قراءات نقدية

جمعة عبدالله وأبجديات النقد المضيء!!

صادق السامرائيأعرفه ثقافيا وفكريا، وأتعلم من قراءاته النقدية  للنصوص التي يغوص في فحواها، ويكشف عن رمزياتها الكامنة في الكلمات والعبارات وما تخفيه من دلالات.

ومن وجهة نظر نفسية بحتة، فأن هذه القابلية تنمّ عن موهبة جديرة بالنماء والتطور والعطاء الوفير، لتنير دروب الأقلام فوق السطور.

وكأننا أمام ظاهرة نقدية أصيلة لديها طاقة لسبر أغوار النصوص والوصول إلى جذر أفكارها ومنطلقاتها، وهذه القابلية تتوطن الذين يمتلكون عدة الغوص في بحار الكلمات ومحيطات العبارت، وفضاءات الأفكار الصدّاحة.

وعندما يسلط منظاره النقدي على النَص، يمنحه عناصر جديدة للحياة، ورؤية جليه لذاته، ومراجعة كينونته بمفرداتها المتنوعة، وبهذا يساهم في تنمية قدرات كاتبه، ويقدم له صورة إرتقائية ومحسِّنة لأسلوبه ومطوِّرة لأدواته التعبيرية، فتحسب ما تقرأه إبداعا مضافا على إبداع.

وتتميز كتاباته النقدية بالجرأة والموضوعية والأسلوبية المؤثرة، فهذه التفاعلية التنويرية تحرك تيارات الثقافة، وتعيد أمواج الفكر والمعرفة إلى مجاريها الدفاقة في أنهار العصر المتصاخب الإبداع.

على مدى سنوات لم أنتفع من القراءات النقدية لبعض ما أنشره من نصوص، لكني عندما أخذتُ أقرأ له، وجدتني أمام مدرسة نقدية تمنح النَص قيمته الحقيقية، وترشد كاتبه إلى مواطن الضعف والقوة وما هو أفضل.

فالساحة الثقافية تتشوق للنشاطات النقدية الجادة الرصينة التي تضع النقاط على الحروف، وتؤجج الإبداع وتطلق ما فيه من جواهر الأفكار، وجمان المكنونات التعبيرية القادرة على صناعة حاضر أزهى ومستقبل أجمل.

فالثقافة بأصنافها لا قيمة لها إذا ركدت حركة النقد، والواقع الثقافي يشير إلى أن الحركة النقدية قد خمدت منذ عقود، وأصاب المبدعين اليأس والقنوط، وفقدت إبداعاتهم دورها وتأثيرها، بل أن الكلمة أضاعت رسالتها، لكن إنطلاق الإرادة النقدية الجادة الناشطة متمثلة بما يقدمه الأستاذ جمعة عبد الله من أمثلة متواصلة، أعادت الأمل والروح للثقافة.

قد يرى بعض الأخوة غير ما أرى، لكن الكتابات النقدية التي تُشعرك بأنها قادرة على تنمية الوعي وتطوير الإبداع نادرة، وما أجده في كتاباته يختلف تماما عمّا أقرأه لمن يتصدى لبعض النصوص، فأكثر الكتابات النقدية تميل للمجاملة والمديح ولا تقدم ما هو جدير بالإنتفاع.

فالنقد بحاجة لجرأة وإقدام وموضوعية، ولرؤية أو نظرية ذات مرتكزات معرفية للتفاعل الخلاق مع النصوص.

فهل ستنطلق في ربوعنا تيارات نقدية تعيد للإبداع مكانته وهيبته الحضارية؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم