ترجمات أدبية

ليندا بوروف: كل ما أملكه لك

بقلم: ليندا بوروف

ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم

***

- لن تخمن أبدًا من اتصل بي هذا المساء!

يمكنني أن أتذكر قول والدتي. كان وقت العشاء، وكانت عند الموقد تنقل شيئًا متكتلًا من مقلاة إلى الطبق الكبير. كنا - والدي وأخي ليستر وبرادلي ويليس وأنا - في الطرف المقابل من المطبخ، نجلس حول طاولة طعام صغيرة من الفوروميكا ذات اللونين الوردي والرمادي.

- من؟

تساءل برادلى ويليس وفمه مكتظ بشريحة من اللحم.

قالت أمى وهى تنظر إلى أبى:

- هيلين ليم، تتذكر هيلين ليم من ربيكا لودج،

قال والدي وهو يضع شوكته ويمسح فمه بالفوطة:

- جيز.... أكيد هيلين وويلي ليم.

قالت أمى:

لقد انفصلا، كما تعلم منذ عامين، ما تزال هيلين تعيش في شارع 41، لكن ديلى انتقل إلي هوليستر.

قال أبي:

- حسنا.... بحق الرب

وضعت أمي ملعقتها، ولتفتت لتواجهنا جميعا:

- يبدو أن هيلين تعرضت لمأساة، اقتحمت شقتها وسرقت ليلة أمس.

سأل برادلي ويليس:

- هل أمسكو بالرجل الذى سرق؟

قالت أمي:

- لا

أغلقت قارب الطعام، ثم أضافت:

- كانت هيلين تتناول طعام الأفطار وحدها في مطعم تيفانى، وعندما عادت إلي المنزل كان الباب مفتوحا، وقد ضاعت كل فضتها وبروش أمها وعدد ساعات وأشياء أخري أيضا.

- مثل ماذا؟

- لا شىء يا برادلي، أشياء شخصية علي أية حال لقد طلبت منها أن تحضر إلي هنا وتمكث معنا عدة أيام، تقول أنها تأخذ مهدأت وتسمع ضوضاء.

ثم كانت هناك وقفة.

قال أبي:

- يا للجحيم.

- حسنا آل، كان هذا أقل ما أستطيع فعله.

- لا يا مني، لقد كان كثيرا، أعني، أنها لم ترفع ساعة الهاتف منذ ثلاث سنوات، لماذا أنت؟

- لكنني لم أرفع ساعة الهاتف أيضا.

- حسنا... حسنا

رمي أبي فوطته فوق طبقه ووقف.

همس برادلي لأخي ليستر:

- أتسائل ماذا كان الرجل ملقى علي الأرض.. سمعت أن لصوص القطط دائما ما يتركون بطاقة اتصال، أعني المحترفين من اللصوص.

قلت بصوت عال:

- برادلي، لا أتمني أن تشعر أنك غير مرحب بك في منزلنا.

قال ليستر ساخرا، ثم قهقة مع برادلي.

- فقط لا تشعر بنفسك أنك في منزلنا.

- لكن يرجي تهذيب لغتك أوغادر المكان.

رد ليستر في عنف وقسوة يحتفظ بهما لي دائما:

- ابتعدي عن مؤخرة برادلي، هل يمكن ذلك؟ ألست في علاقة حب معه أو شىء مثل هذا؟

كذبت:

- لا. لست في حالة حب مع صديقك البغيض أنا أحب يومي ريدل.

وهكذا، في المساء التالي وقت العشاء،رن جرس الباب وكانت هيلين ليم، تحمل حقيبة سفر في يد وباقة من الزهور في يدها الأخري، عندما رأت أمي أجهشت بالبكاء، كانت أمرأة صغيرة في أواخر الثلاثينات، ذات عيون عسلية بارزة، وشعر شاحب مفضض من جهتى الفودين. كان مؤخر عنقها عاريا من الخصلات، وبرزت عظام وجها التي كانت جيدة... أنزلت حقيبتها واستدارت نحوى أنا وليستر وقد شبكت يديها مع صدرها.

قالت وهي تنتحب من جديد:

- هكذا.. هؤلاء هم الأطفال.

تمتم أبي بصوت منخفض،

- يا إلهي.. إنها مجنونة.

