دراسات وبحوث

الإمام علي- القوة والمثال (4) / ميثم الجنابي

 

إن كل الصور والانطباعات التي أغرت الأنا الإسلامية في استكناه حقائقها ورفع شأن مبادئها على مثال الامام علي، لم يكن بإمكانها أن تقتنع دون إنزاله الدائم إلى أدق خلجاتها الحساسة والتعاطف معه بأشد ما تستطيع من أجل تحسس ذاتها. وهي الحالة التي صنعت ذلك التيار الذي أراد أن يكتشف نعومته (الخاصة) في خشونته (علي)، ومن ثم صقل خشونته في نعومته من أجل التمتع بمعنى يقف خارج حياته وموته. وهي الحالة والتيار اللذين تجسدا فيما اصطلح عليه بالتشيع العلوي. فهو التيار الوحيد الذي أعطى لحياة الإمام علي بن أبي طالب ومماته معنى يتجاوز كل القيم التقليدية عن الحياة والموت عبر رفعه إلى مصاف البداية والنهاية، أي وحد الأزل والأبد التي تلفّ في دورتها الخالدة كل ما كان ويكون. وفيها ومن خلالها جرى أهبات جبروت "الدهر لجاهلي" ودمجه في فلك التصورات الذاتية عن المصير العلوي بحيث جرى تحويله إلى طاقة ومسار كل النظريات المعرفية والوجودية والأخلاقية والسياسية. بل يمكننا القول، بان من الصعب تصور نشوء تيار التشيع الخصب في الثقافة الإسلامية دون المأساة العلوية، التي أضفت في حيثياتها العديدة معنى عميقاً على كل فعل سياسي مرتبط بها أو يدعي الانتماء لها.

لقد جعلت الشيعة من حياة الإمام علي جزء من الأزل، ومماته إلى جزء من الأبد. ونظرت إليه في عيونها الدامعة بكل العبرات المتناقضة والممكنة للنفس الإنسانية. لهذا احتل هذا الموقع السحري في وعي "الأنا الإسلامية"، لأنه بدا كما لو انه ممثل الكلّ الإسلامي، بحيث تلمست فيه كلّ الكيانات الجوهرية للمثال. من هنا احتلاله هذا الموقع المثير في التاريخ الإسلامي السياسي، لأنه تطابق مع مثال الرجوع للحق. واحتل هذا الموقع الجذاب في الوعي الاجتماعي، لأنه تطابق مع مثال التضحية المبدئية. واحتل هذا الموقع الحساس في العقائد، لأنه تطابق مع التجسيد الحي للعقيدة. كما احتل هذا الموقع المثالي في الأخلاق، لأنه طبع تاريخ الإسلام بمسحة وجدانية نتيجة موته البطولي.

فالموت لا يصنع عظمة، لأنه لا معنى له بحد ذاته. فهو يمتلك قيمة فقط في تلك الحالة التي يصبح بها الخاتمة "غير الطبيعية" عما هو أكثر طبيعية وقدرة على الإقناع من كل شيء آخر. إذ لا يقين في الوجود اكبر وأكثر من الموت. وبالتالي، فانه حالما يصبح مثيرا للتساؤل والاستغراب ومختلف أشكال التأمل والمفارقات، فانه يكون قد تضمّن معنى يتطابق في كل عناصره مع السرّ المحيّر للعقل والضمير. بمعنى جعلها من الموقف منه في نهاية المطاف كما لو انه بداية لشيء معلوم، أي امتلاكه قيمة بحد ذاته لا تثير الأسى. ليس ذلك فحسب، بل وتولد شعور الخضوع الأبدي للوحدة، التي لا يضع حدا لها سوى اضمحلالها الكلي، أي عندما يحزم أشعة التجربة الشخصية كلها في لحظة الوعي الخاطف التي ينعدم فيها تلألؤ الإمكانية المستقلة لتأمل ما مضى. وهو شيء لا يحدث إلا في لحظة ممات الشخصية، التي يتطابق مصيرها مع مصير المراحل التاريخية الكبرى. وهي المراحل التي تشابه اللحظات الخاطفة التي يمثل اضمحلالها نشوء آفاق جديدة شديدة التداخل يصعب تحديدها بقواعد السلوك والإدراك العادية المألوفة بالنسبة للأسلاف والإخلاف.

