسية داخل البرلمان، وانشقاق كثير من أعضائها، وتأسيس جبهة برلمانية يقول أعضاؤها أنها عابرة للطوائف والأحزاب، وتضم أكثر من 100 برلماني؛ معظمهم من ائتلاف دولة القانون الذي يترأسه نوري المالكي، وبينهم أغلبية أعضاء "كتلة الدعوة" التي تضم دعاة ومستقلين، والتي يترأسها خلف عبد الصمد، الى جانب أعضاء من جماعات شيعية وسنية وكردية وتركمانية. وقد كرّس هذا الإنشقاق البرلماني تصدّع الوضع الداخلي في حزب الدعوة، وأضاف اليه محوراً جديداً يقوده علي الأديب؛ الى جانب المحورين اللذين يتصدرهما نوري المالكي وحيدر العبادي. وفي النتيجة؛ فإن حجم أزمات العراق ونوعها وتجذرها تسببت في تصدع حزب الدعوة وانكشافه، وفي تصدع الجماعات الشيعية عموماً؛ لأن هذه الجماعات ـ غالباً ـ لاتنظر الى أزمات العراق نظرة علمية عميقة؛ لتكتشف حقائقها التاريخية والجغرافية والبنيوية؛ بل أنها تنظر الى الأزمات باعتبارها أزمة سياسية يمكن حلها بالتوافق والتراضي، أو أنها أزمة خدمات وبنية تحتية يمكن حلها بحكومة "التكنوقراط".

 

التغيير الجوهري

إن التغيير والاستقرار في العراق لا يرتبطان بتغيير الحكومة ومجيء رئيس وزراء جديد أو بتشكيل حكومة خبراء أو بالإصلاح السياسي؛ بل يرتبطان بالصراع التاريخي للإرادات على هوية العراق وبنيته الايديولوجية وتكوينه القومي والمذهبي. ولا شك؛ إن معرفة عمق هذه الإشكالية والإذعان لحقيقتها؛ كفيلان بإيجاد الحلول الجذرية لأزمات العراق ومعالجتها، أما الإصرار على عدم الاعتراف بهذه الإشكالية والتغطية عليها، والاستمرار قدماً في وهم تغيير الوجوه والأسماء والصلاحيات والسلوكيات؛ وكونه جوهر التغيير والاستقرار؛ فإنهما سوف يبقيان العراق مشتولاً في أرض الأزمات.

 

في المثقف اليوم