قراءات نقدية

إنعام كمونة: إبستمولوجية الرمز والإيحاء في قصيدة النثر..

انعام كمونةوجلٌ ووردٌ وعود / د. سجال الركابي

خلاصة: استخدام الرمز احدى مظاهر التجديد في قصيدة النثر وتوظيفه من أهم السمات الجمالية في الشعر العربي المعاصر لغرض إيحاء عمق الدلالة بابتكار رؤى الشاعر بسيمائية لغته الشعرية، وظاهرة توظيف الرموز أسلوب استعاري فني للتشبيه أو الكناية لإيحاء الدلالات في ذهن القارئ بإيماءة وتلميح وتستر، والتعامل الرؤيوي للشاعر مع الرموز لخلق عوالم غير تقليدية أو تجريب غير نمطي في قصيدة النثر خاصة بمستويات عدة في التركيب البنيوي أو الاقتباس والتناص أو التضمين الكلي أو الجزئي بصياغة عصرية تعي مرونة تراث ادبي وابتداع فكري لاحتواء التجربة الشعرية بتركيز وتكثيف، البحث يتضمن رمز انفعالي ذاتي الابتكار يحتضن كتلة النص بموضوع تشكيله، ويتدرج بأفق الانساق يتراءى ببنية النص معمارية ترابط متين، باغترابه عن ظواهر المألوف بجوانب فلسفية شعورية بكونيات النص، يتكرر بتساؤل معرفي باستفهام واستغراب عن طبيعة علاقات انسانية بفكر حسي،يتماهى دلاليا للتجريب والتطبيق والتقريب الذهني بوقفات تأملية او صيرورة رؤيا فلسفية تثار من معاناة فكرية ونفسية فيعبر عنه بمفارقات أبستمولوجيا الإيحاء بإسناد رمزي، والأبستمولوجيا من احدث التطبيقات والنظريات المنهجية الحديثة واكثرها مرونة للفيلسوف باشلار والذي أهتم بدراسة المخيلة والخيال في الشعر وفلسفة الفن والجمال، تبحث عن الحقائق العلمية للأشياء بالشك والظن لحين اثباتها بشواهد مقنعة، والأدب احد العلوم التاريخية والمعارف الحضارية القابلة على التطور باستيعاب العلوم الإنسانية والاجتماعية والدراسات النفسية لذا تسعفنا بحرية استنطاق دلالات الجمل الشعرية والمجازات الفنية ووحدات عالم النص بدلالات عنصر الإيحاء وتطبيقها من خلال تجلي أبستمولوجية الرمز بابتكار وتجديد، الأنموذج رمز" التأرجح " في نص/ وجلٌ ووردٌ وعود / للشاعرة سجال الركابي ومن الضروري ان نحيد لدراسة تحليلية وسيمائية أسلوب النص لتكتمل القراءة.

تمهيد

- الرمزية وسيلة تعبير اسلوبية تتجلى من الوعي أو من تراكمات في دهاليز ومتاهات اللاوعي الحسية والنفسية،لتمنح رؤى الشاعر بعدا دلاليا وتعتبر آلية مهمة للابتكار الجمالي في النص، ويعد استخدام الرمز بأشكاله وأنواعه من أهم عناصر قصيدة النثر للإيحاء، وقد عبّر الدكتور عز الدين إسماعيل عن الرمز والإيحاء بقوله " تركيبة وجدانية تنتمي الى عالم الوجدان أكثر من انتمائها الى الواقع"، لذا يختارها الشاعر بحتمية ما يتطلبه الموقف الشعري بشعور وجداني ، ويقتنيها بما تستدعي غايته الدلالية برؤى ممزوجة بين الواقع والخيال،والرمز أداة لغة قوية واسلوب اشاراتي لحالة شعورية فني الفلسفة لتكثيف الفكرة بتلميح مستتر،، وتتغير دلالة الرمز بتشكيلات المجاز وموقعه في الصورة الشعرية ومستوى صياغته في الأنساق، وقد يتجلى بجنوح دلالات الأنساق اليه فيكون صيغة شمولية للرمز وهيمنته الإيحائية فنية تشكيل بلغة غائرة الدلالة تقنية الأبداع والتميز ...

- ومن بعض تعريفات الرمز /الرمز في اللغة " يعني الإيماء والإشارة والعلامة "، وردت لفظة الرمز في الآية المذكورة في القرآن الكريم:﴿قال ربّ اجعل لي آية قال آيتك ألّا تكلّم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا﴾ آية آل عمران "41"،أي أن يومئ لهم فقط، يعني إشارة بنحو يد أو رأس (لا تكلم أحدًا الا بالإشارة )، وما ورد في لسان العرب لابن منظور في مادة الرمز معناه " تصويت خفي باللسان كالهمس وتحريك الشفتين بكلام غير مفهوم باللفظ من غير إبانة بصوت، إنّما هو إشارة بالشفتين والعينين والحاجبين ...

- أما أحدى تعريفاته اصطلاحا،" إنّ الرمز بمفهومه الشّامل هو ما يمكن أن يحلّ محل شيء آخر في الدلالة عليه لا بطريقة المطابقة التامة وإنّما بالإيحاء أو بوجود علاقة عرضيّة أو علاقة متعارف عليها، فالرمز وسيلة إيحائية تستخدم للشعر، إذ هي قادرة على الايحاء والتلميح”، كما يقال أن : " الايحاء إلقاء المعنى إلى النفس في خفية بسرعة "، فالرمز فلسفة الشاعر ولغة رؤاه للتعبير عن خلجاته المدفونة دون الإفصاح المباشر ...

- والرموز أنواع قد تكون من التراث أو الأسطورة أو عقائدية وصوفية وغيرها،وممكن من أي مصادر معرفية اخرى علمية أو أدبية، لربما تكون عبر جملة أو مفردة اسمية أو فعلية بما تشير اليه من عمق غائر بقيمة موقعها في النسق النصي وترابطها لِنَشد الفكرة،وكثيرا ما تكون خليقة ابتكار نابعة من مخيال الشاعر بعفوية ترميز ذاتية الشعور أومن تراكمية اللاوعي المكتوم، يستجلبها من أفق معرفته ويلتقطها من فضاء خياله بمكنون الموقف الذي تستحثه عليه تجربة ما، يبثها الى أثير ذهن المتلقي ليلتقطها بفاعلية ما يتذوقه من رؤى الشاعر فيعيرها اهتمامه كما يسميه الناقد روبرت ياوس بأفق توقعه بتحفيز ما يدخر من فلسفة ثقافية ومعرفية ...

- نستقطب من فلسفة النص عنصر مهم نضعه تحت بصيرة الاستقراء هو رمز  (التأرجح ) بسيمائيته الفنية ..التعبيرية ..الجدلية ..الحدسية والافتراضية،كذلك،الظاهر والباطن منها،وما يتمظهر منه دلائل حيوية الحركة بملامح تمركز الزمان والمكان، يحيلنا لرمز ذاتي الشعور محوري الأبعاد، مضمر الدلالات، يعج بتفاقم حسي ونفسي عاطفي التأثر،يبرهن واقع انساني متماهي بين الحضور والغياب، بعلامات أشاراتية مركزة الإيحاء، يتجلى في كيان عموم النص بتوغل لا مرئي حتى يستشرق عنوة قبول وشدة وضوح،يتراءى حضوره بإيماء دلالاته في كل الصور الشعرية ويتدحرج على كل الأنساق، يهيمن على فضاء المتن بإيحاء مستتر، نسترجعه احيانا بطاقة دلالية التأويل، نفترضه احيانا أحجية يستوجب حلها ، واحيانا يتجلى ضمور لغز بدلالة التعبير، تفوح به كينونة الصور، أو يستجلبه لب الموضوع بإيماءة غائرة، ومن طاقة أبستمولوجيا الرمز تتيح لنا فلسفة رؤى مرنة بحداثة ناضجة ...

- نرى الشاعر اكثر من يتحسس ما يدور حوله من مواقف وتجارب وصراعات فيسعى لمواجهة الواقع بنسج الخيال من خصوصية رؤى لعمومية خطاب، كما نرى في رؤى الشاعرة سجال حين تتفاعل بوجدان معرفي مع قضايا جنسها وتشدها هموم المرأة ومعاناتها النفسية والإجتماعية وغيرها مما يدور في فلكها من مآسي وأحداث، فتبحث عن المستور في محيطها الإنساني وتخترق ظلال المحظور،لتنقب المطمور من بيئتها، فتنشدها رؤى بتأثر نفسي قدرة مبدعة معبرة بلغتها الغير معيارية بآليات حِرَفية وأدوات تقنية المحاكاة الفكرة بإجراءات شعورية بارعة النظم نمط قصيدة النثر وآفاق بصيرة انسانية ...

-ولقصيدة النثر فلسفة خصائص معينة ليس من السهولة تكوينها بدونها كما يذكر الناقد العراقي الكبير احمد عبد الرضا عن فلسفة قصيدة النثر (أن الصعوبة تتجلى حين نتلقى النص الجديد الذي يثير عواطفنا مباشرة من غير مؤثر خارجي، فيلامس اعماق الوجدان دونما استئذانِ، او ترخيص، الى جانب ما يحمله من ابتداع في فلسفته، فلسفة النص، او الموضوع الذي يشتغل عليه الشاعر ويضيف ان يحدث فينا ادهاشا عند التلقي وترتاح له ذائقة القارئ، لما يقدمه من خيال سحري مولد تصطفيه النفس وتنشد إليه على نحو تفاعلي، فيستغرقها في مآلات المخالفة، والتباين،والثراء التصويري، فضلا عن بقاء عواطفه فيها أطول مدة ممكنة)، وبما ان الشاعر باحث في كيان محيطه يتوجس الفكرة بحسية متأمل ويستبصر بؤرة القضية،تحفزه آفاق فكرية وثقافية باستدراك واعي وخزائن اللاوعي ...

فنرى من نص الشاعرة الركابي حين تتقصى المخبوء تبثه فلسفة رؤى برسائل انسانية شفافية الوعظ بسماحة الإيحاء وبُعد الإيماءة حين يصعب التصريح،فيغدو المضمون جوهر خطاب عام، تتسرب لغتها للقارئ بتيار مشاعر مستساغة الفكرة بدفقات شعورية نتذوقها بالوان الابتكار تجربة وجدانية بابتداع تقني للصور الشعرية والمجازات المفعمة الرهافة والعذوبة متوهجة بروعة التصوير، ورشاقة التعبير لذيذة الحوار برومانسية عفوية قوية الانفعال رخيمة المعاني...