فإذا كان إقبال الموت على أبي بكر قد أثار فيه مشاعر الانتقاد لما هو حوله، أو لما كان يدور من صراع خفي حول السلطة، فإن مرارة مذاقه قد حددها ورعه الكبير ورونقه الإنساني العميق. لهذا خاطب المجتمعين حوله قبل مماته بكلمات عبّر فيها عن ألمه من المهاجرين الذين لم ير أشد عليه في وجعه منهم. وذلك لأنه ولى عليهم من هو خيرهم في نفسه (عمر) مما أثار استياءهم، لان كلاً منهم أراد هذا الأمر (السلطة) لنفسه. وقد وجد سبب ذلك في إقبالهم على الدنيا وثرواتها. من هنا اختتام كلماته بخطاب شديد اللهجة قال فيه:"والله لئن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حدث خير له من أن يخوض غمرات الدنيا". مما حدا بعبد الرحمن بن عوف إلى تهدئته قائلاً "خفّض عليك من هذا يرحمك الله، فإن هذا يهيضك (يضعفك) على ما بك"(1). وحالما تأسّى على ماضيه فانه لم يجد في ما يتأسى عليه إلا ما له صلة بالسلطة. فهو يتأسى على ثلاث فعلهن منها: ليته ترك بيت علي بن أبي طالب، وليته اختار يوم السقيفة أبا عبيدة أو عمر بن الخطاب، وليته أخيراً قتل أو أطلق ذي الفجاءة السلمي ولم يحرقه. أما ما تركهن وليته فعلهن فهو عدم قتله الأشعث بن قيس، وليته حين بعث خالد بن الوليد إلى العراق بعث معه عمر بن الخطاب. أما ما كان يود معرفته من النبي فهو لمن هذا الأمر بعده، وفيما إذا كان للأنصار فيها حق، وعن ميراث بنت الأخ والعمة(2). وليس من الصعب رؤية الحافز العميق القائم وراء كل هذا التأسي والتمني. انه يعكس شخصية أبي بكر القيادية السياسية، والهمّ العميق المتمحور حول مصلحة الأمة. وليس مصادفة أن تهتم التقاليد الإسلامية اللاحقة بهذا الجانب إلى الدرجة التي تصوره بحديث (نبوي) يقول "ارحم أمتي بأمتي أبو بكر الصديق". لهذا لم يكن بإمكان موته أن يثير أكثر من أحكام وتصورات الاعتزاز والترّحم.

أما مقتل عمر بن الخطاب فقد كان لحد ما طارئا. لهذا لم يثر استغراب الأمة أكثر مما أثار استغرابه الشخصي. فقد أخذ يسأل الجميع قبيل موته عما إذا كان مما جرى من طعن "المجوسي" له عن ملأ منهم أو رضا؟ وقد أجابه الجميع بأنه ما كان ذلك منهم عن ملأ ولا رضا. فعندما طعنه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وهو مقبل لصلاة الصبح، التي عادة ما كان يغلس بها صرخ قائلا:"دونكم الكلب فانه قد قتلني!". وعندما قال له كعب الأحبار وهو في احتضاره:"الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. وقد كنت أنبأتك بأنك شهيد"، فانه أجابه باستفهام أعمق: "ومن أين لي بالشهادة وأنا بجزيرة العرب؟! لقد أقنعه وأراحه كون قاتله مجوسيا. لهذا استبشر وحمد الله الذي لم يقتله بيد رجل يحاججه بكلمة "لا اله إلا الله" يوم القيامة. فعمر بن الخطاب نفسه لم يقتنع بفكرة الشهادة. وأن مقتله على يد مجوسي لم يجعله إلا في مكانه الطبيعي ضمن المآثر الكبرى لتراث المسلمين، بوصفه احد رموز العظمة والهيبة والعدالة. وأن حمده لله على قتله بيد رجل غير مسلم قد حبس موته في تقبّل الأمة له كجزء من مصير خلفائها. لهذا لم يبك ضميرها. على العكس!! لقد وجدت في ذلك نموذجاً رفيع المستوى لما ينبغي أن يكون عليه "الفاروق".

