قراءات نقدية

تابو القبيلة.. قراءة في رواية اوراق المجهول لداوود سلمان الشويلي

أتخذت رواية (أوراق المجهول)عنونة تقترب من الشجن والضياع؛ لأنها أقترنت بـ (الإوراق) التي تحمل معنى السجل الثابت الدائم، وفي الأحيان اغلبها الغير قابل للتبديل والأختلاف، والمجهول: الذي يحمل معنى الضياع، والرواية جاءت مكونة من(18ورقة).

أما التابو: فهو الممنوع والمحرم، ويمتزج مع سلطة القبيلة ليشكل تابو من أخطر التابوات، ويتفوق على (تابو السياسة، وتابو الدين، وتابو الجنس).

أسهمت سلطة القبيلة بشكل أو بأخر في الوقوف تجاه القانون العام للحياة أو القانون المدني، ألا وهي (سلطة الأعراف والتقاليد والقبيلة)، والتي تتجه نحو نقد القوانيين الدستورية .

و أصبحت الممارسات القبلية،أقرب إِلى أَنَّ تنظم إِلى قائمة التابوات، وفي العراق بصورة خاصة والعالم العربي بصورة عامة نعيش اليوم عصر( تابو القبيلة)، لدرجة أصبح فيها التصدي لهذا التابو يندرج ضمن المحضورات ؛ لأنها من الموضوعات التي يصعب مناقشتها؛ لأنها تقترب من الركائز الثلاث (السلطة،والدين، والعرف العشائري)، واستغل ممارسيها الدين وردائه لفرض وجودهم على الذات والذات الأخرى.

وقد لأتثبت السلطة فرضية وجودها وقمعها إلا عن طريق سلطة القبيلة ونفوذها؛ لأنها تشكل قوة، والقوة تتوفر عند القبيلة، وهي ظاهرة من ظواهر التاريخ وسلسلته المعتمة على الشعوب اغلبها، فالدول الحاكمة تعمد إلى أدخال العناصر جمعيها.

فسلطة الدولة كمشروع تفسح المجال لتدخل العديد مَنْ العناصر، أي ليس فقط (السياسة، الدين، الجنس، القبيلة)، بل الأيديولوجية ككل والفلسفة ومختلف أنواع المذاهب لنجد في كل مرة ينتصر رأي على رأي و تستمر سلاسة الحكم والتسلط، فالسلطة ليست بحاجة إِلى الدين، فهي علاقة لا تمثل علاقة ترابط أو اندماج ؛ وكون الاندماج بمفهومه المتداول في أوساطنا الثقافية يشير إِلى إيدلوجيا توحد بين السلطتين - أي علاقة تبادل مصالح بين سلطة الدين وسلطة القبيلة -، ليجد المستحوذ على الحكم نفسه حاكماً دينياً، وهذا ما يجعل الدين بقبضته ليضطهد ويحكم باسم الدين ككل، فمصلحة الاستبدادي تسير باتجاه مصالحه بالدرجة الأساس، من دون تجاوز هذه المصالح على الذات .

وعليه فسلطة الأعراف والتقاليد والقبيلة ترتبط بالسلطة السياسية والدينية .

عمدت الرواية الى نقد هذه الظاهر السلبية إلى تسير باتجاه السلم التصاعدي،" كان المضيف الكبير على سعته مليئاً بالعمائم والياشماغات والعقل والرؤوس الحاسرة، كانت الوان العمائم وكبرها تشي عمن يلبسها.."، من هنا بدأت الرواية بالنقد المعلن لهذه الظاهرة المجانية.

فقد كان " موت الشيخ الكبير هو الحقيقة التي ستجر وراءها حقائقاً اخرى".

عمدت الرواية الى الأشارة إلى شخصية (الشيخ الكبير) فقط من دون أن نعرف ماهي تسمية هذا الشيخ، والذي بموته ابتدأت الرواية بنسج خيوطها.

إما راضي وفوزية (فوزة)، واخت راضي(خيرية) فقد ضاع حبهم جميعاً، بسبب العرف العشائري" إما راضي وفوزة فلم يعلم بقصة حبهما ولقاءاتهما سواي وخيرية؛لأنهما كانا من عائلتين بينهما مشاحنات وبغضاء ونفور على الرغم من أن جديهما لابيهما أبناء عمومة"، وقصة حمل الزوجة الرابعة للشيخ الكبير، لنكتشف فيما بعد أن اعلانها للحمل كان أكذوبة اتخذتها بغية الحصول على قسط من الأرث الذي كان يملكه الشيخ الكبير، والذي لم يترك لها أي شيء منه؛ لأنه كان يسير تحت سلطة والدته،فضلاً عن أنه لم يمتلك الذرية ؛ لعقمه.

وقد أكتشفت زوجته الرابعة هذا الأمر بعد فوات الأوان، وبعد أن وهبت شبابها لخدمة من اكبر منها سنناً، وغضبها على والديها اللذين لم يخبراها بعقمه بسبب فقر حالهم، فكان زواجها من الشيخ الكبير صفقة لاتعوض.

أضيف، الرواية انطلق مشروع كتابتها من مادة مجانية معاشة في الدول العربية أغلبها، ونجح الروائي في الربط بين قصة الحب والعرف العشائري، وبين استغلال صغار السن من الفتيات الفقيرات وتزوجيهن لكبار السن.

وأهم مااشارت اليه الرواية هي استغلال (الدين وردائه) في فرض السلطة على الذات والذات الأخر، لتنطق الرواية بالقول: " تسليم الراية من سارق إلى سارق".

 

بقلم: د. وسن مرشد.

 

في المثقف اليوم