- ننحو لدراسة العنوان وفرد سيمائية مفتاح أول العتبات

- نُسِجَ كيان العنوان ببنية أسمية من ثلاث معجميات معطوفة على بعضها سيمائية رقيقة التعبير أنيقة اللفظ بتناغم صوتي، تؤكد رهافة حس شاعري شفيف الروح، فمجاز العنوان قصدية رؤى منتقاة بفلسفة أنثوية الشعور، مصاغة بلغة مخملية، ناعمة الهمس تفوح من حيوات الطبيعة، تفصح مكنوناته الدلالية بتوتر واعي ولمسات تضاد جميلة ببيان الرؤى المكثفة الومض،ومن سيميائية الرموز نبحر استبصارا واستنطاقا مع دفقة شعورية ببنية بسيطة سهلة التعبير، وحداثة لغة عذبة لخيال شاعرة بشاعرية الموقف ورؤى معمقة للحدث الوجداني بقصيدة النثر...

- لننحو لمقاربة العنوان بأول مفردة ال (وجل) بناء مشهدي لإيماءة حسية باستنفار جميع الحواس، فالوجل دلالة ذاتية بالغة الانفعال باعتراك نفسي داخلي للمشاعر الإنسانية توحي لرقة الأنثى بلحظة الحدث،حين الخوف من شيء ما يربك أمانها الحسي فيؤدي لا اراديا الى سمة الارتجاف بتشتت فكري واستفزاز حركي ...

- ولننحو لمعجميات (ورد،وعود)استعارة رموز تفوح منهما شذا الطبيعة الخلابة بمزايا عطور، والتي لها سحر مميز باختلاف الاذواق ترتبط ارتباط وثيق ومباشر بحاسة الشم من جهة، كذلك لها تأثير نفسي بالتذوق النفسي،فتعم بيولوجية الحواس بدرجات متغايرة من شخص لآخر، مما يدل تباين العلاقات بين الجنسين بمستويات فكرية واجتماعية وثقافية، ورغم اختلاف فسلجة التكوين وتنوع الأجناس إلا أن جمال ائتلافهم منذ ذرى الطبيعة حقيقة رحلة...

- إن تاريخ الحيوات ماهية وجود جوهرية الحراك لزمكان بنشوء التواجد لأي عمر بمحدودية التواجد تتجلى في ال (ورد وعود) زمن معين منذ مهد التكوين كأي كائن حي شبيه (الأنسان) بدأ ببادرة(الجنين) برحم التراب ليتبرعم (طفل) ومراحل النمو لحين إنتاج الثمر ثم يكبر ويشيخ، ويموت، مقاربة لدورة كاملة للحياة، تشبيه متكامل ببيان استعاري بليغ ورائع، كذلك تأثره بكل متغيرات الطبيعة وظواهرها الموسمية من مطر أو رياح رطوبة جفاف ضوء، فيمرض ويحتاج لعلاج وهكذا يمر بكل مراحل الحياة كالبشر فالورد استعارة بيانية لحياة نوعين من الجنس في الوجود (انثى وذكر) بجينات تكاثرية للتوالد والحفاظ على الجنس الكوني وأن اختلفت مواسم التزهير وتغاير الذبول فيبذر جيناته يجف ويصبح عودا ويعيد دورة الحياة أجياله...

- نلاحظ استثمار راقي لمعجمية ال (ورد) جمعي الإشارة،ورمز نداوة غضة بأنطولوجيا ملونة، مختلفة ومتعددة الدلائل ،استعارة بليغة التشبيه للمرأة كجنس ناعم بصفاتها الطبيعية والفطرية خصبة العطاء،تتعطر الأجواء بوجودها، ومن اقدم العصور مرمزة آلهة خصب ونماء، رغم ان رمز الورد سرعة الذبول والانكسار الا انها تمنح الجمال وتنشر العطر بدلالة مشبهة بنوع من الأجناس ولرقة مشاعر المرأة بتأثرها العاطفي وخلقتها الفسلجية...

- أما (العود) هو يباس الاخضرار (من ورد واغصان وأوراق أوساق الشجر أو لحاء وجذور، ومنه كثير من البخورات الزكية الرائحة)، استعارة بليغة وذكية من كيان الوجود، تشير لمادية الكون، ونسبية الرموز تأمل فلسفي عن معنوية (الوجود والعدم) بخلاصة تكوينية لأصول الخلق، ندركه جدلية ميتافيزيقية عقائدية الرؤى، نستشفها من هيكلية البنية دلالة أساس الكون بأوجه مختلفة لدورة حياة كائن ...

لذا استعارة رموز العنوان لبلاغة تشبيه يومئ ظاهريا بصلة المعنى، هما الورد بأنواعهِ والعود بأوجه مختلفة، فالرموز تشي بائتلاف الاختلاف موحي لقصد غائر،وما يكتنف العلاقة من إيقاع تجاذب وتنافر بهاجس حسي وانفعال نفسي بدلالة الباطن، فمنذ تمام الخلق لقصة الوجود وتطوراته العصرية بتراكم الزمن وأعرافه الاجتماعية بنتائجه التراكمية، تجذرت البنية البشرية والطبيعة الفطرية بتذبذات متواترة وترددات منسجمة أو متنافرة،نستخلصها من رؤى الشاعرة كيان وجود آدم وحواء منذ عجينة الطين والنفخة الأولى بسائد الانسجام والاختلاف ...

- وعلى مستوى جمالية البنية واثراءها بتشبيه حميمي وتضاد رائع تشي بدلائل متنوعة عن علاقة بشرية بتماس فطري ما بين توائم صفات وتوأم روح، يترجم ثلة أحاسيس لموضوع انساني حسي نستنبطه من دلالة مجاز مباشر بعاطفة خاصة لموضوع مشاعر عامة، وبتقديم مفردة (الوجل) نتحسس هاجس الخوف الذي يعتري مشاعر بوح المرأة وكما ذكر في الكتاب الكريم من سورة الأنفال آية 2 "الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ"، فالوجل رمز شعوري لا ارادي، إحالة تأويلية لحالة شعورية بعنفوان وجداني يدل على الاضطراب ...