وإذا كانت التقاليد الإسلامية اللاحقة قد أدرجت شخصيته في إطار الحديث المذكور أعلاه عن أبي بكر، ولكن بتحديد هويته (عمر) على انه "أقواهم في دين الله"، فإنها لم تحدّ عثمان بن عفان إلا في مفهوم الحياء باعتباره "أصدقهم حياء". وإذا كان هذا التعبير أكثر ارتباطاً بالباطن، فإن أثره لابد وان يكون بادياً في المظاهر. غير أن المظاهر كشفت في ردود الأمة عن استياء لم يشف غليله غير قتله. ولم يأبه أحد إلى تصويره شهيداً. فهو لم يمت بمرض أو غدر أو حرب أو جهاد أو تحدي. لهذا افتقد موته إلى روح المعاناة والبطولة. لقد كان موته لا يخلو من لمحات مأساوية، لكنها زهيدة في ميزان الشهادة الإسلامي. وعندما حاول عبد الله بن سلام تحذير الخارجين على عثمان، من أن مقتله سيؤدي إلى إثارة الفتن وافتراق الملائكة وانه هو المشار إليه في التوراة بالخليفة المظلوم الشهيد، فان الجمهور أجابه "يا يهودي! اشبع بطنك وكسا ظهرك! والله لا ينتطح فيه شاتان ولا يتنافر فيه ديكان"(3).

فعندما كان عثمان أواخر حياته محاصرا، فانه لم يمتلك من الجرأة أمام معارضيه سوى إعلان "التوبة". وإذا كان ذلك فعلاً رفيعاً من وجهة النظر الأخلاقية المجردة، فانه كان مخلوطا بالذنب، كما سيقول عنه طلحة فيما بعد، أي أن عثمان خلط التوبة بالذنب وبالتالي فلا سلوك التوبة كان أخلاقياً لأنه خاضع لمكر السياسة، ولا في السياسة كان مبدئياً لأنه لم يسع لمواجهة مصيره وجهاً لوجه. وهو الشيء الذي يبرز بوضوح في كل أفعاله التي أدت إلى حتفه. إذ إننا نعثر على تناقضات في سلوكه لا تتسم على الدوام بحيوية السياسة، بقدر ما كانت مثقوبة بفعالية التسوس السياسي والزيف الأخلاقي.

لقد أفقدته السلطة شعور الإخلاص. لهذا كان من الصعب مقارنته بأسلافه العظام (أبي بكر وعمر). فالظروف القاهرة هي التي كانت تنتزع منه كلمات "الإخلاص". لهذا لم يكن إعلانه التوبة أمام الملأ بعباراته الشهيرة "من أساء فليتب! ومن أخطأ فليتب! وأنا أول من أتعظ. والله لأن ردني الحق عبداً لانتسبن نسب العبيد"(4) ، صادقا. لقد كان ذلك نوعاً من التمني المخادع. فالكتب التاريخية عادة ما تورد الحادثة المتعلقة بإعلانه التوبة مرتبطة بما جرى بينه وبين مروان، الذب حاول إقناع عثمان بضرورة الرجوع عنها. بحيث نسمع زوجة عثمان نائلة بنت القرافصة تقول لمروان:"بل اسكت! فو الله لئن تكلمت لتغرّنه وتوبقنه". إلا أن عثمان فضلّ سماع مروان الذي أتحفه بحكمة سياسية عملية ماكرة. لقد طالبه بنقض التوبة لأنها كما يقول مروان "لو كانت وهو في عزّه وقوته ومنعته لقبلها. ولكنها في محل الضعف تضعف أكثر"(5). وان قبول هذه النصيحة من عجوز مسلوب الإرادة كان لابد وان تؤدي إلى استثارة مشاعر المكر والانتقام وإفساد الذوق العملي للنفس والمعارضة. لهذا وجد في التشبث بأفعاله الماضية عروة اليقين التي تمكنه من مواجهة الثائرين.