ثم قال بصوت عال:

- مرحبا هيلين.. مم.. كيف حالك؟

جهزنا لها مأوي في الطابق السفلي،غرفة نوم مؤقتة باردة مغطاة بألواح خشب الصنوبر الصلبة، ورائحة الخراسانة. علقت ملابسها في خزانة من خشب الأرز كانت تحتوي أيضًا على زي أبى القديم فى سلاح الجو. قبل لحظات من وصولها، أزال ليستر مجموعة كبيرة من المجلات الإباحية من تحت السرير.

قالت أمى:

- آمل أن تكون هذه على ما يرام.

كانت بدينة تضع فى قدميها شبشب أحمر، ورأسها مغطى بضفائر مدبسة. أضافت:

- وهنا تلفزيون قديم. إنه شنيع، لكنه يعمل.

بكت هيلين:

- شكرا.. انت طيبة جدا.

قالت أمى، هى وعانقتها:

- لا أريد سماع ذلك.

غادرنا ووصلنا إلى الطابق العلوي لتبادل الآراء. كان أبى يستمع إلينا من وراء مجلد ضخم لجون جونتر، يتذمر بسخرية بين حين وآخر. كنا جميعًا ننتظر بفارغ الصبر عودة هيلين للظهور والتحقق من صحة أو تناقض تكهناتنا، لكنها لم تظهر على الإطلاق خلال ذلك المساء أو خلال أي أمسية أخرى. قبعت في الطابق السفلي مثل سكان الكهوف لمدة ثلاثة أسابيع، وقد سمعناها تبكي أكثر من مرة عبر الشبكة.

كنت في الرابعة عشرة من عمري في ذلك الوقت، وكان طولي ستة أقدام تقريبًا، ونحيلة من القلق الاجتماعي، ومدمرة بفعل الهرمونات الشرسة. كنت راسبة في الرياضيات. لم أستطع الرقص. كان أنفي يلوح في الأفق كبيرا ضخما، ممتلئا بالرؤوس السوداء. نما شعري بشكل وحشى ومشين، وبرز في جميع الاتجاهات مثل الكوميدي الفودفيل. كنت أعيش في أعمق فترة المراهقة، أحتقلر نفسي بقوة شيطانية فاسدة.

في المقابل، بدا أخي ليستر هادئًا وقويا مثل الذئب. قام بتمشيط شعره بمنشفة وعلق بفخر أحزمة الرياضة الضخمة الخاصة به في جميع أنحاء الحمام، بينما كنت أعلق حمالة صدري الملساء على مقبض الباب، حيث كانت تتدلى بشكل مثير للشفقة مثل هيكل عظمي لطائر صغير.

تفاهم ليستر وأبي مع بعضهما البعض بلغة غامضة من الصراخ والقهقهات والألفاظ النابية. قاموا بلكم بعضهما البعض بشكل هزلي على الدالية ولعبة الرست. كانت هيلين ليم، لغزًا مزعجًا لي ولأمى، التى كانت بمثابة مزحة دائمة لهما. أطلقا عليها اسم "تلك الكرة اللولبية العريضة". كل صباح في السابعة، كانت هيلين ترتدي ملابسها وتخرج لوظيفتها كسكرتيرة للمشرف على مصنع لتعليب الفطر. كانت تعود في السادسة، وتوقف سيارتها القديمة( دي سوتو ) بعيدًا عن ممر سياراتنا، وتعتذر عن دخولها من الباب الأمامي، عبر المطبخ ونزولًا من السلم. فقط بعد انتهاء عشائنا الصاخب، كانت تخرج لكى تعد لنفسها صينية من الحساء والخبز المحمص ثم تنزل مرة أخرى، وأطباق الصينى تصلصل بشكل خفيض.

كانت أمي تقول بعد كل خروج ليلي لها:

- المسكينة. "لقد كان هذا كثيرًا عليها.

وفهمت. بعد كل شيء، أن أمامها سلسلة كاملة من المشكلات القانونية. وأن ثقتها بنفسها التي ترسخت بعد طلاقها مما وصفته والدتي بـ "ثلاثمائة جنيه من المخلل الخشن  كان بمثابة ضربة قوية لها.

قال لي برادلي ويليس بعد أن مكثت هيلين أسبوعين معنا:

- هل أستطيع أن أسألك سؤالا؟ كيف تتحملونها يا رفاق هنا؟ لا تغضبى.

