قراءات نقدية

بسام فاضل: حبيبي داعشي.. متسارعة الخطى رواية هاجر عبدالصمد

عندما أنهيت قراءة رواية حبيبي داعشي للروائية هاجر عبدالصمد شعرت أنني أقف أمام رواية براويتين جمعتهما الوحدة الموضعية رابط سرعان ما ياخذحالة من الاستنفار باعادة التمعن في المضمون فتتصور أن اولاها تولد عنها ثانيها فيما الثانية تولد عنها مجاز فعلي وقناعة تامة بالنهاية التي قد تشبه ما ناقشته الكاتبة في الرواية الأولى

وقد تشعر في خظم قرأتك إنك تقف في مواجهة موضوعين منفصلين جمعتهما رواية واحدة أو بالأحرى شخصية روائية واحدة أدى موضوعها الاول وهو الطلاق إلى أن تهيم هذه الشخصية في الفلاة وتتوه في تفكير تصوري عن معناذلك والسبب الذي أدى إلى ختام حياة زوجية هانئة وسعيدة لاتنقصها منقصات الحياة المالوفة قبل أن تدرك وتنتقل إلى المحتمات التي تتبع هذه القضية والتي ببرائتها لم تكن في حسبانها أو تضع لها أدنى أعتبارات .

هذه الاعتبارات التي أضهرها المحيط الاجتماعي غابت عنها بفعل الوعي الثقافي الذي تشكل عندها والذي كان حاجزا عن أدراك بورة الصراع الاجتماعي للواقع الذي تعيشه وهي المتعلمة في أرقى المدارس والحاصلة على أجازة الترجمة لعدة لغات عالمية .

الموضوع الثاني هو النتيجة التي كانت سببا  للاول بعد اكتشاف جهلها بواقعها والثقة التي أعطتها لزوجها من دون أن تحيط بتصرفاته وتشك في حبه للحظة أدى الى الهروب المفجع إلى الوقوع في شرك جماعة داعش الارهابية .

قضية أجتماعية لطالما أرقت المجتمع وشكلت منهج لبحث القناعات التي تتولد لدى المؤمنين بنهج هذه الجماعات ,وارادت الكاتبة إلى إن تفضي بسبب واحد من إسباب التوجه إلى العنف بصر القارئ عن تفكر بأسباب عديدة يمكن استنباطها من الدلالات الاجتماعية في الرواية ولذلك لم يكن السبب وأن كان مقنعا للبعض في أن يشكل الانتماء إلى الجماعات المحضورة سببا للطلاق حتى وأن كان وجيها إلا أنه شكل للكاتبة قضية شخصية بخلاف ما أرادت أستقصائه من معنى عام لاستكشاف ضاهرة الإرتماء في جوف النار، نار داعش واكتفائها بإضهار ملامح تخلف المجتمع الذي يدفع بالكثير لان يصبحو فريسة سهلة في يد الدعاة الذين يجندوهم للعمل في ما يخل بقيم الدين والمجتمع كلا ومن هنا من بين سطور الرواية توجه رسالة إلى أهمية التفكير في أعادة النظر باحقية التسامح مع المغررين المبني على الجهل وتبيح العذر لكي يعود المخطى إلى جادة الصواب وأن يلجم نفسه من الاندفاع أكثر في أقتراف الآثام وسيجد أن الحياة لازالت تقدم له الصفح لاصلاحه .

سردت هاجر تفاصيل أحداث روايتها قريبة من الشخصيات مما تهيى لي أنها تحكي قصتها وتنفث نارا في جوفها أرادت للجميع أن يقرائها ويتنبه منها ثم تضع يدها على جرحها الذي نزف مرتين لتزجر مجتمعا عاقبها عقاب لم تدر عن الذنب الذي أقترفته أو أن تكون هي المتسببة به ،ثم تقول تيقنت أنني لست الوحيدة التي أضاعني مجتمعي وليست هذه الناشزة من قضية الطلاق من تحرم الانسان السوية في الحياة فثمة قضايا أخرى لاتقل عنها أهمية .

ولربما أجزم أنها كانت مقربة من شخصيتها المحورية فروتها كما هي بصدق شعور التجربة الانسانية الواقعية ,أخذت موضوعها من مصدرها المقرب الذي لم يخف عنها أدق التفاصيل .

بطلة الرواية ليلى المثقفة ذائعة الجمال والمتزوجة من محمود في بيت يمتلكان فيه كل وسائل الحياة والحب الطافح بمشاعر دفاقة تزداد وتتاجج مع كل لقاء يجمعهم بعد فراق ساعات العمل .