وعندما حاول مراراً إقناع الغاضبين عليه من خلف أسوار داره المحاصر، فانه لم يجد في ذاكرته إلا أن يذكَّرهم بأنه هو الذي اشترى البيت الذي وسعوّه ليكون مسجداً، وانه هو الذي اشترى بأمواله بئراً للسقي لا يسمحون له الآن بالارتواء منه، وإنهم نقموا عليه أشياء فعلها سابقاً أبو بكر وعمر غير أنهم سكتوا عنهما لخوفهم منهما ولقمعهما إياهم. واستكمل خطابه هذا بعبارة قال فيها: يا قوم لا تقتلوني! وحالما انتهى إلى حتفه بين ناتف لحيته وضارب صدغه وطاعن بطنه، فإن مقتله لم يثر في أفضل الأحوال أكثر من مشاعر الأسى. بينما لم يفعل موته في ورع المسلمين أكثر من استنزاف دموع الخجل. وحالما جرى توظيف دمه لمأرب السياسة، فان مادة الصراع وحجتها لم تتعد حدود قميصه!، أي أن من حارب تحت لواء قميصه لم يفعل في الواقع إلا على ابتذال موته. لقد حولوا مقتله إلى ذريعة، وموته إلى وسيلة للمآرب السياسية الماكرة.

وعندما سيقتل الإمام علي بن أبي طالب على هذه الخلفية الفاقدة لمشاعر الوجدان الحق، فإن كل ما قاله وعمله تحول إلى حروف المناجاة العميقة التي مازالت تهز في صداها التاريخ ووعيه الذاتي. بحيث نرى ونسمع صوتها الذي يرتقي إلى مصاف المقدس. فهو الوحيد الذي واجه موته بأقصر عبارة وأعمق إشارة عن معنى المصير الحق عندما قال:"فزت ورب الكعبة"! فإذا كان مقتل عثمان بن عفان قد أعطى للأمة معنى انتصارها للحق، فان مقتل الإمام علي قد أعطى للأمة للمرة الأولى تذوق مأساة الحق. بمعنى انه أعطى لها للمرة الأولى تذوق معنى الشهادة، التي تمثلت في ذاتها كل دراما الخلافة ومعنى صراعاتها. فقد أرسى موته الأسس المتينة لمعبد الشهادة الإسلامي. وبالتالي أعطى لكل الأفعال المأساوية والقدرة على التضحية والصراع باسم المثال موشور رؤية ذاتها، أو ما دعوته بمرايا رؤية الكل الإسلامي(6).

وسوف تظهر هذه المفارقات الشخصية التي نعثر فيها على انكسار الآمال باسم الحق، في فلك المحاورات التي احتفظت بها كتب التاريخ والسير، أي كل ما يكشف عن عمق تأثير الشخصية العلوية في مصير الأمة وأسلوب رؤيتها حقيقة الوفاء لمبادئها الكبرى. فعندما أرسل معاوية بن أبي سفيان إلى الزرقاء بنت عدى يستفسر منها لماذا كانت تؤلب المقاتلين لقتاله ونصرة علي بعباراتها الموجهة للناس والقائلة "يا أيها الناس أن المصباح لا يضيء في الشمس، وان الكوكب لا يقدّ في القمر، وان البغل لا يسبق الفرس، ولا يقطع الحديد إلا الحديد. ألا أن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء. والصبر خير في الأمور عواقبا". وعندما قال لها معاوية:

-     والله يا زرقاء لقد شركت عليا في كل دم سفكه!

-     أحسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين. مثلك من بشّر بخير وسرّ جليسه!

-     وقد سرّك ذلك؟

-     نعم والله لقد سرني قولك !

-     والله لوفائكم له بعد موته أحب إلي من حبكم له في حياته(7).

وقد كان لهذا الوفاء امتداده العميق في رؤية الحق في شخصه. فعندما أعطى معاوية ستة آلاف دينار إلى أروى بنت الحارث بعد مطالبتها إياه، وهي المدافعة عن الإمام علي في حروبه ضده، قال لها:

-     أما والله لو كان علي ما أمر لك بها(النقود)

-     صدقت! إن عليا أدى الأمانة وعمل بأمر الله وأخذ به. وأنت ضيعت أمانتك وخنت الله في ماله فأعطيت مال الله من لا يستحقه. وقد فرض الله في كتابه الحقوق لأهلها وبينها فلم تأخذ بها ودعانا (علي) إلى أخذ حقنا الذي فرض الله لنا. فشغل بحربك عن وضع الأمور مواضعها. وما سألتك من مالك شيئاً فتمنّ به، إنما سألتك من حقنا. ثم أنشدت:

ألا يـاعـــــــين ويحك أسعدينا        ألا وابـــــكي أمير المؤمنينا

رزينا خير من ركـــب المنايا        وفارسها ومـن ركب السفينا

إذا استقبلت وجه أبي حـــسين        رأيـت البدر راع الناظـرينا(8)