- لماذا أغضب؟ لا يهمني رأيك. وإذا كنا استطعنا تحملك، يمكننا بالتأكيد أن نتحملها

- أعني، ماذا تفعل هنا؟

- حسنًا، إنها خائفة. أليست كذلك؟

قال، وهو يضيق عينيه ويركز على نقطة أبعد مني:

- لا . يبدو لي، أن آخر مكان يرجح أن يعود إليه السارق مرة أخرى هو شقتها. أعني أنه بعد قام بنهب كل شىء، من المفترض. إذن. لماذا لا تذهب إلى المنزل؟ ستضطر إلى الذهاب إلى المنزل في وقت ما.

- ربما لأنها وحيدة.

... إذن لماذا تتسكع هنا مثل بعض سكان الكهوف بدلاً من -

- بدلا من ماذا؟

- لا يهم. علي أن أفكر في هذا أكثر وأكثر.

وانطلق متمايلًا، وشفتاه في صافرة صامتة.

كانت ذكاء برادلي "فلكيًا"، كما أبلغتني أمى فى بداية وصوله هنا لأول مرة. فقد تعلم القراءة بشكل عفوي في سن الثالثة ثم تخطى صفا دراسيا. ولكن الآن، وهو في السادسة عشرة من عمره، أصبح برادلي ويليس يعيش فى أحلام اليقظة، ومهرجًا، وصارت درجاته ضعيفة، وقد أضاع براعته في تزوير الأعذار للحضور أو اختلاق أمراض غريبة أثناء الدراسة الصفية.

لا أستطيع أن أقول بالضبط متى أدركت لأول مرة أنني كنت في حالة حب مع برادلي ويليس. أتذكر أنه في بداية العام، بدأ رنين صوته يزعجني ويجذبني، وبدأت في استفزازه بشكل أخرق، محترقًة بالإذلال لعلمي أنني حمقاء.

نتفت حاجبى بالكامل، وملأت حمالتى الصدر، ورسمت عيني. ظهرت في يوم من الأيام مرتديًا نقوشًا وكرينولين، وفي اليوم التالي بالأسود الجنائزي. لقد تأثرت باللهجة البريطانية. في وقت النوم، كنت أشغل جهاز الراديو المحمول وسيختفى ملل غرفة نومى الأصفر، ليحل محله المشهد المبهر لفرقة أمريكان باندستان، وأصبحت الفتاة الجديدة في العرض، وكان برادلي شريكي بشكل منتظم. تحيطنى ذراعاه بإحكام. يضرب خاتمه على صدري الرقيق بينما كنا نتجول بين صفوف الراقصين المعجبين، وأعيننا مغلقة. ساعة بعد ساعة في الظلام، رقصت التوست مع برادلي ويليس على منصة الفرقة الأمريكية لنفسى.

ليس من المستغرب أن هوسي بالعرض كان مزحة عائلية. وبالتالي، ما زلت في حيرة من تخلف أبى عن الخروج في أيام الجمعة في الرابعة، بينما كانت أمى بالتأكيد في مساعدة الصليب الأحمر وليستر في تدريب كرة السلة، كنت متأكدة بنفس القدر من أنني في المنزل، ملتصقة بالتلفاز.

هذا هو المكان الذي كنت فيه عندما سمعت لأول مرة الأصوات القادمة عبر الشبكة الحديدية فوق غرفة نوم هيلين ليم. في البداية، لم أنتبه. ثم خفضت صوت التلفزيون وجلست على الشبكة على يدي وركبتي، وضغطت أذني على الشبكة المعدنية الباردة.

كان أبى يقول: - حسنًا، هيلين.

واعتقدت أنني سمعت الخوف وراء هذا الاعتراف المنطقي، أضاف:

- لقد مررنا بكل ذلك من قبل، أليس كذلك؟ أنا أسألك إلى متى سنستمر على هذا الوضع.

- هذا ما كنت أطلبه منك خلال السنوات الثلاث الماضية، يا آل.

- أوه، لا. أريد تفسيرًا منطقيًا، يقال بطريقة معقولة. ماذا تقصدين بحق الجحيم بالانتقال إلى هنا، والإقامة هنا بحجة واهية.

- لم أستطع أن أتحمل. كان علي أن أكون بالقرب منك، وعلى هذا. لن أستطع التحمل أكثر. لقد وثقت بك، وأخلفت أنت وعودك. قلت إنك ستخبرها. لقد قلت ذلك. مليون مرة وفي كل مرة صدقتك. أريد منك أن تفى بكلمتك.

- أنت تبتزيني بهذا الشكل ولن ينتهي بك الأمر إلى شيء.

كان هناك صوت نشيج.

- إذن ماذا لدي الآن؟

قال ابى:

- يا يسوع.. كيف أوقعت نفسي في هذه الفوضى؟ هيلين، لا يستحق حبنا هذا.

- لم أعد أهتم مطلقا. أنا يائسة. أستلقي هنا في الليلو أفكر في ملابسنا في تلك الخزانة. ملابسنا يمكن أن تبقى معًا، لماذا لا نستطيع؟

- لا أصدق أنك تفعلى هذا بي. إنه أشبه بشيء من فيلم هابط من الدرجة الثانية.

- هل تعتقد أنني أردت ذلك؟ كنت سأفقد عقلي. يا إلهي، بعد أن اتصلت بالشرطة، فكرت في الواقع في قيادة سيارتي فوق منحدر. اعتقدت، لو أنهم اكتشفوا ذلك، فسوف يضعونى فى مستشفى المجانين بالتأكيد.

وكانت هناك وقفة.

- انتظرى لحظة. إذا عرفوا ماذا؟

- حسنًا، لقد فعلت ذلك بنفسي.

- ماذا فعلت بنفسك؟

- كل هذا. ما الأمر؟ لقد اعتقدت أنك فهمت.

- أنت لا تقصدين أن تخبرني أنك سرقت منزلك؟ أسرقت مشداتك وحمالاتك؟

- نعم.

وذلك في لثغة فتاة صغيرة.

- أأنت من كتبت تلك الأشياء على المرآة؟ والساعات والفضية؟ هل فعلت كل ذلك بنفسك؟ ألم يكن هناك أي رجل؟

- لا.

قهقه.

- أوه، لا تنظر إلي هكذا. لقد أخبرتك أنني لا أستطيع الاستمرارعلى هذا الوضع.

- هذا جنون يا هيلين.

شجار.

- انهضى. توقفى عن ذلك. توقفى عن التصرف مثل المجانين، أليس كذلك؟

بدأ صراخ صاخب، تقريبًا ولولة، ثم سمعت أبي يشتم هيلين أولاً ثم يشتم نفسه. أخيرًا، بدأ يغمغم بكلمات المواساة. ثم أصبح البكاء مكتوما.

قال والدي بصوت أجش:

- انزلى شعرك.

هزها. كان هناك شجار آخر قصير، ثم صوت تمزق قطعة قماش ونحيب عميق، هذه المرة من والدي.

- يا إلهى.. أحبك كثيرا جدا. كيف لك أن تستعبديني.

- أوه، آل، كل ما لدي هو لك.

اختنقت من الرعب وثمة رغبة غريبة في الضحك بصوت عالٍ، تعثرت على قدمي، مفاصلي متيبسة من الركوع. وضعت يدي على فمي وغطيت أنفي. الدم ينبض باللون الأحمر خلف عيني. شققت طريقي إلى الباب الخارجى، وأخذت خطوات واسعة على رجلي  المطاطية الخدرة.

قلت لنفسي مرارًا وتكرارًا، ليست مشكلة كبيرة. يحدث ذلك في كل الأوقات. مرتجفة نزلت وتوجهت الى الشارع بأسرع ما يمكن. لقد تحول ضحكي إلى نحيب جاف هز صدري مثل نوبات السعال.

بعيدًا عن البناية الثانية، كان بإمكاني رؤية سيارة هيلين الدى سوتو، فلعبت فى رأسى فكرة تحطيم جميع نوافذها أو وضع السكر في خزان الغاز. لكن هذا لن يقلل من حب أبى لها ، ولن يفسد علاقتهما. بتنهيدة عميقة، عدت ببطء إلى منزلي للجلوس كئيبة على الرصيف أمام البيت حتى نزل الظلام، وقدماى فى الوحل.

في اليوم التالي حزمت هيلين ليم حقائبها وغادرت منزلنا وذهبت إلى بيتها. تبادلت وأمي كلمات الوداع على الإفطار بطريقة محبة للغاية، وشكرتنا هيلين جميعًا وقالت إنها كانت خائفة للغاية، لكنها الآن استعادت رباطة جاشها مرة أخرى ومستعدة للمضي قدمًا.