يقوي ثقة ليلى وتمسكها بثقافتها ونهمها للعلم والعمل وقوف أسرتها معها ،أباها الغني الذي يمتلك نفوذ ومال وأمها التي تحبها وأخاها العطوف عليها ،وهناك أيضا صديقة مخلصة مقربة (سها) التي تحس أنها شقيقة تشاطرها همومها وأحلامها البريئة وهي رفيقتها أيضا في العمل وقد أكتفت بصداقتها وأغنتها عن الاكثار من ألاصدقاء عدى في حدود الزمالة .

يأتي اليوم الذي تفيق منه على جواب عصف بثقتها بنفسها وحبها للحياة وغير مجرى حياتها وغلبها راسا على عقب ،ذاك الجواب ليس عاديا ولايمكن أن يصدر من شخص عاديا بعد سنوات العشرة هذه أنه جواب الفراق ،فراق (العش) والحياة الزوجية التي جمعت محمود وليلى عن قصة حب عظيمة لم تشعر بأي لحظة فيها بما ينقصها وما كانت للتوقع أن يطلقها محمود بهذه الطريقة المفجعة دون أن يشرح الاسباب فقط بضع كلمات يقول فيها أنه لا يستحقها وأنه يحق لها أن تبحث عن الحب الذي يستطيع أن يملئ قلبها حقا .

فجيعة أصيبت بها وقبل أن تستجمع قواها وتفيق من صدمتها قبل أن تعرف لماذا طلقت؟ وكيف لهذا الحب ان ينتهي إلى ألا شي؟ يرمي بها محمود حتى ادأنه لم يقل لها عن سبب وأحد لذلك، تفيق على صدمتة أشد آيلام، من الواقع المحيط بها أسرتها وصديقتها أذ يتبدل مواقفهم تجاهها ويصدرون أحكام غارت في أعماق جسدها دامية أثخنت جرحها القديم وأيقنت أنها الضربة المميتة التي أذعنت لها وسهلت أنقيادها لتيارات النشوز والعصيان السيئة .

تربصت بها أيدي المنون فريسة في جلباب تيار داعش الارهابي عبر رفيقتها سميرة التي كانت ترقبها وتطمح تجنيدها لذكائها وجمالها بعد أن تخلت عنها أسرتها خوفا من العار، فالمطلقة بنظر المجتمع عار على أسرتها وأن عليها أن ترشد من تصرفاتها وتحركاتها وأن ترمي بنفسها في حضن أول المتقدمين أن لم يكن للاسرة دور في دفعها إلى ذلك الحضن الذي لاتطيقه دفعا وشعورها أن حبها السابق لم ينضب وأن ناره متقدة في صدرها تذكيه أصرار الاسرة على تزويجها لذاك الشخص الذي أحضره والدها اليها وتعتقد أن أباها قام بشرائه بماله،أيضا هناك صديقتها (سها) التي تهربت منها وحدت من مقابلاتها تخوفا من نظرات زوجها الزايقة ناحية ليلى وقد صارحتها أنها بذلك تريد أن تحافظ على زوجها وأسرتها .

كان قرار لابد منه مقابلة أم سلمان صاحبة الخير صديقة سميرة والتي أقترحت على ليلى أن تذهب معها لمقابلتها وتبديد كل التساؤلات والمخاوف ومعرفة نوع العمل الذي سوف توفره لها في الخارج .

تتمكن أم سلمان من التقرير بليلى وأقناعها بانها حرة في تصرفاتها وستلاقي ما ينقصها في بلدها ألام مصر ،كانت ليلى تتقلب الافكار في راسها وقد اوصلتها تقلبات الحياة إلى يأس مؤكد  من نكث زواج ماتوقعته سينتهي، إلى أسرة فقدت ثقتها في أبنتها الوحيدة وخضعت للموروث الاجتماعي المتخلف وأصدقاء باتو يرونها مصدر للشر أو للغواية وحيال ذلك أما أن تصدر حكمها على حياتها ومغادرة دار البوار إلى دار الغرار الذي يلهمها أيمانها أنها ستسكن في جهنمها  أو أن تطيل حياتها وتدخل في هذه التجربة لعل الله يجعل لها مخرجا أو أنها تجد من ينتفع مما ستقدمه .

تتوالى الاحداث ورحلة الإنحراف المتقنة الحبك إلى أن تصل إلى سوريا مهبط الدولة الاسلامية مدينة الرقة مارة عبر الحدود التركية .