- النص

نلاحظ مخاتلة غرائبية بين رقة ومضة العنوان وتفعيل ثورية النص بتماثل المضمون وانسجام على مستوى الموضوع والدلالة باسترسال متدرج،وبما تنطوي عليه قصيدة النثر فلنتابع عتبة عتبة بتشكيلاته الحسية والنفسية والفكرية الرائعة الرؤى ...

- تستدرجنا أول العتبات باستفهام استدلالي ونبرة خطاب مونولوج داخلي،جدلية حوار فاعل بشواهد عديدة نحو حبيب افتراضي، نستبصره من مشهد التأرجح كرمز نفسي وحسي مقترن مع سيميائية رموز اخرى بكيان النص بالتفاف بلاغي ملتحم رؤيويا بعدة معادلات موضوعية تتماهى بإيحاء دلالي مستتر على مستوى الأنساق بإيقاع دافئ ولغة حميمية رائقة البوح بتوجس انثوي، وانغماس روحي لتكريس فكرة خطاب ملهم يتمحور من الخاص للعام، من أنطولوجيا الأعراف الاجتماعية وبؤرة سلوك متوارث،تتفحصه الشاعرة بفلسفتها الشعرية المتميزة التأمل، ببنية فنية النزوع لحداثة شعرية بأصول رؤى انسانية،تستنفر فضول المتلقي لشوق مبحر لمعرفة رؤى الشاعرة،وكنه الاستفسار طبيعة جدل بتضارب حسي وتنازع فكري،، فلنستنبط من حروف حكمتها، ونرحل للصورة الشعرية التالية بأول الغيث...

هل عرفتَ لماذا أتأرجح..! ؟

- استهلال أول العتبات بعلامة استفهامية وتعجب تقنية اسلوب بارع بتجلي انفعالي تحرر اداة التعبير من قيد التقليد لتشكيل نص شعري بأسلوب عصري متجدد لتقنية قصيدة النثر بملامح رؤى حديثة، تنبئ عن ادوات متميزة بخبرة شاعرة تجيد مبضع التخييل، بطوبوغرافية لغة أنثوية ولمسة حسية مؤثر نفسيا بثراء ملهم يستلطفه القارئ للبحث والاستقصاء ليستوفي دلالات الإجابة من ثنايا النص بكنه الخطاب...

- أول القطاف صيغة رائعة لصورة شعرية ببنية استفتاحية ب "هل" حرف الاستفهام الذي يستفز دهشتنا ويثير غيض تساؤلنا لنبحر في مشهد هذا التأرجح ورصد خباياه من فعل ذهني الشعور بانعكاس واعي،هو الفعل "عرفتَ"، الذي يدل على حدث مضى وتم التعرف عليه والتاء مرهون بضمير منفصل مضمر افتراضيا لتوجيه رسالة لغائب حاضر (أنت)، ولننحو لأداة أخرى داعمة ومتممة لهذا السؤال وهي (لماذا) والتي تعد (كلمة مركبة من لام التعليل، وما الاستفهامية، وذا الإشارة)، فالسؤال نتيجة ايجابية لمنطق تجربة خاصة بموضوعه العام سبق اختباره وتراكمت اسبابه واستحدثت نتائجه من قوة قيمتة الدلالية ب (هل وماذا )، سؤال بفلسفة لغة شعرية بارعة يُحشد القارئ بالاستطلاع والبحث عن الأسباب والتنقيب للوصول ليقين القناعة...

نستنطق من سيمائية رمز (التأرجح) تمركز دلالي مكثف حركي الأبعاد متعاكس الاتجاهات، رمز شعوري يشي لبعثرة توازن حسي بثنائيات متعارضة وتضاد مسافات يومئ ب(البعد والقرب،الحضور والغياب)،بمعيار دلالي لعدم الاستقرار بعامل وجودي لتاريخ زمان ومكان، وكذلك إيحاء دلالي نفسي لتقلب الرغبات بحركة ضدية مع وضد يخلق التوتر النفسي، فالتأرجح معادل رمزي مدمج التجسيد بحيوية غائرة عن سمة عدم التكافؤ بالفكر والمشاعر والأحاسيس، يحيلنا لتأويل دلالي عن التشتت العاطفي الملفت في صميم العلاقات الإنسانية...

وللعتبة الأولى ارتباط متين بكل عتبة من عتبات النص الآتية، تتلاحم بانسجام يوحي ويشير لتناسل السؤال بوعي استرجاع رمزي الإيحاء بتوالي الصور الشعرية والتي تتغير استعاراتها وتتباين دلالاتها الحسية وتستكمل ماهية أسباب سمات التأرجح، فنحيد لأبستمولوجيا رمز التأرجح ممغنط بتيار انفعالات زئبقية،ممسك بعتبة الاستفتاح لخاتمة دفقات الشعور، متطوف بملامح دلالات أنساق النص، منه سيتعلق شغفنا الاستقرائي بتفاصيل فنية الخطاب للوصول لسر مكنون السؤال والعثور على الأجوبة التي تستنفر ذهن القارئ، لذا يستوجب التوقف لتأمل عميق بما يرتبط بها من بقايا النص لنستنطق فحواه ...

