قراءة في كتاب

قراءة في كتاب معالم الوعي القومي.. رئيف خوري مناقشاً قسطنطين زريق

محمود محمد عليفي عام 2013 احتفلت لبنان بانقضاء مئة عام علي مولد أحد بنيه الكبار، ابن "نابيه" في المتن الشمالي، وابن العروبة الديمقراطية الحرة الحضارية، ألا وهو رئيف خوري (1913-1967) . فمنذ وقت مبكر من حياته أدرك هذا الأديب التقدمي الفذ أن " القومية العربية هي الخلاص"، وليست مرحلة تَكَوُّن الوعي القومي العربي الحديث إِلَّا المرحلة التي اصطلح المؤرخون على تسميتها بـ«مرحلة اليقظة» العربية. ولم تشذّ هذه المرحلة في إحيائها للغة والثقافة العربيتين، عن مراحل تَكَوُّن الوعي القومي لدى القوميات الأخرى، التي اتبعت أيضاً، سياسات من قبيل "التتريك" أو "الرومنة" أو "البلغرة"، وهي سياسات تتميز في ظاهرها، على وجه الدقة، بأنها سياسات ثقافية-لغوية قومية، أي متأسسة على وعي جديد بمفهوم الأمة، ومعنى القومية المميزة. تمثّل مرحلة «اليقظة» التي اشتدت فيها آليات المثاقفة وتأثيرها، مرحلة التَكَوُّن الجنيني في الحركة القومية العربية، وقد أَخَذَت هذه المرحلة على المستوى التنظيمي شكلاً جمعياتياً ثقافياً قومياً نسبياً، تمركز بشكل خاص في منطقة المشرق العربي التي تميّزت باجتماعها المركب وفسيفسائيتها اللغوية، والثقافية، والإثنية، والمذهبية، والدينية.

في حين انصرفت بقية البلدان العربية للانشغال بنضالاتها الوطنية ضد أشكال الاستعمار الخاصة بها، كما تماهت العروبة مع الإسلام في منطقة المغرب العربي، فإن المضمون القومي في المشرق كان منفتحاً على قدر واضح من تصورات علمانية فوق دينية للأمة، ليعكس بذلك أسباب انتشاره أساساً بين طلائع النخبة الجديدة المنحدرة من الأقليات المسيحية، والمتأثرة بمفهوم المواطنة القومي العصري للحركة القومية العربية. ويمكن أن نميز في تلك المرحلة الجمعياتية المشرقية، مرحلتين متتاليتين ومتداخلتين أحياناً، الأولى مرحلة النشاط الإحيائي، والثانية مرحلة النشاط السياسي.

وقد نشر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب معالم الوعي القومي للمؤرّخ والمفكّر اللبناني رئيف خوري، من جديد، بعد مرور أكثر من سبعين عامًا على صدوره للمرة الأولى عام 1941 ضمن منشورات دار المكشوف ببيروت. ويقع الكتاب في 184 صفحة من القطع الكبير.

وتكمن أهمية هذا الكتاب في إعادة اكتشاف النقاش والسجال الفكري اللذَين شهدتهما المنطقة العربية في أربعينيات القرن الماضي، حين كانت أوروبا تعيش في فضاءات الحرب العالمية الثانية وانقساماتها الأيديولوجية؛ إذ كان رئيف خوري حاضرًا في تلك الانعطافة التاريخية حين قرّر مناهضة الفاشيّة والنازيّة، ومواجهة الأفكار المتطرفة التي حذّر من خطرها على وحدة المنطقة وحريتها واستقلالها، وكان رئيف خوري حاضرًا في تلك الانعطافة التاريخية حين قرر مناهضة الفاشية والنازية ومواجهة الأفكار المتطرفة التي حذر من خطرها على وحدة المنطقة وحريتها واستقلالها.يقول المؤلف :" في الندية جميعها حديث متصل عن القومية، وليس الأمر بعجيب . فطبيعي أن يكثر الأخذ والرد في هذا الموضوع اليوم . وكنت منذ أمد قد عقدت النية علي الخوض في هذا المجال مع الخائضين، ثم رأيت من الخير أن أعمد إلي بعض ما كتب عن القومية عندنا فأنظر فيه، وأعلق عليه . والحق أن ما قد كتب عن القومية في اللغة العربية ليس بيسير القدر، فخشيت أن يتسع المجال أمامي ويتشقق في وجوه، فتضيع الفائدة المرجوة . ولذلك عزمت علي أن أحصر عملي في كتاب واحد ذي قيمة أحترم كاتبه . وثدر الوعي القومي للدكتور قسطنطين زريق وهو من الشباب الذين يحرصون علي أن يكون لهم تفكير جدي رزين في القضايا فأرسلت كلمة أولي في الكتاب ثم كلمة ثانية أوسع، ولكني في الكلمتين كنت مستعجلا وقد أبديت فيهما اعترافا عاما بفضل الدكتور لا أتزحزح عنه . وها أنا اليوم أعيد الكرة للمرة الثالثة، وقد شعرت أن النظر المتأني في هذا الكتاب والتعليق المستفيض عليه إنما يستدرج إلي معالجة موضوع القومية الخطير . فهذا السفر الذي تجده بين يديك أيها القارئ هو نقد لكتاب " الوعي القومي " . وآمل أن أكون وفقت فيه إلي أكثر من نقد كتاب بعينه، فزدت بعض وضوح مسائل لم تزل مختلطة غامضة حتي في أذهان بارزي رجال الثقافة منا .

