قراءات نقدية

الفيض الإبداعي في نصوص أوراق فارغة

627 اوراق فارغةالإفصاح عن ما يجول بخجلات النفس من إرهاصات تتصاعد وتيرتها على مر الزمن بدخول المتلقي والمتتبع إلى معترك أخر غير الذي خرج منه بالأمس، هذا الإفصاح يختزل صوراً بضميرها الوجداني ويعرضها بشكل صور معانات تتنامى بهيئة الحلم الذي يفكر أو يكون محط التفكير للخروج من دوامة الأجواء المضطربة التي تتصاعد في هواجس الكاتب ليبلغ أجواء التمرد بإلحاح والمعاندة وفق شكل اللغة الناتجة عن تنامي خارطة كيانه بإنتقاله من الفرد الى الجمع ليعرض للآخرين ذاته المتأزمة وهكذا تتبلور لدى الكاتب لغة جديدة تولد مستعصية بعض الشيء ببساطتها الموغلة بالواقع والمباشرة متضمنه الكثير من الفعل الصوري المنطلق من موهبة قابلة للتطورالسريع .

رعد الكرعاوي: اسم يدخل دائرة الكتابة النثرية ببصمة واضحة ومستمرة بالأداء الدائم الذي يجمع بين التعبير والنص الذي تلهو به العواصف والبشر ويثار بينهما التساؤل اللامفضي، الكاتب رعد الكرعاوي أصدر كتابه الاول بعنوان أوراق فارغة نثر على فضاءات الفن الطبعة الاولى 2019 ضم اكثر من ثمانين نص راجعتها أكثر من مرة وقد كانت لي وقفه أوجزها في القراءة التالية :

مازالت هنالك تجربة وعشق مرير إذاً هناك أحزان رقيقة وناعمة ولكن ليست مريرة هناك إنعكاس جميل بالإفصاح عن المشاعر التي تستعرض هذه التجربة التي ستكون منهاجاً للعمل الجديد والخطوات الجديدة وسوف لن أدخر وسعاً وجهداً إلا وإستعرضت من خلاله الصور الفنية وعناصرها المفارقة والجهد الشعري والتوظيف والنص.

في ص 15: (فأنتِ انا وأنا بروحك الغاضبة فلك حكم لقمان وصورة يوسف ونغمة داوود وعفة مريم، ولي حزن يعقوب ووحشة يونس وآلام أيوب وحسرة آدم)

استخرج الكاتب عنصر جوهري في بنية النصوص الابداعية وتلقيها وكثف فاعلية اللغة وتماهيها .

في ص 18 وضمت نص (أكرهك لأنك تشبهينني أكرهك كثيراً) ثمة أسطر بمثابة قصة قصيرة جداً وهي (في غيابك تيممت برائحتك ورتلت فرائض عشقي حتى كسر احدنا الجرة، تلك التي كانت تحتوي مدخرات هائلة داخلها يعج بالسرية مطرزة بالجمال والحب والذكريات لا تمحى، ثم تصبح فيما بعد خزف حزين)

ثمة لغة سرد يشوبها العبث الذي ظل ملازماً لنصوص الكاتب وهي بمثابة عنصر من عناصر النص القصصي فهو يقول في (السهم المسموم) ص 19

(ما الذي أسقاك سهم العشق بكأس الحياة حتى سئمتِ الكتابة ؟ فأصبحت ترى حروفك كمدينة حل بها الحطام من الداخل لتملأها غضب وحزن وأمل ضائع وأمل وحنين) وجدانيات ومشاعر لها طعم الإستراحة عند التأويل لأغراض الحكمة لها دلالات تتكثف أحياناً أبعادها كل ذلك في النص الذي أخذ المنجز إسمه أوراق فارغة ص 22

(حتى المشاعر أحياناً تتغير حيث يحدث لك موقف صادم فإما أن تتقدم أو تجعلك تكتفي بنفسك)

إحتوى نص أوراق فارغة حرف الجر عن ثمانية عشر مرة قد تكرر ما يعكس أنها أوراق ليس فارغة كون التساؤل يأتي بعد حرف عن دائماً أنها أي النصوص حية ونشطة تتم عن وجود لا ينطفئ .

في ص 35 وضمن نص (صنوبرة عمري)

يخرج الكاتب من دائرة الضجر الذي ألم به وغربته، الملازمة له إلى عالم يعيد الثقة بالذاكرة الجمعية فيتوفر مع بذرات روحية لفعل إنبعاث مستقبلي في التعامل مع الحياة والآخرين فيدخل في حالة من الوعظ وفيها يذكر .

(فإياك والنظر للخلف فمن يرحل عنك فلك التهاني وله العزاء ومن يطعنك من الخلف دع الجرح يطيب وتماسك.. ومن يطعنك في القلب اخرج خنجره بيدك خبأه في الذاكرة وعد إليه كلما شعرت بالضعف أو زارك الحنين لتتذكر طعناتك وترفع رأسك وتتابع سيرك إحمل كرامتك كعرشك وإياك أن تحملها كنعشك ..

نص عقول مذبوحة بشفرات الأرواح ص 58 هذا النص له أبعاد فلسفية يستعرض الكاتب في متنه العلاقة بين الروح والعقل وهو يؤكد ان الروح أي العاطفة وإعتقادي جازم بقصده وَهْمٌ بالنسبة لمنطقية العقل بل ويجزم الكاتب أن مصيبته إجتماعهما أي العقل والعاطفة .

أخيراً أن الكاتب رعد الكرعاوي دخل دائرة الأدب من باب النصوص والكتابة النثرية وبنفس قادر على التصوير والتصور والتعبير لهموم الزمن ووجع الإنسان اليومي وأنا على ثقة أن أوراقه هذي متخمة بالحيوية والنشاط الإبداعي الكتابي وبلغة بسيطة مشحونة بالحياة .

 

 ساطع الجميلي

 

في المثقف اليوم