ونستطلع ملامح ابستمولوجيا التأرجح ورمزيته الشعورية من الصور الشعرية التالية

بين رجفة نار وحمّى صقيع

نلاحظ بينية الزمن تشي بعدا عميق الدلالة لحالة التأرجح في دوامة حياة توحي لاستمرار معاناة حسية بتدفق تلقائي للمشاعر، وتوظيف استعاري بليغ لرموز مادية من الطبيعة لإيحاءات معنوية التشبيه باستعارات متضادة (النار والصقيع) كذلك توليف السمة الحسية برمز صوفي مادي نسجة فنية متمازجة البينية مع( رجفة النار)، وباستثمار سمة اللهب بحركته التذبذبية إيحاء دلالي لقوة انفعال عاطفي محتد وحركية زمن، وتكملة الصورة بواو عاطفة ب( وحمى صقيع) نقيضين متآلفة بتقنية وخبرة بارعة لتوليف المتضاد بمقاربة دلالية مرهفة الشعور، قوية الإشارة، لتبيان مستويات التأثر الوجداني برؤى الشاعرة وتمرير انفعال المشاعر المتسببة زمكانيا من وجع الأحاسيس، إحالة تأويلية بدلالة نفسية لمعاناة عاطفية...

ونستمر مع بينية الشعور في الصورة البديعة التالية...

بين رقصٍ على موج وعود

من تكرار(بين) تأكيد نغمي لزمن مستمر، تعصف بمشاعر امرأة جلية الانوثة بلسان ارهقه الاحتجاج، مقاربة تشبيهيه للتأرجح باحترافية رائعة ممسكة بتمهيد الجواب تزحلقنا على الأسباب، متمثلة بالانزياح التركيبي والدلالي الباذخ الشفافية،فما زال رمز التأرجح يقض الشعور بذبذبة أهواء الحبيب،استخدام رمزية الرقص استعارة لبيبة،حركية الإيقاع مختزلة الزمان والمكان بطاقة وافرة الأحاسيس استخدام رمز الفرح (الرقص) ملتفع الحزن، تشبيه جوهري مراوغ ولاذع، خلاله نستذكر مثل معبر عن وجع المعاناة ( الطير يرقص مذبوحا من الألم)،فأي وجع يكون؟...

وتشبيه استعاري آخر لرمز من الطبيعة متأرجح الاتجاهات،هو (الموج) إيحاء تجريدي للدلالة عن حركة التأرجح بسيمائية الزمكان وتغير مستمر بين مد وجزر شعور تخمر في اللاوعي أرهق نفسية المرأة بوعود خاوية، فأي ابداع رُسم بعنفوان الشعور، وشعرية استعارة تضاد لكل مفردة برمزية دلالية موحية، فنستقرأ اشارات دلالية انيقة التعبير بحس أنساني تجسد مدى التوجع بغائر الأحاسيس، احالة تأويلية عن فقدان السكينة الوجدانية بشحوب الود...

ومن ثم يستمر صوت التأرجح معطوف بسؤال معاتب لاستكمال الوصف لحالة التوتر الحسي كما في...

واختباءٍ في لون ورود

صورة شعرية تعيدنا لثريا العنوان تثبت جدارة وإتقان ترابط العنونة بكيان النص، ومنه تستكمل أوجه العذاب بكتمان أحاسيس الوجل والخجل بدلالة معاناة التأرجح النفسي والحسي بذات مرغمة اجتماعيا،، فلما يستدعي الاختباء بلون الورد؟، علامة استعارية معنوية الاشارة عن ملامح الخجل بأنسنة كيان طبيعة ببيان تشبيه،اذن بما يمكن تأويله ان دلالة الكتمان هو استحياء من خيبة شعور مجروح انسانيا،، يوحي لدلالة نفسية تنتهج الحذر أو الخوف من مواجهة حقائق عارية محظور تداولها، والتكتم على سلوك الآخر بأعراف العادات والتقاليد،إحالة تأويلية لاحتكار معظم شؤون وخصوصية المرأة ...

ثم يتكرر صوت الحواس بهدوء ما زال معاتب نستبصره من قطاف الصورة الشعرية التالية ...

أرأيتَ الوجَلَ في عيون الظباء؟

بصوت حسي رقيق الهمس نلاحظ بنية الماضي الصورية في (أرأيتَ الوجَلَ ) تربو أسباب دلالات مرمزة لتفسر ابستمولوجيا التأرجح بتكرار منطقي نستنتجه من شاهد ملموس ويقين رؤية من الفعل (أرأيت) فعل حسي تأكيد دلالي باستمرار استفهام بعدة عتبات على مستوى التكثيف يضفي اتساع دلالي برؤية شعورية لتقييم الذات المجروحة، ما يومئ لجدلية الخوف المستمرة تحت وطأة التسلط بعدة أساليب نفسية بتقادم الزمن...

 

تبدو سيميائية الذعر بما يرتسم في العيون، النظر للشيء بتماس مباشر مع النصف الآخر رؤية بالعين المجردة، والرؤية هو ما ينقل عبر العصب البصري دلالة على مدى التماس الزمكاني، فتحدث ردود الأفعال مباشرة،ونستشف من حرف الألف(أ)لرسم طبوغرافية الارتجاف بطاقة صوت المفردة ذبذبات نفسية الإيقاع لحاسة النطق يضفي نغمة حسية مع حاسة البصر، فلنستمتع بإيقاع الحواس بدلالة الباطن، إحالة دلالية بأهمية تأكيد أهمية الحواس لتفسير التدفق الانفعالي، فالعيون رمز استعاري لترجمة اعماق الأحاسيس ....

