قراءات نقدية

الشاعرة فاطمة منصور شاعرة حزن حد البكاء الا انها تديم قلبها بالفرح

wejdan abdulazizكان المساء نديا، كانت حرارته العراقية التموزية تستفز شواطيء النهر، حينما تداعبه تلك الريح الساخنة التي هدأت وحلول الاصيل، وانا اتنصت لذلك الصوت، نعم نفسه والنظرة نفسها وتلك الخصائل الجميلة التي تمزج بين الحزن والفرح، وتخلق مزيج الحزن والفرح بابتسامات افتراضية .. لا ليس غريبا ان اعلن عن صوت بات يلازمني كل يوم ببوح شعري جديد، انه صوت الشاعرة فاطمة منصور، تلك الشاعرة الجادة في تبلور رؤية جمالية للعلاقات العاطفية الرومانسية، فلا استطيع ان اكون شحيحا بالثناء، لهذا اقول اذا استطعت ان ترى كل مايحيط بك جميلا ونظرت لايجابيات الامور وتجنبت السلبيات المحيطه بك، حتما انت رومانسى، فكن جميلا ترى الوجود اجمل فالرومانسيه انصهار فى الطبيعه وامتزاج مع الحياه ببساطه وعفويه، ورغم حزن شاعرتنا في مقطوعتها القصيرة هذه، الا انها تخلق فرحا من نوع خاص، بامتداد سؤالها (اين؟ لااعلم !)، وتضيف قائلة:

(اْلاحقك كي

اْكفكف دمعي

بكفك

اْلثم باطنها

واْنظر اليك

اْربّت على كتفك

واْحنّ اليك

يا هذا الحزن

الموجود في عينيك)

 

وبهذا صنعت حضورا، في حزن تليد على الغياب، هذا التوتر جعلها تنتسب للحبيب، رغم غيابه، فالوجود موجود في عينين تبحثان عن الحقيقة، هذا الصراع الحياتي الذي تصنعه كلمات الشاعرة فاطمة منصور، لهو مدعات للتأمل في مساحات الشعر التي تتعامل مع حزن الانسان وبكاءه، ليبقى الامل معقودا على الحضور .. أي (ان الشاعر يسخر كل مايملك من طاقات فنية في سبيل خلق الصورة ونقلها الينا بكامل صفاتها وخصائصها، وبما يتلاءم وواقع تجربته في القصيدة، فهو "يصور الاشياء كما يراها، يلتقط ظلالها الهاربة واشكالها المتغيرة لكي يجعلنا نحس بها كما يحس هو بها" بثباتها وحركتها وفعالياتها المتنوعة والمتعددة، وهي تخضع لطبيعة التجربة وكيفية حضورها الشعري في القصيدة.)، وهنا لابد من الالتفات الى مسألة الادراك (فوظيفة الادراك والفهم هي التمييز بين محتويات الوعي وتصنيفها واللذات التي تصاحب عمليات التمييز والتصنيف هذه هي التي يتكون منها جمال العالم المحسوس)، والخروج من دائرة القبح المتمثل بالحزن الى دائرة الجمال المتمثل بالفرح مضافا له الامل .. بدليل دعوة الشاعرة الى المطر بقولها :

 

(فيا غيوم اْمطري

واْسقي اْرضا

وانبتي زرعا

علك تحييه

في داخلي)

 

والمطر هو العامل المهم في النمو والانبات، فـ(عجيب ذلك الإنسان انه مخلوق لاتقف رغباته عند حد وهو لاينفك يسعى إلى التسامي ويهفو إلى الأفضل والأحسن، فهو لايقنع بإدراك الأشياء ومعرفة الموجودات والأحداث المحيطة به، بل يستشعر في الإدراك ذاته، لذة ويتذوق المعرفة خالصة عن كل ما يتعلق بها من أهداف عملية . وهو لايكتفي بتذوق إحساساته وانطباعاته عن الأشياء، بل يضفي عليها من خياله ما يكسبها كمالا وجمالا تستجيب له نفسه بالرضا والسرور)، فشاعرتنا فاطمة منصور تشعر بالحزن الى حد البكاء، لكنها لاتفتأ تبحث عن الفرح لتديم قلبها بالحب واللقاء ..

في المثقف اليوم