ورئيف خوري كاتب وناقد وأديب لبناني، درس ودرّس في كلٍّ من لبنان وسورية وفلسطين. وناضل ضدّ المستوطنين الصهاينة وضدّ الانتداب البريطاني في فلسطين في ثورة 1936، قبل أن تقوم السلطات البريطانية بطرده إلى لبنان. عُرف عنه موقفه المعادي لقرار تقسيم فلسطين 1947. وله نحو عشرين كتابًا.

أستحضر سيرة رئيف خوري لمناسبة مئوية ولادته (1913 - 1967)، مفكراً وأديباً وصاحب موقف وطني لبناني وقومي عربي وأممي في ممارسته السياسة باسم الإشتراكية التي كان ينتمي إليها، فكراً رائداً ومشروعاً إنسانياً كبيراً لتغيير العالم.من غرائب الأمور ودلالاتها أن يصادف غياب رئيف خوري في العام الذي وقعت فيه هزيمة الجيوش العربية في حرب حزيران 1967. لم يعش ليرى ولادة المقاومة الفلسطينية والبطولات التي ارتبطت باسمها، ولا عاش ليرى النهاية البائسة لتلك المقاومة ومأساة الشعب الفلسطيني في ظل صراعات قادته على المكاسب والمصالح، وفي ظل القهر الذي تمارسه عليه العنصرية الإسرائيلية.

ففي صيف ذلك العام الحزين أصيب رئيف خوري بانفجار في الدماغ لم يفلح الطب في مداواة آثاره، فرحل قبل أوان الرحيل غاضباً ومكتئباً. لكأنه أراد ألاَّ يعيش أكثر مما عاش، وألاَّ يعاني أكثر مما عانى، خلال أعوام عمره التي اختصرها الموت المفاجئ، وكان فيها واحداً من كبار المثقفين العرب، ممن جعلوا الثقافة ميداناً رحباً لمعركة صاخبة لا هوادة فيها من أجل الحرية والتقدم للعرب جميعاً. معرفتي الجيدة به، وبتراثه، والعلاقة التي ربطتني به على امتداد سنوات عدة، منذ عام 1949 حتى وفاته، تتيح لي أن ألقي عليه هذه الأضواء.

وُلد رئيف في عام 1913 في قرية نابيه في منطقة المتن الشمالي. كان منذ شبابه الأول متفوقاً في الدراسة، الأمر الذي هيَّأ له فرصة الدخول إلى الجامعة الأميركية، التي تخرَّج منها في عام 1932 بدرجة بكالوريوس علوم في الأدب العربي وفي تاريخ الآداب الشرقية. كتب رسالة عن الجاحظ لا تزال حتى الآن مخطوطة من بين آثار أدبية أخرى غير منشورة. لكنه لم ينتظر التخرج من الجامعة لكي يمارس نشاطه الأدبي، فقد بدأ ينشر أشعاره الأولى وبعض دراساته في الآداب الشرقية في جريدتين لبنانيتين كان صاحب إحداهما الشاعر بشارة الخوري. كان لا يزال آنذاك في الثامنة عشرة من العمر. تعرَّف خلال دراسته في الجامعة إلى أستاذ أميركي كان يدرِّس مادة التاريخ، ويميل إلى الأفكار الإشتراكية، فتأثَّر به وبأفكاره. بدأت منذ ذلك التاريخ علاقته بالحركة الإشتراكية وبالشيوعيين اللبنانيين، من دون أن يصبح، حتى وهو في أوج نشاطه الفكري والسياسي باسم الإشتراكية، عضواً ممارساً في الحزب الشيوعي. توجَّه فور تخرّجه إلى مدينة طرطوس في سوريا ليدرِّس الأدب العربي في مدارسها. صدر له في 1934، "امرؤ القيس"، أول كتاب من كتبه التي كرّسها لتاريخ الأدب العربي، ثم غادر طرطوس إلى القدس عام 1935 ليدرِّس مادة الأدب العربي. وكانت فلسطين في ذلك العام تغلي وتتهيّأ للثورة التي اندلعت في العام التالي.