نلاحظ ترامي رمز التأرجح بتكرار معجمية (الوجل) في سياق النص التي تسترجع حسيتها من العنوان يبدو ايقاعها الداخلي نغمات تأثير الشعور بقيده المنهك والذي يرسم هالة الفزع النفسي فتفر المرأة لخلجات الصمت أسلم حلول، وما يخفى من دلالة نستكشفها من تكملة الصورة الشعرية بتساؤل ذهني لما تخاف الضباء، ومِمن ؟، نرى تشكيل البنية انزياحات استبدالية رائعة التشبيه لوصف الأنثى بجمال طبيعي متوهج، فالظباء رمز بليغ الاستعارة رائع البيان ...

فلنستكمل الرؤى من ابستمولوجيا رمز التأرجح في جدلية الزمكان من الصورة الشعرية الآتية ...

(حيرة النسيم بين تناغم أغصان وتشابك أشواك؟!)

نلاحظ استعارات موحية للمرأة بتشبيه حريري الدلالة بتكوينها الفسلجي، إشارة شعورية لرمز الحيرة،وما يلتمع منها ملامح التردد العاطفي تشي بدلالة غائرة للتأني والصبر رغم وجع التأرجح، ومن البعد الظاهري لمعجمية (النسيم) رياح الربيع المنعشة للروح والنفس بدلالتها الزمنية، مقاربة تقنية الاستعارة بتشبيه رمزي للطبيعة الفيزيائية للمرأة،تشكيل لغة رشيقة السمات، بشاعرية الاقتناء لأدوات رائعة التعبير بما يلائم طبيعة المرأة برهافة عاطفتها الحميمية وقدرة احتمال لمجابهة قسوة الحياة وتأثيراتها ...

تتجلى بينية زمن مترادف الدلالة في الصورة الشعرية (تناغم أغصان وتشابك أشواك)، بما يراودها من اعصار انساني يدين التلاعب الحسي بعاطفتها تحيلنا لدلالة الشعور بالغربة، نستدل من تضادية تناوب نستبصره من الأفعال المضارعة الموحية بالاستمرار المستقبلي (تناغم وتشابك)...

وبوحدات طبيعية التضاد تحقق التزاوج الدلالي المكاني ببلاغة استعارية بين رموز الطراوة واليباس في( أغصان، أشواك)، نلاحظ جمال الانزياح الدلالي والتناغم الزمكاني واستعارات مترفة الروعة يزيح لأبستمولوجيا التأرجح بتلميح مقتدر، إحالة تأويلية لعدم الاستقرار العاطفي ...

ولننحو لخلجان أنات قسرية بتعابير حسية من حشايا ذات أنثى تستبصر مواجع بنات جنسها أثر تجارب الحياة تجسدها بفلسفة شعرية خصبة الرؤى بدلالات مكثفة الإيحاء نستشفه من القطاف التالي ...

(هل تنسّمتَ لحناً جنوبيّ الشجَنْ؟)

تساؤل واستفهام بنزعة عتاب رومانسي الملامح، قائمة على توجيه الخطاب لغائب يفرض حضوره من خلجات متباينة لكيان وجود مرتسمة استفسار بلواعج الأحزان استرجاعا لصورة ذهنية، وتكرار صيغة السؤال ب(هل) الاستفهامية يلحقها فعل حسي يدل على الشم (تنسمتَ) وما يضفي على الروح من صوفية انتعاش لبقية الحواس، توظيف عميق الدلالة، وتقنية التفاف ادبي، استبدلت السمع بالشم كأداة تعبيرية لحالة شعورية، تلفت القارئ لبيان صيغة تبادل الحواس، نلاحظ تكثيف التَمَوج الصوتي بتناغم تعدد الحواس ...

ثم توظيف رموز التراث برؤى عصرية أيديولوجيا حداثة،وكما يذكر الاستاذ محمد شنيشل الربيعي في كتابه حكيم اوروك " ان حوار الكاتب مع مفتعلات عالم الصورة يُسَهِل في انضاج إخراجها "، فيبدو من رؤى الشاعرة الانتقاء الفكري بمقاربة حوارية مع الحبيب، باستعارة رمز تراثي في (لحن جنوبيّ الشجَنْ؟)، وعلامة شعرية تختزل دلالات الزمكان،بسيمائية صوت فلكلور متميز بجمال اللهجة المحلية أو الشعبية، ينعش الذكريات بتذوق الخاطر، التفاتة جدية موغلة الروعة بعيدة الدلالة لربط الماضي بالحاضر تنم عن خبرة ابداعية الرؤى للشاعرة الركابي بانتماء أصيل،تبدو لنا سمات التأرجح ابستمولوجيا التأثر النفسي، إحالة لدلالة تأويلية تلوح عن جفاء التواصل الاجتماعي ومشاركة طقوس ميول المرأة ...

وننحو برؤى الشاعرة افتراضات بصيغة احتمالية متعددة الأسباب،لمواجهة حتمية بما تترتب عليها من تبعية قرارات تلحقها نتائج لهذا التأرجح المتأزم تشحن مشاعر القرار بمناورة خطابية كما في ...

إن لم تراودك رموش نجوم نَعِسة

فلسفة حسية بأداة جزم ندركها من الفعل المضارع (إن لم تراودك) بخطاب موجه للآخر يشغل الحواس قلبا وعقلا، إيماءة رومانسية بوعي ضدي الدلالة بإلغاء مشاعر المرأة كإنسانة أو حتى مناقشتها عن همومها فتوظيف" رموش نجوم نعسة " تشبيه استعارة بأنسنة معنوية، إحالة تأويلية بدلائل حسية وفكرية ونفسية، توحي التمني ...