هناك في حياض داعش تدرك الخطر الذي يحدق بها وليس هي فقط بل أسرتها فقد رسمت أم سلمان (مها) خططها بإن يتم التجنيد الفعلي لليلى بين أفراد داعش وعبرها يتم التاثير على أسرتها والانتفاع من أمكانيات والدها المحتكر لماركة عالمية في توريد السيارات .

لم تشفع المعاملة التي بدت في بدايتها أنها عالية الوقار والتدليل في مقدرة ليلى على أماطة اللثام عن الوجه الحقيقي لهذه الجماعة التي أوقعت نفسها في شركها .

تتدخل عناية الله في شخصية عمر المؤتمن لدى أبو سياف  أمير الجماعة،عمر الذي يتقن في زرع الثقة المتهالكة لدى ليلى من كل الناس الذي تعاشرهم ويكسب مودتها ،ثم يقطع لها عهدا على أن يسعى بحياته لكي ينقذها من هذا المازق.

كان عمر إلى حد ما يشبه ليلى فهو عازف عن الزواج فثمة حب يتاجج بداخله وهو أيضا يخفي ضراوة ماساة عاشها وبات يتمنى الخلاص من لعنة التشفي بقتل الاخرين ،تضل هذه اللعنة تطارده فمع بداية أنتمائه أجبر على قتل أم وصغيرها كعربون على عضويته في داعش ومن ساعتها وهو يعيش مع ماساته وكاد أن يقتل لرفضه تنفيذ أوامر القادة لولا أن أبوسياف أنقذه منهم في اللحظة الاخيرة ويضمه إلى المقربين منه وكاتم أسراره حتى يتبين لاحقا أن هذا كان تمثيلية حاكها أبوسياف ليضمن أن يعيش عمر معه تحت عذاب الضمير ورد الجميل .

يتمكن عمر من تهريب ليلى عبر الطريق الذي أتت منها إلى تركيا بعد أن تمكن محمدالسوري صديق  قديم له من تحريره من جميع النقاط الداعشية إلى تركيا وهذا الصديق السوري حرره عمر سابقا من قبضة داعش وهو الآن ينتمي الى جبهة النصرة وأيضا هو من أنقذ عمر مرة أخرى عندما أعتقل بالحدود اليمنية وسير به إلى الرقة ثانية بعد أن توجه عمر وليلى من تركيا  إلى اليمن في ضيافة الشيخ بسام اليمني صديق السوري وهما بالخروج إلى السعودية .

كما أنه هو وأصدقائه من جبهة النصرة من تمكنا من البحث عن ملاك أبنت عمر وليلى وأعادتها إلى أحظان أبويها بعد سيطرتهم على الرقة وأنتزاعها من داعش وفي هذا تصوير على الفروق التي تتمايز بها هذه التنظيمات الارهابية وأرادت أن توجه الكاتبة إلى أن داعش تنظيم اشد رهبة وعنف ودموية بينما جبهة النصرة وهي الاساس الذي أنشق عنه داعش والفرع المبايع من القاعدة وما تقاتل إلا لاجل أسقاط النظام .

ورغم أفول نجم داعش وتراجع سيطرتها عن ما تملكته من خلافة إلا أنها ظلت تراقب عمر وليلى التي حمدت الله أن وضع عمر في حياتها وقد أحبته وأضهر أنه جدير بها وبالقلب الخاوي الذي لم يستطع أن يملائه غيره وتشاركهم ظلم المجتمع معا فهو عذب مسبقا من قبل الامن المصري وتركت الة العذاب ندب في جسده  لاتهامه بالانتماء للمتطرفين .

هونت ليلى على نفسها مصيبتها عندما عرفت من زوجها القديم محمود أن سميرة صديقتها التي جندتها ورافقتها إلى سوريا وتفرقتا هناك قد عادت مريضة بالايدز وهي حامل وتوفت في المشفى أثنا ولادتها وتبعها جنينها .

وقد أنهت هاجر عبد الصمد روايتها برصاصة أخترقت قلب عمر من أحد عناصر داعش في مصر فيما كان فاردا ذراعيه لاحتضان أبنته الصغيرة ملاك أمام مدرستها التي تذهب بعدحادثة مقتل أبيها إلى رحلة الغربة لتعود منها يانعة بعد موت أمها لتروي للجميع قصة أبوها وتضحيته بحياته لكي تعيش وأمها وتتخلص من مطاردة الدواعش الذين ينبتون في كل مكان .#

اكتمل العرض ...

 

تحليل وعرض الكاتب: بسام فاضل – اليمن 

 

في المثقف اليوم