اندمج في الحركة الوطنية الفلسطينية، وتعرَّف إلى عدد من قياداتها من فلسطينيين وعرب، من بينهم الدكتور خليل البديري الشخصية الفلسطينية المعروفة، والأديبان اللبنانيان سليم خياطة ورجا حوراني. حين انفجرت الثورة الفلسطينية في عام 1936 كان رئيف مناضلاً في صفوفها. شارك مع خليل البديري ورجا حوراني في صوغ مطالب الإنتفاضة، متلخصةً في منع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومنع بيع الأراضي العربية لليهود، وتشكيل حكومة وطنية ديموقراطية مستقلة، ووقف أعمال القمع التي كانت تمارسها سلطات الإنتداب ضد المواطنين العرب.

كان رئيف يتنقل مع آخرين من زملائه في المدن والقرى، ويخطب في الجماهير محرّضاً على الإندماج في الإنتفاضة ضد المستعمرين البريطانيين والصهاينة والمتعاونين معهم من العرب. لكنه عاد بعد انفجار الثورة إلى لبنان ليتابع مهنة تدريس الأدب العربي، وليكمل نشاطه الثقافي والسياسي في قلب الحركة الوطنية اللبنانية والعربية. انضم إلى أسرة تحرير مجلة "الطليعة" التي كانت بدأت بالصدور في عام 1935.

بعد عودته من فلسطين دخل في مرحلة النضج، متوّجاً إياها بإصدار كتابه، "جهاد فلسطين"، بتوقيع "الفتى العربي"، الذي تضمَّن برنامجاً للنضال الوطني ضد السيطرة الإستعمارية ولمناهضة الحركة الصهيونية ومشاريعها في فلسطين. كما تضمَّن عرضاً لتطور الإنتفاضة الفلسطينية في مراحلها المختلفة.

أصدر رئيف في العام نفسه ملحمته الشعرية، "ثورة بيدبا"، في صيغة حوار مسرحي من سبعة فصول. وهو، إذ استعار من التاريخ الهندي ومن كتاب "كليلة ودمنة" قصة الملك دبشليم مع الفيلسوف والحكيم بيدبا، حاول بالرمز الوقوف عند الظاهرة ذاتها في الوطن العربي.

وكان رئيف مثقفًا متعدد ميادين المعرفة، ومتعدد ميادين الإبداع الأدبي والفكري، ولأن التدريس كانت مهنته منذ أن تخرج من الجامعة الامريكية عام 1932 في مادة الأدب العربي وآداب الشرق، فقد كانت كتاباته الأدبية هي الأكثر اهتمامًا عنده في مجال الكتب تأليفًا وترجمة واقتباسًا، وكان همه في كل كتاباته الأدبية، أن يؤكد على أن الادب هو عمل مسؤول، وأن الأديب هو حتمًا مسؤول عما يكتب، وإذا كانت المواضيع التي كان يكتبها للصحف اللبنانية والعربية، وهي عديدة لا تحصى، وقد تمحور معظمها حول شعاره المعروف «إن الأدب كان مسؤولًا»، فإن المناظرة التي جرت بينه وبين طه حسين بمبادرة من سهيل أدريس صاحب مجلة «الآداب» عام 1955 شكّلت محطة مهمة في الجدل حول هذه المسألة،  ورحل عام 1967 (عام الهزيمة) عن عمر 55 عاما، ودفن في مسقط رأس، وقبل وفاته كان قد أرهق نفسه لسنوات بالتدريس في عدَة مدارس نهاريَة وليليَة من أجل لقمة العيش، وأحيانا كان يفعل ذلك من دون مقابل.

وقد كتب المفكر حسين مروة: كانت فترة الأربعينات من أخصب فترات حياة رئيف خوري إنتاجًا أدبيًا وفكريًا، تميّزت خصوصًا في كتاباته التي هدف منها إلى إحياء التراث العربي، إلا أن أهم ما صدر له من كتب في تلك الفترة "الفكر العربي الحديث وأثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي".

