قراءات نقدية

صادق السامرائي: موت مؤجل" بعيونٍ أخرى!!

صادق السامرائيهذه ليست قراءة تقليدية، نمطية متداولة الأسلوب وعادية الفحوى، بل غوص في قيعان النص، وتنقيب في جزره المرجانية، للفوز بجواهر أفكار ذات وهج خلاب.

ويبدو أن العنوان أبهرُ النص وعموده االذي  تدور حوله محاور التعبير عن الساعي فينا وبنا إلى حيث ولدنا لنصل.

وإنه السؤال المرير الذي أعيا جلجامش، والذين بعده وقبله من مخلوقات التراب الفانية!!

والقول بالموت المؤجل تعريف مطلق لمعنى الحياة!!

1

عندما تولد الرغبة ويتوارد الخاطر، تتوافد عناصر التنفيذ والتصوير، وتتكاثف غيوم الأبجديات، وكأن الرياح تعصف بها، وتطردها بعيدا عن سوح البوح والقول الصريح.

2

الهاجس البعيد المتوطن في أعماق الوعي ودياجير الإدراك، تَزَعْزَعَ بقوة الخواطر وجمرات الأبجدية، فأخذ يهز أشجار الوجود السرمد، ويحاول أن يجني المطر من سراب العمر ووعثاء المَفر؟!

3

إنها الرمضاء العاصفة في رحلة كينونتنا، فكأننا نستحضر الموت في نشاطاتنا، ونقدم وجودنا الحي على طبق من الغياب الأبيد.

وفي هذا نعبّر عن الحيرة الوجودية، ومطاردة دخان معنى الحياة، التي تؤكد بأننا ومضة قد لا تضيئ أبدا.

4

هل سأتحرر من قوة الجذب وأصفاد التراب، فأنا المرهون بما لا أدري، والمسوَّر بخنادق الوجيع، فصباحي بحاجة لمصباح، وليلي يأكل ظلامه القمر، وأبحث عن حبة ضوء في وطيس الدجى.

.......

وتتأكد معالم الرحلة ومحطاتها، فإلى أين المسير، وكيف سيكون المستقر، إنه السؤال الأزلي الذي لا زلنا نجهل جوابه، فما عاد آدمي من ذلك السفر.

5

ومن شدة الدهشة ودوّي الصرخة، فالجبال بما فيها أخف من ساقي، لأن التراب مهربي، وأقدامي إنغرست في بحر الغياب وضاع الظفر.

أصبحتُ تائها أسيرا، أعشق نور الحياة وعطر المكان، ومواطن الإبتداء تبكي رميم البشر.

الفضائل وعبق القيم وعطر الطيبة وصدق البصر والنظر،  كلها عندي، لكن إرادة الرحيل، تحتم الإنطلاق نحو ملاذات اللا عودة.

6

أسمو،  أتسامق فوق السماء، أطير أعلى من الأعلى، كأني قد ردمت هيكل التراب، وأطلقت ضوء الروح، فهام بأكواني السَحَر، وآهِ من هذه الحركة البندولية المتأرجحة، الفائقة التوازن والإمعان في مهرجان الكينونة والأمل.

7

هنا تنطلق شلالات النجوى وتنبثق نافورات الوعي، وتتهادى أمواج التماهي مع طاقة الأكوان، لكن  الرغبة السماوية تتحوّل إلى معجزة، وكينونة ذات إنتهاء لذيذ في بودقة اللامنتهى.

8

تحرر أيها الساعي للإبحار في ذاتك المُترشحة من سُلاّف الذات الكبرى، فعليك أن تحزم أمتعتك وتنغرس في فردوس التراب، فالحياة لذة غياب وعجب.

9

إنطلقت الطاقة الكامنة في وجداني، وطغت على مداركي إرادة البقاء، التي أطاردها وتنهرني، وغضبتْ وسَئِمتْ مني فأردتني، وإفترستني لأني غنيمتها وطعامها المنتظر.

10

أيتها الذات المرعوبة بأعاصير المسير في شِعاب المصير، خطواتي لا تدوس ترابا، إنها تقتل أحياءً، تسحق عشبا، أسمع صراخه.

11

وتتداعى أبعاد الزمن وتختلط في وعيِّ، ولا فرق بين الذي مضى وما أتى، فكوْني الذاتي بلا ذاتٍ، ولا إحساسٍ بعشق، فالزوال قانون، وتواشج الأبعاد سراب، وغطاءٌ إذا تمزقَ ....الرائي إحتضر.

12

إنها آسرتي ومعذبتي، وآخذتي إلى حيث لا أريد، فمضيت في غياهبها لا أدري، وأحسب أني أرى، وحالما أبصرت إنفجر الحجر!!

وختاما فأنها قراءة إمعانية تنقيبية في خفايا النص، ودلالاته المتصلة بأعماق الينبوع، الذي إنبثق منه وتهادى في ربوع النفس والروح، وتنطلق من زوايا متنوعة.

مع خالص الود والتقدير للأستاذ يحيى السماوي، ولتتواصل السطور تنهل من إبداعه الأثيل!!

 

د-صادق السامرائي

.....................

*هذا ما توارد أثناء قراءة النص "موت مؤجل"، وكأنها قدحة العنوان في خيالٍ متأهبٍ للنظر!!

للطلاع على قصيدة الشاعر يحيى السماوي موت مؤجل

https://www.almothaqaf.com/b/nesos2019/957383

 

 

في المثقف اليوم