وصورة شعرية أخرى معطوفة على سابقتها بترابط نسقي متداخلة الأحاسيس بقوة التأثر تستكمل انسيابية الإيقاع، بتوظيف مقتدر الصيغة فني التشكيل وجمال إيحاء تجذب تأمل المتلقي فلنتابعها ...

ولا ترنّحَ الليل في سهادكَ

من الفعل" ولا ترنّحَ " علامة النهي دلالة لجفاء مشاعر الآخر، بشاعرية محتدة مشحونة بحكمة اجتماعية، فالحب والعشق يجعل الشخص معنويا بتأجيج حسي طرب سينمائية الترنح هي طبوغرافية مشاعر فطرية، تشي بهيام العاشق فالليل ذكرى المحبين وتأجج عواطفهم، فتبدو بلاغة الاستعارة، يتجلى الانزياح التركيبي والدلالي للقارئ من التشبيه للمرأة برموز من الطبيعة في أنسنة الليل بترنحه وسهاده، إحالة تأويلية واضحة الدلالة بتهمة جمود مشاعر الآخر نستشعره من الجزم تأكيد يومئ لاحتجاج انفعالي مضني ...

وحين نكمل الصور الشعرية التالية ...

فأنت

من الضمير (فأنت) اشارة للكناية عن الحبيب لأثبات توجيه الحوار وتأكيد الخطاب بلهجة قوية التعليل تشي بذات فاعلة بجدية التفكر ولمعة جواب بما ستخبر رفيق الحياة، لذا سترتب بالتعاقب عدة نتائج حسية نستقرؤها من الآن في ...

لا رأيتني ولا

رغم تقريرية التعبير إلا أنه استوجبت الرؤى كردود حسية لإرضاء الذات الأنثوية وحتمية ما يتطلبه اكمال السرد بإبداع، فتوظيف تكرار (لا) اعتداد نفسي جازم لحسم اشكالية التأرجح بإصرار، نرى مؤكَد اعتراضي يشي بالنفي والتصريح، يتبادر لذهننا اختلاف نغمية صوت الذات العاتبة بهدوء حميم إلى صوت الذات المتمردة، بتراكم الأسباب وتراتب النتائج، فتهيء مناخ الدهشة للقارئ بمفاجأة ثورة انثوية ضد إهمال المشاعر وكل ما تستحقه من خصال الإنسانية بمواربة فائقة الجمال،إحالة تأويلية عن التوافق الحسي والفكري بحسم القرار بتصالح الذات مع القلب والعقل، نستشف سمة رمز التأرجح ببستومولجية نضوج الفكرة...

وبفلسفة شعرية عابقة بالأنوثة تتدفق احساسا في الصورة الفنية الفاعلية الاحتجاج بعد النفي السابق بامتداد آخر في سمعتَ عطر تنهّدي

صورة شعرية مركبة الاحاسيس مكثفة ببراعة لغة غير معيارية باستعارات حسية الدلالة،وانزياح مركب اختزل عمل ثلاث حواس " السمع الأذن، العطر مشموم الأنف، والتنهد من الفم " دوال محملة من واقع جميع الحواس بدلالة مجترحة توحي بنتائج رمز التأرجح فتستقر في عمق الذات بوعي ناضج وتنحدر في اللاوعي متراكمة الاستنتاج ...

ما زلنا على أوج فرضيات فلسفة أنثوية اللغة عميقة الأحاسيس معتقة بالمعاناة وسرد ايحائي التصوير، فلنتابع ماذا ستقرر بصحوة نافرة لولادة جديدة بعد سيكولوجية التأرجح باندلاع لغة خطاب التحدي في الأمر التالي...

إطوِ ما لم تكتبه

توظيف مخاتل ببراعة لغة رافضة سمة التأرجح،فماذا يطوي رفيق العمر أو الحبيب وهو من أهمل كينونة وجودها وأصول نشوئها، هل ستستمر معه..؟ فلنرى ماذا ستخبرنا بتجربتها الشعورية ورؤياها الشعرية، بتعبير آمر يؤكده فعل الأمر(إطو)، إحالة تأويلية بدلالة مكثفة ولغة خبرية ببراعة تقنية، اختصرت سيرة حياة مشتركة لجدوى رحيل ونسيان قبل ان يخوض مساومة الرجوع، قرار حازم ليكف عن خضوعها لدراما فوضوية الفكر والتزام متشظي بعقدة الذكورة؟...

وبدفقات خاتمة شاعرية الوجدان لأحاسيس إنسانية وما يترتب على التغاضي عنها، نرى ما توهج من لحظة شعورية بحزم أنثى لأنهاء عمر الجروح العاطفية باستفتاح نفسي وحسي وفكري مثير ورائع التكثيف، بتشكيل فعل التمرد من حوارية الذات الآتية ...

أما أنا

نزعة تنبيه إنيوية عميقة التبصر مشحونة بالإصرار، ونقطة تحول واعي بتحدي مؤكد وحازم، لنتابع نتعرف على ما اتخذت من قرار ليتوقف زمن التأرجح النفسي ...

سأسكبُ جدائل ليلي على كتفي فراغ

صورة شعرية بانزياح مركب بإيحاء دلالي عن خلاصة تجربة لتفتح نافذة الخلاص بتحدي واضح فتصرح بالتخلي عن الحبيب، والرحيل للوحدة رغم الم الفراق، استعارات بليغة التعبير فنية البيان تشي بالتنحي عن كل سمات التأرجح، وجفاء تواصل غير مُقنع، احالة تأويلية عن استفزاز نفسي بمنحى تراجيدي فكثيرا ما يقال( أهون مما هي فيه)، والجمال الاستعاري في أنسنة الليل في ( جدائل ليلي )تعبير معنوي عن تفضيل الوحدة، وما أروعه من تعبير أنثوي عذب بقوة التلميح عن غصة الألم،كما نستشف من رمز (الفراغ) بيان تشبيه لعدم جدوى وجوده بحياتها سيان غيابه وحضوره، وتستمر القرارات الثورية فلنتابع نتائج الأسباب السابقة للتأرجح ...

أكفكفُ صرير الأوهام

تظهر غمامة الحزن من الفعل (أكفكف) فعل يفيد التكرار،دلالة حسية لتناسى الماضي تمسح ما ترسب من آلام وخيبات،وكأنما تقول لألملم أشلاء نفسي، حتى تشير الى بلاغة ما تبعثر منها من مشاعر وما ضاع الكثير من انسانيتها، فتستجمع ما تبقى من كيانها، ونسق نغمي آخر للحواس حسي السمع هو (الصرير) صوت احتكاك مزعج تشبيه استعاري لدلالة توحي لعدم الارتياح لفوضى العذاب،واثبات خطأ التجربة تشبهها بالأوهام والفعل أكفكف للدموع والألم والجراح والوجع، أحالة متكاملة التعبير مكثفة الدلالة إشارة موحية لصراع الذات...

ونتابع ترابط نتائج أسباب سيميائية رمز التأرجح بقرارات من،

أرتقُ ألف بوح استفهام

تبدو لغة الحواس بصوت متعدد بتكثيف مشترك لحاستي اليد والفم تشي بعمق التوجع ومعجمية الرقم (ألف) رمز التعدد والتكرار الكثير توحي لغرض الشفاء من هذا التأرجح ...

وبشفافية امرأة تتردد باتخاذ القرار نوازع مختمرة ذاتيا بعد توخي الصبر لتجزم قرارها لمرحلة مواجهة مجتمع تقف بمنتصف الطريق نستدلها من المجاز التالي محتارةٌ في انتظار فجركَ …

نستشف من سيميائية الحيرة رؤية دلالية مواربة للمراجعة والتأني لمعاينة تنظيرية للتمحص النفسي والفكري، لترجيح الخطى بين الذات والعام، والخطأ والصواب، فتتصدى لنفسها بقرار الانتظار، مما يوحي لزمن كوني غير معلوم بتصاعد شعور الذات الواعية كرهان مؤثر لإرادة ورغبة لا تنفصل عن مشاعرها بمسؤولية شخصية فتعاود النظر بتقليب القرار، ايضا يرتد علينا ايحاء رمز التأرجح ونمسك زمامه بإحالة تأويلية لتردد خلجات النفس الانفعالية...

وبخاتمة استفهام زمني واستغراب مقيد بالاستحالة والممكن يبدو في الصورة الشعرية التالية ...

تُرى متى تُشقشقُ الأنوار…؟!

اتقد التساؤل بمدى استفهامي مفتوح الزمن (متى) بمنحى استطلاعي للتغير بدلالة رمز استعاري (الأنوار) احالة لأمل إنبعاث جديد يشي بتنور فكري، كذلك بباطن معجمية التشقشق بداية الفجر يومئ لشروق ضوء المعرفة الإنسانية من الأنا للمطلق، وما تُرك من بياض باستفهام لوقفة تأمل القارئ ليضيف ماهية رؤاه بتأويله وتحليله ...

خاتمة:

لنلقي الضوء على ابستمولوجيا رمز التأرجح ودلالات الإيحاء التي اعتلت النص، وطغت على نسقية الاسلوب بسلسلة مشاعر إنسانية بتوالد يرتشح من ذاتية موضوع لمَعين مركزية الخطاب، متزحلق من أول عتبة لآخر دفقات الختام ..متواري ..مترائي، بجمال كيان النص، تكتشفه مجسات رؤى القارئ المعرفية بفلسفة دلالات فكرية من معترك المنطق أو حسية تجريبية التوقع،افتراضي الإيماءة، يذكر الدكتور غالي شكري (ايديولوجية الشاعر الحديث تنبع أساسا من إحساسه الذاتي بالقضايا الكيانية الكبرى،لذلك فهو لا ينحصر في أطر سياسية او اجتماعية او اقتصادية وانما يكتسب ايديولوجية في الإطار الحضاري الشامل لمأساة الإنسان)*1، بادلجة الحداثة لقصيدة النثر باختلاف المسميات، يبدو صدق الحالة الشعورية للشاعرة بشعرية ديناميكية التشكيل محكمة النسجة بجمال فنية المضمون، برسالة حتمية الاعتراف بإنسانية المرأة طوبوغرافية نوع من نفس واحدة كما ذكر في القرآن الكريم من سورة الشمس (ونفس وما سواها)، كإنسان بطيف رقة الخلق ورهافة عاطفة، برؤية الشاعرة سجال لقضية انسانية مهمة ابدعت التصوير بابتكار لون الرؤى وأُطر التأمل

 

بحث وقراءة إنعام كمونة

............................

1/ شعرنا الحديث ..الى اين ص 256/ ظواهر التشكيل ورؤى الشعر العراقي الحديث،

 

 

في المثقف اليوم