ومن ناحية أحخري فقد قال الأديب حبيب صادق: "كان خوري عَلَماً بارزاً في الصياغة البيانية المتألِّقة، وعَلَماً في التوهُّج الفكري والرؤية التقدمية. وصدر عن قلمه 23 كتاباً، علاوة على 5 كتب مترجمة".وقالت الدكتورة يمنى العيد: "كان خوري ناقداً نبيلاً. انتصر للإنسان وللقيم الإنسانيّة، وأكَّد أدباً يتوجّه إلى الشعب ويهتمُّ بقضاياه من دون أن يكون ذلك على حساب أدبيّة الأدب أو فنيّته".الأمين العام للحركة الثقافية – أنطلياس الدكتور عصام خليفة قال: "خوري أحد كبار مثقفي شعبنا اللبناني وشعوبنا العربية عموماً، وأديب مصلح حمل هموم هذه الشعوب في كل ما أنتجه".وقال الدكتور ربيعة أبي فاضل: "إنّه في حياتنا اللبنانية والعربية، صوت رائد، صارخ، حاضر، يطرح أسئلته التي لا تموت، على ضمائرنا". واعتبر الدكتور أنطوان سيف أن فكر خوري لا يمكن بلورته إلاّ في إطار البحث عن المفاهيم الفكرية القاعدية لتراثه الأدبي، وأهمّها في اثنين من كتبه: "حقوق الإنسان" و"الفكر العربي الحديث إثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي".

في الكتاب قسمان: تضمّن القسم الأوّل مناقشة رئيف خوري كتاب الوعي القومي لقسطنطين زريق الذي صدر لأوّل مرة في عام 1939، بينما صدر كتاب خوري للمرّة الأولى في عام 1941. أمّا القسم الثاني ففيه محاضرات ألقاها الكاتب ودراسات نشرها في صحفٍ ومجلات كانت تصدر في بيروت ودمشق، وقد ارتأى المركز إضافتها إلى الكتاب، لأنّها تتعلّق بالموضوع ذاته الذي يناقشه القسم الأوّل، وهو الوعي القومي.

في القسم الأوّل من الكتاب يقوم رئيف خوري بالردّ على زريق، موضحًا عثراته وأخطاءَه التي وقع فيها، منتقدًا "الوعظ المملّ" الذي وقع فيه في مقدمة كتابه، ومنتقدًا أيضًا تحيّز زريق إلى روحانية الشرق؛ إذ نجده عندما يتحدّث عن الفلسفة في البلدان العربية يؤكد أسماء كبيرة في الفلسفة الغربية أمثال أفلاطون وديكارت وإيمانويل كانط، وينسى، كما يقول خوري، الفلاسفة الماديين أمثال بيكون وفيورباخ ولوك.

ويعرض لنا الكتاب رؤيتين متغايرتين للوعي القومي؛ الأولى مثالية وطوباوية عند قسطنطين زريق، والثانية واقعية جدلية عند رئيف خوري الذي اختار أن يختم كتابه باقتباسٍ من جبران خليل جبران يقول فيه: "لبناني هو الفلاحون... والرعاة... والكرامون... والبناؤون... والحائكون وصانعو الأجراس والنواقيس..."؛ أي إنّ الوعي القومي يرتكز على العمل لا على التنظير فحسب. ويستند إلى القوى العاملة في المجتمع وإلى أبناء الشعب الناشطين لا إلى من آثروا العيش في أبراجهم العاجيّة.

وفي القسم الثاني من الكتاب، والذي اشتمل على تسع محاضرات ومقالات لرئيف خوري، يعالج المؤلف التطوّر الذي حصل في مفهوم القومية العربية. ويوضح أنّها قومية تحررية. في حين يتكلّم في عددٍ من النصوص عن مسألة الاتحاد العربي والقومية العربية الجامعة. ويرى أنّه لا استقلال للعرب إلّا باتحادهم، وبتجاوز العصبيات السامّة التي تحرّك خيوطها الدول الاستعمارية.

وتتنزّل إعادة نشر هذا الكتاب ضمن مشروع "طيّ الذاكرة" الذي اعتمده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ويهدف هذا المشروع إلى البحث عن المنسيّ والمفيد من الكتب القديمة، وإعادة نشر المتميز منها؛ بغية ترميم الجسور المعرفية، وردم الهوّة بين عوالم الأفكار ومراحلها، وإعادة الوعي والاعتبار لما نُسي أو كاد يُنسى منها.

كذلك في حوار رئيف مع كتاب قسطنطين زريق "الوعي القومي" الذي نشره في كتاب "معالم الوعي القومي"، إشارات واضحة إلى مفهومه، كقومي عربي للمسألة القومية في عالمنا العربي. ففي هذا النقاش مع زريق وحّد رئيف بين انتمائه إلى الإشتراكية كفكر ومشروع سياسي للمستقبل، وبين انتمائه العميق إلى القومية العربية انتماء متحرراً من العصبيات استند فيه وفي مفهومه للعروبة الحديثة وللوحدات القومية إلى تجارب الشعوب التي سبقتنا إلى بناء دولها وإقامة وحداتها على أسس ديموقراطية حديثة. هذا هو رئيف خوري الأديب والمفكر الإشتراكي والقومي العربي الديموقراطي، كما عرفتُه، وقرأتُه.

 

الأستاذ الدكتور محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

في المثقف اليوم