ردت أمى كانت الحياة مأساوية في بعض الأحيان، لكن هذه الأشياء مرت، وقالت هيلين نعم فعلوها، بعون الله والأصدقاء الجيدين. أبقيت عيني على صحن كيكس، وكان ليستر يتذمر حيث كان عليه توصيل برادلي إلى المدرسة. بدأت أسناني بالاصطكاك وغادرت المائدة.

لا أعرف حتى يومنا هذا ما إذا كانت أمى قد اكتشفت حقيقة هيلين ليم، ولا أعرف ما حدث في علاقة ابى بها. مرت الأيام، ثم الأسابيع والأشهر، ولم يحدث طلاق قط، ولم تنفجر عاصفة. انتهت الكذبة التي عانت منها عائلتنا: تم قراءة الصحف، واستهلاك الطعام، والاحتفال بالعطلات، وشراء الضروريات.

اندفعت إلى  حالة من عدم الثقة الدائمة، مرتجفًة من ضربة لم تسقط أبدًا. أصبت الخوف الشديد لدرجة أنني كنت أتنفس بصعوبة في بعض الأحيان. نمت بشكل سيئ وبدأت في التدخين. وعند سماع صوت برادلي ويليس، كنت أهرب إلى غرفة نومي وأبقى هناك. حتى يرحل.

في أبريل، أصبت بالأكزيما في يدي وطوال الشهر شاهدت برنامج أمريكان باندستان وانا أرتدي قفازات البولي إيثيلين المليئة بالمادة اللزجة البيضاء.

في يونيو، تخرج ليستر وبرادلي ويليس. ذهب ليستر إلى الجامعة في سيارة ( تشيفي) جديدة. قام برادلي ببدايتين فاترتين في سيتي كوليدج، ثم ترك الدراسة وجند في النهاية. قال: لقد ضيع كل شىء حتى نفسه. لكن ربما سيحقق له الجيش بعض الخير. كان هذا آخر ما سمعته عن برادلي ويليس حتى ذكرت أمى بعد سنوات أنه قُتل.

قالت أمى:

- هل تتذكرين صديق ليستر ذا الشعر الأبيض؟ نوع غريب الأطوار الذي لم يجد نفسه أبدًا؟

قلت وأنا أحدق في الجدران الخضراء والفولاذية لغرفة السكن الجامعي.

- برادلي ويليس.

قالت أمي:

- حسنًا، لقد قُتل في فيتنام. أليس هذا مؤسفًا؟ قرأها ليستر في الصحيفة. لقد فقدوا الاتصال، كما تعلمين.

قلت:

- أعلم.

ثم أغلقت الهاتف.

ولكن هناك نهاية أخرى أفضل لحلقة هيلين ليم، وأحيانًا أعود إلى عقلى فى فترة ما بعد الظهيرة التي اكتشفت فيها أمر أبى.

مرة أخرى، أتعثر عند الباب الأمامي، وحدي وفي يأس. لكن هذه المرة برادلي ويليس هناك، وها أنا أقع بين ذراعيه. يشرح لى أن كل شىء سيكون على ما يرام.

أبكي على كتفه حتى أفرغ من البكاء. ثم نركب سيارته ونقود عبر الساحل إلى خليج نصف القمر. نتوقف على جرف يطل على الشاطئ ونشاهد غروب الشمس ونتحدث في فى صوت خافت. وفى الأخير،عندما يحل الظلام، يأخذني بين ذراعيه ونمارس الحب. أراه فوقي، وجهه مضاء بضوء القمر. أستطيع أن أشعر بجسده يرتجف، وأسمع هدير المحيط تحتنا.

وبعد ذلك، لأنني لم أفعل هذا من قبل، ولأنني لا أستطيع التفكير في أي شيء آخر لأقوله في مثل هذه اللحظة، فأنا أهمس، " أوه برادلي، كل ما أملكه لك "

(تمت)

***

..................................

المؤلفة: ليندا بوروف/Linda Boroff كاتبة امريكية. تخرجت ليندا بوروف في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، بدرجة في اللغة الإنجليزية. ظهرت قصصها القصيرة المضحكة، والهجائية والمقالات المميزة في مجموعة واسعة من المنشورات المشهورة، بما في ذلك. ميكسوينى، والجارديان. وجوكر، وهوليوود الخرف، وعصر، ودورية سيمارون، وهوبارت، وغيرها

في نصوص اليوم