وهي كلمات وعبارات ومواقف تكشف عن كمية ونوعية الاستيعاب المتعمق للمحبة الخالصة والحق المجرد، باعتبارهما الأساس الوجداني والعقلي للصرح الفكري المبني لموقع هذه الشخصية في الكينونة الإسلامية للخلافة. فعندما قال معاوية لسودة بنت عمارة حال دخولها عليه:" الست أنت القائلة في صفين":

وانصر عليا والحسين ورهطه     واقصـــد لهند وابنها بهوان

فما حملك على ذلك؟ فأجابته:

-     حب علي وإتباع الحق!

-       فوالله ما أرى عليك من اثر علي شيئاً.

عندها أنشدت الشعر المذكور أعلاه وأضافت إليه. وعندما سألها أخيراً عن حاجتها، طالبته أن يغير الوالي بشر بن أرطأة لغلظه وقسوته، وهددته بقومها، فهددها (معاوية) بردّها إلى ابن أرطأه ليعاقبها فقالت :

صلى الإله على جسـم تضمنه       قبـر فأصبح فيه العـــدل مدفونا

قـد حالف الحق لا يبغي له بدلا      فصـار بالحق والإيمــان مقرونا

وعندما سألها:

-     من ذلك؟

-     علي ابن أبي طالب.

-     وما صنع بك حتى صار عندك كذلك؟

-     قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا، فكان بيني وبينه ما بين الغث والسمين. فأتيت علياً لأشكو إليه ما صنع بنا، فوجدته قائماً يصلي. فلما نظر إلى انفتل من صلاته ثم قال برأفة وتعطف، ألك حاجة؟ فأخبرته فبكى، ثم قال: اللهم انك أنت الشاهد عليَّ وعليهم. إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك. ثم أخرج من جيبه قطعة وكتب فيها يطالبه بالعدل إلى أن يغيّره.

-     لقد لحظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان فبطيئاً ما تفطمون!

 

......................

الهوامش

1) ابن قتيبة: الإمامة والسياسة، ج1، ص27-28.

2) ابن قتيبة: الإمامة والسياسة، ج1، ص28-29.

3) ابن قتيبة: الإمامة والسياسة، ج1،ص63-64.

4) ابن قتيبة: الإمامة والسياسة، ج1،ص47.

5) ابن قتيبة: الإمامة والسياسة، ج1،ص47.

6) لم تحصل محاولة عبد الله بن سلام إضفاء معنى الشهادة على مقتل عثمان بن عفان استناداً إلى ما أسماه بالخليفة المظلوم الشهيد الوارد ذكره في التوراة، على اعتراف جدي. ومن المحتمل أن تكون هذه الفكرة موضوعة في وقت لاحق، لأنه لا معنى للدفاع عنه في ظل اعتراف مسبق بأنه هو الشهيد. وفي حالة إهمال هذا التناقض، فان الرد الإسلامي الثائر والقائل، بأنه سوف لن تنتطح من أجله شاتان تعكس النفسية الواقعية تجاه السياسة التي وجدوا فيها انحرافا وانتهاكا لقواعد الحق. فالثائرون لم يبحثوا عن معنى الشهادة آنذاك، بل عن معنى الحق. وهم لم يسعوا من وراء قتله إلى إعطائه معنى. على العكس لقد كان ذلك منبعثاً من الاستجابة لدعوة الانتقام للحق. وإذا كان من الممكن الوقوف عند حدود هذا "الجدل" الذي حصل على استمراره في القتال اللاحق، فان من الصعب الثقة بما تورده بعض المؤلفات التاريخية من رد ابن سلام القائل، بان كلامهم (الثائرون) عن الشاتين والديكين صحيح، ولكن التيسان الكبيران (علي ومعاوية) يتناطحان فيه. والسبب يقوم في أن هذه المشكلة لم تظهر آنذاك بعد. فعثمان لم يقتل بعد. ولم تبرز شخصية علي ومعاوية والمعسكرات المتصارعة ورائهما. بما في ذلك بعد مقتل عثمان بفترة. وذلك لأنها ظهرت بعد معركة الجمل.

7) البغدادي: بلاغات النساء، ص33-34.

8) البغدادي: بلاغات النساء، ص29-30.

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2296 الخميس 06 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم